مجموعة الأسئلة والأجوبة (13)
التاريخ : 9 / ذو القعدة / 1425 هـ .
الموافق : 21 / ديسمبر – كانون الأول / 2004 م .
السؤال ( 1 ) : التصنيف السائد عنك لدى البعض أنك من المتشددين ، وفي الآونة الأخيرة : قرأنا وسمعنا من البعض يصفك بالضعف . ما تعليقك على ذلك ؟
الجواب ( 1 ) : قرأتُ مثل ما قرأت ، وهذا في تقديري يعود إلى ثلاثة أسباب .. وهي :
السبب الأول : الخلل في معايير التقييم وتحكم الأمزجة فيه .
السبب الثاني : النظر إلى الأمور والتفكير فيها من اتجاه واحد .
السبب الثالث : عدم رؤية صاحب التقييم إلا نفسه وما هو فيه ، ونصبه لنفسه معيارا للحكم على الآخرين .
وتجدر الإشارة إلى الملاحظتين التاليتين ..
الملاحظة الأولى : يعتبر البعض توقفي عن التوجيه المباشر للمواقف السياسية دليلا على هذا الحكم .. وقد قلت رأيي في الموضوع ولا حاجة للتكرار .
الملاحظة الثانية : يحاول البعض ممارسة الضغط من خلال هذا الطرح وغيره من أجل حملي على العودة لسابق عهدي في العمل السياسي .. وقد قلت رأيي في هذا الموضوع أيضا ولا حاجة للتكرار .
وأرغب في توضيح التالي ..
أنني التزم بالحنفية والوسطية القرآنية .. التي تعني : الميل عن الباطل إلى الحق ، وتحري طريق الاستقامة ، وعدم الميل نحو اليمن أو الشمال ، فأنا لا أصنف نفسي في قائمة المتشددين ولا المعتدلين ، وإنما في الأمة الوسط الذين أأمتها الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام .. وهم القدوة الحسنة والحجة علينا جميعا في ذلك .
واستنادا إلى هذا الالتزام : فإني حين التفكير في أي موضوع فكري ، أومن أجل الوصول إلى رأي أو موقف في أية قضية ، فإني أبذل جهدين رئيسيين .. وهما :
الجهد الأول : مقاومة عوامل التأثير السلبي النابعة من داخل النفس .. مثل : الخوف أو الطمع أو الأنانية أو العصبية أو الهوى أو غيرها ، أو القادمة من الخارج بفعل الأشخاص أو الشيطان ، وذلك من أجل الحصول على أكبر درجة من الموضوعية والنزاهة للوصول إلى الحقيقة الناصعة في الفكر أو الرأي الصواب في المواقف .
الجهد الثاني : بذل أقصى الجهد في التعاطي مع الموضوع نفسه في سبيل الوصول إلى أفضل النتائج فيه .. مثل المعدني : الذي يتعامل مع قطعة حديد صدأة ، وهو يسعى بكل جهده لإزالة الصدأ عنها في سبيل الوصول إلى أفضل درجة لمعان فيها .
الجدير بالذكر : أننا في حياتنا العملية نعاني كثيرا من الفشل في إدارة الاختلاف في الرأي .. ونواجه إشكالين رئيسيين .. وهما :
الإشكال الأول : النظر إلى الأمور والتفكير فيها من اتجاه واحد ، ونصب أنفسنا معايير للحكم على الآخرين ، وعدم إتاحة الفرصة لأنفسنا لفهم الرأي الآخر .
الإشكال الثاني : السعي لإقصاء صاحب الرأي الآخر عن الساحة ، ظنا منا بأننا الأكثر إخلاصا وحرصا وأمانة على المصالح العامة ، وما ذلك في معظم الأحيان إلا من تسويلات الشيطان الرجيم .. نعوذ بالله القوي العزيز منها .
أما نتائج الفشل في إدارة الاختلاف في الرأي فهي كثيرة .. أهمها :
النتيجة الأولى : الفشل في توظيف الأفكار والجهود في داخل الجماعة الواحدة .
النتيجة الثانية : الفشل في التكيف مع الآخر والاستفادة منه .
النتيجة الثالثة : تفريق الجماعات وضعف الكيانات عن حمل المسؤولية الملقاة على عاتقها .
النتيجة الرابعة : الفشل بالضرورة في تحقيق الأهداف .
وأنصح بالتالي ..
النصيحة الأولى : اللطف والتواضع وحسن المعاملة مع الآخرين .
النصيحة الثاني : الجهاد مع النفس للحصول على أكبر قدر ممكن من الموضوعية والنزاهة في التفكير والحكم على الأفكار والأشخاص والمواقف .
النصيحة الثالثة : الإخلاص لله تعالى في العمل ، والحرص الشديد على مصالح العباد ، والخروج من سجن الذات .. وترك الأنانية ، والحذر من صنمية الطائفة أو القبيلة أو الحزب أو الرمز أو غيرها .. من الأصنام أثناء التفكير وإصدار الأحكام .
النصيحة الرابعة : الحرص الشديد على قوة الكيانات النزيهة ونجاحها في تحقيق أهدافها ، وأن نتعلم قواعد بناء وهدم الكيانات .. ونجاحها وفشلها في العمل ، لكي ننجح فعلا في تحقيق ما نصبوا إليه ، وحسن النية لا يكفي لوحده في تحقيق المراد .
السؤال ( 2 ) : ينقل عن بعض الشخصيات الشيعية القريبة من الملك .. أنها سمعت منه مرارا قوله : أنه يرغب في إخراج منصب رئيس الوزراء من عائلة آل خليفة .. ويجعله في أبناء الطائفة الشيعية خصيصا . ما هو تعليقك على ذلك ؟
الجواب ( 2 ) : لقد سمعت ما سمعتم .. ولا أعلم صدق الخبر ، وقد رأيت من يسخر بعقول الذين يصدقونه ، إلا أنني لا استبعده .. واستقربه كثيرا ، فالموجود حاليا بين جلالة الملك ورئيس الوزراء هو ثنائية النفوذ والقوة في السلطة ، وهذه حالة سلبية بجميع المقاييس في الدولة ، والمتتبع لسياسة الملك وأسلوبه في الحكم ، يدرك عدم ارتياحه لهذا الوضع ، وسعيه الحثيث للتخلص منه .. من أجل توحيد القوة والنفوذ في السلطة وجعلها في يد الملك ، ومما يساعده على ذلك بالتأكيد : أن يجعل منصب رئيس الوزراء من خارج دائرة عائلة آل خليفة ، لأن بقاء منصب رئيس الوزراء في داخل عائلة آل خليفة .. يعني : بقاء فرصة تتعدد قوى الاستقطاب ، وخضوع المنصب لموازين القوى داخل العائلة ، وهذا خلاف إرادة الملك كما أقرؤها من سلوكه السياسي وأسلوبه في الإدارة السياسية .. وهو خلاف شعار المملكة الدستورية : الذي يسعى الملك لجمع أكبر قدر ممكن من معالمه الشكلية التي تخدم أجندته في المملكة.
الجدير بالذكر : أن الوضع القائم حاليا هو امتداد للعهد القديم ، ومن الصعب عليه حاليا تنفيذ ما يريده .. لأسباب سياسية وعرفية ، وأعتقد بأنه سوف ينفذ رغبته مع أول فرصة تتاح له .
أما عن جعل منصب رئيس الوزراء في أبناء الطائفة الشيعية خصيصا : فإني أقدر بأنه لا مانع منه ، وأن له فرصة كبيرة بالنظر إلى ما سبق توضيحه ، وهو يتوقف على معادلة ميزان القوى وتوزيع مناصب الرئاسة الرئيسة للسلطات الثلاث في الدولة : ( القضائية ، والتنفيذية ، والمجلسين في التشريعية ) بين أبناء الطائفتين الكريمتين ، وأتوقع أن تشهد المرحلة القادمة توزيعا جديدا لهذه المناصب ، وأن تدخل مناصب الوكلاء والمدراء العامين في المعادلة ، ويمكن أن يُخضع الملك ذلك للتفاهم والاتفاق المباشر أو غير المباشر مع رموز وقيادات الطائفتين الكريمتين .
السؤال ( 3 ) : في الواقع إجابتك على ما أثير عنك من مغادرتك لاجتماع الجمعيات الذي عقد في جمعية الوفاق بسبب وجود ممثل عن جمعية التجديد ( السفارة ) زادت من الغموض من موقفك وموقف الوفاق.
سؤالي بالتحديد فضيلة الأستاذ وأرجو الإجابة عليه بكل صراحة وبإجابات لا تحتمل التأويل :
على فرضية فرض المحال ليس بمحال : كيف سيتعامل الأستاذ مع هذه الجمعية : ( جمعية التجديد ) ، لو كان الأستاذ رئيس مجلس النواب أو نائب في المجلس ، وطلبت منه هذه الجمعية لقاء رسمي بصفتها جهة رسمية في البلد ؟
الجواب ( 3 ) : يمكنني أن اقبل مقابلتهم أو أرفضها ، وذلك يتوقف على عدة أمور .. أهمها :
الأمر الأول : الأهداف التي أسعى لتحقيقها .
الأمر الثاني : الأجندة السياسية والاستراتيجية التي التزمها .
الأمر الثالث : الظروف العادية أو الاستثنائية المؤثرة في الموقف آنذاك .
والخلاصة : لا شيء يلزمني أو يلزم غيري في هذا المنصب الافتراضي بمقابلتهم ، ويمكن للسائل أن يراجع سلوك الرؤساء والسياسيين مع خصومهم .
قال الله تعالى : { سمعاعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فأحمكم بينهم أو اعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين } آمنا بالله صدق الله العلي العظيم ( المائدة : 41 – 42 ) .