لقاء الثلاثاء (27) | 19-10-2009

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.

استقبال معتقلي كرزكان في مجلس الأستاذ

استقبلت قيادات من تيار الوفاء الإسلامي معتقلي كرزكان المفرج عنهم، حيث كان في استقبالهم سماحة الشيخ عبد الجليل المقداد، وفضيلة الشيخ سعيد النوري، بالإضافة إلى الأستاذ عبد الوهاب حسين، وذلك قبل بدء لقاء الثلاثاء.

وفي كلمة أخلاقية وروحيّة، قال سماحة الشيخ المقداد: أهاليكم قاموا بالاعتصام بعد الاعتصام، والمسيرة بعد المسيرة، رغم كل ما تعرّضوا له من ضرب وإهانة، فلم يكن منهم غير الثبات والصبر والمطالبة بالإفراج عنكم. ومواقفهم هذه تُعبِّر عن حبِّهم لكم، وعن شهامة وغيرة وبطولة، فاعرفوا حق آبائكم وأمهاتكم، وكذلك إخوانكم في منطقة كرزكان وغيرها.

وقال: الجميع بلا استثناء قد دعا لكم وفرح بخروجكم وبفكاك أسركم، وكانوا يترّقبون يوم خروجكم من سجون الظالمين مرفوعي الرؤوس، وهذه الأمنية والفرح قد تحققا والحمد لله، فجزى الله جميع من ساهم في الإفراج عنكم خيرًا.

وقال: أنتم مقبلون على الحياة، فحافظوا على المخزون المعنوي الذي حصلتم عليه في السجن من صبر وثبات، وعليكم بالعض عليه بالنواجد.

ومن جانبه، قال فضيلة الشيخ النوري: كانت أفضل التوقعات أن يتم الحكم عليكم، ثم الإفراج عنكم بعفوٍ ملكي، ولكن الله U أراد لكم الكرامة، وأن تخرجوا من دون أية إدانة، ولابدّ أن تعرفوا حجم النعمة الإلهية عليكم في ذلك.

ثمَّ تكلّم الأستاذ عبد الوهاب، وقال: حينما أُصدر العفو الملكي الأوّل الذي أُفرِجَ فيه عن فضيلة الأستاذ حسن المشيمع، الكل قرأ أنَّكم مشمولون بهذا العفو، ثمَّ تمَّ استثناؤكم لأغراض سياسية، ثم جرت مساومات للإفراج عنكم، وفشلت هذه المساومات، وقد سعى الإخوة في الوفاق، وقدموا ترضية للإفراج عنكم، ورفضت السلطة وأصرَّت على الاستمرار في المحاكمة لأغراض سياسيّة طبعًا، ثمَّ يُفرج عنكم بحكم البراءة.

والمذهل إنّ السلطة كان أمامها خيارات عديدة لم تأخذ بها، منها: إعادة تفعيل العفو الملكي السابق، فقد تغير كل شيء وأصبحت النتيجة لصالحكم. لقد أمضيتم ثلاثة شهور تقريبًا في السجن بعد العفو الملكي، وهذه الشهور الثلاثة لا شيء مقارنة بحكم البراءة لكم، فحكم البراءة خيرٌ لكم ولأهليكم وللمعارضة وللوطن من خروجكم بالعفو الملكي قبل ثلاثة أشهر تقريبًا، وهذه نعمة إلهية عظيمة يجب على الجميع شكرها.

ثم قال: لقد كان سجنكم وما تعرَّضتم له من تعذيب ومعاناة شديدة وإهانات، رمزًا لمظلوميّة كلِّ الشعب البحريني، وكان الإفراج ـ بعد فضل الله سبحانه وتعالى ـ ثمرة لصبركم وصمودكم، وإلى صبر وصمود أهاليكم، ودور كل الشرفاء في هذا الوطن العزيز وخارجه، الذين تبنوا قضيتكم ووقفوا إلى صفكم.

وقال: بقي لدينا معتقلي المعامير ومعتقلين آخرين، وسوف تستمر المطالبة بالإفراج عنهم حتى يخرجوا من السجن بكرامة كما خرجتم، وأتمنّى على جميع الشرفاء في هذا الوطن العزيز، أن يقفوا صفًّا واحدًا متضامنين، حتى يتمّ الإفراج عن جميع المعتقلين وتُبيَّض السجون من المعتقلين السياسيين تمامًا.

وقال: هناك قراءات سياسية عديدة لهذا الإفراج، منها: إنّ هذا الإفراج يعكس نية للسلطة في فتح صفحة جديدة، وهذا ما نتمنّاه، فالشعب لا يريد إلا الحياة الكريمة، وحكومة حريصة على سلامته ومصلحته، ولنا حقوق طبيعية، ومطالب عادلة، فإن أعطيناها كان بها والحمد لله رب العالمين، وإلا ستستمر المطالبة والتضحيات حتى نحصل على ما نريد.

القراءات السياسية للحكم ببراءة معتقلي كرزكان

قال الأستاذ: تعددت القراءات السياسية للحكم ببراءة معتقلي كرزكان، منها:

• إنّ الحكم ببراءة معتقلي كرزكان بالنسبة إلى السلطة، هو الميدة (سمكة صغيرة) التي تأتي بالهامور (سمكة كبيرة) في سنّارتها، فهي تريد أن تعطي للرأي العام في الداخل والخارج انطباعًا بنزاهة واستقلالية القضاء في البحرين، تمهيدًا لإصدار أحكام مشددة ضد معتقلي المعامير، وربما توجيه ضربة كبيرة تستهدف رموزًا كبارًا في خط الممانعة.

• إنّ الحكم ببراءة معتقلي كرزكان، يدلُّ على نيّة السلطة في فتح صفحة جديدة مع المعارضة ـ لاسيّما مع خط الممانعة ـ وذلك لإدراكها استحالة القضاء على خط الممانعة، ولمعاكسة الأوضاع الإقليمية السياسية والاقتصادية وغيرها لإرادتها، مما يعكس الحاجة لإصلاح الأوضاع المحلية والمصالحة مع قوى المعارضة، والسعي لإدخال خط الممانعة في العملية السياسية، والمشاركة البرلمانية. ويتوقّع أصحاب هذه القراءة، صدور حكم على معتقلي المعامير مماثل للحكم الصادر على معتقلي كرزكان، والسعي لتسوية قضايا المعتقلين الآخرين.

وقال: لا زلت أعتقد بأنّ الحكم بالبراءة هو حكم سياسي وليس مجرّد حكم قضائي، وفي بيان حيثيات الحكم بالبراءة، إدانة لوزارة الداخلية، وللنيّابة العامّة، وفيها إشارة ضمنية إلى الخلل في إجراءات المحكمة، والحكم يدل على تغيّر في إرادة السلطة، حيث استثنت هؤلاء المعتقلين من العفو الملكي، ثم قامت بمساومة سياسية مع شخصيات من الممانعة للإفراج عنهم وفشلت المساومة، فأصرّت على الاستمرار في المحاكمة، وقدّم الأخوة في الوفاق ترضيةً ماليّة للإفراج عنهم، ورفضت السلطة وأصرّت على الاستمرار في المحاكمة، وكانت التوقّعات في أحسن الأحوال، أن يصدر حكم إدانة ضد المعتقلين، ثم يصدر عفوٌّ ملكيٌّ عنهم، وأخيرًا يأتي الحكم الذي فاجأ الجميع ببراءة جميع المعتقلين، وهذا الحكم هو في مصلحة المعتقلين وقوى المعارضة ـ لاسيّما خط الممانعة ـ وليس في مصلحة السلطة ـ ظاهًرا ـ ولا قوى الموالاة، ولا خط المشاركة البرلمانية (والمقصود هنا مشروع السلطة، وليس رغبة المشاركين من المعارضة في غير البراءة للمتهمين من أجل تحقيق مصالح خاصة).

وقال: المذهل إنّ السلطة كان أمامها مجموعة خيارات سياسية، مثل: تفعيل العفو الملكي السابق، أو القبول بالترضية، أو إصدار أحكام مخفّفة، أو الحكم على المعتقلين ثم العفو الملكي عنهم، وهذه الخيارات كلّها، تحفظ ماء وجه السلطة، وتجنّب مؤسّسات الدولة الإدانة القضائية، وتخدم المشروع السياسي للسلطة المتمثل في المشاركة البرلمانية، وغير ذلك. إلا إنّ السلطة لم تأخذ بشيء من هذه الخيارات، وصدر الحكم ببراءة جميع المعتقلين، مما يجعل الفهم السياسي العلمي للحكم ليس أمرًا سهلاً.

وقال: تفسير الحكم بالبراءة على أنه استجابة للضغوط الداخلية والخارجية، ليس كاملاً، لأنّ الخيارات السياسية الأخرى المتاحة للسلطة، تكفيها للتغلب على هذه الضغوط، مما يدل على إنّ الحكم بالبراءة قد يعبّر عن إرادة سياسية جديدة للسلطة، وهذا يتطلّب من الجماهير والقوى السياسية السعي الجدي من أجل فهم الحدث فهما علميًّا، للتأسيس الصحيح للتحرك في المرحلة القادمة.

وقال: لا أرى صحّة القراءة الأولى، حيث لا يوجد ما يَحْمِلُ السلطة على تبرأة معتقلي كرزكان من أجل إصدار أحكام قاسية ضد معتقلي المعامير، والقول: بأنّ الحكم ببراءة معتقلي كرزكان، يهدف إلى إعطاء انطباعًا للرأي العام في الداخل والخارج بنزاهة القضاء واستقلاليته، غير مقبول علميًّا، لأنّ القضاء له سجل تاريخي طويل يمنع من ذلك، وقضية واحدة لا تثبت علميًّا نزاهة القضاء، ولا يمكن أن تمسح سجلاً تاريخيًا طويلاً معاكسًا. ونزاهة القضاء واستقلاليته، تحتاجان إلى تدريب القضاة وتأهيلهم علميًا ومهنيًا، وإلى تحسين الإجراءات القانونية للمحاكم، وتعيين القضاة بواسطة الجهاز القضائي نفسه، وليس عن طريق رأس الدولة، وغير ذلك، وكلها غير متوفرة في الوقت الحاضر.

وقال: إنّ قناعة بعض السياسيين من المعارضة وتصريحاتهم بنزاهة القضاء استنادًا إلى الحكم ببراءة معتقلي كرزكان، يمكن أن يتغيّران ببساطة، إذا حدثت أمور مغايرة، مثل: إصدار أحكام غير عادلة على معتقلي المعامير، أو تمّ استهداف رموز للمعارضة في المستقبل.

وقال: أرى دلالات على تغيّر في إرادة السلطة، نظرًا لإدراكها استحالة القضاء على خط الممانعة أو إضعافه من خلال الحلول الأمنية، ولإدراكها معاكسة الظروف الإقليمية السياسية والاقتصادية لإرادتها السابقة، وقد تكون بصدد فتح صفحة جديدة، والسعي لاحتواء خط الممانعة، ودمجه في العملية السياسية، وهذا أمر ممكن، والطريق الوحيد إليه هو تحقيق مطالب الشعب العادلة، مما يوجب على السلطة التفكير فيه والسعي إلى تحقيقه، ويوجب على قوى المعارضة حسن الإدارة والتصرف بحكمة بالغة.

وبخصوص اختلاف ردود الفعل بين اعتقال الرموز واعتقال غيرهم، قال: في الأصل ينبغي أن يهبَّ الناس جميعًا لرفض كل انتهاك لحقوق أي إنسان، ومن الخطأ ـ في الأصل ـ التمييز بين الرموز وغيرهم، إلا إنّ الناس بفطرتهم يميلون لحفظ المقامات، وهذا شيء صحيح، إلا أنّه يجب الدفاع عن حقوق المظلومين والمطالبة بإنصافهم بغض النظر عن مقاماتهم.

التسويق لقبول المواطنين بالشقق السكنية

وبخصوص كثرة دعوات البعض للمواطنين للقبول بالشقق السكنية، وعدم الإصرار على البيوت، قال: هناك رأيان أساسيان في هذا الموضوع، وهما:

الرأي (1): يدعو إلى القبول بالشقق السكنية وعدم الإصرار على البيوت، بحجّة:

• إنّ رفض الشقق يسمح للمجنّسين باختراق مناطقنا السكنية حيث يحصلون على هذه الشقق الكثيرة في مناطقنا، فيتكرَّسون فيها، والمطلوب: قطع الطريق عليهم بقبول الشقق.

• إنّ إرادة السلطة الآن هي بناء الشقق وفرضها على المواطنين، فإذا لم نقبل بالشقق الآن، فسوف نقبل بها غدًا، ولا ينبغي تضييع الوقت.

الرأي (2): إنّ البلاد لا تعاني من نقص في الأراضي، فهي موجودة بكثرة ولكنها تحت سيطرة القائمين على السلطة والمتنفّذين بغير حق، والقبول بالشقق هو استسلام للأمر الواقع الذي تسعى السلطة لفرضه على المواطنين بغير حق، والمطلوب: رفض نظام الشقق، وممارسة الضغوط على السلطة حتى تستجيب للحق، وتعطي كل مواطن حقه في الحصول على أرض للسكن في وطنه.

وقال: القبول بالشقق لا يمنع اختراق التجنيس لمناطقنا، فالسلطة كما تعطي البيوت للمجنّسين سوف تعطيهم الشقق أيضًا. والسلطة سوف تستمر في بناء البيوت وتوزّعها على أساس طائفي خلافًا للحق والعدل، فهي سوف تعطي بعض المواطنين بيوتًا، وتفرض على مواطنين آخرين الشقق بغير حق، مع إنّ القيمة الأكبر هي للأرض وليست للبناء.

وقال: أرى بأنّ إقامة نظام الشقق هو قرار سياسي يقف وراءه القائمون على السلطة والمتنفّذون الذين لهم السيطرة غير المشروعة على الأراضي الواسعة، ويقومون ببيعها للأجانب بهدف الثراء غير المشروع، وتسويقه يعبّر عن إرادة هؤلاء، والقبول به سوف يؤدي إلى نتائج خطيرة، منها: تملّك المجنّسين والأجانب لأرض الوطن، فيكون القبول بالشقق في الحقيقة بيع للوطن.

وقال: ينبغي على الجماهير والقوى السياسية رفض نظام الشقق، والمطالبة الجدية والفاعلة بحق كل مواطن في الحصول على أرض لسكنه في وطنه ـ كما وعد بذلك الملك ـ فالأراضي موجودة إلا أنها تحت السيطرة غير المشروعة للمتنفذين واستردادها حق وطني مؤكد، ونظام الشقق خطير جدًا على مستقبل الوطن والمواطنين، وتحقيق هذا الطلب المشروع والواقعي ممكن جدًا، إلا أنه يحتاج إلى ممارسة الضغوط الشعبية ومن القوى السياسية على السلطة لكي تذعن وتستجيب، والجماهير والقوى السياسية تمتلك القدرة على ممارسة هذه الضغوط على السلطة، إن هي ملكت الإرادة والعزم والإقدام.

وقال: هذه أفكار وملاحظات أوّليّة حول الموضوع، وينبغي أن يُناقش الموضوع بشكل حرفي شامل من قبل القوى السياسية، وأن تشارك الجماهير في مناقشته، ويعرض عليها بشكل واسع، فمشروع نظام الشقق به خطورة كبيرة جدًا على مستقبل الوطن والمواطنين، ولا يصح أخذه بالبساطة الموجودة في الرأي الأول.

ضعف الحالة العلمية الدينية في البحرين

وبخصوص ضعف الحالة العلميّة الدينيّة في البحرين، قال: كانت للبحرين نهضة علميّة دينيّة كبيرة ومتميّزة امتدت لتاريخ طويل منذ عهد الرسالة الأول، حيث كان في البحرين (أوال) رواة للحديث عن الرسول الأعظم الأكرم Q وكانت ملاذ الكثير من الصحابة والتابعين والأولياء الصالحين والزعماء السياسيين التابعين لمدرسة أهل البيت ^ وهي تضم رفاتهم في ترابها، مثل: الشيخ صعصعة، والأمير زيد، والشيخ سهلان، وعُمَيْر المعلم، وغيرهم، وكانت حاضرة علمية تنافس الحاضرات العلمية الكبيرة في العراق وإيران وغيرهما، وقد خرّجت فقهاءً عظامًا، مثل: الشيخ ميثم البحراني، والشيخ يوسف البحراني، والسيد هاشم البحراني، والشيخ سليمان الماحوزي البحراني، وغيرهم، ثمَّ تدهورت الحالة العلميّة الدينيّة في البحرين لعدَّة أسباب، منها:

• الظلم الفظيع والاستبداد: حيث خنقا الحركة العلمية، وأحدثا هجرة واسعة من البحرين إلى دول الجوار يقدِّرها البعض بأكثر من نصف سكان البحرين الأصليين في ذلك الوقت. وقد طَمَسَ التراث العلمي والأدبي الهائل لعلماء البحرين بالكامل عن قصد وتعمد، فأصبحنا لا نعرف عنه إلا وصفه في كتب التراجم، والمساعي لا تزال قائمة إلى الآن لمحو الآثار التي تدل على تاريخ التشيّع في البحرين.

• دور الاستعمار البريطاني: فقد سعى الاستعمار البريطاني لضرب الحاضرات العلمية في العالم الإسلامي لدورها في رفض وجوده ومقاومته، فتمَّ تحويل الأزهر الشريف إلى مؤسّسة رسميّة تابعة للحكومة المصرية، وأصبحت الفتاوى تصدر منه بأمر السلطة. وقد سعى الاستعمار البريطاني لتكون الحوزة العلميّة في النجف الأشرف على غرار الأزهر، وكان المدخل إلى ذلك هو السعي لدفع رواتب من الدولة لعلماء وطلاب الحوزة، إلا أنه فشل فشلاً ذريعًا، ونجح الفقهاء هناك في المحافظة على استقلاليّة الحوزة العلميّة، وأعطوا الثمن الباهظ لذلك من الدماء الزكية وغيرها.

أمّا في البحرين: فنظرًا لصغر مساحتها وقلّة عدد سكانها وتأثير الظلم والإرهاب في سكانها، فقد نجح الاستعمار في إضعاف الحالة العلميّة الدينيّة المزدهرة فيها، ثم توجيه الضربة القاضية إليها.

• سيادة تقليد الفقهاء العظام الثلاثة، وهم: آية الله العظمى الشيخ يوسف البحراني، وآية الله العظمى الشيخ حسين البحراني، وآية الله العظمى الشيخ عبد الله الستري البحراني، فتعطّل الجد وتوقّفت حركة الاجتهاد فلم يبرز فقهاء عظام جدد، وانقطعت صلة المؤمنين بالمرجعيات العليا في خارج البحرين، مما أثّر سلبًا على الحركة العلمية الدينية في البحرين، وهذا الطرح هو طرح فكري، ولا علاقة له بالجانب الفقهي.

• ضعف الهمّة والإرادة: إنّ النهوض بالحركة العلميّة الدينيّة في ظلِّ الأوضاع الصعبة أمر ممكن، ولكنّه يحتاج إلى إرادة مقاومة صلبة وهمّة عالية مشفوعين بالاستعداد التّام للتضحية وبذل النفس والمال والجهود المضنية، وهذا ما لا نلمس وجوده حتى الآن، فإرادة المقاومة والاستعداد للتضحية ضعيفين ولا يرقيان إلى مستوى الخطر والتّحديات.

الحجاب في الإسلام

وبخصوص ما يقال عن سلبيات الحجاب، قال الأستاذ: قاعدة الموازنة بين الأضرار والمنافع قاعدة صحيحة، إلا إنّ الحياة الدنيا التي هي دار الأضداد والتزاحم، لا يوجد فيها شيء خالص المنفعة تمامًا وبدون كلفة، فالأشياء النافعة فيها تخالطها الكلفة والضرر. ومع صحّة قاعدة الموازنة بين الأضرار والمنافع، إلا إنّ السعي لتطبيق القاعدة على كثير من الأمور هو خارج دائرة المعقول، فمثلاً: اللّباس، قد يجد البعض له سلبيات، ولكن البحث في سلبياته بهدف التحلّل منه خارج دائرة المعقول.

وقال: قد يجد البعض للحجاب سلبيّات، إلا إنّ اعتبار البعض سلبيات الحجاب أكثر من إيجابياته اعتبار غير منطقي، والقول: بأنّ من سلبيّات الحجاب التشجيع على الانحرافات الجنسية، قولٌ غيرُ معقول.

وقال: إنّ أكثر ما يُقال عن الحجاب أنّه يقيّد حركة المرأة ويُضعف من تفاعلها الاجتماعي. والواقع إنّ الحجاب الشرعي ليس من شأنه تقييد حركة المرأة أو إضعاف تفاعلها الاجتماعي، بل يُسهِّل حركتها في مقابل تدلّي شعرها، ويبرزها في المجتمع بإنسانيتها وليس بأنوثتها، مما يضبط إيقاع تفاعلها الاجتماعي في الاتّجاه السليم، ويساهم في أدائها لدورها بشكل صحيح وفعّال.

وقال: الغترة والعقال يُقيِّدان حركة الرجل أكثر من تقييد الحجاب لها، ولا يوجد في المجتمع من يدعو لنزعهما. وكثير من النساء اتّجهن لأشكال جديدة من الحجاب تقيّد حركتهن بشكلٍ أكبر في سبيل إبراز أنوثتهن، ولا أحد من أصحاب هذا الطرح يحتجُّ أو يعترض على ذلك، فالحديث عن سلبيّات الحجاب غير واقعي، ويخضع غالبًا للتأثر غير الواعي بالفكر والحضارة الغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى