مجموعة الأسئلة والأجوبة (48)

التاريخ : 14 / جمادى الثانية / 1428هج .
الموافق : 29 / يونيو ـ حزيران / 2007م .

السؤال ( 1 ) : يذكر بعض العلماء والمفكرين الشيعة بأن الإمامة أعظم من النبوة .
( أ ) : ما هو الدليل على ذلك ؟
( ب ) : كيف تكون الإمامة أعظمة من النبوية في حين يوحي إلى النبي ولا يوحى إلى الإمام ؟

الجواب ( 1 ـ أ ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :
النقطة الأولى : هناك ثلاثة مصطلحات يستخدمها القرآن الكريم ينبغي التمييز بينها ..
المصطلح الأول ـ النبي : والمراد به كل من يتلقى الوحي من الله عز وجل ويبلغه إلى الناس من أجل هدايتهم .
قول الله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } ( فصلت : 6 ) .
المصطلح الثاني ـ الرسول : والمراد به كل من يتلقى الوحي ويبلغه إلى الناس ويمارس القيادة في المجتمع .
قول الله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ } ( النساء : 64 ) .
المصطلح الثالث ـ الإمام : وهو كل من لديه الولاية المطلقة على الناس ، والولاية المطلقة تعني وجود صلاحيات قيادية أكبر وأعمق من الصلاحيات القيادية التي تمنح للرسل ( عليهم السلام ) .
قول الله تعالى : { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ } ( الأحزاب : 6 ) والمراد هنا شخص النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بوصفه إماما ، وليس مقام النبوة .
ويخضع الرسل بطبيعة الحال إلى قيادة الأئمة في زمانهم .

النقطة الثانية : ينقسم الأئمة إلى قسمين ..
القسم الأول ـ الأئمة الأنبياء : وهم أولي العزم فقط : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ( عليهم جميعا أفصل الصلاة والتسليم ) فلم يعطى مقام الإمامة لأحد من الأنبياء قبلهم ، وأن كل نبي أو رسول في زمان أحدهم فهو يخضع إلى قيادته ، كما كان يخضع نبي الله لوط إلى نبي الله إبراهيم ( عليهما السلام ) وأن كل نبي أو رسول أو وصي يأتي بعد أحدهم فهو يتبع رسالته ويدعو إليها حتى يأتي الآخر منهم . فكل نبي أو رسول أو وصي أتي بعد نوح كان يتبع رسالته ويدعو إليها حتى بعث إبراهيم ، وكل نبي أو رسول أو وصي أتي بعد إبراهيم كان يتبع رسالته ويدعو إليها حتى بعث موسى ، وكل نبي أو رسول أو وصي أتي بعد موسى كان يتبع رسالته ويدعو إليها حتى بعث عيسى ، وكل نبي أو رسول أو وصي أتي بعد عيسى كان يتبع رسالته ويدعو إليها حتى بعث آخر الأنبياء والرسل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وليس بعد محمد( صلى الله عليه وآله وسلم ) نبي أو رسول وإنما أوصياء وكلهم يتبعون رسالته ، لا يضيفون عليها شيئا غير البيان ، ولا ينقصون منها شيئا .

القسم الثاني ـ الأئمة الأوصياء : وهم الأئمة الإثنا عشر من أهل البيت ( عليه السلام ) فقط ، وليس في الأوصياء قبلهم من نال مقام الإمامة . ومن الأدلة على أعطاء مقام الإمامة العظيم للأئمة من أهل البيت ( عليه السلام ) حديث الغدير ، حيث أكد الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على أن كال مالـه من الولاية على المؤمنين فهو لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
قال الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” أيها الناس !! من أولى بكم من أنفسكم ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم .
قال : إن الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن .
ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ” ( مستدرك الصحيحين . ج3 . 109 ) .

النقطة الثالثة : الدليل على أن مقام الإمامة أكبر من مقام الرسالة قول الله تبارك وتعالى : { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } ( البقرة : 124 ) فقد أُعطي إبراهيم ( عليه السلام ) الإمامة بعد أن أمتحن بامتحانات عظيمة ، وكان قبلها نبيا رسولا .

الجواب ( 1 ـ ب ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : هذا السؤال قائم على الخلط بين مفهوم الوصي ومفهوم الإمام ، وقد تبين من خلال الجواب على الفقرة : ( أ ) من السؤال المراد من مفهوم الإمام ، وأن الأئمة ينقسمون إلى قسمين : أنبياء وأوصياء .

النقطة الثانية : الأوصياء لا يوحى إليهم ، إلا أن علمهم علما لدنيا : أي بتعليم من الله جل جلاله ، ويسمى في الحديث وفي الاصطلاح محدثا ، كما هو الحال لدى العبد الصالح : الخضر ، وهو صاحب موسى ( عليهما السلام ) .
قول الله تبارك وتعالى : { فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا } ( الكهف : 65 ) وهذا يدل على أن التعلم اللدني ليس حصرا على الأنبياء ، وقد ثبت من خلال نص آيات القرآن الكريم أن من بين المحدثين نساء ، كما هو الحال لدى أم موسى ومريم ( عليهم جميعا السلام ) .

قول الله تبارك وتعالى : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } ( القصص : 7 ) .
وقول الله تبارك وتعالى : { إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ . وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ } ( آل عمران : 45 ـ 46 ) .

النقطة الثالثة : أن الأئمة من أهل البيت ( عليه السلام ) هم أفضل من جميع الأنبياء والرسل ما عدا الرسول الأعظم الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وذلك على أساس تقدمهم عليهم في العلم والعمل . ويدل على ذلك حديث الثقلين ، قول الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” إني تارك فيكم كتاب الله وأهل بيتي ، وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليَ الحوض ” ( مستدرك الصحيحين . ج3 . ص138 ) فالأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) بحسب هذا الحديث موجودون مع القرآن في كل زمان ، وأنهم لا يفارقون القرآن الكريم في علم ولا عمل ، مما يدل على عصمتهم ومكانتهم العالية المتميزة على سائر الخلق بما في ذلك الأنبياء ( عليهم السلام ) فالقرآن يمثل الصورة الكاملة للعلم { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ } ( النحل : 89 ) والعمل به كاملا لا يقوم به إلا الإنسان الأكمل المساوي في كماله كمال القرآن الكريم ، وهي درجة لم يبلغها قطعا أحد من الأنبياء سوى النبي الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد جاء في الحديث عن الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : ” علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل ” .

والخلاصة : أن أهل البيت ( عليهم السلام ) أوصياء أئمة ، وهم محدثون وليسوا أنبياء ، وهم أفضل من جميع الأنبياء والرسل ، ماعدا خير البشر وخاتـم الأنبياء والرسل محمـد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وذلك على أساس تقدمهم عليهم في العلم والعمل ، وهو الأساس الوحيد للتفضيل بين البشر ، قول الله تبارك وتعالى : { إن أكرمكم عند الله اتقاكم } فالتقوى مزيج من العلم والعمل ، لا ينفصل فيه أحدهما عن الآخر .

السؤال ( 2 ) : يُجمع علماء الشيعة على وجوب التقليد .
( أ ) : لماذا التقليد ؟
( ب ) : لماذا الرجوع إلى فقيه واحد فقط ؟

الجواب ( 2 ـ أ ) : الإنسان يدرك بعقله وجوب طاعة الله عز وجل وعبادته كما يريد الله جل جلاله لا كما يريد العبد ، وهذا يتطلب أن يعرف العبد أحكام الله عز وجل في جميع الأمور ، والطريق إلى ذلك في عهد المعصومين : الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة ( عليهم السلام ) هو الرجوع إليهم ، أما في عصر الغيبة فيكون بالرجوع إلى القرآن والسنة . إلا أن معرفة الأحكام من القرآن والسنة تحتاج إلى تأهيل علمي لا يمتلكه الجميع ، فإذا كان الراجع إلى القرآن والسنة لمعرفة الأحاكم مؤهلا تأهيلا علميا صحيحا وكافيا لذلك ، فإنه يكون قد أطاع الله تبارك وتعالى إذا عمل بما علم ، لأن هذا هو الطريق الذي تنحصر فيه معرفة الأحكام في عصر الغيبة . أما إذا لم يكن الراجع إلى القرآن والسنة لمعرفة الأحاكم مؤهلا تأهيلا علميا صحيحا وكافيا لذلك ، فلا يصدق عليه أنه أطاع الله تبارك وتعالى فيما يعمل ، وإنما هو مطيع لهواه ، لأنه لم يسلك الطريق الصحيح إلى معرفة الأحكام . ولكي تصدق عليه الطاعة لله تبارك وتعالى فيما يعمل ، يجب عليه الرجوع لمن هو مؤهل علميا وتتوفر فيه بقية الشروط ، ويأخذ عنه الأحكام الشرعية . وهذا التأسيس العقلي للتقليد ـ بالإضافة إلى النص ـ تقبله جميع المذاهب الإسلامية ، وتعمل به .

الجواب ( 2 ـ ب ) : المشهور بين الفقهاء من مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) هو الرجوع إلى فقيه واحد وعدم التبعيض ، لأن اختيار المكلف للأحكام من بين عدد من الفقهاء ـ بحسب التحليل العقلي ـ لا يقوم على أساس علمي ، لأن المكلف غير مؤهل علميا للتمييز العلمي الصحيح بين الأحكام ، فيكون اختياره للأحكام من بين عدد من الفقهاء ـ بحسب هذا التحليل ـ هو اتباع للهوى ، وهو خلاف مقاصد الشرع المقدس . إلا إذا قام الاختيار على أساس الاحتياط ، كما بينه الفقهاء ( رضوان الله تعالى عليهم ) في رسائلهم العملية . وأعود مؤكدا : بأن هذا الفهم هو مجرد فهم عقلي للرأي المشهور بين الفقهاء وتؤيده أقوالهم ، وليس هو في مقام الفتوى أو الترجيح بين أقوال الفقهاء ، لأني غير مؤهل علميا لذلك ، ولو صدرت الفتوى أو الترجيح الفقهي عن مثلي ، فهو إتباع للهوى ، وليس من الدين في شيء ، وأنا التزم دائما في مقام العمل بمرجع التقليد .

السؤال ( 3 ) : ما صلة القبول بقانون التعطل بالغطاء الشرعي الذي تطرحه دائما فيما يتعلق بعمل المتشرعة من أعضاء البرلمان والمجالس البلدية ؟

الجواب ( 3 ) : بحسب فهمي المتواضع لأقوال الفقهاء : بأن أي عضو مجلس بلدي أو برلماني متشرع لا يستطيع أن يمارس عمله بدون غطاء شرعي . والحديث عن الغطاء الشرعي هو حديث عن الولاية الشرعية للفقيه وليس مطابقة أو مخالفة سلوك المكلف للحكم الشرعي . فمثلا : لو فرضنا بأن شخصا يمتلك أرضا ، وأراد المجلس البلدي تحويلها إلى منفعة عامة ، ومالك الأرض يرفض ذلك ، فإن عضو المجلس البلدي المتشرع لا يستطيع أن يمضي قدما في مشروعه بدون أن يحصل على الضوء الأخضر من فقيه له الولاية الشرعية بشروطها ، لأن مجرد المصلحة العامة لا تخوله وهو لا يملك الولاية الشرعية بتحويل الملك الخاص إلى مصلحة عامة بدون رضا المالك . ويعتبر القبول بقانون التعطل أحد المصاديق الواضحة لحاجة عضو البرلمان المتشرع للغطاء الشرعي لممارسة عمله البرلماني ، حيث ينص القانون على استقطاع مبلغ من المال من الموظفين بغير الرجوع إليهم وبدون قبولهم أو رضاهم . أما ما قاله بعض الأخوة الأعزاء من اعتبار المبلغ هبة أو بحكم الفحوى أو غير ذلك من التبريرات فهو قول غير دقيق بحسب ما أفهم .
والخلاصة : أن المرجعية الدينية التي رجع إليها أعضاء البرلمان في التصويت على القانون إما أنها تملك الولاية الشرعية وقد أنفذتها فيكون عمل الأعضاء صحيحا ولا حاجة للحديث عن الهبة أو الفحوى أو غير ذلك من التبريرات . أو أنهم عملوا بغير مرجعية دينية ، أو أن مرجعيتهم الدينية لا تملك الولاية الشرعية ، فيكون عملهم غير صحيح ، والحديث عن الهبة والفحوى وغير ذلك من التبريرات لا يغير في الأمر شيئا .
وأعود مؤكدا : بأن ما جاء في هذا الجواب هو مجرد فهم خاص لأقوال الفقهاء ( رضوان الله تعالى عليهم ) قد يصيب وقد يخطئ ، وأنصح أخواني المؤمنين ، بأن يعودوا إلى مرجعياتهم في التقليد ويستفتوهم في كافة أعمالهم ، ولا يأخذوا دينهم من كل من هب ودب ، وأن يحذروا من أن يقولوا في الدين برأيهم فيهلكوا ، وهذا ما التزم به شخصيا في مقام العمل .

السؤال ( 4 ) : تشهد الساحة الإقليمية في الآونة الأخيرة مجموعة من الأحداث المثيرة ، نرجو أن نتعرف على قراءة الأستاذ لها وهي : أحداث فلسطين ، زيارة الطالباني لإيران من أجل الحوار مع أمريكا ، موتمر القمة الرباعي في شرم الشيخ ، الموقف السعودي من كل ذلك .

الجواب ( 4 ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : يدل حل حكومة الوحدة في فلسطين وتشكيل حكومة الطواريء ، على تطور خطير في موقف الإدارة الأمريكية من الصراعات بين الأطراف الموالية لها والأطراف المعارضة ، ويتمثل ذلك التطور في توجه الإدارة الأمريكية لحسم الصراعات سياسيا أو عسكريا ـ إذا اقتضى الأمر ذلك ـ لصالح الأطراف الموالية لها والسعي لإقصاء الأطراف المعارضة بل تصفيتها ماديا ومعنويا . ويتكرر نفس المشهد في لبنان من خلال سلوك السنيورة وما يلقاه من دعم أمريكي مباشر وغير مباشر للبقاء في السلطة وتجاوز الدستور والإرادة الشعبية والمصلحة الوطنية في كثير من الأمور . وربما يكون ذلك السلوك الأمريكي تمهيدا لعمل أكبر وأخطر على مستوى المنطقة ، وهو يدخل في دائرة بناء الشرق الأوسط الجديد برؤية صهيو / أمريكية . وأرى لهذا السبب بأن السيناريو سوف يتكرر في نقاط أخرى في المنطقة ، وعلى كافة أطراف المعارضة النبيلة والشريفة في المنطقة ، أن تأخذ حذرها في مواقفها السياسية على الصعيد الوطني والقومي والإسلامي ، وفي علاقاتها الداخلية والخارجية مع الأطراف السياسية ومواقفها منها ، لكي لا تتورط في أعمال تصب في هذا المصب القذر بغير قصد منها .

النقطة الثانية : أن الأصل في السياسة الأمريكية في المنطقة في الوقت الراهن هو حسم الصراعات لصالح الأطراف الموالية إليها والسعي لإقصاء المعارضين لسياستها وتصفيتهم ماديا ومعنويا وليس الحوار معهم . أما التوجه الأمريكي إلى الحوار مع إيران بشأن الوضع الأمني في العراق ، فهو مجرد تكتيك مؤقت فرضه المأزق العراقي عليها ، وأنها سوف تمرق منه مع أول فرصة تتاح إليها ، وتعود إلى ممارسة العنف والإرهاب الدولي ضد المعارضين لسياستها . وعلى ضوء التوجه الأمريكي الحالي لحسم الصراعات لصالح الأطراف الموالية إليها وعدم الحوار مع الأطراف المعارضة لسياستها ، نجد تراجع الرئيس حسني مبارك سريعا ( وهو أحد الأقطاب العرب للحلف الصهيو / أمريكي ) عن دعوته للحوار بين الأطراف الفلسطينية بعد التطورات في غزة وتشكيل حكومة الطوارئ ، معتبرا ذلك الحوار شأنا فلسطينيا داخليا . أما تبنيه المصالحة بين الفلسطينيين من جديد ، فذلك له علاقة بزيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز ، وسوف أشير إلى الموقف السعودي بعد قليل .

النقطة الثالثة : أن مؤتمر القمة الرباعي في شرم الشيخ ، يدخل في دائرة الدعم للأطراف الموالية لأمريكا في الصراع ، وتثبيت نتائجه على الأرض . كما يدخل في دائرة المساعي لتشكيل حلف جديد بقيادة أمريكا والكيان الصهيوني وتشارك فيه دول عربية في مقدمتها مصر والأردن ، لمواجه محور الممانعة وأقطابه في الوقت الراهن : إيران وسوريا وحزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين . وتدل على ذلك التصريحات النارية للمسؤولين المصريين والأردنيين وفي حكومة محمود عباس في فلسطين وتيار الموالاة في لبنان ضد أقطاب محور الممانعة لاسيما الجمهورية الإسلامية في إيران . ويدخل في هذا الاتجاه تعيين توني بلير ممثلا للجنة الرباعية الدولية ، ويدل على ذلك المواقف المتباينة للأطراف المعنية ـ بحسب موقعها في الصراع ـ من هذا التعيين .

النقطة الرابعة : تسعى أمريكا والكيان الصهيوني ومصر والأردن إلى جر دول الخليج إلى الحلف الصهيو / أمريكي ، ويوجد قبول لدى بعض دول الخليج للمساهمة في هذا الحلف ، بينما توجد ممانعة سعودية حتى الآن ، فرضتها رؤية واقعية للمصلحة السعودية والعربية في ظل توجه إسلامي عروبي للملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود . وهذا ما يفسر الموقف السعودي في لبنان الذي يمثل ساحة ساخنة من ساحات هذا الصراع ومن القضية الفلسطينية ، مع وجود قراءة ترى في المبادرة العربية للسلام ـ التي تنسب في الأصل للملك عبد الله بن عبد العزيز ـ بأنها مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية من أجل التفرغ لمواجهة محور الممانعة ، ومناقشة هذه القراءة خارجة عن دائرة هذه الإجابة . وأرى بأن ما جاء في النقاط الثلاث السابقة يدخل في دائرة تمهيد المحور الصهيو / أمريكي للمواجهة الحاسمة مع محور الممانعة من أجل بناء الشرق الأوسط الجديد برؤية صهيو / أمريكية . وإذا استمرت المملكة العربية السعودية في ممانعتها ، فإني أتوقع أن يلقى الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود نفس المصير الذي لقيه من قبل الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود على يد فيصل بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود في : ( 25 / مارس / 1975م ) وذلك بهدف وصول شخص إلى سدة الحكم في المملكة العربية السعودية يقبل الدخول في الحلف الصهيو / أمريكي في مواجهة محور الممانعة ، على حساب المصالح الوطنية للملكة العربية السعودية والمصالح القومية ، وبخلاف الإرادة الشعبية والقيم والمبادئ التي تؤمن بها الشعوب في المنطقة وأمانة الحكم . وقد حمل بعض المحللين السياسيين أمريكا وبريطانية المسؤولية عن اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز بسبب سياسة مقاطعة البترول التي انتهجها في بداية السبعينات ، وهو صاحب المقولة المشهورة لوزير الخارجية الأمريكي كيسينجر : ” نحن كنا ولا نزال بدو , وكنا نعيش في الخيام , وغذاؤنا التمر والماء فقط ، ونحن مستعدون للعودة إلى ما كنا عليه . أما أنتم الغربيون فهل تستطيعون أن تعيشوا بدون النفط ؟ ” وأكد تصميمه على الحج إلى القدس الشريف ، وهدد بإغلاق جميع آبار النفط إذا لم تعد القدس للمسلمين ، فطالته يد الغدر قبل أن يحقق مراده .

أيها الأحبة الأعزاء
أكتفي بهذا المقدار
وأعتذر عن كل خطأ أو تقصير
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم
واستودعكم الله الحافظ القادر من كل سوء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى