مجموعة الأسئلة والأجوبة (51)
الموضوع : أجوبة الأستاذ عبد الوهاب حسين على أسئلة ندوة السنابس المنعقدة بتاريخ : 15 / صفر / 1429هج . الموافق : 22 / فبراير ـ شباط / 2008م في مأتم أحمد بن خميس ، ولقاء مجلس الكرامة المنعقد بتاريخ : 28 / صفر / 1429هج . الموافق : 7 / مارس ـ آذار / 2008م .
التاريخ : 4 / ربيع الأول / 1429هج .
الموافق : 12 / مارس ـ آذار / 2008م .
القسم الأول: أجوبة أسئلة ندوة السنابس
السؤال ( 1 ) : أعتقد أن عدم التطبيق للشعارات هو من الأسباب الرئيسية للوهن والضعف وتفكيك الصفوف . ما هو رأيك في ذلك ؟
الجواب ( 1 ) : من جوانب الخلل في خطاب بعض الإسلاميين الفصل بين الخطاب والمواقف ، فيعد بأشياء في الخطاب ثم يخالف ما وعد به في المواقف ، ويقول : في السياسة الخطاب غير المواقف ، وهذا في اعتقادي بخلاف المنهج الإسلامي .
قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } ( الصف : 2 ـ 3 ) .
وهذا السلوك السياسي المخالف للمنهج الإسلامي : يؤدي بحسب تقديري إلى فقدان المصداقية ، وإلى إصابة الكيان بالضعف والفشل ، وتشويش الرؤية لدى الجماهير ، وتعطيل الدور السياسي الفاعل للخطاب . ونحن نعلم ـ بحكم التجربة ـ أن من أسباب قوة الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) وحزب الله المظفر في لبنان ، المصداقية التي تربط بين الخطاب والمواقف . وقد سعيت لإيضاح الرؤية الإسلامية في هذا الموضوع بالتفصيل في كتاب ( قراءة في بيانات الثورة للإمام الحسين ) فليرجع له من يطلب التفاصيل .
السؤال ( 2 ) : يتم التوظيف السياسي لمسألة الغطاء الشرعي بحيث يُكشف ظهر بعض قوى المعارضة بحجة أنها لا تمتلك الغطاء الشرعي . والمعروف أنك أول من أثار هذه المسألة على الساحة الوطنية . كيف نعالج هذه المسألة ؟
الجواب ( 2 ) : لقد تحدثت شخصيا عن هذه المسألة في بعدها الخاص بي ، فقلت : بأني لا أستطيع التصدي للشأن العام بدون توفر الغطاء الشرعي ، لأن ذلك ليس من حقي . ولم أشهر بأحد لأنه لا يمتلك الغطاء الشرعي في عمله . وأنا أتعاون مع كافة المؤمنين العاملين بما هو متاح لي بدون أن اصطدم مع الرؤية التي احملها . وقد ذكر سماحة الشيخ حسين النجاتي : بأن الغطاء الشرعي متوفر لجميع المؤمنين العاملين من أبناء التيار في البحرين ، وحذر من التوظيف السياسي لهذه المسألة بالإساءة للمؤمنين العاملين وكشف ظهورهم أمام الخصوم . وأن أحد العلماء الأجلاء قد سلمني رؤية مكتوبة حول هذه المسألة ، خلاصتها : وجود إشكالات حول أطروحة عدم توفر الغطاء الشرعي ، وطلب مني عدم طرح هذه المسألة في وجه تحرك المؤمنين حتى تتضح الرؤية . وقد أوضحت قبل قليل : بأن تمسكي بهذه المسألة هو في بعدها الخاص بي ، ولا أثيرها في وجه أحد من المؤمنين ، ولا اعتبرها مانعا لتعاوني معهم ، على أن يكون التعاون في الدائرة التي لا أخالف فيها الرؤية التي أحملها فيما هو مطلوب مني القيام به .
والخلاصة : لا مجاملة في طرح المسائل الشرعية ، ولكن يجب تحمل المسؤولية الدينية والأخلاقية في المحافظة على المؤمنين ، وتوخي الدقة في الطرح وعدم التذرع بالشرع للإضرار بهم ، فإن ذلك بخلاف الصدق والأمانة التي يجب أن يتحلى بها المؤمنون في سلوكهم وتصرفاتهم ومواقفهم العامة والخاصة في الحياة .
السؤال ( 3 ) : لقد دعوتم إلى لقاء حواري بين قوى المعارضة ( جمعيات وقوى سياسية وشخصيات مستقلة ) استمر لعدة شهور حتى الآن .
أ ـ هل ترون إمكانية الاتفاق على المشتركات بين قوى المعارضة ؟
ب ـ ما هي المشكلات أو المعوقات التي تقف في وجه اللقاء ؟
ج ـ ما هو المستوى المطلوب للوحدة الإسلامية والوطنية للمعارضة والبينية في التيار ؟
د ـ ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه المجلس العلمائي في هذا المجال ؟
الجواب ( 3 ـ أ ) : الاتفاق على المشتركات وتنسيق العمل بين قوى المعارضة في غاية الإمكان إذا خلصت النيات وحسنت الإدارة .
الجواب ( 3 ـ ب ) : هي بالدرجة الأولى سوء إدارة وعدم وضوح الرؤية وخلط المسائل لدى البعض .
الجواب ( 3 ـ ج ) : تجنب المواجهة البينية ، والتكامل في الأدوار لتحقيق الأهداف المشتركة ، والحرص على خلق فعاليات مشتركة فيما يلتقي عليه الجميع ، وتجنب الغيرة السياسية ونفي الآخر من أجل تحقيق أهداف شخصية أو حزبية أو غيرها .
الجواب ( 3 ـ د ) : يحظى المجلس العلمائي بمكانة متميزة ، ولو توجه المجلس لجمع الشمل فإن النتائج سوف تكون عظيمة .
السؤال ( 4 ) : لقد استحكمت أزمة الثقة بين الحاكم والمحكوم في البحرين ، فما هو الحل في رأيك ؟
الجواب ( 4 ) : يستمد الحاكم شرعية وجوده ودوره من إرادة الشعب ، ومن حق الشعب استبدال حكومته إذا خالفت إرادته أو فرطت في خدمة مصالحه وأهدافه . وإذا وجدت أزمة ثقة بين الحاكم والمحكوم فهي شهادة ضد الحاكم ، ولا يصح للشعب السكوت عن حقوقه في هذه الحالة ، لأن النتائج ( قطعا ) سوف تكون وخيمة ضد مصالحه الحيوية والجوهرية .
السؤال ( 5 ) : لماذا يتفق الأعداء على باطلهم ولا نتفق نحن على الحق ، ثم نحمل كل أخطائنا على الأعداء . أليس هذا دليل ضعف وفشل ؟
الجواب ( 5 ) : عدم الاتفاق قد يكون نتيجة لعدم وضوح الرؤية ، أو لعدم الإخلاص ، أو لضعف الإرادة ، أو لسوء الإدارة ، والصدق والإخلاص في النية يقتضيان مواجهة النفس وليس إلقاء المسؤولية على الآخرين .
السؤال ( 6 ) : كيف يمكن لعامة الناس معرفة الحق دون الاعتماد على مرجعية يتعرف من خلالها جوهر الحق ؟
الجواب ( 6 ) : الحصول على جوهر الحق يحتاج في بعض الأحياء إلى إمام معصوم يدل عليه ، وفي هذه الحالة : تجب معرفة الإمام معرفة يقينية قبل التسليم إليه . ومعرفة الأحكام الشرعية غير الضرورية في عصر الغيبة تكون بالرجوع إلى الفقهاء ، والرجوع إلى غيرهم ـ بحسب أقوال الفقهاء ـ لا يبرئ ذمة المكلف .
وفي عصر المعصوم : لا يجوز الرجوع إلى غيره ، وفي عصر الغيبة : اختلف الفقهاء ، فاشترط بعضهم تقليد الأعلم ، ولم يشترطه البعض الآخر .
وبخصوص مناهج العمل : فقد اختلف الفقهاء فيها ، وفي هذه الحالة : ينبغي أن يتحمل المكلف المسؤولية في اختيار المنهج الذي يرى أنه الأصوب من بين مناهج الفقهاء العدول الذين تتوفر فيهم كافة الشروط .
السؤال ( 7 ) : أرى بأن أطروحة الوحدة الإسلامية خيالية بالمقارنة مع الوحدة السياسية على أساس المصلحة التي تبدوا أكثر واقعية . ما رأيك في ذلك ؟
الجواب ( 7 ) : الوحدة الإسلامية مسألة واقعية من الناحية الفكرية والعملية ، وتعتبر التقوى من العوامل التي تساهم إيجابيا في تحقيقها وصمودها أكثر من الوحدة على أساس المصالح المادية , وذلك في حال توفرت العوامل الأخرى . والعيب إنما هو في بعض المسلمين الذين تختلط لديهم الرؤية أو أنهم يقعوا تحت تأثير الحكام أو القوى الاستكبارية أو المصالح المادية ، فيعيقوا الوحدة الإسلامية أو يضروا بها لتلك الأسباب التي لا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد .
السؤال ( 8 ) : يقول الإمام الخميني ( قدس سره الشريف ) أن هذا الزمان هو زمان الشعوب ، وقد جسد هذه المقولة في ثورته العظيمة .
أ ـ ما هو دور الشعب في الحركة المطلبية برأيك ؟
ب ـ هل يمكن فصل المرجعية السياسية عن المرجعية الدينية ؟
ج ـ هل أزمتنا أزمة قيادة أم أزمة قاعدة ؟
الجواب ( 8 ـ أ ) : يعتبر حق الجماهير على القيادات في التعبير عن إرادتها وطموحها وتطلعاتها حق أصيل ، ولا أمل يذكر لنجاح أية حركة مطلبية أو إصلاحية أو ثورية في العالم بدون الرجوع إلى الجماهير والاعتماد عليها بعد الله عز وجل .
الجواب ( 8 ـ ب ) : المرجعية العليا حق حصري للمعصوم في حال حضوره بإجماع المسلمين ، وللفقيه في حال غيبته بحسب رأي جماعة من فقهاء مدرسة الخلفاء حيث اشترطوا الفقاهة في الخليفة ، وجماعة من فقهاء مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) وهم القائلون بولاية الفقيه ، وهذا ما يحكم به العقل .
والخلاصة : لا يمكن إسلاميا فصل المرجعية الدينية عن المرجعية السياسية فهما مرتبطتان ، وهذا الارتباط بين المرجعيتين محكوم بضوابط لا يصح تجاهلها .
الجواب ( 8 ـ ج ) : في تقديري ـ وبحسب التجربة ـ أن أزمتنا هي أزمة قيادة أكثر منها أزمة قاعدة .
السؤال ( 9 ) : لا أفق لتوحيد العمل ما لم تجلس الرموز إلى طاولة الحوار .
أ ـ هل بادرت جديا لإقامة حوار يقرب الرموز والأطراف السياسية في التيار إلى بعضها البعض ؟
ب ـ هل لك اتصالات مع الأطراف السياسية في التيار حول بعض المواقف ؟
الجواب ( 9 ـ أ ) : لقد بادرت ولا زلت أحاول ، وتحققت نتائج إيجابية ، لكنها لا زالت دون الطموح بكثير .
الجواب ( 9 ـ ب ) : من جهتي لم اقطع الاتصال بأي طرف من الأطراف ، وهناك تفاوت كبير في درجات اتصالي بالأطراف ، وذلك يعود للأطراف نفسها وليس بسببي .
القسم الثاني
أسئلة مجلس الكرامة
السؤال ( 1 ) : قال ماركس : ” الدين أفيون الشعوب ” ما رأيك في ذلك ؟
الجواب ( 1 ) : كان التوظيف السيئ للدين في أوربا العصور الوسطى هو المسؤول عن ظهور العلمانية ومثل هذه المقولة الباطلة ، وإسلاميا : كنا ولا زلنا نرد على هذه المقولة الباطلة استنادا إلى النصوص الدينية القطعية الصدور والدلالة ، واستنادا إلى سيرة الأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) فالدين في نفسه هو السبيل إلى العدل والحرية والتقدم والازدهار في الحياة . وفي الواقع : فإن الحكومات الجائرة وبمساندة وعاظ السلاطين وضعف بعض القائمين على الدين ، قد تحول الدين ـ وهو أقوى العوامل تأثيرا على الإنسان ـ إلى أفيون لتخدير الشعوب وقبولها بالأمر الواقع الظالم والمنحرف ، والدليل على ذلك : تكرس الظلم والتخلف والفساد في الدول الإسلامية لقرون متعاقبة ، وعجز الشعوب الإسلامية عن إزالتها رغم أنها تدين بالإسلام ، وهذا عار يجب أن يغسل ، والدين منه بريء .
السؤال ( 2 ) : هل يستفاد من كلام الأستاذ دعوته إلى المقاومة ورفض المسايرة بصورة مطلقة ؟
الجواب ( 2 ) : المستفاد هو : أن الأصل هو رفض الظلم ومقاومته ، وأن أساليب المقاومة وأشكالها تخضع إلى الظروف الموضوعية ، ولهذا صالح الإمام الحسن ، وثار الإمام الحسين ( عليهما السلام ) .
السؤال ( 3 ) : ألا ترى أن أطروحتك في فهم حركة الأئمة ( عليهم السلام ) هي أطروحة شاذة بالنظر إلى أطروحات الفقهاء ، حيث نرى فقهاء كبار كالسيد الخوئي والسيد السستاني لا ينطلقون من نفس المفهوم ؟!
الجواب ( 3 ) : يختلف الفقهاء ( رضوان الله عليهم ) في مناهج العمل ، ويجب احترام جميع الفقهاء وتقديرهم ، وهذا لا يعني أن نعطل حقنا في اختيار المنهج الذي نرى أنه الأصوب من بين مناهج الفقهاء . وقد وضع الإمام الحسين ( عليه السلام ) القاعدة في الاختيار ، بقوله ( عليه السلام ) : ” فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ” فقد جعل القبول بالحق سابق على القبول بالأشخاص والمناهج . وهذه هي القاعدة التي تفرضها عقيدة التوحيد ( فالله أولى بالحق ) فعلى كل مؤمن أن يعرف الحق ويقبل به ، ثم يقبل من القيادات والأطروحات والمناهج والمواقف ما يرى بأنها تعبر عن الحق الذي يعرفه .
وقد عد القرآن الكريم عكس القاعدة ، وهو ( جعل القبول بالأشخاص والأطروحات والمناهج والمواقف سابق على القبول بالحق ومعيار له ) على حد الشرك بالله عز وجل .
قول الله تعالى : { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ( التوبة : 31 ) .
والعمل بالقاعدة المعكوسة : يجعل الخلاف أزليا وغير قابل للحل ، ومن شأنه أن يرسخ الضلال والانحراف ، ويقطع الطريق على حركة التصحيح والتطوير في تاريخ الأمم والشعوب والمجتمعات .
السؤال ( 4 ) : كيف للناس العاديين أن يعرفوا أن ما يأتي به بعض العلماء من مواقف ليست نابعة من ضعف أو طمع ؟
الجواب ( 4 ) : من المشاكل الحقيقية التي تواجه المؤمنين وتنعكس آثارها السلبية الخطيرة جدا على أوضاع المسلمين ، أن الفقيه بما هو فقيه ، وعالم الدين بما هو عالم دين ، ليس محصن ضد الوقوع في شباك الخوف والطمع . وليس كل فقيه أو عالم دين يقع في شباك الخوف أو الطمع يمتلك الشجاعة الأدبية ليقول للناس بوضوح أنه واقع في شباك الخوف أو الطمع . ومنهم من يحاول أن يبرر مواقفه المتولدة من الخوف أو الطمع دينيا ويستميت في الدفاع عنها ، مما أنتج لنا أفكارا دينية وفتاوى تبريرية أدت إلى تشويش الرؤية أمام المؤمنين . والحل للخروج من هذا المأزق : أن يتحمل المؤمنون المسؤولية بالرجوع إلى فطرتهم في اختيار المنهج الذي يلامس فطرتهم من بين المناهج التي يطرحها الفقهاء العظام في الساحة الإسلامية ، وأن يتبعوا القيادات التي تعبر عنه بصدق وإخلاص ، ويلمسوا ذلك بالحس والوجدان ، وليس بالتبرير والأحكام المسبقة .
السؤال ( 5 ) : كيف تفهم السلوك السياسي للإمام السجاد ( عليه السلام ) بعد شهادة أبيه الإمام الحسين ( عليه السلام ) ؟
الجواب ( 5 ) : الإمام السجاد ( عليه السلام ) هو أول إمام لم يولد على عهد الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبالتالي لم تكن له في أول عهده نفس الهالة التي كانت في نفوس المسلمين للأئمة الذين سبقوه ، وهم : الإمام علي ، والإمام الحسن ، والإمام الحسين ( عليهم السلام ) بسبب ما سمعه المسلمون من أحاديث الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في فضلهم ، ورأوا من سلوكه المتميز في تعظيمهم . ومن المشاكل التي واجهت الإمام السجاد ( عليه السلام ) أنه جاء بعد شهادة أبيه الدامية في ثورته ضد الحكم الأموي ، في الوقت الذي يتطلب منه التخطيط الرباني سلوكا سياسيا آخر . وقد نجح الإمام السجاد ( عليه السلام ) في إثبات إمامته ومكانته العلمية والروحية وحظي بمنزلة عالية بين المسلمين ( قضية الطواف وقصيدة الفرزدق ) كما نجح من خلال السير المتوازن الدقيق في المحافظة على الحس الثوري وتنميته ورعاية الحركات الثورية للثأر من قتلة الإمام الحسين ( عليه السلام ) وفي العناية بالوجود الشيعي وتنميته ، والقيام بدوره التربوي والتعليمي للمسلمين ، بدون أن يتورط في المواجهة العسكرية مع النظام الأموي .
السؤال ( 6 ) : لماذا أعطى المأمون ولاية العهد للإمام الرضا ( عليه السلام ) ولماذا قبل الإمام بها ؟
الجواب ( 6 ) : ولاية العهد للإمام الرضا ( عليه السلام ) كحدث سياسي يمكن تحليله وفهمه على ضوء قواعد اللعبة السياسية ، وهذا يحتاج إلى الوقوف على مجريات الأمور على ساحة الحدث ، وتوفر المعلومات الكافية عنه . وبحسب ما هو متوفر لدينا من المعلومات التاريخية ، فإن إعطاء المأمون ولاية العهد للإمام الرضا ( عليه السلام ) جاء لتحقيق عدة أهداف سياسية يحتاجها المأمون العباسي لتأمين حكمه ، منها :
الهدف ( 1 ) : إضفاء الشرعية على حكمه في ظل الصراع بينه وبين أخيه الأمين .
الهدف ( 2 ) : كسب ود الشيعة كقوة سياسية فاعلة ونامية معارضة ، والسعي لاحتوائها في الجسم الرسمي .
الهدف ( 3 ) : وضع الإمام الرضا تحت رقابة السلطة ، واحتواء حركته .
وقد قبل الإمام الرضا ( عليه السلام ) ولاية العهد وفق شروط محددة ، وتصرف سياسيا بما يخيب آمال المأمون في تحقيق أهدافه ـ وهذا ما تشهد به نتائج التجربة كما نقلها لنا التاريخ ـ وهو دليل على المقاومة وليس المسايرة ، مما اضطر المأمون للتخلص من الإمام الرضا ( عليه السلام ) بالسم .
السؤال ( 7 ) : هل يرفض الأستاذ عبد الوهاب المشاركة السياسية في البرلمان لأنها بحسب تصنيفه من المسايرة ؟
الجواب ( 7 ) : كانت المطالبة بتفعيل الدستور وعودة الحياة البرلمانية على رأس مطالبنا في انتفاضة الكرامة الشعبية في التسعينيات ، التي قدمنا فيها كوكبة من الشهداء الأعزاء يصل عددهم إلى ( 40 : شهيدا ) تقريبا ، ودخل السجن أكثر من ( 15 : ألف ) من أبنائنا الأعزاء ، بالإضافة إلى مئات المهجرين والمبعدين . فنحن لا نرفض المشاركة في نفسها ، والمشاركة في البرلمان قد تقوم على أساس المعارضة السياسية للسلطة .
والرفض للتجربة القائمة : إنما هو رفض لنتائج الانقلاب على الدستور العقدي وميثاق العمل الوطني ، باعتبار أن المشاركة تعني القبول بدستور المنحة غير الشرعي ، وأنها تكرس الأمر الواقع ، وتقبل بالسلطة المطلقة التي منحها دستور المنحة للسلطة التنفيذية ، وبالتالي : حرمان الشعب من حقه الشرعي في الشراكة السياسية الحقيقية ، وتصعيب الإصلاح الحقيقي في البلاد .