مجموعة الأسئلة والأجوبة (50)

التاريخ : 3 / ذو الحجة / 1428هج .
الموافق : 13 / ديسمبر ـ كانون أول / 2007م


السؤال ( 1 ) : كثيرا ما يقال خط الجمري وخط المدني ، وهذا يثير لدينا مجموعة من الأسئلة نرجوا منكم التفضل بالإجابة عليها ،،
أ ـ كيف كانت علاقة الجمري مع الذين يختلفون معه في الرأي ؟

ب ـ هل كان الجمري ضد الشيخ المدني ؟

ج ـ كيف برزت فتنة الجمري والمدني ؟
د ـ وهل كان الجمري راضيا عنها ؟
الجواب ( 1 ـ أ ) : كان سماحة الشيخ الجمري يؤمن بتعدد الآراء ، ويرى في الاختلاف ظاهرة إنسانية طبيعية وصحية ، ولهذا كان يحتفظ بعلاقة ود مع من يختلف معه في الرأي ، ويسعى لجودة إدارة الاختلاف ، في سبيل تحقيق المصالح الإسلامية والوطنية العليا .
الجواب ( 1 ـ ب ) : سماحة الشيخ الجمري كان يختلف مع سماحة الشيخ المدني وليس ضده ، والاختلاف في الرأي ظاهرة إنسانية طبيعية وصحية بحسب الرؤية الإسلامية القرآنية ، والاختلاف في الرأي يختلف عن الضدية اختلافا جوهريا . وأنا اعلم بأن سماحة الشيخ الجمري كان يدعو دائما في السجن لسماحة الشيخ المدني باسمه في صلاة الليل .
الجواب ( 1 ـ ج ) : برزت فتنة الجمري والمدني بسبب سوء التصرف وليس لمجرد الاختلاف في الرأي ، ولما يمارسه بعض المغرضين من الشحن السلبي بواسطة الدسيسة للأتباع من الطرفين ، ولازال بعضهم يمارس دوره المشبوه إلى اليوم في نفس الاتجاه وفي اتجاهات أخرى ، مستفيدا من الغفلة والجهل ومن خلال اللعب بمشاعر الأتباع ، ويساعده على ذلك أصحاب المصالح الخاصة المستفيدين من الصراع والمتحزبين الموجودين بين الطرفين ، مما يتطلب من المؤمنين المخلصين الحذر من الوقوع في فخ الفتنة والصراع غير المبرر بين المؤمنين .
الجدير بالذكر : أن المغرضين بعد أن تدربوا جيدا وأجادوا فن اللعبة ، قاموا بتوظيف فئة منهم لتمارس الشحن السلبي للأتباع بصورة مقصودة وممنهجة من خلال المزايدة في منطق كل خط واللعب بمشاعر أتباعه بهدف حرق أوراق ورموز وقيادات كافة الخطوط السياسية بالارتداد على الرموز والقيادات الرشيدة واتهامها بالتقصير والضعف أمام الآخر وتأجيج الصراع بين الخطوط ، تماما كما يفعل الشيطان مع العلماء والمؤمنين بهدف إغوائهم ، فهو يدخل إليهم من خلال منطق العلم والإيمان من أجل إغوائهم ولو جاءهم بمنطق آخر لما تمكن منهم . فهذه العناصر الشيطانية تسعى لحرق أوراق ورموز وقيادات حركة حق بواسطة جماهيرها بالارتداد عليها وتأجيج الصراع بينها وبين الخطوط الأخرى والسعي لتفتيتها من خلال المزايدة في منطق حركة حق واللعب بمشاعر أتباعها ، وتسعى لحرق أوراق ورموز وقيادات الوفاق بواسطة جماهيرها بالارتداد عليها وتأجيج الصراع بينها وبين الخطوط الأخرى والسعي لتفتيتها من خلال المزايدة في منطق الوفاق واللعب بمشاعر أتباعها ، وتسعى لحرق أوراق ورموز وقيادات خط الشيخ المدني بواسطة جماهيره بالارتداد على الرموز والقيادات في الخط وتأجيج الصراع بينه وبين الخطوط الأخر وتفتيت كيانه من خلال المزايدة في منطق خط الشيخ المدني واللعب بمشاعر أتباعه ، ولولا المزايدة في منطق كل خط لما تمكنوا من أتباعه المخلصين الشرفاء ، فالمزايدون يكونون ـ بحسب القول الشائع ـ ملكيون أكثر من الملك من أجل تحقيق أهدافهم الشيطانية الخبيثة ، مما يتطلب من المؤمنين الحذر من هؤلاء المندسين الذين يسعون لحرق الأوراق والرموز والقيادات وتفتيت الكيانات وتأجيج الصراعات بين المؤمنين من خلال اللعب بمشاعر الأتباع بالمزايدة في منطق كل خط ، واتهام الرموز والقيادات الرشيدة بالتقصير والضعف أمام الآخر .
فنحن نقف أمام منطقين :
المنطق الأول : يوظف الاختلاف في الرأي بين الخطوط والقوى السياسية لخلق الفتنة .
المنطق الثاني : يعتمد المزايدة في منطق كل خط بهدف حرق أوراق الخط ورموزه وقياداته وتفتيت كيانه وتأجيج الصراع بينه وبين الخطوط الأخرى ، وذلك من خلال استغفال الأتباع واللعب بمشاعرهم الطيبة .
الجواب ( 1 ـ د ) : لم يكن الشيخ الجمري راضيا عن ظهور الفتنة والصراع بين الأخوة المؤمنين ، وقد عمل على احتوائهما في بادي الأمر ثم سعى لحلهما ، وقد حال القضاء دون إنجاز الحل بمرضه ، ولا زال الحل يحتاج إلى أنجاز على أسس واقعية صحيحة ، تحفظ الكيانات والمصالح الإسلامية والوطنية العليا .
السؤال ( 2 ) : لقد تحدثت الصحف المحلية عن مبادرة للنائب صلاح علي لحلحلة تقرير البندر وتعددت وجهات النظر حولها .
أ ـ ما هو رأي الأستاذ عبد الوهاب حول هذه المبادرة ؟
ب ـ كيف ينبغي معالجة الملف من وجهة نظره ؟
الجواب ( 2 ـ أ ) : وفيه نقاط عديدة :
النقطة ( 1 ) : الدكتور صلاح علي مصنف على قوى الموالاة وأحد مصنوعاتها السياسية في الساحة الوطنية ، وبحسب وضعه لا يمكنه طرح مثل هذه المبادرة بدون الرجوع إلى السلطة ، وهو قد صرح في مقابلة صحفية له مع جريدة الوسط حول مبادرته بأنه حصل على الضوء الأخضر من جهات رسمية ، وعليه : فالمبادرة ـ بحسب تقديري ـ حكومية ، وهكذا ينبغي النظر إليها والتعاطي معها .
النقطة ( 2 ) : أرى بأن للمبادرة هدفان أساسيان :
الهدف ( 1 ) : السعي لقفل الملف بدون أن تقدم السلطة أي ثمن لقفله ، والتخلص نهائيا من إزعاجه وما يسببه من وجع الرأس لبعض المسؤولين .
الهدف ( 2 ) : السعي لتهدئة الشيعة الذين استشعروا من خلال الحقائق التي كشف عنها التقرير وتؤيدها الوقائع والممارسات اليومية من قبل السلطة والموالاة الخطر الجدي الذي يهدد وجودهم ( وبحسب تعبير سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم : أن الشيعة شعروا بأن الأرض تهتز من تحت أقدامهم ) وليس الخطر على مصالحهم فحسب ، وذلك في ظل توقع نشوب حرب عدوانية من قبل أمريكا على الجمهورية الإسلامية في إيران على خلفية ملفها النووي ، مما يستدعي ضرورة توفير الاستقرار الداخلي في ظل الحرب .
النقطة ( 3 ) : الدكتور صلاح علي من الشخصيات التي ذكرت بالاسم في تقرير البندر كأحد أعمدة المخطط الجهنمي الخبيث ، وبحسب المنطق : فإنه متهم يجب أن يخضع إلى التحقيق ، فهو شخصية غير مناسبة بحسب المنطق للقيام بالمبادرة ، وكان من الأجدر اختيار شخصية غير متورطة للقيام بالمبادرة ، على سبيل المثال : رئيس مجلس النواب الأستاذ الظهراني .
فما هي دلالة اختيار صلاح علي لتقديم المبادرة ؟
أرى في اختيار صلاح علي للمبادرة استهبال لمن يقبل بالمبادرة ، لأن القبول بالمبادرة يعني القبول بقفل الملف على قاعدة : ( عفا الله عما سلف ) والتبرئة سلفا لساحة المتهمين فيه ، فليس من المنطقي القبول بمبادرة صلاح على ثم المطالبة بالتحقيق معه أو مع غيره من المتهمين في التقرير .
ومن جهة ثانية : فإن اختيار صلاح علي لطرح المبادرة فيه استفزاز للذين يطالبون بمعالجة جدية للتقرير ويترتب عليه رفضهم للمبادرة ، فطرح صلاح علي للمبادرة يترتب عليه حدوث تصادم بين الذين يقبلون بالمبادرة والذين يرفضونها ، وهذا مكسب خالص إلى السلطة ، وخسارة خالصة إلى الشعب والمعارضة .
الجواب ( 2 ـ ب ) : أرى للمعارضة بأن تدعو للحوار مع السلطة حول التقرير وتقبل به إذا طلبته منها ، بشرط أن يكون الحوار جديا ويترتب عليه حل للمشكلة وليس شرعنة الظلم والخطأ والجرائم ، وهذا يتطلب التالي :
أ ـ طرح جميع الملفات ذات الشأن ، مثل : المسألة الدستورية ، والتجنيس ، والبطالة ، والتمييز الطائفي ، وغيرها من الملفات الساخنة العالقة على طاولة الحوار الجاد بين السلطة والعارضة .
ب ـ أن لا يشارك في الحوار أي شخص متهم في التقرير .
ج ـ أن لا ينفرد طرف من المعارضة بالحوار مع السلطة في الملف ، وإنما تشارك فيه جميع قوى المعارضة ، فالقضية وطنية ولا يصح أن ينفرد طرف واحد بالحوار فيها مع السلطة ، ويعتبر الانفراد خطأ فادح يترتب عليه تفريط في الحق الوطني العام .
د ـ أن ينتهي الحوار إلى نتائج عملية ملزمة لجميع الأطراف مع الاتفاق على آلية للتنفيذ والمتابعة .
السؤال ( 3 ) : بعد اعتكاف طويل يعود الأستاذ عبد الوهاب حسين للساحة بمشروع لم شمل المعارضة بدعوة رموزها للقاء حواري .
أ ـ ما هي الدوافع التي حملتك على طرح المشروع ؟
ب ـ ماذا تتوقع لمستقبل الحوار ؟
ج ـ ما هو تعليق الأستاذ على الرأي القائل بضرر الحوار ؟
الجواب ( 3 ـ أ ) : في البداية أنبه إلى أن الدعوة للحوار لم تغير شيئا في وضعي الخاص المتعلق بالابتعاد عن دائرة صنع القرار ، فلا زال الوضع على ما هو عليه .
أما عن دوافع الدعوة إلى الحوار : فقد وجدت على الساحة الوطنية اختلالا في التوازن بين السلطة وقوى المعارضة ، وقد تسبب ذلك في الفساد والتراجعات في الحركة الإصلاحية ، وهذا بديهي من الناحية النظرية بحسب الأدبيات السياسية والاجتماعية والنصوص الدينية ، قول الله تعالى : { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } .
ولدينا في المعارضة تباينات فكرية وسياسية ومنهجية نحتاج أن نتغلب عليها لكي نتمكن من إيجاد حالة مشتركة للمعارضة تتكفل بخلق التوازن المرجو مع السلطة ، وبدون ذلك لا أمل في الإصلاح والتقدم في البلاد ، والطريق لإيجاد الحالة المشتركة هو الحوار بين قوى المعارضة لهذا تقدمت بالمبادرة الحوارية .
الجواب ( 3 ـ ب ) : لقد توقع البعض الفشل في جمع قوى المعارضة للحوار ، وإذا تم تجاوز هذه العقبة والتأمت قوى المعارضة في مكان واحد للحوار ، فإن الحوار سوف يتفجر من الداخل بسبب حجم التباينات بين قوى المعارضة وماهيتها ، إلا أن قوى المعارضة اجتمعت واستمرت اللقاءات بينها وخرج الجميع بانطباعات جيدة . ولا شك فإن الحوار سوف تواجه بعض الصعوبات ، ونجاحه يحتاج بالدرجة الأولى إلى أن تجيد المعارضة كيف تدير الاختلاف في الرأي بينها . ويمثل الحوار في جميع الحالات ـ بحسب تقديري ـ فرصة مناسبة للمعارضة يمكنها من خلاله الاستفادة لبناء وضعها والتأسيس لأعراف جديدة في عملها وتطوير تجربتها في العمل الوطني المشترك .
الجواب ( 3 ـ ج ) : لقد عجزت القوى المضادة عن مواجهة اللقاء الحواري للمعارضة بصورة مباشرة فلجأت إلى الدسيسة لتأليب الجماهير على الحوار ، وبرز في هذا المجال منطقان ، وهما :
المنطق الأول : أن الحوار يحاصر قوى الممانعة ويلقي بطوق النجاة إلى قوى المسايرة من أجل إخراجها من أزمة فشلها في التجربة البرلمانية ونتائج المسايرة مع السلطة .
الجدير بالذكر : أن الكثير من أصحاب هذا المنطق كانوا يطالبون الرموز والقيادات الدينية وقوى المعارضة بالحوار للتغلب على اختلافاتهم من أجل رفع الروح المعنوية للجماهير التي بدأت بالتصدع نتيجة الاختلافات الشديدة بين رموز وقيادات المعارضة ومن أجل خدمة الدين والوطن . وكانوا ينتقدون الوفاق بشدة لرفضها الحوار مع حركة حق ، كما انتقدوا بشدة تعليق سماحة السيد عبد الله الغريفي على المبادرة وموقف المجلس العلمائي منها ، وكان بعضهم يطالب عبد الوهاب حسين بالذات بأن يبادر بالدعوة للحوار ، فلما حصلت المبادرة ، والتأمت جلسات قوى المعارضة للحوار ، انقلب هؤلاء على أعقابهم ، وتحدثوا بهذا المنطق ، ووقعوا في الخطأ الذي أخذوه على الوفاق برفضها للحوار مع حق استنادا إلى قوة وجودها في الساحة بدلا من الاستناد إلى المصلحة العامة ، ثم وقعوا هم في نفس الخطأ حيث قالوا : بأن الوفاق في مأزق ، وأن الجماهير قد اكتشفت خطأ قرار المشاركة ومنهج المسايرة مع السلطة ، وأن جماهيرية خط الممانعة تتسع يوما بعد يوم ، وليس من الصحيح رمي طوق النجاة لإنقاذ الوفاق ومنهج المسايرة من المأزق الذي وقعا فيه من خلال هذا اللقاء الحواري الذي يجمع المتردية والنطيحة .
وفي تقديري : أن أصحاب هذا المنطق ليسوا سواء ، فهناك صناع هذا المنطق ، ومن صناع هذا المنطق شرفاء لديهم قناعة سياسية بمنطقهم ، ومنهم مندسون لضرب كل حركة توافق بين قوى المعارضة ، وقد استفاد هؤلاء المندسون من موقف الشرفاء للمزايدة وللإيقاع بالضحايا من أتباع خط الممانعة بهدف ضرب اللقاء الحواري وتأليب الجماهير عليه . ويتميز أسلوب المندسين بالإيذاء والإساءة والاستفزاز واستخدام الكلمات الجارحة ، والهدف هو حرق أوراق ورموز وقيادات خط الممانعة وتأليب الجماهير عليها من خلال المزايدة في منطق الممانعة وتأجيج الصراع بين قوى المعارضة وأضعاف كياناتها وتفتيتها خدمة لأهداف السلطة وأجندتها ، مما يستوجب من الجماهير كل الحذر من هذه العناصر الشيطانية المندسة التي تسعى للإيقاع بها من خلال المزايدة في منطق الممانعة .
وقد أعجبتني كلمة لأحد رموز الممانعة حيث قال تعقيبا على هذه الحالة : الوضع مريض ، والمريض يتألم من شرب الماء .
المنطق الثاني : لجأ إلى الدين وزعم بهتانا بأن راعي الحوار عبد الوهاب حسين يدعو لفصل الدين عن السياسة ، وأن خطر هذا اللقاء يتمثل في خدمته لهذا الطرح .
وهذه مقتطفات من أقوال أحد أصحاب هذا المنطق ،،
يقول نواف الحسيني ( أسم مستعار ) : ” ولكن ما يثير التساؤل اليوم وهو الأكبر خطورة والأشد قسوة مشروع ( إقصاء الرأي الديني والالتزام بالمرجعية الدينية في العمل السياسي ) أي بمعنى اصح فصل السياسة عن المرجعية الدينية وإفراغ العمل السياسي من أي وجود للرأي والتوجيه الديني … وهو على ما اعتقد أخطر ما يطرح اليوم حيث يقود المشروع الأستاذ عبد الوهاب حسين من خلال المبادرة التي طرحها للململة الساحة السياسية والتي لم يخطر ببالي أن لملمة الساحة السياسية تفرز عملية فصل الرأس عن الجسد الذي يمارسها الأستاذ من خلال دفعه لإبعاد المرجعية والأبوة العلمائية عن العمل السياسي !!
ومن هنا لا بد من إعلان موقف واضح بعد السكوت الطويل الذي التزمته الجماهير المؤمنة حفاظا على مشاعر الأستاذ وغيره من الذين لم يراعوا لمشاعر الجماهير المؤمنة في استصغار العلماء , وبعد كل البيانات الانفعالية التي هاجم فيها فضيلته وبشدة القيادات العلمائية واستصغرهم وحاول جاهدا من خلال تلك البيانات والخطب والإجابات التي يصدرها بين الحين والآخر والتي كانت بثقلها موجهه ضد العلماء الأجلاء ولم نسمع يوما حديثا بهذه القسوة عن السلطة ورؤؤسها مثلما سمعنا هجوما على العلماء .
ومن هنا يتوجب علينا اليوم أن نقف بكل حب ومودة أمام الأستاذ الفاضل لنقول له (( كفى )) فالساحة لا تستوعب هذه المشاريع التي تقسم ولا تجمع فتقسيمكم الساحة إلى فريقين في بداية المطاف أحدث شرخاً كبيراً اسقط كل محاولات التصدي لمشاريع السلطة لأن الفرقة ضعف وضياع ومن خلال الفرقة والتشظي والانقسام لا يمكن أن يقوم مشروع مناهضة أو ممانعة , أما مشروعكم القادم والمطالب بفصل المرجعية الدينية عن العمل السياسي فهو مشروع أخطر وأخطر لما له من آثار على كل المستويات والتي يتعارض مع مدرسة أهل البيت عليهم السلام التي لم تفصل يوما الحراك السياسي عن المرجعية الدينية والتاريخ كله شاهد على ذلك , ويعذرنا الأستاذ الفاضل أن لا نكون شهودا على بيع أصالتنا الدينية على حساب تحالف سياسي أو خلاف سياسي يراد من خلال هذه الخطوة به أن ينتصر طرف على طرف .
ونود أن نذكركم بأن بياناتكم التي اعتبرت بأنها تقسيميه وساهمت في إضعاف الحالة الاجتماعية والدينية في الساحة قد أسست مع غيرها من الظروف لانحرافات وابتعاد عن الصواب وإضعاف الحالة الدينية عند الشباب وسهولة التعدي على الدين وشتم الرموز الدينية والتنكيل بهم في الملتقيات الالكترونية والنقاشات العامة , وبات لدى البعض مشروع تسقيط للرموز الدينية متناسين كل قضايا الأمة وذلك تأسيسا على بياناتكم وخطاباتكم التي تستهدف القيادات العلمائية في محاورها الأساسية بدلا من القضايا المصيرية للأمة .
لن نسمح يا أستاذنا العزيز بأي مقررات تخرج من اجتماعاتكم القائمة إذا طالبت بعزل أو إبعاد أو بتجاهل المرجعية الدينية والرؤية الدينية في كل تفاصيل عملنا السياسي ولن نقبل يوماً بأن نقفز على الرأي الديني من اجل مطلب سياسي اياً كان حجمه ولتعلم يا أستاذنا العزيز إن صمت الجماهير المؤمنة لن يطول كثيرا في حال خرج هذا الاجتماع بمقررات تستهدف المرجعية الدينية والرؤية الدينية لأن ديننا ومفاصله ورجاله بالنسبة لنا أكثر أمانة من أي مطلب سياسي , ولم نخرج في الانتفاضة ولا في غيرها من التحركات الشعبية وأشكال المواجهة المختلفة إلا تحت غطاء ديني ” .
وقال : ” أما عن قضية المرجعية الدينية والمطالبة بفصلها عن العمل السياسي فهذا النهج لم يكن من متبنيات ومنهجية الأستاذ في وقت سابق لكنه اليوم أصبح حقيقة يعلنها الأستاذ في لفاءاته وبياناته وهذا هو التحول الخطير الذي يعني ( علمنة العمل السياسي ) .
وقال : ” كان الأستاذ في كل خطبه وبياناته يستخدم الأحاديث الشريفة والآيات … أما التحول الأخير فهو المثير للجدل بالمطالبة بإبعاد رأي المرجعية الدينية عن العمل السياسي وهذا هو مربط الخلاف وهذا هو المثير للجدل وهذا هو الموضوع الذي يكشف أن الخلاف المنهجي الذي رفع صوته الأستاذ بعد بأنه موجود وأصبح خلافا يرتبط بتدخل المرجعية في العمل السياسي …. وهذا لا يرتبط بالبحرين فقط وإنما هو جزء من طبيعة العمل السياسي منذ أيام الأئمة ولا يمكن أن يتحول إلى موضوع للمزايدات على حساب خلافات داخلية ليست في مصلحة للدين ولا للشعب ” .
وقال : ” منهج وخط أهل البيت هو هذا المنهج المرتبط بالرؤية الفقهية الشرعية والتي يستهزأ بها البعض وهو محور حديثنا , وهو ما دفعني لكتابة هذا الموضوع على خلفية تحرك الأستاذ عبد الوهاب لفصلها عن العمل السياسي أي فصل الدين عن السياسية ولكن بشكل فيه تفنن , وهذا يا عزيزي ما نرفضه كل الرفض فمشاريع العلمنة ليس لها مكان في هذا المجتمع الإسلامي المتأصل .
وقال : اعتقد أن الدفاع عن الأستاذ في هذه النقطة خطيئة كبرى لأن هذا التحرك الذي يقوده الأستاذ هو خطيئة تاريخية لا يمكن السكوت عليها أو مهادنتها أو حتى التعامل معها بلطف لأنها تتعلق بنهج ورؤية ليست وليدة اليوم وليست وليدة خلاف قاصر بين فلان وفلان في فكرة سياسية أو رئاسة جمعية سياسية لا تسمن ولا تغني من جوع حتى يتم التعامل معها بهذا المستوى في الدعوة إلى فصل الدين فقط من اجل السعي لانتصار طرف على طرف في ساحة سياسية ضيقة ” ( نقلا عن شبكة الدراز الشاملة ) .
وواضح في هذا المنطق الافتراء والبهتان والاستخفاف بعقول البشر ، وفيه تحريض صريح ومباشر على صاحب المبادرة الداعي للحوار ودعوة لاستخدام العنف ضده .
فإذا كان صاحب هذا المنطق قاصدا للافتراء والتحريض فأقول له : مت بغيظك فلن أتغير ، ولن ترى مني إلا ما يسوءك دفاعا عن الدين ومصالح المستضعفين ، وإنه لشرف لي أن أكون هدفا لسهام الافتراء والبهتان في ظل الإفصاح عن الحق والدفاع عن المظلومين والله هو حسبي ونعم الوكيل .
وإذا كان صاحب هذا المنطق من المؤمنين فأقول له : اتقي الله عز وجل ودقق قبل أن تتكلم في المسائل الخطيرة التي تتعلق بأوضاع المؤمنين وأحوالهم الفردية والعامة فإنك محاسب عليها يوم القيامة وأنك قد أخطأت ـ قطعا ـ فيما نسبته لي في مسألة فصل الدين عن السياسة وغيرها من المسائل .
وسوف يأتي في جواب السؤال الرابع حقيقة الأمر في اختلاف المشاركين في اللقاء الحواري بشأن المرجعية الدينية .
السؤال ( 4 ) : سربت بعض الصحف المحلية والمواقع الالكترونية أخبارا عن اختلاف حاد بين المتحاورين المشاركين في اللقاء الحواري للمعارضة حول المرجعية الدينية للقوى السياسية .
ما هو جوهر الاختلاف في المسألة ، وما هو رأي الأستاذ عبد الوهاب فيه ؟
الجواب ( 4 ) : لا يوجد لدى المشاركين في اللقاء الحواري اختلاف حول حق القوى السياسية الإسلامية في أن تكون لها مرجعيتها الدينية ، وأنا شخصيا أري : بأن وجود مرجعية دينية لدى القوى السياسية الإسلامية هو تكليف شرعي ملزم وليس مجرد اختيار لها ، وهو السبيل للمحافظة على سلامة العمل الإسلامي واستقامته ، وأنا ملتزم بهذا التكليف عمليا وأطرحه في خطابي منذ سبعينات القرن الماضي ، أي قبل قيام الجمهورية الإسلامية بقيادة الإمام الخميني العظيم في إيران . كما لا يوجد لدى المشاركين في اللقاء الحواري اختلاف حول حق الشخصيات والمؤسسات الدينية في أن تكون لها آراؤها ومواقفها السياسية ، ولم يطالب أحد القوى السياسية الإسلامية بأن تخالف الدين في شيء من مواقفها السياسية لكي تتوافق مع غيرها من القوى السياسية المعارضة على الساحة الوطنية . والاختلاف إنما يدور حول تنظيم العلاقة مع المرجعية الدينية في معالجة الاختلاف في المواقف السياسية بحيث لا تضر بالعمل المشترك لقوى المعارضة ، كأن تدعم موقف سياسي لطرف سياسي من المعارضة أو خط داخل فصيل على حساب موقف سياسي لطرف سياسي آخر من المعارضة أو خط داخل فصيل لدواعي سياسية بحتة لا علاقة لها بحكم شرعي أو ثابت ديني . وضرب أصحاب هذا الرأي المثالين التاليين :
المثال ( 1 ) : تنافس أحمدي نجاد مع الشيخ الرفسنجاني على رئاسة الجمهورية الإسلامية في إيران ، ولو أن مرشد الجمهورية تدخل وقال أن خياري هو الشيخ الرفسنجاني مثلا وعلى الشعب أن يختار لما كان لنص الدستور وآلية التصويت قيمة في العملية الانتخابية .
المثال ( 2 ) : حينما اختلف الرأي داخل الوفاق حول التسجيل تحت قانون الجمعيات ، وتدخل سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم وقال بأن خياره هو التسجيل ، فإن هذا التدخل قد كسر آلية التصويت ، فلم يعد التصويت بعد تدخل سماحة الشيخ حول التسجيل أو عدم التسجيل ، وإنما أن تكون مع رأي العلماء أو ضده ، ولهذا اختار أصحاب الرأي الآخر الاستقالة من الجمعية وحدث الانشقاق .
ويرى أصحاب هذا الرأي : بأن تدخل المرجعيات الدينية لدعم موقف سياسي لطرف سياسي من المعارضة أو فصيل على حساب موقف سياسي لطرف سياسي آخر من المعارضة أو فصيل لدواعي سياسية بحتة ، لا يقوم على أساس فقهي أو فكري ، وإنما يقوم على أساس سياسي ( مصلحة سياسية ) وفني إداري ، ولهذا فإن الاختلاف لم يكن بين إسلاميين وعلمانيين ، وإنما هو اختلاف حول قضية سياسية وإدارية بحتة لا علاقة لها البتة بالرؤية الفقهية والثوابت الإسلامية الفكرية ، حيث كان مع كل فريق متدينون إلى النخاع ومؤمنون بولاية الفقيه ، واستدل أصحاب هذا الرأي على رأيهم بالتجربتين التاليتين :
التجربة ( 1 ) : لآية الله العظمى السيد السستاني في العراق حيث سؤل عما ينبغي عمله لتوحيد الصف الشيعي في العراق ، فأجاب مكتبه في النجف : الاختلاف في وجهات النظر ووجود اتجاهات متعددة في الوسط الشيعي كسائر الأوساط الأخرى حالة طبيعية لا يخشى منها ، والحوار الهادئ بين الأطراف المعنية هو الأسلوب الأمثل لحل الخلافات ، واحترام الأقلية لرأي الأكثرية وعدم محاولة الأكثرية للسيطرة على الأقلية والتحكم بهم هو الأسلوب الذي يجب أن يراعى في العمل السياسي .
وجاء في الجواب : ينبغي أن يعرف الجميع أن سماحة السيد ( دام ظله ) ليس طرفا في أي نزاع يحدث هنا أو هناك ، وأن رعايته الأبوية كانت ولا تزال تعم جميع العراقيين “
وسؤل سماحته : لماذا يا سيدي لا نسمع صوتكم كثيرا في الأمور التي تهم العراقيين والعراق في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الميلاد ؟ فأجاب مكتبه في النجف : إن سماحة السيد ( دام ظله ) على الرغم من اهتمامه البالغ ومتابعته المستمرة للشأن العراقي بجميع جوانبه إلا أنه قد دأب على عدم التدخل في تفاصيل العمل السياسي وفسح المجال لمن يثق بهم الشعب العراقي من السياسيين لممارسة هذه المهمة ، ويكتفي سماحته بإبداء النصح والإرشاد لمن يزوره ويلتقي به من أعضاء مجلس الحكم والوزراء وزعماء الأحزاب وغيرهم ” ( مجلة الحكمة . العدد : 132 . ص23 ـ 24 ) .
التجربة ( 2 ) : لحزب الله في لبنان ، وهو حزب عقائدي إلى النخاع ، ويؤمن بولاية الفقيه ويتبنى مرجعية ولي أمر المسلمين الإمام السيد علي الخامنئي ( دام ظله ) بصراحة وبدون مواربة ، ومع ذلك فهو يقود المعارضة في لبنان ويشارك في أحلاف تضم المسيحيين والمسلمين ( الشيعة والسنة ) واليساريين والقوميين وغيرهم من الاتجاهات اللبرالية ، ولم يحتج أحد منهم على مرجعية حزب الله الدينية ولم يجدوا حرجا في ذلك ، وذلك لأن الولي الفقيه لا يتدخل في التفاصيل ، وأن حزب الله يعمل وفق القواعد المهنية في العملية السياسية ، ويفي بشروط الشراكة مع الآخرين ، ويلتزم بما يتفق عليه مع شركائه السياسيين على اختلاف اتجاهاتهم الفكرية والسياسية ، ولم يقل لهم في يوم من الأيام أن ما يتفق عليه معهم معلق حتى يقره الولي الفقيه .
وهذا هو ما يطالب به أصحاب هذا الرأي من أجل المحافظة على سلامة كيانات قوى المعارضة وآليات عملها المؤسسي في اتخاذ القرارات ومصلحة العمل المشترك بينها ، وبدون ذلك تصبح المرجعية صاحبة موقف سياسي محدد ، ومظلة للفصيل أو الخط الذي يتبنى ذلك الموقف دون غيره ، ولا يمكن أن تكون مرجعية أو مظلة للجميع . وتؤدي تدخلاتها المستمرة في التفاصيل للانشقاق تلو الانشقاق في قوى المعارضة لأنها تكون دائما في صف موقف واحد من بين جميع المواقف المختلفة وجزء منه . كما تؤدي تدخلاتها المباشرة في التفاصيل إلى تعطيل آليات اتخاذ القرار في المؤسسة ، وإضعاف العمل المشترك بين الحلفاء ، إذ لا تجد القوى والأطراف السياسية الأخرى أية جدوى من الحوار والتفاوض مع الطرف الذي لا يستطيع أن يفي بشروط الشراكة مع الآخرين ويعلق نتائج الحوار والتفاوض على إقرار طرف ثالث ، وتجد في القبول بذلك رهن لإرادتها بمرجعية غير مرجعيتها أو مرجعية لا ترتضيها لنفسها .
وقد سلط اللقاء الحواري الأضواء على هذا الموضوع من الناحية النظرية والعملية ، ورغم فشل المتحاورين في الوصول إلى توافق حوله ، فإنهم اتفقوا على حاجتهم لمواصلة الحوار فيه من أجل حسمه في المستقبل نظرا لأهميته وتأثيره الخطير على أوضاعهم ودورهم في الساحة الوطنية ، وأرى : أنه مع نضج التجربة في المستقبل ، وكون الاختلاف لا يقوم على أساس فقهي أو فكري وإنما يقوم على أساس سياسي وفني إداري ، فإن توصل قوى المعارضة إلى اتفاق حول الموضوع يعتبر أمرا ممكن في المستقبل ، وأرجو أن لا يتأخر ذلك كثيرا ، لكي لا ننكوي أكثر بسلبيات عدم الحسم والتوافق حول هذا الموضوع المهم جدا .
السؤال ( 5 ) : نسمع تصريحات عديدة من الرموز والقيادات المشاركة في البرلمان والداعمة لها تصحح قرار المشاركة رغم اعترافها الصريح والواضح بأن نتائج المشاركة لا شيء .
ما هو تعليق الأستاذ عبد الوهاب حسين على هذه التصريحات ؟
الجواب ( 5 ) : هناك نوعين من التصريحات حول هذا الموضوع ،،
النوع الأول : التصريحات التي تقول بصحة قرار المشاركة مع اعترافها بأن نتائج المشاركة لا شيء ، لأنها ترجع النتائج إلى ضعف الأداء ، ومنها التصريح الذي أطلقه سماحة السيد عبد الله الغريفي ( حفظه الله تعالى ) في أحد خطاباته الذي قيم فيه حصيلة المشاركة البرلمانية . ورغم أني أرى خطأ قرار المشاركة ، إلا أني أرى بأن هذا التصريح منطقي في نفسه ، حيث أرجع ألاشيء في حصيلة المشاركة إلى ضعف الأداء ، والنتيجة المنطقية : إذا تحسن الأداء تتحسن النتائج .
ويؤخذ على بعض أصحاب هذا الرأي : أنهم يكيلون بمكيالين في تقييم قراري المشاركة والمقاطعة ، حيث أنهم يرون خطأ قرار المقاطعة استنادا إلى نتائجها رغم اعترافهم بضعف أداء القائمين على تنفيذ القرار وعدم إيمان بعضهم به ، ويرون في نفس الوقت صحة قرار المشاركة رغم قناعتهم بأن لا حصيلة لها ، ويرجعون ذلك إلى ضعف الأداء ، ولو طبقوا نفس المعيار على قرار المقاطعة لتغير منطقيا حكمهم عليها .
النوع الثاني : التصريحات التي تقول بأن نتائج المشاركة صفر أو لاشيء ، وأن التغيير من الداخل غير ممكن ، وقد بدأت مقولته تتآكل بحسب التجربة ، وأن لا علاقة لذلك بالأداء ، فالأداء قوي إن لم يكون متميزا ، ومع ذلك ترى صحة قرار المشاركة ، لأنها ترجع ألاشيء في حصيلة المشاركة إلى عدم تعاون السلطة وقوى الموالاة ، وتطالبهم بالتعاون من أجل إقناع الجماهير بالتجربة ، وقد صدرت أغلب هذه التصريحات من قبل أعضاء البرلمان أنفسهم . وأرى بأن هذه التصريحات غير منطقية في نفسها وغير معقولة خارجيا ، لأنها ترتهن إرادتها للسلطة وقوى الموالاة ، وتعلق نجاح التجربة على تعاونهما معها ، في الوقت الذي تصنف نفسها في دائرة المعارضة ، ومثلهم في ذلك كمثل فريق رياضي يخوض مباراة مع فريق منافس له ، ويزعل ويعاتب الفريق الآخر لأنه لم يسمح له بتسجيل أهداف عليه أثناء المباراة التنافسية !!
وأرى : بأن الجماهير إذا تعقلت هذين الطرحين ودققت فيهما وقارنتهما بأطروحات المقاطعة بموضوعية وواقعية ، فإن حكمها على قراري المشاركة والمقاطعة وأداء الكتل وحصيلة التجربة سوف يتغير .
السؤال ( 6 ) : يتساءل الكثير عن موقف الأستاذ عبد الوهاب حسين من تصريحات رئيس الوزراء لصحيفة السياسة الكويتية ، حيث لم يظهر للأستاذ حتى الآن أي تعليق على تلك التصريحات رغم أنها أساءت كثيرا للنضال الوطني والمناضلين والأستاذ واحدا منهم . وقد نقل إلينا أن للأستاذ عبد الوهاب مداخلة قوية في الندوة الجماهيرية التي عقدتها المعارضة في جمعية وعد حول تلك التصريحات ، فهل يمكن الحصول على نص تلك المداخلة ؟
الجواب ( 6 ) : لا يوجد نص مكتوب لتلك المداخلة ، وهذا هو مضمونها القريب جدا من النص .
بسم الله الرحمن الرحيم .
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،،
لا أريد التصعيد في الخطاب ، لأن مجرد التصعيد في الخطاب لا قيمة له ، وإنما أسعى في هذه المداخلة القصيرة وضع الأمور في نصابها ، وسوف أذكر ثلاث نقاط .
النقطة ( 1 ) : تستمد الحكومة شرعية وجودها وشرعية عملها من إرادة الشعب ، ويحق للشعب أن يختار حكومته ويغيرها ، وعلى هذا الأساس ليس المطلوب من الشعب أن يثبت ولاءه للحكومة ، وإنما المطلوب من الحكومة أن تثبت بأنها تعبر عن إرادة الشعب وتخدم مصالحه وإلا جاز له تغييرها . وفي هذا البلد : بدلا من أن يقوم الشعب بتغيير حكومته بسبب تقصيرها وفسادها ، فإن الحكومة تعطي لنفسها الحق في تغيير الشعب ، فتأتي بشعب جديد على هذه الأرض بديلا عن شعبها الأصيل الذي يطالبها بحقوقه المشروعة لكي تستقوي به عليه من أجل قمعه وتهميشه . وتوجد في هذه البلاد طائفة كبيرة من الشعب تشعر من خلال السياسة الطائفية للسلطة بأنها مهددة في وجودها وليس في مصالحها الحيوية فحسب ، وذلك من خلال سياسة التطهير الطائفي الأدبي الشامل الذي تمارسه السلطة ضدها من خلال التجنيس والتمييز الطائفي وغير ذلك حتى شملت سياسة التطهير تراث الطائفة الفكري والتاريخي .
النقطة ( 2 ) : أن عائلة آل خليفة تمارس الحكم منذ دخولها إلى البحرين في أغسطس 1783 وحتى عام 1973م على أساس الأمر الواقع ، ولم تحكم على أساس الشرعية إلا بعد وضع الدستور وإقامة الحياة البرلمانية في عام 1973م ولمدة ( 18 : شهرا ) فقط ، ثم هدمت أساس الشرعية بحل البرلمان وتعطيل الدستور . وما قاله رئيس الوزراء في المقابلة الصحفية ، بأنه رجع لأهل الحل والعقد في حل البرلمان وتعطيل الدستور ، فهذا يعكس فكرا رجعيا ، لأن أهل الحل والعقد ـ بحسب تعبيره ـ ليسوا آلية صحيحة لتعديل دستور البلاد أو تعطيله ، وأن استخدام رئيس الوزراء لمصطلح إسلامي ( أهل الحل والعقد ) هو لمجرد الضحك على الذقون ، وليس له أي محتوى إسلامي صحيح . ثم جاء ميثاق العمل الوطني ليعطي فرصة جديدة لبناء الشرعية من جديد ، إلا أن حكومة آل خليفة فوتت الفرصة بالانقلاب على الميثاق وفرضها لدستور 2002 ، فدستور 2002 لا يبني الشرعية لأنه من طرف واحد ( دستور منحة ) وهو مجرد محاولة لشرعنة الحكم المطلق وفرضه كأمر واقع ، وهذا أمر مرفوض مطلقا من قبل الشعب .
النقطة ( 3 ) : لقد مارس الشعب المطالبة بحقوقه المشروعة بأساليب سلمية وحضارية ، وقابلة السلطة الحركة المطلبية السلمية للشعب بأساليب بربرية ( عنف الدولة ) وارتكبت ضده جرائم نكراء يندى لها الجبين . وقد أعلن رئيس الوزراء مسؤوليته عن ذلك العنف وأساء إلى النضال الوطني والمناضلين ، وبهذه المناسبة أقترح على مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الجمعيات السياسية تشكيل محكمة شعبية لمحاكمة رئيس الوزراء وحقبته السياسية ورموز هذه الحقبة ، فإذا لم تتاح لنا فرصة محاكمته رسميا فلنحاكمه شعبيا .
وأختم هذه المداخلة بملاحظتين :
الملاحظة ( 1 ) : ذكر رئيس الوزراء في المقابلة الصحفية وجود عناصر خارجية وراء انتفاضة الكرامة في التسعينات من القرن الماضي ، وبهذه المناسبة أذكر أني في الاعتقال الأول في عام : 1995م تحاورت مع عدد من القيادات الأمنية ، وكان من محاور الحوار دور العناصر الخارجية في الانتفاضة ، فقلت لهم : إني من قلب الانتفاضة وأعلم بعدم وجود عناصر خارجية في الانتفاضة كعلمي بوجودكم أمامي ، ولكن لأفترض جدلا وجود عناصر خارجية ، وأسألكم هذا السؤال : لو أشعلت الآن ولاعة في المكتب فهل توجد مشكلة ؟
فأجابوا : لا .
فقلت : لو كان المكتب مشبعا بالغاز ، وأشعلت الولاعة ، فهل توجد مشكلة ؟
فأجابوا : نعم .
فقلت : المشكلة إذن ليست في إشعال الولاعة وإنما في وجود الغاز . وكذلك ليست المشكلة في التحريض الخارجي ـ إن وجد ـ وإنما في الظروف التي خلقت القابلية للاستجابة له والتفاعل الشعبي معه . اذهبوا وابحثوا عن الأسباب التي أدت إلى غضب الجماهير وعدم رضاهم عن السلطة ، وعالجوا تلك الأسباب من أجل حل المشكلة بدلا من أن تضيعوا الوقت والجهد في هذا الاتهام ، فالذي يحل المشكلة هو معالجة أسبابها وليست الاتهامات الباطلة .
الملاحظة ( 2 ) : توجد نقطة خطيرة جدا في قول رئيس الوزراء ينبغي علينا التنبه إليها جيدا ، وهي ربطه الجرائم التي ارتكبها ضد الحركة المطلبية الشعبية في التسعينات وتبريرها ببعد إقليمي ، وكأنه يبلغ المعارضة رسالة مفادها : إن عدتم عدنا وعلى نفس البعد الإقليمي في القمع وإرهاب الدولة ، وهذا أمر في غاية الخطورة ينبغي علينا التنبه إليه . انتهى

أيها الأحبة الأعزاء
أكتفي بهذا المقدار
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم
واعتذر لكم عن كل خطأ أو تقصي
واستودعكم الله الحافظ القادر من كل سوء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى