مجموعة الأسئلة والأجوبة (30)
التاريخ : 16 / رمضان / 1426هـ .
الموافق : 20 / أكتوبر ـ تشرين الأول / 2005م .
السؤال ( 1 ) : وفيه الفقرات التالية ..
( أ ) : أعتقد بأن هناك إشكالية في ما تطرحه بخصوص الإمام الحسن (ع) فهو ( ع ) لم يكن معارضاً ، بل كان حاكماً ، وانتقل بالصلح إلى المعارضة .
( ب ) : لماذا ترك ما هو حق له وسلمه للملك العضوض الذي حذر منه رسول الله (ص) ؟!
( ج ) : لماذا اختار بالصلح أن يكون معارضاً بعد أن كان حاكماً ؟
( د ) : هل يجوز للحاكم الشرعي التنازل عن حقٍ هو من الله له إلى من هو معروف بظلمه وغدره ؟
( هـ ) : هل تسليم أمر الرعية إلى الحاكم الفاجر يعتبر من باب التكتيك ، رغم علم الإمام بأنه لن يكون هناك التزام ببنود الصلح ، وأنه لن يعود الحكم إلى أهل العدل من بعده ؟!
( و ) : أليس هذا التكتيك لا يخدم الإستراتيجية التي من أهمها إقامة دولة العدل والحق ؟!
( ز ) : ألا يعتبر ذلك تمكين من لا يرحم ومن لا يعدل على رقاب الناس ، وما حكم من يقوم بذلك ؟
أتمنى أن أجد إجابات من الأستاذ .
الجواب ( 1 ـ أ ) : وفيه نقاط عديدة .. أهمها :
النقطة الأولى : نعم .. كان السبط العظيم : الإمام الحسن بن علي المجتبى ( عليه السلام ) حاكما ، وخرج عليه ( الباغي ) معاوية بن أبي سفيان .. عسكريا ، ولم يكن ميزان القوى يميل لصالح الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) بسبب عدم رغبة الناس ( الذين هم حوله ) في الحرب ، وتقاعسهم عن نصرته .. فيما هو واجب عليهم شرعا ، ويعود عليهم بالخير الكبير في دينهم ودنياهم .. فمال ( عليه السلام ) مكرها إلى الصلح .
النقطة الثانية : توجد لهذا الصلح دلالات مهمة عديدة ( فيما يخص موضوع بحثنا المشار إليه في النقطة السابقة ) .. منها :
الدلالة الأولى : أن الوصول إلى السلطة أو حصول الشعوب على حقوقها العادلة المشروعة من حكامها .. وكذلك استمراريتهما ( السلطة والحقوق ) في البقاء ، يحتاج إلى قوة ضاربة ، ومع عدم وجودها ، لا يمكن الوصول إلى السلطة أو الحصول على الحقوق أو الاحتفاظ بهما ، وتعتبر الجماهير الواعية والمضحية أهم مصدر للقوة ( المشروعة ) لدى القيادة الإسلامية الرسالية .. التي تطالب بالحقوق العادلة المشروعة للمواطنين ، وتسعى لإقامة دولة الحق والعدل .
الدلالة الثانية : كان في وسع الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) أن يحتفظ بالحكم لو لجأ إلى أساليب الإغراء والإرهاب كما فعل معاوية بن أبي سفيان .. ولكنه لم يفعل ذلك : لأنه لا يطلب الملك من أجل نفسه ، فيجور على الناس ، ويظلمهم ، ويضلهم عن سبيل الله ، في سبيل ذلك الملك العقيم ، وإنما يطلبه بالحق والعدل ويحافظ عليه كذلك ، من أجل الدين والمصالح الجوهرية للناس ، قربة إلى الله تعالى .. ولما تعذر عليه ذلك : تخلى عن الحكم بنفس مطمئنة راضية ، وذلك يؤسس للقاعدة التالية في إستراتيجية العمل الإسلامي .. وهي : أن حفظ الحق والعدل ، مقدم على الوصول للحكم والمحافظة عليه .
النقطة الثالثة : أن الصلح في الوقت الذي نقل وضع الإمام الحسن ( عليه السلام ) وأصحابه من الحكم إلى المعارضة ، فإنه قد حدد المنهج في عملهم في مرحلة ما بعد الصلح .. وهو المنهج السلمي ، وذلك لأسباب موضوعية ، ليس فيها ما يدل على عدم شرعية المعارضة المسلحة ضد الحاكم الباغي معاوية بن أبي سفيان .
فقد أكد الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) وأصحابه على شرعية المعارضة المسلحة للحكم الأموي الباغي ، وكان من الممكن جدا أن يمارسونها لو توفرت الشروط الموضوعية لممارستها .. مع كونها مطلوبة في ذلك الوقت .
فلو افترضنا جدلا : أن معاوية بن أبي سفيان قد نجح في إسقاط حكومة الإمام الحسن ( عليه السلام ) واستولى على الحكم بالقوة المسلحة ، فمن الممكن جدا أن يعتمد الإمام الحسن ( عليه السلام ) المعارضة المسلحة لحكم الباغي : معاوية بن أبي سفيان ، ولا إشكال في شرعيتها ، بدليل لجوء الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلي المعارضة المسلحة ليزيد بن معاوية ، ولكن الصلح هو الذي أسس ( في رأيي ) للمعارضة السلمية وفرضها كخيار في المقاومة للنظام الباغي الظالم .. بدلا من المعارضة المسلحة ، ومع ذلك بقيت المعارضة السياسية السلمية في دائرة التكتيك ، ولم تمثل إستراتيجية ثابتة لدى الإمام الحسن ( عليه السلام ) وأصحابه ، وذلك حتى تتوفر الظروف المناسبة للمواجهة المسلحة ، وتمارس حينما تكون مطلوبة لدى المعارضة لتحقيق أهدافها العادلة المشروعة .. كما حدث لدى الإمام الحسين ( عليه السلام ) وهذا يدل ( في رأيي ) على وحدة الفكر الاستراتيجي ( بعيد المدى ) لسيدي شباب أهل الجنة : الإمامين : الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
النقطة الرابعة : توجد فوائد عظيمة جدا نستفيدها من ممارسة الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) لمنهج المعارضة السياسية السلمي في مواجهة الحاكم الباغي : معاوية بن أي سفيان .. منها :
الفائدة الأولى : أن الملك ( من أجل الدنيا ) عقيم ، وأن الحاكم الظالم لا يتنازل عن الظلم والفساد بدون مقاومة فاعلة ، وأنه يتنازل بمقدار ما يضطر إليه تحت تأثير الضغوط الجدية .
الفائدة الثانية : أن أساليب المقاومة متفاوتة في درجة الشدة ، ومن الناحية الشرعية .. حسب أقوال الفقهاء : لا يؤخذ بالدرجة الأشد ، إلا بعد العلم بعجز الدرجة الأقل .
الفائدة الثالثة : إذا كان الحاكم ظالما ، وكانت المعارضة المسلحة مطلوبة في مقاومته .. يؤخذ بها مع توفر شروطها الموضوعية والشرعية . وإذا لم تكن مطلوبة ، أو لم تتوفر شروطها الموضوعية والشرعية ، يؤخذ بالمعارضة السياسية السلمية الفاعلة .. إذا توفرت شروطها الموضوعية والشرعية . وإذا لم تتوفر الشروط الموضوعية والشرعية للمعارضة السياسية السلمية .. يؤخذ بالمسايرة مع توفر الشروط الشرعية لها ، ولا يجوز شرعا .. حسب أقوال الفقهاء : ترك الاهتمام بأمور المسلمين ، كما لا تجوز الموالاة للحاكم الظالم .
ملاحظة مهمة : ما جاء في النقطة السابقة ، ليس في مقام الفتوى ، وإنما هي ( كأفكار ) مستمدة من التحليل الفكري والسياسي لمنهج الإمام الحسن ( عليه السلام ) في المعارضة ، وهو متوافق ( من الناحية الشرعية ) مع أقوال الفقهاء .. التي كانت حاضرة أثناء التحليل .
الجواب ( 1ـ ب ) : وفيه نقاط عديدة .. أهمها :
النقطة الأولى : أن السبط العظيم : الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لم يترك الحكم طوعا ، وإنما تركه كرها ، بعد أن خرج عليه الباغي ( معاوية بن أبي سفيان ) بالقوة المسلحة ، ولم تتوفر الشروط الموضوعية لدى الإمام الحسن ( عليه السلام ) للوقوف في وجهه ورده ، بسبب رغبة الناس في الصلح ، وكراهيتهم للحرب ، وتقاعسهم عن النصرة .. وقد سبق توضيح بعض الدلالات المهمة لذلك في الجواب ( أ ) أرجو الرجوع إليها .
النقطة الثانية : ينبغي التمييز بين عدد من الوظائف الشرعية الأساسية للإمام المعصوم وخلفائه في عصر الغيبة الكبرى .. منها فيما يخص موضوع بحثنا :
الوظيفة الأولى ـ التبليغ : وهذه الوظيفة غير قابلة للتعطيل ، وأن كل من يريد أن يأخذ عن الإمام أو خلفائه في عصر الغيبة ، فإنه يستطيع أن يفعل ذلك ، ولا يستطيع أحد أن يمنعه مهما فعل .. نعم يستطيع الأعداء والخصوم وضع الصعوبات فقط .
الوظيفة الثانية ـ قيادة المؤمنين : وهذه الوظيفة ( أيضا ) غير قابلة للتعطيل ، وأن كل من يؤمن بالإمام أو خلفائه في عصر الغيبة الكبرى ، فإنه يستطيع أن يلتزم بقيادتهم ، ولا يستطيع أحد أن يعطل هذه الوظيفة مهما فعل .. نعم يستطيع الأعداء أو الخصوم أن يضعوا العراقيل في الطريق فقط .
الوظيفة الثالثة ـ الحكم : وهذه الوظيفة يستطيع الأعداء تعطيلها ، لأن ممارستها تحتاج إلى رضا الناس وقبولهم ، وإلى توفير القوة الكافية للوصول إليها والمحافظة عليها أو دوام استمرارها ، وهي بيد الناس الذين يحددون بانتماءاتهم ومواقفهم موازين القوى في الساحة ، وليست بيد الإمام أو خلفائه في عصر الغيبة أو أتباعهم فقط .. وعليه : فإن ميزان القوى قد يميل لصالح الأعداء أو الخصوم ، ولهذا لم يحكم الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مكة المكرمة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة ، ولم يحكم معظم الأنبياء والأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) وهذا مما ينبغي الالتفات إليه في محاولاتنا لفهم عملهم وسيرتهم ( عليهم السلام ) .
الجواب ( 1ـ ج ) : لم يختار ذلك ، وإنما أكره عليه ، بسبب عدم توفر الأنصار ، وقد قبله بنفس مطمئنة ، على أساس ما سبق توضيحه في الجواب ( أ ) .
الجواب ( 1 ـ د ) : الذي أفهمه من أقوال الفقهاء ( رضوان الله تعالى عليهم ) أنه لا يجوز له ذلك اختيارا ، ويمكن الرجوع إلى الفقهاء وسؤالهم عن هذه المسألة .
الجواب ( 1 ـ هـ ) : وفيه نقاط عديدة .. أهمها :
النقطة الأولى : لقد لجأ الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) للصلح مكرها لأسباب موضوعية .. ولم يلجأ له اختيارا ، ولا يعتبر الصلح تنازل من الإمام ( عليه السلام ) عن حقه في الحكم إلى الباغي : معاوية بن أبي سفيان .. ولا يجوز له ذلك اختيارا ، كما أن الصلح لا يضفي الشرعية على حكم معاوية بن أبي سفيان .
قال الإمام الحسن ( عليه السلام ) : ” … وإن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلا ، ولم أر نفسي لها أهلا ، فكذب معاوية ، نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله ( عز وجل ) وعلى لسان نبيه ” ( حياة الحيوان . ج1 . ص 58 ) .
النقطة الثانية : التكتيك ( كما سبق توضيحه ) إنما كان في الانتقال من المعارضة المسلحة إلى المعارضة السياسية السلمية ، حتى تتوفر الظروف المناسبة للمواجهة العسكرية ، والعمل بها مع مطلوبيتها لتحقيق الأهداف الإسلامية العادلة المشروعة في وقتها المناسب .
النقطة الثالثة : أن علم الإمام الحسن ( عليه السلام ) المسبق بأن معاوية لن يلتزم بشروط الصلح ، وأن الحكم لن يعود لأهل الحق من بعده ، لا يغير في الأمر شيئا ، بعد الفراغ من تشخيص أنذلك هو المطلوب في دين الله تعالى ، من أجل مصلحة الرسالة والعباد .. وإلا لما حدث الصلح أصلا .
الجواب ( 1 ـ و ) : وفيه نقاط عديدة .. أهمها :
النقطة الأولى : إن إقامة دولة العدل هدف استراتيجي لعمل الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) وليست مبدأ .
النقطة الثانية : أن الصلح ( كتكتيك ) لا يتعارض بالتأكيد مع ذلك الهدف الاستراتيجي ، الذي يسعى الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) إلى تحقيقه على المدى البعيد .
النقطة الثالثة : توجد ثلاثة أهداف إستراتيجية رئيسية لعمل الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) .. وهي :
الهدف الأول : التبليغ بالإسلام الصحيح وكشف التحريف ومقاومته .
الهدف الثاني : بناء الشخصية الإسلامية الملتزمة بالإسلام الصحيح ، وبناء كيان الأمة المؤمنة على أساسه ، ومقاومة الانحراف بكافة أشكاله وعلى جميع المستويات .
الهدف الثالث : تحرير العالم من الطواغيت وقوى الاستكبار العالمي ، وإقامة دولة العدل الإلهي العالمية .
النقطة الرابعة : أن عمل الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) يمر بخمس مراحل رئيسية ، لكل مرحلة إستراتيجيتها الخاصة ، وأهدافها المرحلية التي تصب في خدمة الأهداف الإستراتيجية الختامية .. والمراحل ( حسب فهمي ) هي :
المرحلة الأولى : من الإمام علي حتى الإمام الحسين .
المرحلة الثانية : من الإمام السجاد حتى الإمام الحسن العسكري .
المرحلة الثالثة : الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى .
المرحلة الرابعة : تحرير العالم بعد الظهور .
المرحلة الخامسة : بناء دولة العدل الإلهي العالمية .
ملاحظة : ربما تكون هناك مراحل بعد المرحلة الخامسة ، لا أعلم عنها شيئا ، والتفصيل في الأهداف والمراحل والاستراتيجيات ، يخرج عن الغرض من حلاقات ( أسئلة وأجوبة ) وقد ذكرت تفاصيل كثيرة عن كل ذلك في مناسبات سابقة .
الجواب ( 1 ـ ز ) : لم يكن ذلك باختيار الإمام الحسن ( عليه السلام ) .. وإنما أكره عليه بسبب : رغبة الناس في الصلح ، وكراهيتهم للحرب ، وتقاعسهم عن نصرة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، والناس وحدهم يتحملون مسؤولية ذلك . ويحرم تمكين الظالم من الحكم اختيارا ( حسب ما أفهم من أقوال الفقهاء ) ويمكن الرجوع إليهم وسؤالهم عن ذلك .
السؤال ( 2 ) : يتناقل في المحافل : اختلاف أعضاء الأمانة العامة للمؤتمر الدستوري الثاني حول استمرار الأمانة في أنشطتها أو توقفها . ما هو رأي الأستاذ عبد الوهاب حسين في ذلك ؟
الجواب ( 2 ) : وفيه نقاط عديدة .. أهمها :
النقطة الأولى : تعتبر الجمعيات الأربع ( الوفاق ، والعمل الديمقراطي ، والعمل الإسلامي ، والتجمع ) الأركان الرئيسة التي تقوم عليها الأمانة العامة والطرف الأقوى فيها ، وبدون الجمعيات الأربع ، لا تستطيع الأمانة أن تعمل شيئا .. رغم أن رئيسة الأمانة العامة ( السيد جليلة ) هي من المستقلين .
النقطة الثانية : لقد أنشأت الأمانة العامة كأحد ثمار المؤتمر الدستوري الثاني .. من أجل متابعة قراراته ، وكلها تدور حول المسألة الدستورية ، وتقوم على أساس رفض دستور المنحة .
النقطة الثالثة : مع انضواء الجمعيات الأربع تحت قانون الجمعيات السياسية .. حدث وضع جديد لهذه الجمعيات ، حيث أصبح وضعها بالنظر إلى المسألة الدستورية ، وموقفها من دستور المنحة ، مشابه تماما لوضع جمعيتي ( الوسط العربي والمنبر التقدمي ) حيث كانت رؤية الجمعيتين تتلخص في القبول بدستور المنحة ، وأن لهما مآخذ عليه ، وتسعيان لإدخال إصلاحات عليه من خلال آلياته .. وعلى هذا الأساس قبلوا الدخول إلى البرلمان . بينتما كانت رؤية الجمعيات الأربع تقوم على أساس رفض دستور المنحة ، والرجوع إلى ( دستور : 73 ) العقدي ، وإجراء التعديلات عليه من خلال الآلية المنصوص عليها فيه ، وليس أقل من إدخال تعديلات على دستور المنحة تعيد مكتسبات ( دستور : 73 ) من خلال آلية يتوافق عليها . وقد تم التأكيد على هذه الرؤية في ورقة المبادئ التي اتفقت عليها الجمعيات الأربع مع وزارة العمل للحوار معها . وعلى أساس الاختلاف في الرؤية الدستورية بين الجمعيات الأربع وجمعيتي ( الوسط العربي والمنبر التقدمي ) تقلص التحالف السداسي ، وتحول إلى تحالف رباعي . ومع انضواء الجمعيات الأربع تحت قانون الجمعيات السياسية ، فقد اتفقت الجمعيات الست في رؤيتها للمسألة الدستورية ، وهذا ما تؤكده ( المادة : 5 . الفقرتين : هـ + و ) من مسودة النظام الأساسي الجديد لجمعية الوفاق .. وهذا نصهما :
( الفقرة : هـ ) : ” تؤكد الوفاق على التمسك بالدستور ، وميثاق العمل الوطني ، في المشاركة السياسية ، وتحقيق التفاعل الاجتماعي والفكري والسياسي ” .
( الفقرة : و ) : تؤمن الوفاق بضرورة تطور النظام السياسي في البحرين بما يحقق ما يصبوا إليه الشعب من ملكية دستورية على غرار الديمقراطيات العريقة ، وما يتطلبه ذلك من تعديلات جوهرية على الدستور لكي يكون دستورا متوافقا عليه بين الشعب والحكم كما ورد في ميثاق العمل الوطني ، وبما يوفر سلطة تشريعية منتخبة كاملة الصلاحيات ويضمن فصلا حقيقيا للسلطات ، وصولا لنظام ديمقراطي يضمن حرية تشكيل الأحزاب السياسية والتداول السلمي للسلطة ” .
فمن خلال الجمع بين هاتين الفقرتين نصل إلى النتيجة المهمة التالية : أن الوفاق ( شأنها شأن جميع الجمعيات المسجلة تحت قانون الجمعيات السياسية ) تقبل بدستور المنحة ، لأنه القانون المنصوص عليه في قانون الجمعيات السياسية ، وأن لها بطبيعة الحال ملاحظات عليه ، وأنها سوف تسعى إلى إدخال تعديلات تتوافق مع طموحاتها السياسية ( كما في الفقرة : و ) وأن هذه التعديلات لن تكون ( بالطبع ) إلا من خلال الآلية المنصوص عليها فيه . وانسجاما مع هذه الرؤية الجديدة ، ينبغي علي الوفاق ( وكل الجمعيات السياسية المشاركة لها في الرؤية ) من الناحية المنهجية ، المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة . وهذه عينها رؤية جمعيتي ( الوسط العربي والمنبر التقدمي ) التي كانت ترفضها الجمعيات الأربع ، وبسبب ذلك الرفض خرجت الجمعيتين من التحالف ، وأصبح التحالف رباعيا ، بعد أن كان سداسيا .
النقطة الرابعة : بعد انضواء الجمعيات السياسية تحت قانون الجمعيات السياسية ، وحدوث الوضع الجديد لها ( كما أوضح في النقطة السابقة ) أصبحت ( بالتأكيد ) أهداف وإستراتيجية عمل الجمعيات الأربع ، تختلف عن أهداف وإستراتيجية عمل الأمانة العامة للمؤتمر الدستوري الثاني . وبما أن الجمعيات الأربع هي الطرف البارز في المشهد السياسي في الساحة الوطنية في الوقت الحاضر ، وهي الطرف الأقوى في الأمانة العامة ، فمن الطبيعي أن تكون هي المستفيد الأكبر من أنشطة الأمانة العامة في الوقت الحاضر ، وأن أنشطة الأمانة العامة في الوقت الحاضر تخدم أجندة الجمعيات السياسية ، وليس أجندة المؤتمر الدستوري .. وعليه : ينبغي على كافة الأعضاء في الأمانة العامة ، أن يأخذوا هذه المسألة أو البعد بعين الاعتبار ، والقرار أولا وأخيرا متروك لهم في تحديد الموقف المطلوب حول الاستمرار في أنشطة الأمانة العامة أو توقفها ، وحول استمرار الأمانة العامة أو حلها .
السؤال ( 3 ) : في ظل اختلاف الأخوة المؤمنين الموثوقين في منهجية العمل السياسي . كيف يستطيع الواحد منا أن يحدد خياره الأفضل ؟
الجواب ( 3 ) : يستطيع الواحد منا تحديد خياره الأفضل في ظل اختلاف الأخوة في مناهج عملهم بالرجوع إلى الأسس الرئيسية التالية .. وهي :
الأساس الأول : الحرص التام على الإخلاص لله ( جل جلاله ) في الاختيار .. وهذا يتطلب : نكران الذات ، ونبذ التعصب الأعمى ، وأن نجعل الأهداف والقضايا فوق الأشخاص .
الأساس الثاني : التمسك بمنهج : ” اعرف الحق تعرف أهله ” .. وهذا يتطلب : الحذر من جعل الأشخاص معايير للحق والصواب .. ما عدا المعصومين ( عليهم السلام ) .
الأساس الثالث : التدقيق قبل الاختيار في سلامة المناهج ومناسبتها ، وقيمة المشاريع المقدمة ، وكفاءة الأداء ، ولا اختيار صحيح ( مع وجود الاختلاف ) بدون النظر إلى جميع ذلك .
الأساس الرابع : يجب الاطمئنان إلى التزام التحرك بالشريعة الإسلامية المقدسة .. وذلك يتطلب : توفر الغطاء الشرعي لأصل التحرك ، ومطابقة كافة الأنشطة فيه للأحكام الشرعية التفصيلية .. مع ملاحظة : أن الأحكام التفصيلية ، قد تختلف باختلاف مناهج الفقهاء ، ومن هنا تأتي أهمية التدقيق في سلامة المنهج ومناسبته قبل الاختيار .
السؤال ( 4 ) : ما هو تعليق الأستاذ عبد الوهاب حسين على ما نقلته الصحف المحلية عن زيارة رئيس الوزراء إلى مجلس الظهراني ، وما دار من حديث هناك ؟
الجواب ( 4 ) : الجواب وفيه عدة نقاط .. أهمها :
النقطة الأولى : لقد كان تعامل الظهراني مع رئيس الوزراء ، هو تعامل التابع للمتبوع ، ومن أطلع على ما نشرته الصحف المحلية عن ما دار هناك .. يقطع : بأن الظهراني لا يستطيع أن يخالف السلطة التنفيذية في شيء ، أو يحاسبها على شيء .. وهذا مما يكشف لنا بوضوح : عن مدى الضعف والعجز في البرلمان الصوري الحالي ، لضعف صلاحياته ولضعف أعضائه ( وقد اعتراف بعض الأعضاء تكرارا بهذه الحقيقة كاملة ) وقد عبر رئيس الوزراء ( بالطبع ) عن ارتياحه لرآسة الظهراني للمجلس المنتخب .
النقطة الثانية : لقد قال رئيس الوزراء في معرض تعليقه على كلام الظهراني بشأن تعاون المجلس المنتخب مع السلطة التنفيذية ( ما معناه ) : أنه لا يستغني عن مشورتهم .. وعليه : فإن حقيقة المجلس في تقييم رئيس الوزراء ، أنه مجلس شورى لا أكثر .
النقطة الثالثة : كشف سرور رئيس الوزراء بإقبال الجمعيات السياسية على التسجيل تحت قانون الجمعيات السياسية ، ثم المشاركة ( بالطبع ) في الانتخابات القادمة .. عن خطأ ما كان يقال : بأن أعمدة السلطة لا يرغبون في مشاركة المعارضة في مهزلة البرلمان الصوري ، فأنا اعتقد أن سرور رئيس الوزراء في محله ( بالتأكيد ) من ناحية خدمة التسجيل ثم المشاركة لأجندة السلطة ، وسوف تتكفل الأيام بإثبات ذلك أو نفيه .
النقطة الرابعة : لقد وصف رئيس الوزراء الذين رفضوا التسجيل بالأقلية ، وهذا ليس غريبا ، فهو يدخل ضمن الحرب النفسية ، والمناورة الإعلامية ، والوصف ( كعمل إعلامي ) لا ينفي ( منطقيا أو سياسيا ) تخوف حقيقي من المعارضة التي يمكن أن يشكلها الرافضون للتسجيل وللمشاركة في الساحة الوطنية ، فهم رجال لهم تجربة في ممارسة المعارضة العنيدة في أصعب الظروف ، ولهم جمهور واسع يؤمن بمنهجيتهم في المقاومة السياسية السلمية ، وأن رئيس الوزراء ( كسياسي له خبرته ) قد أخفى ذلك التخوف في نفسه .. وأظهر خلافه ، وسوف تكشف الأيام القادمة ( بالتأكيد ) عن خطأ تهوين رئيس الوزراء الظاهري من شأن المعارضة خارج دائرة قانون الجمعيات السياسية .
النقطة الخامسة : إن ما ذكره رئيس الوزراء من اهتمام بشؤون المواطنين ، لم يتجاوز حدود التصريح إلى الفعل ، وقد سمعنا فيما سبق من كبار المسؤولين ، ما لا حصر له من التصريحات التي لم تسمن ولم تغني من جوع .. وحتى إذا فرضنا صدق التصريح في هذه المرة : فإن ما يبنى عليه ( عمليا ) لا يساوي شيئا في مقابل المسألة الدستورية ، والتجنيس السياسي ، والبطالة وانخفاض الأجور وتفشي الفقر ، والتمييز الطائفي والعرقي بين المواطنين ، والفساد المستشري في مفاصل الدولة ، وسرقت الأموال العامة ، وحرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية ، وغير ذلك من الملفات الساخنة .. فهذه الملفات الساخنة : هي ذات الأولوية في اهتمامات كافة المواطنين ، والتي نطالب السلطة بتحقيق تقدم حقيقي فيها .
ملاحظة : لقد اعتمدت في تسجيل هذه الملاحظات على الذاكرة بعد مرور أيام عديدة على ما نشرته الصحف عن الحدث ، ولم تتاح لي الفرصة لتجديد الاطلاع قبيل الإجابة على السؤال .. وعليه : لا استبعد فوات بعض الملاحظات المهمة ، لهذا أرجو من القراء الكرام المعذرة .
أيها الأحبة الأعزاء
أكتفي بهذا المقدار
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم
واستودعكم الله الحافظ القادر من كل سوء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .