مجموعة الأسئلة والأجوبة (45)
التاريخ: 11 صفر 1428 هـ
الموافق: 2 مارس – آذار 2007م
التهدئة وأعمال العنف
السؤال (1):
دعا عدد من الرموز والقيادات الدينية والسياسية الجماهير في البحرين إلى التهدئة والتوقف عن أعمال العنف التي يقومون بها.
- ما هو تفسير الأستاذ لإقدام السلطة على الاعتقالات؟
- ما هو موقف الأستاذ من إقدام الشباب على أعمال العنف مثل حرق الإطارات وصناديق القمامة وغلق الشوارع؟
- ما هو رأي الأستاذ في دعوات الرموز والقيادات إلى التهدئة؟
الجواب (1-أ):
أرى بأن السلطة في البحرين مصرة على المضي قدماً في تحقيق أجندتها الأمنية في مواجهة خط الممانعة في المعارضة، وقد تفاجأت كثيراً كغيرها الذين لم يحسنوا القراءة بردة الفعل التلقائية للجماهير إثر اعتقال الأستاذين الفاضلين: حسن المشيمع وعبدالهادي الخواجة، حيث قرأت السلطة من المشاركة الواسعة في الانتخابات وبعض ما صاحبها من الخطاب ومن ردود الفعل الضعيفة على إصدار الأحكام الجائرة ضد الدكتور محمد سعيد وحسين الحبشي ومن غيرها، بأن ظهر خط الممانعة في المعارضة قد أصبح كشوفاً، وأنه لا ناصر له ولا معين في الشارع إلا ما ندر، وأنه أصبح لقمة سائغة في فم السلطة الجائعة أمنياً، وقد سال لعابها لما رأت من ظاهر الأمور التي خدعتها وأوقعتها في الفخ، حيث أخطأت في قراءة روح الجماهير ونفسها الإيماني والوطني العالي والشامخ والحقيقة الأخلاقية المتأصلة لعلاقة الجماهير بالرموز والقيادات التي ضحت من أجلها، فأقدمت على اعتقال الأستاذين الفاضلين: حسن المشيمع وعبدالهادي الخواجة. بعد ذلك استيقظت من وهمها وقرأت درة الفعل الجماهيرية التلقائية الواسعة والشديدة بشكل صحيح، وعلمت بأن استمرارها في اعتقال الأستاذين الفاضلين سوف يؤدي حتماُ إلى أن الأستاذين إلى حين، وهنا ينبغي أن نقف على أمرين لفهم حركة الاعتقالات الجديدة.
الأمر الأول: إصرار السلطة على المضي قدماً في أجندتها الأمنية ضد خط الممانعة في المعارضة؛ لأن ذلك جزء من خطتها الشاملة لفرض هيمنته الكاملة على الساحة الوطنية وإخضاعها بالكامل لإرادتها المستبدة في ظل القوانين الأربعة التي أصدرتها لهذا الغرض: قانون التجمعات لفرض هيمنتها على حركة الجماهير وإرغامها على الخضوع لإرادة السلطة طوعاً أو كرهاً، وقانون الإرهاب لفرض هيمنتها على قوى المعارضة الممانعة التي تصر على العمل خارج مظلة قانون الجمعيات الجائر، وقانون الصحافة لفرض هيمنتها على الرأي العام وتهجينه، والبقية تأتي.
الأمر الثاني: تلقائية ردة الفعل الجماهيرية حيث أنها لم تكن بتحريض من أحد من الرموز أو القيادات أو القوى السياسية، ويُقدر بأن الأمر لو كان متوقفاً على الرموز والقيادات الدينية والسياسية المتصدرة للساحة، لما حدثت ردة الفعل الجماهيرية تلك.
والنتيجة: لكي تمضي السلطة في أجندتها الأمنية ضد خط الممانعة في المعارضة، فعليها أن تتعرف على العناصر الشبابية المحركة للجماهير واعتقالها في ضربة أمنية استباقية لكي يصفوا لها الجو وتتمكن من فرض أجندتها الأمنية وتحقق ما تريده في المستقبل غير البعيد عنا زمناً، فهذا ما تهدف إليه -بحسب رأيي- من حركة الاعتقالات الجديدة: التعرف على العناصر الشبابية المحركة للشارع في ضربة أمنية استباقية تمهيداً لإعادة الاعتقال للأستاذين وغيرهما وفرض هيمنتها الكاملة على الساحة بدون منغصات. وعلى ضوء هذا ينبغي أن نفهم قيمة المساعي الدبلوماسية التي قام بها النواب وغيرهم للإفراج عن المعتقلين من جهتي السلطة والجماهير.
أما من جهة السلطة: فقيمة المساعي تتمثل في تحقيق طموحها بأن تؤدي تلك المساعي إلى إقناع الجماهير بعدم جدوى ردة الفعل على الاعتقالات التي سوف تطال رموز وقيادات خط الممانعة في المعارضة في المستقبل، وأن الصمت أو ترك الأمر إلى الدبلوماسيين هو الأسلم والأصلح إليها، وينتهي الطموح لدى السلطة بالقضاء على خط الممانعة إما طوعاً بواسطة هذه المساعي وغيرها من الأساليب أو بالعنف وفرض هيمنتها على الساحة الوطنية والتحكم فيها بالكامل.
أما من جهة الجماهير: فتتمثل قيمة المساعي في قدرتها على إقناع السلطة بالتخلي عن أجندتها الأمنية ضد خط الممانعة في المعارضة، والسماح للمعارضة بممارسة نشاطها السياسي في المطالبة بالحقوق العادلة المشروعة لأبناء الشعب، وينتهي الطموح لدى الجماهير باستجابة السلطة لهذه المطالب وأن تعيش البحرين في رخاء وسلام ووئام بين كافة أبنائها الطيبين المسالمين.
وفي نهاية الإجابة على هذا السؤال أرغب في التنبيه إلى مسألتين أرى أهميتها:
المسألة الأولى: لقد كشفت ردة الفعل الجماهيرية عن روحية الجماهير وأخلاقيتها، وأنها حتى لو اختلفت في الرأي مع بعض الرموز والقيادات التي ضحت وعملت من أجلها، فإنها تبقى وفية لها جميعاً ومستعدة للتضحية من أجلها كما ضحت هي من أجلها. فقد أثبتت التجارب كلها بأن جماهيرنا تسمو فوق الاختلافات، وأنها لا تخذل رموزها وقياداتها وقت الشدة. وهذه فضيلة عظيمة تسحب لجماهيرنا المسالمة العظيمة. ولتعلم السلطة بأنها سوف تكون مضطرة دائماً لدفع الثمن الباهظ كلما أقدمت على اعتقال رمز من الرموز أو أساءت إليه بغير وجه حق، ولن تفيدها الاعتقالات الاستباقية بشيء؛ لأن روح الوفاء والإخلاص للصادقين من الرموز والقيادات سارية في روح الغالية العظمة من الجماهير وليست خاصة بفئة قليلة منهم، وأن هذه الروح الطيبة تنمو لدى الجماهير وتشرق في سماء البحرين مع كل ظلم تمارسه السلطة ضد أبناء الشعب المسلم المسالم وضد القيادات والرموز الصادقة على الساحة الوطنية.
المسألة الثانية: رسالة إلى كل الرموز والقيادات والقوى السياسية: ليعلموا جميعاً بأن دخول الأستاذ حسن المشيمع إلى السجن يعني أن لا أحد منهم بعد ذلك سوف يتمكن من قول كلمة الحق أو يدافع عن مظلوم أو يخرج على الشقف الذي حددته السلطة إليهم، وهو سقف أخفض من قامتهم جميعاً، وسوف يضطرون للوقوف تحته أذلاء بقامات منحنية دائماً! وهذا ما ينبغي عليهم أن يأخذوه بعين الاعتبار في مواقفهم السياسية وتنسيق العمل بينهم وفي علاقاتهم البينية إذا أرادوا أن يقوموا بواجباتهم الدينية والوطنية، وهذا ما أرى بأنهم حريصون عليه، اللهم فاشهد وأنا عبدك الحقير بأني قد بلغت!
الجواب (1-ب):
فيه نقاط عديدة، منها:
النقطة الأولى: لا يصح تصنيف حرق الإطارات والقمامة وغلق الشوارع ضمن أعمال العنف والتخريب، ولكي يتضح الأمر أقوم بتوضيح المراد -بحسب رأيي- من المصطلحات التي يرد استخدامها في الخطابات السياسية ضمن الحديث عن مناهج العمل المقاوم، وذلك باختصار شديد.
أولاً – العنف: هو اللجوء إلى الاستخدام غير المشروع للقوة والنفوذ مثل قتل الأبرياء ومصادرة الحقوق والحريات والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة: التخريب والعنف -بحسب فتاوى الفقهاء- حرام شرعاً.
ثانياً – القوة: هي اللجوء إلى الاستخدام المشروع للسلاح وغيره من وسائل الإكراه مثل القصاص والمقاومة ضد الاحتلال والدفاع عن النفس ومعاقبة المجرمين بصورة قانونية وعبر المؤسسات.
العمل السلمي: هو اللجوء لأساليب سلمية مثل العرائض والبيانات والاعتصامات والمسيرات والإضرابات عن العمل والاحتجاج بحرق الإطارات وغلق الشوارع والعصيان المدني والاتصال بالمؤسسات الدولة ذات الشأن وغيرها.
وينبغي التنبيه هنا إلى أن اللجوء إلى بعض الأساليب المذكورة قد يؤدي إلى الإخلال بالأمن ويعاقب عليه القانون مثل: حرق الإطارات وغلق الشوارع والعصيان المدني، إلا أن ذلك لا يعني عدم سلميتها، وأن الشعوب المتحضرة في العالم المعاصر تلجأ إليها من أجل تحقيق أهداف سامية كبيرة إذا توقف ذلك عليها. ولا يصح تصنيفها في دائرة التخريب أو وصفها بالأساليب غير الحضارية، ولا يجوز الرد عليها بالقوة من قبل السلطة، ويصنف رد السلطة عليها بالقوة في دائرة العنف غير المشروع وإرهاب الدولة. أما العرائض والبيانات والاعتصامات والمسيرات والإضرابات عن العمل والاتصال بالمؤسسات الدولية ذات الشأن وغيرها، فإنها من الأساليب السياسية السلمية التي يمثل اللجوء إليها حق طبيعي للشعوب لا تجوز مصادرته أو النيل منه، وتوصف القوانين التي تصدر لمصادرته والنيل منه بالإرهابية وغير الشرعية، وهي قوانين غير ملزمة عقلاً وشرعاً وبحسب المواثيق الدولية التي تعطي الشعوب الحق في اللجوء إلى هذه الأساليب في المطالبة بحقوقها والتعبير عن رأيها.
النقطة الثانية: بغض النظر عن قانونية الأعمال التي يقوم بها الشباب أو عدم قانونيتها وشرعيتها الدينية أو عدم شرعيتها، وبعيداً عن تهاويل السلطة والأقلام المأجورة وقوى الموالاة التي تنطق وتتحرك بانحياز طائفي أو غيره، فإن العقل والضمير -بحسب النظرة الأخلاقية والإنسانية للأمور- يحملان الإنسان المنصف الشريف على البحث عن الأسباب الحقيقية وراء لجوء الشباب لهذه الأعمال وتعريض أنفسهم للخطر والنظر فيها بتأني ودقة وتمحيص، وعدم الوقوف عندها بسطحية وبحدود المواقف السياسي والقانونية البحتة بدون النظر في الأسباب الحقيقية المؤدية إليها وفي أبعادها الإنسانية.
وبهذه المناسبة: أذكر بالحوارات التي جرت بيني وبين بعض ضباط المخابرات في سجني الأول (من 17 مارس إلى 10 سبتمبر 1995م) حول دعوى التحريض الأجنبي على انتفاضة الكرامة، فقد زعموا بأن وراء الانتفاضة تحريض أجنبي. فقلت لهم: أنا في قلب الانتفاضة واعلم بأن لا تحريض أجنبي وراءها. ولكن لنفترض بأن وراء الانتفاضة تحريض أجنبي! ألا ينبغي عليكم أن تسألوا أنفسكم عن الأسباب الحقيقية التي دعت أبناء الشعب للتفاعل الإيجابي مع هذا التحريض؟!
وسألتهم: لو أني أشعلت الولاعة في هذا المكتب هل توجد مشكلة؟!
فأجابوا: لا.
فسألتهم: لو كان المكتب مشبعاً بالغاز وأشعلت الولاعة، هل توجد مشكلة؟!
فأجابوا: نعم.
فقلت لهم: المشكلة إذن ليست في إشعال الولاعة وإنما في وجود الغاز.
وهذا ينطبق على فرض التحريض الأجنبي على الانتفاضة، فإن المشكلة ليس في وجود التحريض الذي هو بمثابة إشعال الولاعة، وإنما المشكلة في وجود القابلية للتفاعل الإيجابي مع التحريض الذي هو بمثابة الغاز. فيجب عليكم البحث عن الأسباب التي خلقت هذه القابلية ومعالجتها إذا أردتم حقاً تحصين الوطن ضد التدخلات الأجنبية. تم تحدثنا بالتفصيل حول معاناة الشباب العاطل عن العمل وغيره.
وهنا اسأل من أدان الشباب على الأعمال التي قاموا بها: هل تعرفتم جيداً على الأسباب الحقيقية التي دفعت الشباب لممارسة هذه الاعمال وأحسنتم تقييمها؟ وهل تحليتم بالأمانة وتمتعتم بالروح الإنسانية والوطنية التي لا تميز بين المواطنين وأنتم تتخذون مواقف الإدانة لهؤلاء الشباب؟ واسأل الرموز والقيادات والنخب والنواب الذين شاركوا في الإدانة: ماذا فعلتم ضد استبداد السلطة وظلمها واستفزازاتها للجماهير المظلومة والمضطهدة؟ وهل تحليتم بشرف المهنة وأنتم تتخذون مواقف الإدانة لهؤلاء الشباب؟ وماذا فعلتم لمصلحة الملفات الساخنة مثل الملف الدستوري والتجنيس والتمييز والبطالة وبشأن التقرير المثير الأول والثاني؟ وهل كانت مواقفكم منها عادلة ومحايدة ومؤثرة في تحقيق الأهداف الوطنية التي تتطلع إليها الجماهير على أرض الواقع؟ وختاماً: ماذا تنتظرون من شباب يشعر بالخطر على كيانه المادي والمعنوي وهو يرى عملية إحلال لشعب مكان شعب آخر وعلى حسابه بالكامل ويهان على أرض وطنه بواسطة الشعب البديل، ويشعر بالخطر على رزقه وعيشه ومستقبله وأمنه، وعلى رموزه وقياداته الصادقة المضحية من أجله، وقد شعر باليأس وأغلقت الأبواب كلها في وجهه فلا صريخ يستجيب لصرخته، ولا وجود لمن يحميه ويدافع عن وجوده وحقوقه، في وسط طوفان طائفي وتحويط دستوري وأمني وسياسي وإداري؟!
وأقول لهم: إنكم ما لم تفعلوا شيئاً جدياً من أجل تحقيق العدل والمساواة بين كافة المواطنين على أرض الواقع، فإنكم مقصرون دينياً ووطنياً ومأثومون، ولا تتوقعوا غير ما رأيتم، فإنه -بحسب طبيعة الحال والمنطق الأشياء- لا أمن ولا استقرار في أي بلد في العالم مع الظلم والتمييز والاضطهاد، وأن لكم على صمتكم وتقصيركم تجاه المظلومين الخزي والعار في الدنيا ولكم العذاب العظيم في الآخرة.
وأقول للشرفاء منهم خاصة: يوجد في الأحداث المشار إليها طرفان:
الطرف الأول – السلطة: هي الطرف القوي الظالم.
الطرف الثاني – الشباب: هم الطرف الضعيف المظلوم.
وأعتقد بأن ليس من الدين أو العقل أو الأخلاق الإنسانية الوقوف إلى صف الطرف القوي الظالم ضد الطرف الضعيف المظلوم أو الوقوف على الحياد بينهما، فاختاروا إلى أنفسكم وإلى صف أي طرف تقفون، فإنكم غداً مسؤولون في يوم الجزاء أمام الله المنتقم الجبار الذي لا يظلم عنده أحد وهو على كل شيء قدير.
الجواب (1-ج):
فيه نقاط عديدة، منها:
النقطة الأولى: أرى نظرياً -بحسب فهمي العلمي والسياسي للخطابات والمواقف- بأن الرموز والقيادات التي دعت إلى التهدئة قد اعترفت بحق الشباب في الاحتجاج والتعبير عن رأيهم وتبنت قضاياهم، ولم تقل بعدم شرعية الأساليب التي لجأوا إليهم من الناحية الدينية بل قالوا انهم ربما يتصدرون حركة الشباب في يوم من الأيام ويتبنونها، وإنهم إنما أرادوا بالدعوة إلى التهدئة أن يفسحوا المجال لأعضاء البرلمان ليقوموا بدورهم السياسي في معالجة الأمور لأن ذلك هو الأصلح من وجهة نظرهم أو أنهم رأوا أن الأساليب التي لجأ إليها الشباب أنها غير ملائمة في الظروف الراهنة وأن المساعي الدبلوماسية فاعلة ومقدمة عليها أو أنها مطلوبة أولاً لإتمام الحجة الشرعية على السلطة قبل الانتقال إلى الاحتجاج الجماهيري في الشوارع العامة.
النقطة الثانية: إذا أردت الرموز والقيادات الدينية والسياسية أن تتسم دعوتها إلى التهدئة بالواقعية وتُسمع فعلاً من الشباب ويعمل بها، فإن عليها أن تقوم بفعل سياسي قوي ومؤثر يقنع الشباب بعدم الحاجة إلى النزول للشارع للاحتجاج والتعبير بطريقتهم عن رأيهم، فإنهم لم ينزلوا إلى الشارع ويعرضوا أنفسهم إلى الخطر، إلا لأنهم وجدوا الفراغ السياسي في الدفاع عنهم والمطالبة بحقوقهم المشروعة العادلة. وأرى بأن الرموز والقيادات الدينية والسياسية إذا لم يقوموا بالفعل السياسي القوي والمؤثر في الدفاع عن الشباب والمطالبة بحقوق الشعب العادلة ومعالجة الملفات الساخنة والحرجة، فإن دعوتهم سوف تترتب عليها النتائج السلبية التالية:
النتيجة الأولى: سوف يقرأ لدى السلطة عملياً بأن الدعوة هي بمثابة رفع الغطاء الديني والسياسي عن حركة الشباب في الاحتجاج والتعبير عن رأيهم، مما يحملها على مزيد من القمع والإرهاب لحركة الشباب، وفي ذلك -بحسب رأيي- وقوف إلى صف الطرف القوي الظالم ضد الطرف الضعيف المظلوم، وقد بينت قبل قليل حقيقة هذا الموقف -بحسب علمي- من الناحية العقلية والدينية والأخلاقية والإنسانية.
النتيجة الثانية: ترسيخ الظلم والاستبداد والواقع المريض المنحرف على أرض الواقع وهو مخالف لغايات رسالات السماء والفلسفات الإنسانية والرؤى النبيلة الوضعية.
النتيجة الثالثة: التأثير السلبي على ثقة الجماهير بالرموز والقيادات الدينية والسياسية مما ينعكس سلباً على الحالة الإيمانية والسياسية للشباب، وقد بدأت مؤشراته بالظهور لمن يحسن قراءتها، وأذكر مجدداً بالرسالة التي وجهتها للرموز والقيادات الدينية والسياسية بشأن دخول الأستاذ الفاضل حسن المشيمع إلى السجن.
استجابة الوفاق
السؤال (2):
لقد استجابت كتلة الوفاق إلى دعوة الملك إلى الاحتفال والمأدبة التي أقامها في يوم (14 فبراير) ذكرى الانقلاب على دستور: 73 وميثاق العمل الوطني.
- هل يفرض البرتوكول السياسي حضور الكتلة المأدبة؟
- هل الدعوة تشريفية أما لها أبعاد سياسية؟
- ما هو تقييم الأستاذ لحضور كتلة الوفاق الاحتفال والمأدبة؟
الجواب (2-أ):
أرى بأن كتلة الوفاق لم تكن ملزمة بالاستجابة إلى الدعوة لو أرادت ذلك، وأن عدم استجابتها إلى دعوة المأدبة أولى -من حيث المبدأ- من مقاطعتها لجلسة افتتاح البرلمان وجلسة توزيع المناصب فيه، وأبلغ في إيصال الرسالة السياسية والتأكيد على الالتزام بالمبادئ والثوابت الدينية والثقافية والسياسية في العمل الوطني الجاد الحقيقي المؤثر والفاعل، إلا إذا تغير التشخيص لديها لما ينبغي عمله في ظل المشاركة البرلمانية، وسوف أسلط بعض الضوء على هذا الموضوع في الإجابة على بقية الأسئلة.
الجواب (2-ب):
الدعوة سياسية بامتياز، وهي محاولة مقصودة لتهجين كتلة الوفاق وتغيير موقفها الرافض للانقلاب على الدستور مع ميثاق العمل الوطني والقضاء عليه بأساليب دبلوماسية ونفسية، وإبلاغ رسالة سياسية إلى جماهير الوفاق بتغيير موقفها لإحراجها والتأثير على مصداقيتها لديهم ضمن خطوات التهجين السياسي تمهيداً لتغيير المواقف فعلاً على أرض الواقع. وتعتبر عملية التهجين السياسي التي تلجأ إليها قوى الاستكبار والحكومات المستبدة من أجل ترويض الشعوب وقوى المعارضة ذات بعد غير أخلاقي مرفوض، وفيها استغفال للطرف المستهدف -عادة- فينبغي على الشعوب والأطراف السياسية الشريفة أن تكون على يقظة تامة وأن تتعامل مع الخصوم بوعي وحذر شديد من الوقوع تحت تأثير عمليات التهجين السياسي التي تهدف إلى تغيير مواقفها بغير وعي بواسطة أساليب عمليات التهجين السياسي الخبيثة.
الجواب (2-ج):
فيه نقاط عديدة، منها:
النقطة الأولى: أرى أن يوم (14 فبراير) هو -من حيث المبدأ- لدى كتلة الوفاق يوم احتجاج لا يوم احتفال، ويفترض في الكتلة -من حيث المبدأ- على ممارسة الاحتجاج بقوة وثبات لا المشاركة في الاحتفال بالابتسامة والضحكات، إلا إذا تغيرت السياسة وتغير التشخيص والموقف الذي دخلت على أساسه الكتلة إلى البرلمان.
النقطة الثانية: ربما تكون الاستجابة إلى الدعوة وحضور المأدبة الاحتفالية في يوم الانقلاب على دستور 73 وميثاق العمل الوطني دليل على أن كتلة الوفاق قد أدركت عملياً بأنها قادرة على ممارسة المعارضة من داخل البرلمان، وأن خيارها الوحيد داخل البرلمان هو المسايرة فقط. وهذا ما كنت اؤمن به وبينته للناس ولمن يعنيه الأمر قبل الدخول. وأرى أن على كتلة الوفاق إذا كانت قد أدركت ذلك حقاً وآمنت به أن تبينه للناس من أجل المحافظة على مصداقيتها، ولكي تضع حداً للازدواجية وعدم الثبات في المواقف، ولكي تسير في سياستها بخطى ثابتة على منهج واضح ومحدد بدقة وتتمكن على أساسه من جني بعض المكاسب، ولكي تضع حداً للتصدع الحاصل في وعي بعض الأتباع والتشويه في رؤيتهم للأمور وتمكنهم من تحديد خياراتهم على بصيرة وراحة ضمير. وإذا كانت قناعتها على خلاف ذلك: فإن عليها أن تبينه بالأقوال والأفعال، فإن الأمر قد التبس على مستوى النظرية والتطبيق.
حول الوفاق للبرلمان
السؤال (3):
لقد دخلت الوفاق إلى البرلمان على أساس التحدي ولكي تطرح الملفات الساخنة للمعارضة بقوة مستفيدة من حصانتها البرلمانية. ثم وجدنا حالة جمود ومسايرة من كتلة الوفاق للسلطة. وفي تقييمنا: أن أداء بعض الأعضاء السابقين كان أفضل بكثير من أداء كتلة الوفاق الحالي.
- ما هو تفسير الأستاذ لحالة الجمود في عمل كتلة الوفاق البرلمانية ومسايرتها للسلطة؟
- إلى أين تسير الأوضاع في الساحة الوطنية؟
الجواب (3-أ):
فيه نقاط عديدة، منها:
النقطة الأولى: لقد وجدت هذا التقييم سارياً لدى عدد لا يستهان به من الصحفيين على اختلاف مشاربهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية ولدى دائرة واسعة من النخبة والجماهير من مختلف التيارات السياسية في الساحة الوطنية وهذا ما أراه حتى الآن.
وأرى بأن سبب ذلك هو تأخر بلورة الرؤية الواضحة لدى الكتلة للعمل في داخل البرلمان. وقد ظهر في خطابات الكتلة بأنها كانت تدرس في الفترة السابقة ما ينبغي عليها عمله وتبلور رؤيتها للعمل المناسب في داخل البرلمان، وأن فترة الشهرين غير كافية للحكم على عملها، وأنها قد شارفت على الانتهاء من الدراسة وبلورة الرؤيا وسوف تباشر طرح ملفاتها قريباً بالتعاون مع الكتل الأخرى في المجلس وبالتنسيق مع حلفائها من خارج المجلس أيضاً. وهي تطالب السلطة بالتعاون معها ومع الكتل البرلمانية الأخرى لكي يستطيع البرلمان أن ينجز شيئاً ويثبت وجوده أمام الناس، ولكي لا يُحرج النواب أمام ناخبيهم، وتعتقد كتلة الوفاق -كما يظهر من خلال خطابها- بأن البرلمان لا يستطيع أن ينجز أي شيء بدون تعاون السلطة مع أعضاء البرلمان، ولا يمكن أن يصدر عنه إلا ما تريده السلطة فقط. وقد وجدت في الخطاب من وراء الحروف أن اليأس والإحباط قد تسربا إلى نفوس بعض أعضاء الكتلة وعبر بعضهم عن ذلك بصورة مباشرة.
النقطة الثانية: لقد دفعت الوفاق ثمناً باهظاً للمشاركة لم تدفعه أي جمعية أخرى، وهو ثمن باهظ جداً على مستوى التيار وليس على مستوي الجمعية فحسب، حيث أن الجمعية قد ضحت بعدد من رفقاء الدرب وأخوة النضال الكبار من أجل المضي قدماً في طريق المشاركة البرلمانية، وفي رأيي: أن بناء المشاركة على أساس دفع الضر -بحسب ما ظهر في الخطاب- يعني منذ البداية والتأسيس، بأن المشاركة لا تساوي قيمة الثمن الباهظ الذي دفع من أجلها، والمسؤولية في هذا -وهذا القول فرضته الأمانة الدينية والأخلاقية- مشتركة بين كافة الرموز والقيادات التي دفعت نحو المشاركة على هذا الأساس، ومع ذلك: فالوفاق مطالبة أدبياً بأن تثبت من خلال تجربتها في البرلمان بأنها تتحقق من الإنجاز ما يرجح على الثمن الباهظ الذي دفعته من أجل المشاركة أو ما يساويه على أقل تقدير، لكي يكون دفعها إلى الثمن الباهظ مقبولاً لدى جماهير التيار وتكون المسألة في الموقف على الأرض مرتبطة بالقناعة العملية المحسوبة العواقب والنتائج، وليس لمجرد التمسك بقناعة في مقابل قناعة أخرى بغض النظر عن نتائجها وعواقبها على الأرض.
النقطة الثالثة: أرى بأن لجوء كتلة الوفاق إلى المسايرة مع السلطة أمر منسجم تماماً مع قرار المشاركة وإرادة الاستمرار فيها، وقد نصحت به -على هذا الأساس- بغض النظر عن رأيي المبدئي من المشاركة؛ لأنه أهون الضررين للمشاركين. وقد لمست نفس القناعة لدى بعض الرموز الكبيرة والمحترمة جداً بغض النظر عن الألفاظ والمصطلحات المستخدمة للتعبير عن القناعة. فالسلطة تمتلك الكثير من الأدوات السياسية والدستورية لتحويل الكتلة إلى رماد سياسي في حال قررت الكتلة مواجهة السلطة في البرلمان. وأرى بأن ما قيل عن المشاركة والتحدي والحصانة البرلمانية ليس إلا ضرباً من الخيال غير محسوب العواقب والنتائج والعمل به ليس في مصلحة الوفاق قطعاً مع إرادة الاستمرار في المشاركة، وهي الإرادة التي بني عليها -بحسب فهمي- التأسيس الوفاقي والعلمائي للمشاركة. وعليه فإني أرى بأن الوفاق مطالبة بأن تكون صريحة في هذا مع جماهيرها من أجل المحافظة على مصداقيتها، ولكي تسير في سياستها بخطى ثابتة على منهج واضح ومحدد بدقة، وتتمكن على أساسه من جني بعض المكاسب، ولكي تضع حداً للتصدع الحاصل في وعي بعض الأتباع والتشويه الحاصل في رؤيتهم للأمور وتمكنهم من تحديد خياراتهم على بصيرة وراحة ضمير. وإذا كانت قناعتها على خلاف هذا: فإن عليها أن تبينها بالأقوال والأفعال، فإن الأمر قد أصبح ملتبساً في النظرية والتطبيق.
الجواب (3-ب):
أرى بأن الأوضاع تسير -بحسب الظاهر- نحو الأسوأ وأن المشاركة غير قادرة على وضع حد للتراجعات الخطيرة في الساحة الوطنية على المستوى السياسي والأمني وغيرهما، ومع عدم توخي الحذر من كافة الأطراف الوطنية المخلصة المشاركة والمقاطعة، فربما تساهم المشاركة في صناعة وضع ملتبس جداً تختلط فيه الأوراق والحقائق وتضيع البوصلة لدى الكثير من الناس العاطفيين ومن يرجح لديهم الانتماء على الحقيقة، وأرى من وراء كل هذه ولادة نور وعهد جديد.
التجنيس
السؤال (4):
تتزايد عملية التجنيس يوماً بعد يوم وهذا يشكل أخطاراً كبيرة على حاضر شعب البحرين ومستقبله.
- ألا تشعر حكومة البحرين بهذه الأخطار؟
- ما مدى شرعية التجنيس؟
- ما هو تفسير الأستاذ لاعتراض حكومة دولة الكويت على تجنيس البحرين للعراقيين البعثيين؟
- ما هو دور التجنيس في الفتنة الطائفية؟
الجواب (4-أ):
أرى بأن السلطة تعلم بأخطار التجنيس الشاملة على البحرين، إلا أن خيارها الاستراتيجي هو الاستمرار في التجنيس بوتيرة متصاعدة؛ لأن ذلك يرتبط -في تقديري لرأيها- بمستقبل النظام. فإذا أخذنا تجربة العراق كمثال توضيحي لفهم الموقف، فإننا نجد أن النظام في العراق لم يتغير عن طريق الشعب العراقي، وإنما بواسطة عامل خارجي هو الغزو الأمريكي للعراق، وقد سمح هذا التغيير للشيعة في العراق باستلام الحكم خلافاً للإرادة الأمريكية نفسها لأنهم الأكثرية هناك. ولا أحد يستبعد فرضية تعرض المنطقة لأحداث كبيرة تشارك فيها أطراف دولية كبيرة من شأنها أن تؤثر على أنظمة الحكم فيها، وفي ظل هذه الأوضاع المحتملة: يبرز الخطر في البحرين بحسب تقديرهم وحساباتهم الطائفية الضيقة حيث يمثل الشيعة الأكثرية فيها، فقد تسمح لهم الأوضاع الجديدة المحتملة باستلام الحكم، مما يمثل في رأيهم -بحسب تقديري- خطراً على منظومة الخليج ككل، مما أوجد توافقاً لدى أنظمة الخليج -بحسب رأيي- على تغيير التركيبة السكانية في البحرين وتحويل الشيعة فيها إلى أقلية، فإذا كان كلا ولا يد -بحسب تقديري لرأيهم- من تغيير الأنظمة في الخليج نتيجة عوامل خارجية، فإن الأنظمة فيها يجب أن تبقى كلها أنظمة سنية. وعلى هذا الأساس غضت الحكومات الخليجية -بحسب تقديري- النظر عن ازدواجية جنسية مواطنيها مع جنسية البحرين وقبلوا إعطاء مواطنيهم الجنسية البحرينية مع احتفاظهم بجنسياتهم الأصلية. وأنا أعتقد بأن هذا التخوف وفق حساباته الطائفية له نصيبه من الواقعية وليس وهماً أو محض خيال. إلا أن المشكلة فيه لا تتمثل في الأكثرية أو الأقلية الشيعية أو السنية، وإنما في العقلية الطائفية التي تحكم الأنظمة السياسية وتديرها وتضع حساباتها السياسية على أساس دولة القانون التي يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات وتحترم فيها حقوق الأقليات وحرياتهم وتكون الدولة مسؤولة مسؤولية كاملة عن صيانتها وحمايتها، لما وجد هذا التخوف أصلاً؛ لأن الحاجة إليه منفية تماماً. فمشكلة التجنيس تقوم بامتياز على أساس طائفي واضح لا لبس فيه ولا شك في ظل غياب دولة القانون وتوجهاتها، ولو وجدت دولة القانون في البحرين لما كانت ثمة حاجة للتفكير في التجنيس أصلاً، والنتيجة: أن الظلم الذي يقع على شعب البحرين ظلم مضاعف ينتجه غياب دولة القانون ومشاكل التجنيس ويتحمل الشيعة بالإضافة إلى ذلك الظلم الناتج عن التمييز الطائفي الذي تمارسه السلطة ضدهم.
الجواب (4-ب):
أعتقد بأن مفهوم الدولة والأسس التي تقوم عليها لا تسمح بإعطاء الحكومة الحق في التجنيس بصورته الحالية فهو عمل باطل، وقد بين رأيي السياسي فيه في حلقة سابقة من حلقات أسئلة وأجوبة.
الجواب (4-ج):
يعتبر اعتراض حكومة الكويت على تجنيس العراقيين البعثيين في البحرين أمر منطقي جداً، فالكل يعرف ما أفرزه احتلال صدام حسين للكويت وتحريرها على يد الأمريكيين من ثأر شخصي لدى البعثيين تجاه الكويت، وقد زاد من حدة الثأر تداعيات الموقف الأمريكي الذي انتهى بإسقاط نظام صدام حسين البعثي في العراق. وأن حصول البعثيين على الجنسية البحرينية يسمح لهم بدخول الكويت كمواطنين بحرينيين يتمتعون بحقوق مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا من شأنه أن يشكل تهديداً جدياً لأمن الكويت بلا شك، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى اعتراض حكومة الكويت على تجنيس العراقيين البعثيين، وهو أمر منطقي جداً. فإذا أصرت حكومة البحرين على تجنيسهم، فهذا يعطي الحق لحكومة الكويت بأن تفرض شروطاً على دخول المواطنين البحرينيين إلى أراضيها، ولهذا كثر الحديث عن شرط حصول المواطن البحريني على الفيزا لكي يسمح له بدخول الأراضي الكويتية، وهذا من شأنه أن يؤثر تأثيراً سلبياً على كيان مجلس التعاون الخليجي الذي ينتظر مواطنوه السماح لهم بالتنقل بين دوله عن طريق البطاقة الشخصية، وعلى ضوء ذلك نفهم تصريح وطيل وزارة الداخلية لشؤون الجنسية والهجرة والإقامة الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة الذي نشر في الصحف المحلية في يوم الأربعاء الموافق: 28-2-2007م نفى فيه تجنيس هؤلاء، فربما يعطي هذا التصريح الإفادة بنية الحكومة عدم الاستمرار في تجنيس هذه الشريحة بناء على موقف الحكومة الكويتية.
الجواب (4-د):
في تقديري: أن انتشار التيار السلفي في البحرين ارتبط تاريخياً بقيام الجمهورية الإسلامية في إيران، وأرى رغم هذه الرابطة التاريخية لانتشار التيار وطبيعة ثقافته ورأيه الفقهي في التشيع المؤثرة بطبيعة الحال في مواقفه، أن العناصر البحرينية الموجودة في التيار لا تشكل خطراً جدياً على أمن البحرين يتعلق بإشعال الفتنة الطائفية فيها حيث الطبيعة الإنسانية والحضارية لشعب البحرين المؤثرة إيجابياً في أبنائه بصرف النظر عن طبيعة الانتماء الفكري والسياسي لهم، وغير هذا يمثل في رأيي حالة شاذة مرفوضة لا يقاس عليها. وكنت أعتقد أن الخطر على البحرين المرتبط بإشعال الفتنة الطائفية واستهداف الشيعة من التكفيريين سوف يأتينا من الخارج، لا سيما مع الصفة الأممية والانتشار الواسع في العالم لتنظيم القاعدة. ومع ظهور التجنيس بشكله المرضي الخطير الحالي في البحرين، أصبحت أتخوف جدياً من الخطر المرتبط بالفتنة الطائفية الذي يمكن أن يأتينا من الداخل البحريني عن طريق بعض المجنسين المؤهلين روحياً وثقافياً للقيام بهذا الدور القذر، رغم إيماني الجازم بأن الساحة البحرينية سوف تشهد مناضلين شرفاء من أوساط المجنسين في المستقبل، فليس كل المجنسين سواء في الروح والثقافة والمواقف الإنسانية والأخلاقية. وإني أتمنى على الأخوة الكرام أبناء الطائفة السنية الكريمة، أن يتغلبوا على الوهم الذي تسعى السلطة لزراعته فيهم حول إخوانهم الشيعة، وأن يقفوا موقفاً وطنياً شريفاً من التجنيس يصب في خدمة المصلحة الوطنية المشتركة بين كافة المواطنين بعيداً عن الحس الطائفي البغيض، فهم يعرفون دوافع التجنيس الطائفية وأبعاده الحقيقية الخطيرة على الوطن وكافة المواطنين، وأنا لا استكثر عليهم أن يتخذوا الموقف الوطني الشريف المطلوب ولا استبعده منهم، فهم أهل للثقة وموطن لحسن الرجاء يشهد بذلك تاريخهم النضالي الطويل في البحرين، رغم الدور القذر الذي تقوم به شرذمة قليلة من المنتفعون للترويج إلى الطائفية المواقف الطائفية استرضاء للسلطة وتمسكاً بالمكاسب الطائفية الحقيرة لهذه الشرذمة القليلة على حساب الحقوق الطبيعية الأساسية التي تفرضها المواطنة لكافة أبناء الشعب البحريني المظلوم، حيث يشترك المواطنون السنة والشيعة في الحرمان الظالم من هذه الحقوق، فهم جميعاً يشتركون في الحرمان من حقهم الطبيعي في صناعة القرار ومن حقهم في تقرير المصير وفي الحرمان من حقهم الطبيعي في الحياة الكريمة ومن حقهم في حرية الرأي والتعبير، وفي الحرمان من حقهم الطبيعي في التوزيع العادل للثروة حيث يستأثر بها رجال قليلون من القائمين على السلطة، وغير هذا من أشكال الحرمان من الحقوق الطبيعية الأساسية التي يجب أن يتمتع بها كافة المواطنين في دولة القانون والمؤسسات.