لقاء الثلاثاء (22) | 7-9-2009
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
الدين والسياسة
قال الأستاذ: في عقيدة المؤمنين الصالحين “الدين سياسة، والسياسة دين” وهذا حقٌّ ثابتٌ بالضرورة من الدين، وقد كشفت التجارب التاريخية والمعاصرة: إنّ الدين إذا دخل على السياسة زانها، وإذا دخلت السياسة على الدين شانته، فينبغي علينا أن نُميِّز بين دخول الدين على السياسة فيُزيِّنَها بطهارته والقيم السماوية العالية وتوظيفها في خدمة الإنسان، وبين دخول السياسة على الدين فتشينه بقذارتها، فيصبح قذرًا ينبع من الهوى ويُوظَّف لخدمة مصالح النفس الأمارة بالسوء، ولا صلة تربطه في هذه الحالة بالله (.
إنّ التمسّك بالدين في ممارسة العمل السياسي، قد يجعله أكثر صعوبة لاسيّما إذا كان في مواجهة أطراف سلطوية سيئة لا تؤمن بالدين والقيم المعنوية السامية، ولكنّه يحفظ إنسانية الإنسان، ويجعل الإنسان يكسب التاريخ ورضا الرحمن والآخرة، وهو لا يمنع من تحقيق الانتصار.
أمّا دخول السياسة على الدين وتوظيفه لخدمة المصالح السياسية على حساب القيم والدين والإنسانية ـ وهو لا يكون في هذه الحالة إلا كذلك ـ فإنّه قد يمنح الشخص الطبيعي أو الاعتباري بعض المصالح المؤقتة والمكاسب السريعة، ولكنه يخسر إنسانيته والتاريخ والآخرة.
قول الله تعالى: )مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ` لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللهِ وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ(([1]).
فعلى المؤمنين الخيّرين: التمييز بين إدخال الدين على السياسة، وإدخال السياسة على الدين، والسعي لإدخال الدين على السياسة من أجل تطهيريها وتزيينها وتوظيفها لخدمة الأهداف الإنسانية والإسلامية والوطنية النبيلة، والحذر من إدخال السياسة على الدين فيشينوا الدين، ويخسروا إنسانيتهم والتاريخ والآخرة.
وبخصوص رفض الإمام علي o الالتزام بسيرة الشيخين، قال: الإمام علي بن أبي طالب o يرى نفسه الخليفة الشرعي الوارث للرسول الأعظم الأكرم Q وإنّ قوله وفعله حجّة، والشيخين ـ بحسب عقيدة جميع المسلمين ـ ممن يصيب ويخطئ في اجتهاده، وقبول الإمام علي o الالتزام بسيرة الشيخين، يُؤدِّي إلى:
• تقديس هذه السيرة، وعدم محاكمتها بموضوعية، فيدخل في الدين بذلك ما ليس من الدين.
• قطع الطريق على الحركة الإصلاحية للأئمة من أهل البيت ^ التي تهدف إلى إرجاع الأمة لأهل البيت ^ لأخذ الدين منهم، لأنهم الأمن من الضلال، قول الرسول الأعظم الأكرم Q: “إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ الْمُنْزَلَ، وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي”([2]).
وقال: ليس في وسع أمير المؤمنين القبول الشكلي أو الظاهري ثمَّ التغيير بعد التمكُّن، وذلك:
• لأنّ مجرّد القبول يؤدي إلى النتيجتين السابقتين: (تقديس السيرة، وقطع الطريق على الحركة الإصلاحية للأئمة من أهل البيت ^) حيث إنّ فعل الإمام حجة، فتكليفه السياسي يختلف ـ من هذه الناحية ـ عن تكليف سائر المؤمنين حتى الفقهاء، لأنّ قول الفقيه حجّة، أما فعله فليس بحجّة، وهذا قد يعطي الفقيه مساحة من المناورة السياسية غير متاحة للإمام المعصوم.
• إنّ القبول الشكلي ثم التغيير بعد التمكين، يسمح لوصف الإمام بالانقلاب على العهود والمواثيق، وهذا مما يضر بالدين، وهو خلاف غاية الإمام وتكليفه.
اللقاء مع الوفاق
قال الأستاذ: اتفقنا مع الأخوة في الوفاق على عدم طرح تفاصيل ما يدور في اللقاءات، والاكتفاء بما يرد في البيان الخبري المشترك، وسوف نحترم هذا الاتفاق. وقد ورد في البيان الاتفاق على الاحترام المتبادل واستمرار القاءات.
وقال: قيادات تيار الوفاء ملتزمة بينها وبين ربها على:
• جعل التيار وسيلة للتقرب إلى الله ذي الجلال والإكرام، والحيلولة دون جعله حجابًا بين الناس وبين خالقهم ومالكم ومربيهم.
• السعي لما فيه لله رضًا وللناس فيه صلاح.
• الحرص الشديد على تذليل الصعوبات التي تقف في وجه الإصلاح، وليست لديها أية مصالح خاصة.
وبخصوص الموقف من الانتخابات القادمة، قال: للتيّار رؤية مكتوبة حول الموقف من الانتخابات القادمة، وسوف يتفاوض مع القوى السياسية على أساسها، وقد رسم للتفاوض ثلاث مستويات: التحالف، والتنسيق، والتفاهم، ولن يتحدَّث أحدٌ من قيادات التيار عن الموقف من الانتخابات قبل الوقت المحدد لذلك.
وقال: مطالب التيار يأخذها من السلطة وليس من الوفاق أو غيرها من القوى السياسية، وهذا يتطلّب حسن إدارة العلاقات والمواقف مع الوفاق ومع كافّة القوى السياسية لتجنّب المواجهة البينيّة، فالنجاح في إدارة العلاقات والمواقف وتجنّب المواجهة البينيّة مع القوى السياسية يعطي قوّة أكثر لقوى المعارضة ويمنحها فرصة أفضل لتحقيق المطالب الشعبية العادلة، والعكس صحيح: الفشل في إدارة العلاقات والمواقف وحدوث المواجهات البينيّة مع القوى السياسية، يضعف المعارضة ويجعل السلطة في وضع أفضل في مواجهة المعارضة والإجهاز عليها، ويقلِّل كثيرًا فرصة نجاح المعارضة في تحقيق المطالب الشعبية العادلة.
وبخصوص الخوف من تضليل الجماهير، قال: إنّ حديث البعض عن عدم وعي الجماهير والرغبة الجامحة لفرض الوصاية عليهم، يعكس حالة من الاستعلاء والتكبّر والغرور والأنانية المفرطة، فالجماهير ليست بهذه الدرجة من الجهل والغفلة، وتتميّز جماهيرنا بالحضور والمتابعة والقدرة على التعلم والتمييز.
وقال: هذا النمط من التفكير الذي هو من سمات الحكومات والقوى المتسلطة، ليس وراءه إلا الاستعباد والتخلّف وانتشار الفساد في الأرض.
وقال: لا وجود للأميّة بين جماهيرنا، ومستوى التعليم لديهم جيد، وحتى على فرض وجود الأميّة، فالأميّة لا تُعطي المبرِّر للاستبداد، فالحكومات العربية كانت ولا تزال تتذرع بعدم تأهل شعوبها للديمقراطية لكي تفرض وصايتها عليها وتحرمها من حقّها من الشراكة السياسيّة، ولم تفعل أي شيء من أجل تطوير شعوبها والعمل على تأهيلها للعمل الديمقراطي، ولو كانت صادقة في دعواها لسعت لتأهيل شعوبها للديمقراطية، ووضعتها على الطريق الصحيح للشراكة السياسية، بدلا من فرض المزيد من القيود عليها.
وقال: الرسول الأعظم الأكرم Q جاء لمجتمع أمي منغمس في الأعراف والتقاليد الجاهلية، فعلمه ورباه وأهله لحمل الرسالة، ونجح في ذلك نجاحًا باهرًا، حتى جعل منهم قادة للعالم، وفتح بهم أكبر إمبراطوريات العالم آنذاك.
والنتيجة: الأمِّي والجاهل يمكن أن يتعلَّمَ ويتأهَّلَ، والقيادة الحقيقيّة الُمخلِصة هي التي تقوم بذلك بدلاً من التذرّع بالأميّة والجهل من أجل فرض الدكتاتوريّة والاستبداد والوصاية على الشعوب، والعقل والدين بريءٌ من ذلك، وهو من عمل الشيطان والنفس الأمارة بالسوء.
التنسيقية للدفاع عن المعتقلين في البحرين
قال الأستاذ: التنسيقيّة نموذج للعمل الوطني المشترك، وهدفها الدفاع عن المعتقلين المظلومين، وهي مفتوحة لجميع القوى السياسيّة والمؤسَّسات الحقوقيّة والقانونيّة والأهالي الذين لديهم الرغبة الصادقة في المساهمة الجديّة في هذا الواجب الديني والإنساني والوطني النبيل، وهي ليست بديلاً عن التحالف للحقيقة والإنصاف والمصالحة.
وبخصوص ما نقل عن اجتماع الوفاق مع الأهالي وتحريضهم على عدم التعاون مع التنسيقية، قال: لم يثبت لنا صحّة هذا الخبر، وإذا ثبت لن يضر التنسيقيّة بشيء، وسوف تمضي التنسيقيّة في تأدية واجبها الديني والوطني الشريف، وهي شاكرة لكل من يتعاون معها ويعينها على تأدية هذا الواجب، وإذا اقتنع أحد من الأهالي أو أيِّ طرفٍ بعدم التعاون مع التنسيقيّة، فليس لها عليه سبيل، إلا إنّ التجربة بين التنسيقيّة واللجان الأهلية مشجّعة كثيرًا حتّى الآن، وتبني مع الأيام المزيد من الثقة والتعاون المتبادل ولا خوف عليها إن شاء الله تعالى.