لقاء الثلاثاء (44) | 19-4-2010
- علاقة حركة حق مع تيار الوفاء الإسلامي وبقية القوى السياسية
- العرفان لدى السيدة زينب بنت أمير المؤمنين
- السبيل إلى توحيد الصفوف
- الكيل بمكيالين
- أطروحة التكامل
- مقارنة بين سياستين
- معارضة الرؤية ومحاربتها
- حق التحشيد للمقاطعة
- دور حركة حق وتيّار الوفاء الإسلامي في تصحيح الوضع المتعلِّق بالعمل الحزبي
- ملف أملاك الدولة
- زيارة الملك عبد الله إلى البحرين
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين الأخيار.
علاقة حركة حق مع تيار الوفاء الإسلامي وبقية القوى السياسية
قام الأمين العام لحركة حق الأستاذ الفاضل حسن المشيمع بزيارة الأستاذ عبد الوهاب حسين في مجلسه الأسبوعي في هذه الليلة وقد تحدث فضيلة الأستاذ حسن المشيمع في بداية الجلسة حول ما يثار في الساحة عن وجود خلاف بين حركة حق وتيار الوفاء، وقال: معركة حركة حق وتيار الوفاء الإسلامي معركة واحدة ونحن سائرون في نفس الطريق، وعلاقة تيار الوفاء وحركة حق هي علاقة طوليّة وليست عَرْضِيّة، والأجندة السياسية لحركة حق وتيار الوفاء هي نفس الأجندة تقريبًا، ومحورها عدم الاعتراف بدستور المنحة والمطالبة بدستور يضعه الشعب ويضمن حقوقه المشروعة، وهناك بشكل عام نظرة مشتركة لباقي الملفات وأنشطة مشتركة.
وقال المشيمع: الاختلاف في بعض الجزئيات هو اختلاف اعتيادي ويأتي في دائرة المشتركات، وما نتمنّاه هو أن تنتقل هذه الحالة إلى البقيّة من الأخوة، فنحن نكنُّ الحبَّ للجميع، ونحن نتفق على الطرف الظالم، وأشعر بالحاجة إلى مراجعة المشهد السياسي، وعدم إعطاء أحد العصمة في مواقفه، فالهدف المشترك للجميع هو رضا الله سبحانه وتعالى وتحقيق مصلحة شعب البحرين.
وقال: أودُّ أن أؤكِّدَ بأنّ الاختلاف في مسألة المقاطعة والمشاركة ليس خلافًا ضِدِّي، فنحن لم ندفع بالمقاطعة لمجرّد إنّ الوفاق قرَّرت المشاركة، فهذا كان موقفنا منذ البداية، ونحن حينما نتحدّث عن التحشيد لا نستهدف الوفاق أو الجمعيات المشاركة، بل الموقف موجّه تمامًا ضد هذا النظام والدستور الظالمين.
وقال: اليوم يتكلّمون عن اغتصاب 65 كلم مربع، وهي ليست مساحة بسيطة، فبإمكانها حل كل مشاكل الإسكان في هذا البلد. ويتحدّثون عن 100 مليار دينار وهو مبلغ يمكن أن يُحدث ضجّة في العالم المتقدّم، ولم توجد هنا ردّة فعل بمستوى الحدث، وجواب الملك لهذا الملف هو تشكيل لجنة تحقيق تضمُّ ذات الوزراء المتّهمين بالفساد، والخلاصة: لا يمكن علاج مثل هذه الملفات مع هذا الدستور وهذا البرلمان.
وقال: متى ما استوعبنا هذا يكون قرار المقاطعة والتحشيد حالة طبيعية، والمطلوب أن تتمَّ إدارة الاختلاف بالصورة الصحيحة لتفادي الصدامات التي يخشاها الجميع.
وقال المشيمع: ينبغي على الأخوة أن تكون لديهم حالة التفاؤل، فنحن ماضين في الطريق، وجلَّ من لا يُخطئ، ولكن الأهم أن يكون لدى الإنسان إخلاص للحقيقة سواء أخطأ في الموقف أو لم يخطئ، وعلاقتي مع الأستاذ عبد الوهاب قديمة وتمتدُّ إلى أكثر من ربع قرن، تحاورنا فيها وارتفعت أصواتنا فأهدافنا واحدة ومصالح الناس التي نعمل على خدمتها واحدة وقد اشتركنا من أجلها في معاناة واحدة.
العرفان لدى السيدة زينب بنت أمير المؤمنين
ثم بدأ الأستاذ عبد الوهاب حسين حديثه الفكري عن السيدة الجليلة زينب بنت أمير المؤمنين p التي تصادف الليلة ذكرى مولدها الشريف، فاستهلَّ الحديث بقولها في مخاطبة يزيد في مجلسه: “فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا يرخص عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين”[1] وقال الأستاذ: البعض قد يتوهّم إنّ العرفان حالة تحليقٍ في عالم الغيب بعيدًا عن الواقع وقضاياه، وهذا تصوّرٌ خاطئ، فالعرفان منهج رباني يصل عالم الشهادة (الواقع) بعالم الغيب والكمال، وليس مجرّد تحليق روحي في عالم الغيب، فالإمام الخميني العظيم ¥ توجّه لإسقاط الشاه وإقامة الدولة الإسلامية (الدولة الرحمانيّة) ونجح في ذلك استنادًا إلى منهجه العرفاني الأصيل.
وقال الأستاذ: العبارات النورانيّة الجميلة التي نَقلتُها عن السيدة الجليلة زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب p تعكس حالة عرفانيّةً راقية ومتقدّمة وفي غاية التميّز تمتلكها تلك السيدة الجليلة التي تربّت على يد أبيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمِّها الزهراء، وأخويها: الحسن والحسين q فقولها r هذا يكشف عن امتلاكها لرؤية شهوديّة نورانيّة يقينيّة قطعيّة لحقيقة رسالة السماء وصراعها مع الباطل ولمستقبلها المشرق بإذن ربها.
فعلاقة السيدة زينب r مع الدين الحنيف ليست مجرّد عقيدة وشريعة تعلّمتهما على يد معلم ثمّ تعبّدت بهما، وإنّما هي علاقة صادقة متّحدة مع حقائق قطعية شاهدتها بعين قلبها ورأت حركتها على الأرض في الماضي والحاضر والمستقبل. كما يكشف قولها r عن امتلاكها لرؤية شهوديّة يقينية قطعية لحقيقة الظلم ومستقبل الظالمين، ومستقبل الصراع بين الحق والباطل، والعدل والظلم، والخير والشر، والفضيلة والرذيلة، ولهذا لم تنخدع بظاهر الحال ولم تقع أسيرة اللحظة ولم تضعف، حيث كانت تقف أسيرة مع النساء والأطفال في مجلس يزيد بن معاوية بعد أن استشهد أخوها الإمام الحسين o والخيرة من أهل بيته وأصحابه في كربلاء.
وتعتبر الحالة العرفانيّة الراقية والمتميّزة لدى السيدة زينب r هي السرُّ في قوّتها وصمودها وبطولتها في كربلاء وما بعدها، وقولها هذا يشبه من حيث الجوهر قول جدها الرسول الأعظم الأكرم Q أثناء حفر الخندق في معركة الأحزاب حيث ظهرت أمام المسلمين صخرة عظيمة تكسّرت عليها المعاول الحديديّة، فتقدَّم الرسول الأعظم الأكرم منها، وقال[2]: “باسم الله. فضربها فتصدّعت وبرقت منها برقة مضيئة”، فقال: “الله أكبر، أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى، ثم ضربها ضربة أخرى فبرقة ثانية”، فقال: “الله أكبر. أضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروم”، ثم ضربها ضربة ثالثة وبرقت منها برقة مضيئة، فقال: “الله أكبر. أضاءت لي منها قصور صنعاء” وهذه الحالة من الثبات والأمل الصادق المتجدد عاشها المسلمون أثناء حصار شعب أبي طالب في مكة المكرمة قبل الهجرة الشريفة، وهي الحالة التي ينبغي أن يعيشها كل إنسان مؤمن أثناء الأزمات في الصراع مع قوى الباطل والظلم، وألاّ يقع أسير ظاهر اللحظة المظلمة، فقد تكون بوابة الأمل المشرق في باطن الأمر وحقيقته.
السبيل إلى توحيد الصفوف
ثمَّ انتقل الأستاذ عبد الوهاب في حديثه الفكري إلى موضوع آخر، فقال: أرغب في التأكيد أولاً على ما جاء في خطبة سماحة الشيخ عبد الجليل المقداد في يوم الجمعة حول التعاون، فالمؤمنون هم في الحقيقة كالجسد الواحد، والأمّة الإسلامية هي في الحقيقة أمّة واحدة، والتعاون والعمل المشترك بينهم أمر طبيعي. ثمَّ إنّ القرآن قد دعا إلى العمل المشترك مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى، قول الله تعالى: )قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(([3]) وقد ذهب الرسول الأعظم الأكرم Q إلى أكثر من ذلك، حيث قال عن حلف الفضول: “لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت”[4] وحلف الفضول هو حلف شارك فيه الرسول الأعظم الأكرم Q مع المشركين في زمن الجاهلية قبل الإسلام بهدف إنصاف المظلوم وردع الظالمين، لنصل من خلال ما سبق إلى النتيجتين المهمتين التاليتين:
(1): إنّ الإسلام الحنيف يتبنّى العمل على أساس المشتركات مع من يختلف معهم في العقيدة اختلافًا جوهريًّا من أهل الكتاب والمشركين.
(2): إنّ أطروحة العمل المشترك لا تعني سكوت الأطراف المشتركة في العمل عن نقد أطروحات ومواقف المشتركين في العمل، فقد مارس القرآن الكريم النقد للأطروحات الفكريّة والمواقف السياسيّة والعمليّة الخاطئة الأخرى لمن دعاهم من أهل الكتاب والمشركين للعمل مع المسلمين على أساس المشتركات.
وقال: لقد دعا سماحة الشيخ المقداد إلى تعزيز عوامل الخير في داخل أنفسنا، مثل: التوجّه نحو وحدة الصف والوئام والائتلاف، وتجفيف منابع الاختلاف والفرقة، مثل: التعصّب والانغلاق والمكابرة واللف والدوران ونحوها، في سبيل الوصول إلى الوحدة الحقيقيّة وتجميع الصفوف.
وقال الأستاذ: يجب الالتفات إلى دور القيادة في سبيل توحيد الصفوف والتغلّب على الخلافات، فوجود القرآن الكريم والسنّة الشريفة والعقل والوجدان لم يمنع المسلمين من الاختلاف، والسبيل للتغلّب على الاختلاف هو وجود القيادة التي تمتلك الكفاءة وتتحلّى بالشجاعة والنزاهة والتي تقف على بعد واحد من الجميع، ولهذا قال الرسول الأعظم الأكرم Q: “إنِّي تاركٌ فيكم ما إنْ تمسكتم به لن تضلّوا بعدي، أحدهما أعظم من الأخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما”([5]).
وقال: مسألة وقوف القيادة على بعد واحد من الجميع مسألة في غاية الأهمية، والوقوف على بعد واحد لا يعني الحياد السلبي، وإنّما:
- يعني في جانب منه العدل الذي أمر الله تعالى به حتى مع العدو، قول الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(([6]).
- ويعني في جانب آخر الوسطيّة التي تعطى الإنسان استحقاق الشهادة، قول الله تعالى: )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا(([7]).
- وهو السبيل إلى وحدة الصف ولمّ الجمع والقدرة على حل الاختلاف الذي قد يحصل بين المؤمنين، وبدونه تعلق الخلافات وتنتشر وتتسع دائرتها ويحصل التباغض والتفكُّك والتشرذم وتحل الكوارث والنكبات بين المؤمنين.
وقال: إذا وُجِدَ حاكمٌ أو قائدٌ يقف على بعد واحد من الجميع، فإنّه متى ما حدث خلافٌ فإنّهم جميعًا سيرجعون إليه ليفصل بينهم، وهذه أمنيّة تيار الوفاء الإسلامي فيما يخصُّ المؤمنين.
وقال: وقوف القيادة العليا على بعد واحد من الجميع هي الحالة الإجرائية الواقعيّة التي تكمن فيها المصلحة العامة، ويحكم بها العقل، ويُقرّها الدين الحنيف، وعليها جرت سيرة الفقهاء والمراجع العظام.
مثال (1): حينما يقول آية الله العظمى السيد السيستاني بأنه يقف على بعد واحد من جميع القوى السياسية للمؤمنين، فليس معنى هذا أنّه لا رأي له، أو أنه لا يوجد هناك من هو الأقرب إلى رأيه من غيره، وإنّما لأنّه وجد بأنّ الواقعيّة التي تكمن فيها المصلحة العامة أن يكون على بعد واحد من الجميع حتى مع وجود من هو أقرب إلى رأيه من غيره.
مثال (2): حينما يقرُّ الولي الفقيه القرارات التي تصدر عن مؤسسات الدولة، فإقراره لها لا يعني أنّها مطابقة لرأيه أو أنها لا تختلف مع رأيه، فقد يقرّها مع اختلافها مع رأيه، لأنّه يجد في ذلك الإجراء الواقعيّة التي تكمن فيه مصلحة الدين والدولة والناس.
وقال: ومن أجل وحدة الصف وتجنّب الخلاف يجب النزول على آليات محددة لاتّخاذ القرارات، ولا يكفي وجود القيادة بدون وجود هذه الآليات.
الكيل بمكيالين
تلى الأستاذ قول الله تعالى: )وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ` الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ` وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ` أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ ` لِيَوْمٍ عَظِيمٍ(([8]) وقال: الآية الشريفة المباركة تتوعّد المطفّفين، وهم الذين يراعون حقوقهم ولا يراعون حقوق الناس فيظلموهم، بشكل تقشعر له الأبدان والقلوب، لما فيها من الوعيد واستحضار قدرة الله “، ويكون التطفيف عادة بسب الأنانية وحب الذات وغياب القيم السامية وعدم استشعار الرقابة الإلهية على النفس في التفكير وحساب الأمور.
والتطفيف لون من الإثم والطغيان والانحراف الذي يجرمه الإسلام الحنيف ويحاربه لما يترتب عليه من مفاسد كبيرة في المجتمع: ماديّة وروحيّة. والمؤسف إنّ البعض يُقصر مفهوم التطفيف على ميزان البيع والشراء، ولا يرى أنه يشمل ميزان تقييم الأشخاص والأطروحات والسلوك والمواقف، فيكيل في هذا التقييم بألف مكيال، ولا يرى أنه من المطففين الذين يبخسون الناس أشياءهم والذين تتوعدهم الآية الشريفة المباركة بالويل والثبور.
وقال: أرى بأنّ مضامين الآية الشريفة المباركة تشمل هذا التقييم وغيره مما يخلُّ بالعدل والتوازن في المعاملة مع الناس، ونصيحتي للمؤمنين أن يحذروا من الكيل بمكيالين في تقييم الأشخاص والأطروحات والمواقف، فيعطوا من يحبون ما ليس لهم بحق، ويبخسوا من يختلفون معهم أشياءهم.
وقال: الإنسان المؤمن يعبد الله وحده لا شريك له، وعشقه للحق والعدل، وبغضه للباطل والظلم، وهو الإنسان الذي يتنكّر لذاته، ويُقيِّم كلَّ مواقفه على ميزان العدل. ومتى ما كان تقييمه للأشخاص والأطروحات والمواقف بمكيالين، فإنَّ عشقه في الحقيقة لا يكون للحق والعدل، وإنّما هو لذاته أو للحزب ونحوه، الذي قد يجعله مع الباطل ضدَّ الحق، ومع الظلمِ ضدَّ العدل.
أطروحة التكامل
وبخصوص أطروحة التكامل التي أسّس لها تيّار الوفاء الإسلامي في رؤيته حول انتخابات 2010م، قال: هناك مذكرة تفسيريّة حول أطروحة التكامل سوف تُنشر قريبًا، قد يكون ـ إن شاء الله تعالى ـ في يوم الخميس.
وفي هذه المذكرة بيان لقواعد التكامل، منها: التواصل والتنسيق، إلا إنّ عدم تقبّل بعض الأطراف لها في الوقت الحاضر لا يعني خطأ الأطروحة في نفسها أو خطأ طرحها في الوقت الحاضر، فهي تُعبِّر عن رؤية استراتيجيّة لإدارة الساحة من أجل الوصول إلى النجاح في تحقيق الأهداف والحصول على المطالب الشعبية العادلة، ونعتقد نحن في تيار الوفاء الإسلامي بأنّ أطروحة التكامل هي الأطروحة الواقعيّة التي سوف نصير إليها جميعًا على الساحة الوطنيّة في المستقبل ـ إن شاء الله تعالى ـ وسوف نسعى في بيانها وشرحها والتفاوض بشأنها حتى نضعها موضع التطبيق بإذن الله تعالى.
وقال: الرؤية تنظر للساحة ككل وليس للتيّار فحسب، وهذه حَسَنَة سبق إليها التيّار غيره، وهي دليل عافية وقوّة. وإنّ الطرف الذي يمكن أن يتقدّم بالساحة إلى الأمام هو الطرف الذي يعترف بالآخرين، ويستطيع التنظير إلى كلِّ الساحة، ويأخذ بعين الاعتبار جميع المكوِّنات، وينجح في إدارتها، وهذا يحتاج إلى بعد نظر وأفق واسع، وإلى صبر ونفس طويل في التعاطي مع الصعوبات.
مقارنة بين سياستين
وقال: المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران قطبان كبيران في العالم الإسلامي، وللمملكة العربية السعودية السبق التاريخي ومحوريّة الحرمين الشريفين ولها إمكانيات ماديّة ضخمة تُنفق منها بسخاء على مشاريعها في الداخل والخارج. والمتتبِّع لأوضاع العالم الإسلامي يجد التقهقر والتراجع في نفوذ المملكة العربية السعودية وحلفائها، وتقدّم نفوذ الجمهورية الإسلامية وحلفائها، والسبب هو سياسة الانغلاق والتكفير التي تتبعها المملكة العربية السعودية، في مقابل سياسة الانفتاح والوحدة التي تتبعها الجمهورية الإسلامية في إيران وتقيم من أجلها الفعاليات المختلفة.
والخلاصة: الانغلاق يؤدِّي إلى الفساد والضعف والفشل والتخلّف والفناء أو الموت، والانفتاح يؤدِّي إلى الصلاح والقوّة والنجاح والتقدّم والبقاء، وإنّ الكيانَ الذي ينفتح على الجميع – وفق ثوابت محدّدة – هو الذي يستطيع أن يوحِّد الساحة ويتقدّم بها للأمام ويحقِّق آمال الشعب وطموحاته، ويمثِّل الوجه المشرق للوطن.
معارضة الرؤية ومحاربتها
وبخصوص معارضة الرؤية ومحاربتها، قال: لقد شعرت بقلق في بادئ الأمر للاختراق الذي حصل لصفوف جماهير تيّار الوفاء وتحريضهم ضد الرؤية وبالخصوص ضدَّ أطروحة التكامل، ولكنِّي اليوم مطمئن، فببركة الإخلاص نجحت الغالبيّة من جماهير تيّار الوفاء الإسلامي في إدراك الحقيقة ووقفت إلى صف الرؤية وأطروحة التكامل، وامتدّت القناعة بالأطروحة إلى خارج صفوف جماهير الوفاء، وقد ثبت بالتجربة إنّ التحريض الذي قام به بعض المُغرضين ضدَّ أطروحة التكامل، عاد بالإيجاب على الرؤية والأطروحة، فقد ساهم في تنشيط الحوارات والمناقشات حول الرؤية، ممَّا أدَّى إلى زيادة الفهم للرؤية ولأطروحة التكامل وترسيخ الوعي بأبعادهما الدينيّة والقيميّة والعمليّة، وهذا شيء مهم جدًا يخدم منهج تيّار الوفاء الإسلامي ويُعطي حصانة أكبر للساحة.
وقال: الرؤية خلاصة لمناقشات شارك فيها علماء دين وسياسيّون ومثقَّفُون ومحامون وأشخاص من عامّة الناس، والقول بأنّها لم تأتِ بشيءٍ جديد هو ـ بحسب رأيي ـ قولٌ غير منفتح، ولا يدلُّ على قراءة موضوعيّة واعية.
وقال: أزعم بأنّ أكثر من استنفرَ ضد الرؤية هي السلطة، وقد سعت من خلال عناصرها اللعب على الخلافات الموجودة والاستفادة من غياب بعض التفاصيل، وكادت الطاولة أن تُقلب علينا، ولكن بفضل إخلاص الناس حصلت درجة عالية من التفّهم للرؤية ولأطروحة التكامل.
وقال: بعض الأعزاء فهم خطأً بأنّ المقصود من الأصدقاء والأحِبَّة الذين خدعتهم عناصر السلطة هم من المحسوبين على جمعيّة الوفاق فحسب، وهذا الفهم غير صحيح، فالخداع قد شَمِلَ كوادر الوفاء وجماهيرها أيضًا، فالترويج بأنّ أطروحة التكامل تعني التقارب مع الوفاق على حساب حركتي حق والأحرار، هو تحريض لجماهير حق والوفاء ضِدَّ أطروحة التكامل.
وقال: جماهير الوفاق أبنائي، وأحمل لهم من الودِّ نفسُ ما أحمله لجماهير تيّار الوفاء، وحريص عليهم بنفس الدرجة التي أحرص بها على جماهير تيّار الوفاء، ولا فرق بينهم عندي، والله على ما أقول شهيد.
وقال: أعتقد بصوابيّة أطروحة التكامل، وإنّ المستقبل لها، ولكي نصل إلى هذه النتيجة الطيّبة نحتاج إلى التحلِّي بالحكمة والصبر والنفس الطويل، فعليكم بتعزيز الحب والمودّة والوئام بينكم، حتى تصلوا إلى هذه النتيجة الطيّبة في المستقبل القريب ـ إن شاء الله تعالى.
حق التحشيد للمقاطعة
وبخصوص حقِّ التحشيد للمقاطعة خلال فترة الانتخابات، قال: البعض يخلط بين أمرين:
- امتلاك الحق.
- وممارسة الحق.
وقال: امتلاك الحق شيء، وممارسته شيء آخر. فامتلاك الحق لا يعني بالضرورة ممارسته، مثال: في عقد الزواج قد يشترط الزوج على زوجته حق منعها من العمل، ولكنّه يجد بأنّ من مصلحة زوجته ومصلحة الأسرة أن تعمل الزوجة، فلا يمارسُ حقَّه في منعها من العمل. وقد يمنح الدستور رأس الدولة (الملك أو رئيس الجمهورية) بعض الصلاحيات، ولكنّه قد يجد بأنّ مصلحة الدولة والمواطنين في عدم ممارسة هذا الحق فيلجأ إلى إدارة الموقف بشكل آخر. فينبغي الانتباه إلى:
- إنّ الممارسة بغير حق هي ظلم وطغيان.
- وإنّ الحكمة تقتضي بأن تكون ممارسة الحق استنادًا إلى المصالح العامَّة وليس بحسب المزاج أو لمجرّد وجود الحق.
وقال: من حقِّ المقاطعين أن يُحشِّدوا للمقاطعة كما يُحشِّد المشاركون للمشاركة، ولكن المسألة لا تتعلّق بالحق وإنّما بالمصلحة في ممارسة هذا الحق، والسياسي الحكيم لا يتّخذ المواقف السياسية العامَّة على أساس الحقوق النظريّة التي يتمتَّعُ بها، وإنّما على أساس ما يراه من المصلحة في ممارسة الحق.
وقال: هذا الكلام لا يعني تحديد موقف عملي لتيّار الوفاء الإسلامي من التحشيد للمقاطعة، فالتيّار لم يُعلن موقفه من هذه الجزئيّة بعد، وإنّما هو كلام علميٌّ يُساهم بإذن الله تعالى في نشر الوعي بين الجماهير والنخب.
دور حركة حق وتيّار الوفاء الإسلامي في تصحيح الوضع المتعلِّق بالعمل الحزبي
وبخصوص عمل تيّار الوفاء الإسلامي خارج قانون الجمعيات، قال: كان طموح المعارضة منذ بداية العهد الجديد هو التأسيس لنظام الأحزاب وصدور قانون يعزِّز ذلك، وقد توجَّسَت السلطة خيفةً من هذا التوجّه لدى قوى المعارضة، وكان أوّل طرح علني من المعارضة لهذا الموضوع في مقابلة لي مع جريدة الحياة في العام 2001م، وكان الملك (الأمير وقتها) في زيارة إلى لندن، وكان في صحبته وزير الإعلام السابق الحمر، فكلّفه بالرد على ما جاء في المقابلة برفض نظام الأحزاب والتأكيد على مفهوم العائلة الواحدة، الذي رددت عليه بدوري في خطبة الجمعة التالية. وعمليًّا فإنّ السلطة قد استطاعت قطع الطريق على نظام وقانون الأحزاب بإصدار قانون الجمعيات الذي ينتقص حريّة العمل السياسي وفرضه كأمرٍ واقع، وهذا هو الأساس لرفضي وغيري لقانون الجمعيات.
وقال: كان في وسع المعارضة ـ لاسيما الوفاق ـ إسقاط قانون الجمعيات وفرض العمل الحزبي كأمرٍ واقعٍ على السلطة، والدليلُ على ذلك هو ظهورُ حركة حق أولاً ثمّ تيّار الوفاء الإسلامي ثانيًا وفرضهما العمل الحزبي المستقل كأمرٍ واقع على السلطة، وكانت خيارات السلطة في مواجهة هذا الواقع ضعيفة جدًا ولا تزال كذلك. فظهور حركة حق ثمَّ تيار الوفاء الإسلامي يُعتبر في الواقع عملاً تصحيحيًّا أسّس لبداية العمل السياسي والحزبي الصحيح على مستوى الساحة الوطنية، وهو يُعطي الجمعيّات التي تعمل تحت قانون الجمعيات فرصة لتصحيح وضعها، والمطالبة بحريّة العمل السياسي وفق قانون متطوّر للأحزاب.
ملف أملاك الدولة
وبخصوص ملف أملاك الدولة، قال: العمل الذي قامت به لجنة التحقيق البرلمانية في أملاك الدولة، عمل جيّد تُشكر عليه كثيرًا، ولكن التجربة أثبتت بأنّ المؤسّسة البرلمانية الحاليّة غير قادرة على استرداد الحقوق بالآليات البرلمانية المتوفِّرة للنواب، فلجأوا للملك الذي شَكَّلَ لجنة تحقيق تتألَّف من نفس الأشخاص المتَّهمين بالفساد!!
وقال: وجود تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في أملاك الدولة يُمثِّل تحديًّا للقوى السياسية التي تعمل من خارج البرلمان أيضًا، فقد أصبحت المعلومات في يد الكل ـ بما فيهم حق والوفاء ـ فيمكنهم حمل الملف والسعي لاستثماره سياسيًّا، وهذا يدلُّ على وجهٍ من وجوه التكامل، فمن يعمل ضمن مؤسَّسات الدولة يحصل على المعلومات المفيدة والمهمة وينشرها، ومن يعمل من خارج هذه المؤسسات يستفيد من تحلله من قيود المؤسَّسات للاستثمار السياسي الأفضل.
وبخصوص اهتمام تيّار الوفاء بالتفاصيل، قال: اهتمام القوى السياسية بالتفاصيل والتعاطي معها على الساحة الوطنية أمر صحيح وفي غاية الأهميّة، إلا إنّ عمرَ تيّار الوفاء الإسلامي حتى الآن عام وشهر تقريبًا، وهو في هذا العمر لا يتمكّن من تغطية كل التفاصيل والتعاطي معها ـ وهذا أمرٌ طبيعي ـ فالوصول إلى المعلومات والتعاطي معها يحتاج إلى كوادر وأجهزة لا يستطيع التيّار توفيرها في هذا العمر القصير، لاسيما ونحن نعيش في دولة بوليسية وغير ديمقراطية، حيث إنّ الحصول على المعلومة في الدول الديمقراطية حق للمواطنين، ولكنّه حرام وجرمٌ في الدول البوليسيّة وغير الديمقراطية، إلا إنّ التوجّه نحو الحصول على التفاصيل والتعاطي معها هو توجّه ثابت لدى تيّار الوفاء الإسلامي، نسأل الله القويَّ القهار أن يُسهِّل علينا الوصول إلى تحقيقه.
زيارة الملك عبد الله إلى البحرين
وبخصوص زيارة الملك عبد الله إلى البحرين، قال: لم تبرز نتائج مهمّة على المستوى المحلي، وما برز هو قضية السيف الأجرب وكانت للسعودية مطالبة قديمة بتسليمه، وقد حدثت الاستجابة في الوقت الحاضر، وللسيف قيمة كبيرة في الأعراف القبليّة لحكومات الخليج. ثم تبرّع الملك عبد الله ببناء المدينة الطبيّة بتكلفة مليار ريال سعودي.
والأهم في الزيارة هو البُعد الإقليمي في ظلِّ تصاعد التوتر بين إيران وحلفائها من جهة، وأمريكا والكيان الصهيوني وحلفائهما من جهة ثانية. فالبحرين هي مركز الأسطول الخامس في الشرق الأوسط وحليف استراتيجي لأمريكا، والسعودية حليف لأمريكا وداخلة بقوّة على خطِّ الصراع في المنطقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران. والمثير هو الإعلان عن مشروع المدينة النوويّة السعوديّة، وقد صاحب الحديث ـ منذ اليوم الأول ـ عن المشروع، الحديث عن توازن الرعب النووي، فالحديث ليس عن الاستفادة من الطاقة النوويّة للأغراض السلميّة فحسب، وإنّما عن الاستخدام العسكري للطاقة النوويّة، في الوقت الذي هدّدت فيه أمريكا الجمهورية الإسلامية في إيران باستخدام السلاح النووي ضدّها.
وقال: هنا مفارقات غريبة:
- إنّ المشروع النووي الإيراني هو مشروع وطني قامت به كوادر إيرانية، بينما المشروع النووي السعودي هو مشروع مستورد من الخارج.
- إنّ الجمهورية الإسلامية في إيران تؤكِّد بأنّ مشروعها النووي هو مشروع للأغراض السلميّة فقط، وتنفي أية صفة عسكريّة للمشروع، وقد تكلّم مرشد الثورة عن حرمة السلاح النووي، بينما تتحدّث السعودية عن البعد العسكري لمشروعها النووي. وهذا يُفيد بأنّ المملكة يمكن أن تتحوّل إلى مخزن للسلاح النووي الأمريكي، وفي ذلك خروج فاضح على مبادئ وقيم شعوب المنطقة، وتهديد صريح وحقيقي لمصالحها.
- إنّ المملكة العربية السعودية والدول العربية لم يستثرها المشروع النووي الصهيوني مع العلم بالصبغة العسكرية الفاضحة لهذا المشروع، وامتلاك الكيان الصهيوني إلى مئات الرؤوس النووية، وقد استثار حميَّتَهم المشروع النووي الإيراني رغم تأكيد الإيرانيين على الصبغة السلمية لمشروعهم وعدم قيام أيّ دليل على البعد العسكري له. وهذا يدلُّ على إنّ هذه الدول تنظر إلى إيران على أنها عدو أكثر عداوة من الكيان الصهيوني، رغم إنّ إيران دولة إسلاميّة جارة بينها وبين شعوب المنطقة مصير ومصالح مشتركة، ولكن شعوب المنطقة للأسف لا تمتلك حرية التعبير عن رأيها، وتُقاد إلى مصيرها الأسود كما تُقاد الخراف إلى المقصلة.
[1] الاحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي)/ ج2/ ص: 309/ احتجاج زينب بنت علي بن أبي طالب حين رأت يزيد لعنه الله يضرب ثنايا الحسين ع بالمخصرة: «ثُمَّ كِدْ كَيْدَكَ واجْهَدْ جُهْدَكَ فَوَاللَّهِ الَّذِي شَرَّفَنَا بِالْوَحْيِ والْكِتَابِ والنُّبُوَّةِ والِانْتِخَابِ لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا ولَا تَبْلُغُ غَايَتَنَا ولَا تَمْحُو ذِكْرَنَا ولَا يُرْحَضُ عَنْكَ عَارُنَا وَهَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَأَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَجَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلَا لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمَ الْعَادِي».
[2] بحار الأنوار (ط – بيروت) / ج18/ص: 33: «لَمَّا اجْتَمَعَتِ الْأَحْزَابُ مِنَ الْعَرَبِ لِحَرْبِ الْخَنْدَقِ وَ اسْتَشَارَ النَّبِيُّ Q الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ سَلْمَانُ إِنَّ الْعَجَمَ إِذَا حَزَبَهَا أَمْرٌ مِثْلُ هَذَا اتَّخَذُوا الْخَنَادِقَ حَوْلَ بُلْدَانِهِمْ وَجَعَلُوا الْقِتَالَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ مَا قَالَ سَلْمَانُ فَخَطَّ رَسُولُ اللَّهِ Q الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَ قَسَمَهُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ بِالذِّرَاعِ فَجَعَلَ لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ قَالَ جَابِرٌ فَظَهَرَتْ يَوْماً مِنَ الْخَطِّ لَنَا صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ يُمْكِنْ كَسْرُهَا ← → وَلَا كَانَتِ الْمَعَاوِلُ تَعْمَلُ فِيهَا فَأَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ Q لِأُخْبِرَهُ بِخَبَرِهَا فَصِرْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ مُسْتَلْقِياً وَقَدْ شَدَّ عَلَى بَطْنِهِ الْحَجَرَ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الْحَجَرِ فَقَامَ مُسْرِعاً فَأَخَذَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ فَرَشَّهُ عَلَى الصَّخْرُ ثمَّ ضَرَبَ الْمِعْوَلَ بِيَدِهِ وَسَطَ الصَّخْرَةِ ضَرْبَةً بَرَقَتْ مِنْهَا بَرْقَةٌ فَنَظَرَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا إِلَى قُصُورِ الْيَمَنِ وَبُلْدَانِهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا ضَرْبَةً أُخْرَى فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ أُخْرَى نَظَرَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا إِلَى قُصُورِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَمُدُنِهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا الثَّالِثَةَ فَانْهَارَتِ الصَّخْرَةُ قِطَعاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ Q مَا الَّذِي رَأَيْتُمْ فِي كُلِّ بَرْقَةٍ قَالُوا رَأَيْنَا فِي الْأُولَى كَذَا وَفِي الثَّانِيَةِ كَذَا وَفِي الثَّالِثَةِ كَذَا قَالَ سَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَا رَأَيْتُمُوهُ».
[4] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد/ ج15/ ص: 203/ فضل بني هاشم على بني عبد شمس.