مجموعة الأسئلة والأجوبة (16)

التاريخ: 28 ذو القعدة 1425 هـ

الموافق: 9 يناير – كانون الثاني 2005م

مؤتمر الوفاق الوطني

السؤال (1):

ما هو تعليق الأستاذ عبدالوهاب حسين على مؤتمر الوفاق الثاني الذي عقد في فندق الخليج بتاريخ: (4-1-2005)؟

الجواب (1):

وفيه نقاط عديدة، وأهمها:

النقطة الأولى: لقد كشف المؤتمر عن حقيقة ما تمتلكه جمعية الوفاق الوطني الإسلامية من كوادر محترمة ذات كفاءة مهنية عالية، تستطيع التفكير والتخطيط لها بنجاح.

وفي تقديري الشخصي: أن حجم هذه الكوادر يزيد على حجم الجمعيات العمومية لعدد من الجمعيات السياسية العاملة في الساحة الوطنية، إلا أن هذه الكوادر مبعثرة ولا تدار بشكل جيد وفاعل (حتى الآن) مما جعل بعض الجمعيات السياسية الأخرى تبدوا في عملها بصورة أكثر حرفية.

وفي تقديري الشخصي أيضاً: أن البناء الهيكلي والإداري للوفاق وأجهزتها، والتحديد الاستراتيجي والمنهجي لعملها، وتثقيف كوادرها إسلامياً ومهنياً وإدارتها بشكل جيد وفاعل، وتوظيفها في سبيل وضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج وتنفيذها، أهم من الناحية العملية من كل الخطوات التي يمكن أن تتخذها لدخول المجالس البلدية أو التشريعية أو الدخول مع الحكومة، ويجب أن تكون لهذه الأمور الأسبقية على كافة خطوات الدخول مع الآخر.

النقطة الثانية: لقد صنفت في إجابة سابقة، الجمعيات السياسية في البحرين في وضعها الحالي في دائرة (القوى المسايرة) وقلت في توصيف هذه القوى: بأنها تختلف مع الحكومة وتنتقدها، وترفض بعض برامجها، ولكنها في النهاية تسايرها ولا تواجهها.

وبحسب هذا التصنيف: نجد هناك مسألتين رئيسيتين، وهما:

المسألة الأولى – تتعلق بأوراق المؤتمر: يفترض في هذه الأوراق (وهي أوراق ذات قيمة علمية جيدة) أن تقوم بوظيفتين رئيسيتين، وهما:

الوظيفة الأولى: عرض وتحليل ونقد رؤى وبرامج الحكومة.

الوظيفة الثانية: عرض رؤى وبرامج الوفاق ومقارنتها بمثيلاتها من رؤى وبرامج الحكومة.

والملاحظ: أن أوراق المؤتمر اكتفت بتقديم رؤى الوفاق فقط، ولم تتناول من قريب أو بعيد رؤى وبرامج الحكومة، وهذا يمثل نقصاً في الأوراق المقدمة، يجعلها تحت سقف أنزل من سقف القوى السياسية المسايرة، وهذا مما ينبغي الالتفات إليه في المؤتمرات القادمة.

المسألة الثانية – تتعلق بالتصرف في أرواق المؤتمر ومصيرها:

البعض قال: بأن لا قيمة لهذه الأوراق، إذا كانت الوفاق خارج قبة البرلمان، فالطريق الوحيد إلى تفعيلها والاستفادة منها هو البرلمان.

وأنا أقول: أن المطلوب (فعلاً) هو المشاركة في صناعة القرار من خلال العمل المؤسسي، وفي مقدمته البرلمان، فهذا هو الوضع الطبيعي والشكل الصحيح للعمل، وقد ضحينا من أجله بفلذات أطبادنا الأعزاء شهداء الدين والوطن، وآلاف المعتقلين وسائر ضحايا التعذيب والإرهاب، إلا أن المؤسسة البرلمانية الموجودة حالياً – بحسب صلاحيات المجلسين، وآليات عملها الدستورية كما هو مفصل في مكانه – مؤسسة عليلة قد اشتدت علتها واستحكمت، ولا يجدي معها العلاج والدواء، وليست هي المؤسسة التي نريدها وضحينا من أجلها، ولن يمر من خلالها (غالباً) إلا العليل المؤذي أو ما هو قليل النفع والجدوى، وأن التعويل عليها سوف يؤدي إلى أن يكون الوطن كله عليلاً معاقاً ومتخلفاً، وعلينا أن نواصل طريق الكفاح حتى نحصل على المؤسسة البرلمانية التي نستطيع من خلالها التعبير عن إرادتنا لا أن نكون رهينة بيد السلطة التنفيذية، وأن نسعى بواقعية من خلال آليات دستورية وبرلمانية صحيحة لخدمة قيمنا ومصالحنا الإسلامية والوطنية لا من خلال التوهم والخيال.

ولكن بما أن الوفاق – حسب التصنيف – ضمن دائرة قوى المسايرة: فالمطلوب منها أن تتواصل بصورة منظمة مع أجهزة السلطة التنفيذية وتتناقش معها وتتعاون في سبيل الاستفادة العملية من هذه الأوراق، وقد قلت مراراً في مناسبات عديدة: أن المقاطعة لا تعني القطيعة مع السلطة، وأن حالة الجمود الحالية في علاقة المعارضة مع السلمة حالة سلبية لا تخدم المصلحة الوطنية، وتدل على جانب من الفشل في الإدارة السياسية لعمل المعارضة.

النقطة الثالثة: يعتبر حضور دولة الرئيس: (رئيس وزراء لبنان الأسبق: الدكتور سليم الحص) والمفكر الكويتي: (الدكتور: محمد الرميحي) مكسباً كبيراً للوفاق، إلا أنه يؤخذ عليها: أنها لم تأتي بشخصيات إسلامية تشارك في بلورة الرؤية الإسلامية في المواضيع المطروحة على غرار ما تفعل الجمعيات الأخرى، وهذا من حقها، وقد طرح في الأوراق ما يعارض الأطروحة الإسلامية وثوابت الوفاق ولم يرد عليه، ويأتي ذلك في سياق تقصير جمعية الوفاق في تثقيف أعضاءها بالثقافة الإسلامية في ميدات عملها.

النقطة الرابعة: قال فضيلة الشيخ علي سلمان في كلمته: أن أعضاء جمعية الوفاق قد بلغ السبعين ألف ولن أعلق على ذلك، ولكن المراقب يسأل أين هم عن المؤتمر؟

الجواب: أن المكان قد لعب دوراً بارزاً في تقليص عدد الحضور، فهو مكان للأبهة وليس مكاناً للجماهير، كما أن الحال يكشف عن خلل في الإدارة ومنهجية العلاقة مع القاعدة، ولا يقلل من هذه الحقيقة القول: بأن المؤتمر كان مؤتمراً علمياً وليس جماهيرياً، فهذه الحقيقة قائمة وصرختها مسموعة في المؤتمر، وربما كون الضيف (الدكتور الرميحي) قد قصدها بلغته الرمزية في مخاطبته لفضيلة الشيخ علي سلمان: حينما وصف الكراسي التي يجلسون عليها بأنها كبير، وأنها تحجبهم عن رؤية الناس، وتدل على هذه الحقيقة الكثير من المؤشرات التي قرأها المراقبون وصرحوا بها قبل المؤتمر، ويشاركهم نفس القناعة الكثير من أعضاء الوفاق.

النقطة الخامسة: لقد كان برنامج المؤتمر مزدحماً إلى درجة الإزعاج، ولم يحصل أصحاب الأوراق على فرصتهم لتقديم أوراقهم بشكل جيد، ولم تعطى الفرصة المقبولة للتعليق والمناقشة، مما جعل تقديم الأرواق ومناقشتها أقرب إلى الحالة البروتوكلية منها إلى الحالة العملية، مما قلل بالتأكيد من درجة الاستفادة منها، لا سيما أن الجانب التثقيفي هو البارز في نشاط الوفاق وليس الجانب التطبيقي، وكان بالإمكان تقليل عدد الأوراق المعروضة وتضمين الباقي في كتيبات المؤتمر.

انقسامات الرموز

السؤال (2):

لقد وجدنا من خلال متابعتنا لخطابات الرموز والقيادات في داخل التيار ومواقفهم حالة إرباك وعدم وضوح وربما انقسام. ما هو تفسيرك لذلك؟

الجواب (2):

وفيه – حسب تقديري – عدة نقاط، أهمها:

النقطة الأولى: لقد كان زمام الأمر بيد أصحاب المبادرة، وقد تعطل دورهم وانتقلت المسؤولية إلى غيرهم بصورة غير منظمة، مما خلق – بطبيعة الحال – حالة إرباك في وضع التيار، وهي حالة مؤقتة سوف تنتهي ببلورة الوضع القيادي الجديد (إن شاء الله تعالى) وقد بدت معالمه بالظهور.

النقطة الثانية: يعتبر العمل العلني من خلال المؤسسات السياسية حالة جديدة على الساحة الوطنية، وهي تحتاج إلى خبرة سياسية وإدارية لم تكن متوفرة بالقدر الكافي، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى حالة من الارتباك في العمل، وسوف تنتهي تدريجياً بتراكم الخبرة (إن شاء الله تعالى).

النقطة الثالثة: لقد كشفت التجربة العملية أن الرموز والقيادات المتصدية لقيادة التيار يختلفون في منهجية التفكير والعمل السياسي، ولم يكن ذلك واضحاً في المرحلة السابقة، بسبب اختلاف ظروف وملابسات المرحلتين، والاختلاف ظاهرة طبيعية صحية، والعيب ليس فيها وإنما في إدارتها، وقد خلق هذا الاختلاف والفشل في إدارته: حالة تجاذب بين مقتضى الأخوة والولاء البيني والتسالم الروحي بين أخوة الجهاد، وبين مقتضى ما يؤمن به ويراخ المختلفون أنه يصب في المصلحة الدينية والوطنية.

ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك الاختلاف إلى حالة من الارتباك والإرباك في العمل، لا سيما مع اختلاف وجهات نظر المعنيين في فهم الاختلاف، وقدرتهم على خلق التوازن بين قوى التجاذب الداخلية (في النفس) والخارجية، وسوف تستمر هذه الحالة حتى ساعة النجاح في تشكيل الوضع الجديد وحسم خياراته المنهجية.

النقطة الرابعة: أرى بالإضافة إلى كل ما سبق: وجود خلل في آليات التنسيق واتخاذ القرارات، وبعض من الخلل في منهجية العلاقة مع الغير والمختلف وفي الإدارة السياسية، وإذا نجحنا في تجاوز هذا الخلل، فسوف تتحسن الأحوال جميعها كثيراً (إن شاء الله تعالى).

مشاركة الموسوي

السؤال (3):

لقد أعلن السيد ضياء الموسوي في جريدة الوسط، عن تزعمه لحملة من أجل المشاركة في انتخابات (2006) مخالفاً بذلك العلماء. ما هو تعليقك على ذلك؟

الجواب (3):

وفيه عدة نقاط رئيسية، أهمها:

النقطة الأولى: اقرأ من قلم فضيلة السيد ضياء الموسوي وآخرين غيره، أنهم يرون في قرار المقاطعة ضرراً بالغاً بمصالح الطائفة والوطن، وأنه يخلق حالة عداء غير مبررة بين الطائفة والحكومة، ويسمح بتقدم غير المؤهلين والخصوم لركب المسيرة الوطنية وصناعة القرارات المصيرية فيها، ومن شأنه أن يكرس حالة الحرمان لأبناء الطائفة، وبالتالي: فإن المشاركة (من وجهة نظرهم) ضرورية من أجل مصالح الطائفة والمصالح الوطنية العليا والمباشرة المشتركة.

النقطة الثانية: لا يفهم من السلوك السياسي لفضيلة السيد ضياء الموسوي أنه ملتزم بالقيادة العلمائية المتصدية حالياً، ولم يعلن عن شيء من ذلك، ويشاركه في ذلك الكثير من أبناء الطائفة وطلاب العلوم الدينية وعلمائها في البحرين، ويشكل بعضهم خطوطاً وتكتلات سياسية مغايرة.

النقطة الثالثة: من خلال ما سبق: يتأكد حق فضيلة السيد ضياء الموسوي سياسياً في أن يعلن تزعمه لحملة من أجل المشاركة في انتخابات (2006)، بنفس القدر من الحق الذي نعطيه لدعاة المقاطعة.

النقطة الرابعة: أرى بأن ممارسة كل فريق لحقه في الدعوة إلى وجهة نظره والانتصار إليها عملياً على الأرض وفق قواعد اللعبة داخلياً، من شأنه أن يثري الساحة الوطنية فكرياً وسياسياً، ويخلق أجواء إيجابية صحية، تكون أفضل من الأجواء التي سبقت انتخابات 2002.

والخلاصة: يحق لكل فريق من دعاة المشاركة أو المقاطعة، أن يمارس حقه في الدعوة إلى وجهة نظره والانتصار عملياً لها على الأرض، مع الالتزام بقواعد اللعبة داخلياً، وفي مقدمتها القواعد الأخلاقية والشرفية، وعدم الدخول في مهاترات فكرية وسياسية أو الخروج عن جوهر الموضوع، والحرص الأكيد على المصالح الإسلامية والوطنية العليا والمباشرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى