لقاء الثلاثاء (19) | 27-7-2009
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
مقال ولي العهد بخصوص التطبيع مع الكيان الصهيوني
قال الأستاذ: قبل الحديث عن مقال ولي العهد بخصوص التطبيع مع الكيان الصهيوني، أريد أن أنبِّه إلى خطأ التفكير وصعوبة الفهم للسياسة الداخلية لأيِّ بلدٍ بمعزلٍ عن الأوضاع الإقليمية والدولية المحيطة بها.
وبخصوص مقال ولي العهد بشأن التطبيع مع الكيان الصهيوني، قال: هناك ثلاث قراءات للخطاب:
القراءة (1) ترتبط بالوضع المحلِّي.
القراءة (2) ترتبط بالوضع الإقليمي.
القراءة (3) قراءة اجتماعية ترتبط بالمجتمعات الخليجية.
وقال: القراءة الأولى التي ترتبط بالشأن المحلِّي أُعطيها الأولويّة، وهي مقدَّمَة في الأهميّة على القراءتين: (الثانية والثالثة) والذين ذهبوا إلى القراءتين لم يلتفتوا أو لم يكونوا على اطّلاع كافٍ بالأوضاع المحليّة في البحرين، وفي تقديري لو التفتوا إليها وعرفوها لقدَّموا القراءة الأولى على غيرها. أمّا القراءة الثالثة فأصحابها غير عارفين قطعًا بالأوضاع الداخلية في البحرين، ولو كانوا مطّلعين لم يقولوا بها أصلاً.
القراءة الأولى: في رأيي السلطة في البحرين تعيش أزمة عدم ثقة مع شعبها، وبدلاً من سعي السلطة لتصحيح العلاقة وبناء علاقة ثقة قوية وراسخة مع شعبها، والتصرّف على أساس كونها حكومة وطنيّة تريد أن ترسم علاقة سليمة مع شعبها، اعتمدت أربع وسائل للتعاطي مع الشعب والمعارضة، وهي:
(1) القمع والإرهاب بواسطة الأجهزة الأمنيّة الشرسة الواسعة التي يتفاخر قادتها بحجمها الضخم الذي لا يتناسب مع حجم دولة خليجيّة صغيرة كالبحرين، وقوامها من المرتزقة الذين لا يشعرون بالانتماء إلى الوطن، وليست لهم لُحمَة تربطُهم بالمواطنين، ولهذا فهم مستعدِّون لممارسة القمع للأنشطة المطلبيّة الشعبيّة للمعارضة بقسوة شديدة، والقيام بأيِّ عملٍ قذر ضدَّ المواطنين الشرفاء.
(2) استيراد شعب بديل بواسطة التجنيس (التوطين) الذي لا مثيل له في العالم إلا في الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين العزيزة. ويرى البعض وجود توافق خليجي على سياسة التجنيس في البحرين، وذلك تحسّبًا لحوادث إقليمية من الممكن أن تغيِّر الأنظمة، مثل: مواجهة عسكرية شاملة بين أمريكا والجمهورية الإسلامية في إيران. ولأنّ الشيعة هم أكثريّة في البحرين، فهناك تخوّف من أن تأتي رياح التغيير بحكومة شيعيّة إلى البحرين ـ كما حدث في العراق ـ مما يجعل منها جسمًا غريًبا بين دول مجلس التعاون الخليجي، فيكون وجود أغلبية سنيّة من خلال التجنيس، ضمانة لتكون السلطة الجديدة سنيّة لا شيعيّة.
(3) الدعم الأمريكي: في ظلِّ وجود أغلبيّة شيعيّة معارضة في البحرين، والتخوّف من حدوث المواجهة بين أمريكا والجمهورية الإسلامية في إيران، وقناعة السلطة في البحرين بأنّ النظام في إيران لم يتخلَّ جدّيًا عن دعوى تبعيّة البحرين لإيران، فإنّ السلطة في البحرين تتطلّع لحماية أمريكيّة في وجه المعارضة الشيعيّة والمطالب الإيرانية بشكلٍ خاص، وتستجدي هذه الحماية من أمريكا بكلِّ السبل، وهي مستعدّة لفعل أيِّ شيءٍ للحصول على هذه الحماية.
• فقد أعلن الملك أثناء زيارة بوش للبحرين عن وقوفها مطلقًا إلى صفِّ أمريكا في حماية الخليج.
• وأقنعت السلطة الموالاة من المتطرّفين الذين يقولون بالعداء لأمريكا، أو اقتنعوا من خلال المنظار الطائفي التي تضعه السلطة على عيونهم، بأنّ إيران هي الخطر، ويمكن السكوت عن الأسطول الأمريكي وغيره لصالح المواجهة مع إيران.
• وأقدمت على تعيين سفيرة يهوديّة للبحرين في واشنطن، لم تكن معروفة بالخبرة والكفاءة في هذا المجال، والأقليّة اليهوديّة في البحرين لا تتطلّب هذا المستوى من التمثيل لها في السلطة، بحيث تُعيَّن منها سفيرة في عاصمة مهمّة جدًا مثل واشنطن، ولكنه الاستجداء من أمريكا، والسعي لكسب ود اللوبي الصهيوني هناك لهذا الغرض، وقد منحت الجنسية لعددٍ من اليهود.
• وجاءت دعوة وزير الخارجية لتشكيل تجمُّع إقليمي يضمُّ الدول العربية وتركيا وإيران والكيان الصهيوني.
• وأخيرًا جاء خطاب ولي العد الذي يدلُّ على إنّ البحرين تربط مصيرها بأمريكا وتخطب ودها من أجل أن تقوم بحمايتها.
(4) دمية الديمقراطية: السلطة لا ترغب في الإصلاح، ولكنّها تريد إعطاء صورة حسنة عن نفسها للرأي العام الخارجي، لكي تكسب الدعم الأجنبي لمشروعها، وإلهاء قوى المعارضة في الداخل، وإعطاء الشرعية لأعمالها التخريبية، مثل: قمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان والتجنيس والتمييز وسرقة الأراضي ونهب الثروات، بحجّة وجود دستور هو دستور المنحة، ووجود برلمان في البلاد هو البرلمان الدمية.
القراءة الثانية: الجميع يلاحظ النشاط الدبلوماسي المحموم للإدارة الأمريكية في المنطقة، فلا تكاد تغادر شخصية تابعة للإدارة الأمريكية المنطقة حتى تزورها أخرى، وهذا دليل على أهميّة المنطقة، وخطورة ما يتمُّ طبخُهُ لها، وأنّها مقبلة على أوضاعٍ صعبة وخطيرة ومصيريّة، وأرى:
(1) بأنّ المواجهة الملحمية بين الكيان الصهيوني وأمريكا وحلفائهما من جهة، وبين الجمهورية الإسلامية في إيران وحلفائها من جهة ثانية، هي قدرٌ لا مناص منه، والمسألة مجرّد وقت، والكل يدرك إنّ نتائج هذه المواجهة ستكون عميقة وقاسية جدًا على المنطقة، وقد تُغيِّر الخارطة السياسيّة للمنطقة بشكلٍ كلِّي، والكل يجب أن يستعدَّ لها، وكلُّ من لا ينظر إليها ويأخذها بعين الاعتبار لا نصيب له من الكياسة ولا من السياسة.
(2) إنّ الإدارة الأمريكية الحالية (إدارة أوباما) تعيش في مأزقٍ حقيقي وهي غير قادرة على الوصول إلى حلولٍ توافقية واتّخاذ مواقف حاسمة بشأن الملفات الحسّاسة في المنطقة، وذلك نظرًا لتعقّد المسائل وتداخل المصالح وتعارضها. فقد شُكِّلَت لجنة من الكونجرس الأمريكي مهمتها دراسة أسباب كراهة الشعوب العربية والإسلامية لأمريكا، وانتهت الدراسة إلى نتيجة محدَّدة، وهي: إنّ الكراهية تعود إلى سببين، وهما:
• دعم أمريكا للحكومات الدكتاتورية المستبدَّة في العالمين العربي والإسلامي.
• ودعمها المطلق إلى الكيان الصهيوني.
وفي ظلِّ هاجس المواجهة بين أمريكا والجمهورية الإسلامية، تحتاج أمريكا إلى كسب موقف الشعوب الإسلامية، وهي تسعى مع حلفائها في المنطقة لتأجيج الفتنة الطائفية لكسب جزء من الشارع الإسلامي على أساس طائفي، إلا إنّ ذلك غير كافٍ، ولهذا هي تسعى لحل الدولتين في فلسطين وتعطيه الأولوية على المواجهة مع الجمهورية الإسلامية في سبيل كسب موقف الشعوب العربية لصالحها في المواجهة، وتمهيد السبيل إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتخفيف ضغوط الشعوب على الحكومات، وتواجهها في هذا السبيل عقبتين:
• رفض الكيان الصهيوني إعطاء الأولوية لحل الدولتين ويرى تقديم المواجهة عليه.
• إنّ أمريكا تحتاج إلى الحكومات الحاليّة لمساندتها في المواجهة مع الجمهورية الإسلامية في إيران وسوف تخسر هذه المساندة لو دعمت خيار الديمقراطية لصالح الشعوب في المنطقة.
وأصحاب القراءة الثانية: يرون إنّ مقال ولي العهد وهو الحليف الشاب لأمريكا في الخليج إلى جانب الحليف الشاب في الأردن الملك عبد الله يخدم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو من الأهداف الاستراتيجية المطلوبة لأمريكا في المنطقة، وفي التمهيد للمواجهة مع الجمهورية الإسلامية وحلفائها.
القراءة الثالثة: هي القراءة الاجتماعية للمجتمعات الخليجية، حيث تنظر هذه القراءة إلى المجتمعات الخليجية على أنها مجتمعات نفطية مرفَّهَة، وهي لا تفكِّر في المواجهة، وغير مهيّئة فكريًا ونفسيًّا واجتماعيًّا لها وغير قادرة على تحمُّل نتائجها، وكلُّ تفكيرها هو في ادّخار الأموال في البنوك الأجنبية لاسيما في البنوك الأمريكية وفي الاستثمار. وهذه أقلُّ القراءات أهميّة في فهم أبعاد المقال، وأصحاب هذه القراءة غير واقفين قطعًا على الأوضاع الداخلية في البحرين، ولو كانوا مطّلعين عليها، لما ذهبوا لمثل هذه القراءة.
ثلاث رسائل
قال الأستاذ: لي ثلاث رسائل أريد توجيهها بهذه المناسبة:
الرسالة (1) لأمريكا: حيث تنظر إلى البحرين ليس بحجمها الجغرافي ولا بحجم سكانها، وإنّما لتأثيرها النوعي في المنطقة ـ وهو ثابتٌ بالتجربة ـ وأنّها مهيّأة لأن تكون نموذجًا على مستوى المنطقة، وأمل أمريكا معقود أكثر على ولي العهد، فقد تعلّم وتربّى على يدها، وهو منحاز إليها تمام الانحياز، وبعض قوى المعارضة تعقد الأمل أكثر على ولي العهد في الإصلاح، وقد سمعت من الملك شخصيًّا ـ وذلك في ذروة التوجّه نحو الإصلاح ـ إنّ ما يعجز هو عن تحقيقه سوف يحقّقه ولي عهده وهو ثقته، وهذا القول لم يأتِ ـ بحسب تقديري ـ جزافًا.
والرسالة التي أوجهها لأمريكا: إذا أرادت أن تحفظ مصالحها ـ وبالمناسبة: الصحفيّون والباحثون الأمريكيون الذين نلتقي بهم، يسألون دائمًا عن موقف المعارضة من الأسطول الخامس ـ فإذا أرادت أمريكا أن تحفظ مصالحها، ويتحقّق أملها بتقديم البحرين كنموذج للمنطقة، فعليها أن تدفع باتّجاه الإصلاح الحقيقي، وليس غير ذلك يحفظ مصالحها ويحقق آمالها في المنطقة، وأمريكا لم تقدِّم أيَّ شيءٍ صحيح إلى اليوم في هذا الاتجاه، ونحن نقرأ موقفها على أنّه ضدَّ الإصلاح وضدَّ المصالح الوطنية، وعليها أن تدرك إنّ ما تقوم به يضرُّ بسمعتها ولا يخدم الأمن والاستقرار ويضرُّ بمصالحَها على المدى البعيد في المنطقة.
الرسالة (2) لولي العهد: إنّ ولي العهد قد وقع في خطأٍ كبير، إذ كان بإمكانه أن يكسب ثقة الشعب والمعارضة، وأن يبثَّ روحَ الأملِ في شعبه، إلا أنه ضعف في مواجهة الخط المضاد للإصلاح، وانشغل بتكوين الثروة والمشاريع الفوقيّة التي لم تَسْلَم بدورها من آفة التمييز وغيرها من آفات الفساد. وبدلاً من السعي لتوثيق علاقته مع الشعب والمعارضة وتقوية خيار الإصلاح، انجرف في تيار التعويل على الدعم الأمريكي، وهذا لن ينفعه بشيء. فإذا كان يطمح في مُلكٍ مستقر في المستقبل، فعليه أن يتوجّه من الآن وقبل فوات الأوان لتوثيق علاقته بالشعب والمعارضة، وتعزيز الإصلاح الحقيقي في البلاد، ولا يترك لأعداء الإصلاح تقويض ملكه.
الرسالة (3) للإخوة السنة: أقول للإخوة السنّة، نحن وإياكم إخوةٌ في الدين والوطن، وأنتم محرومون مثلنا من حقكم بالمساهمة في صناعة القرار وتقرير المصير ومن حقِّكم في الثروة وغير ذلك من الحقوق الطبيعية والوضعية، والحكومة تعتمد في مواجهتنا جميعا (السنة والشيعة) على القمع والشعب البديل والدعم الخارجي، حتى وصل بها الحال إلى أن تكون داعية التطبيع مع الكيان الصهيوني وهذا شيء لا يرضيكم طبعًا، وقد أَلْبَسَتْ الصراعَ مع المعارضة المطالبة بالحقوق الشعبية العادلة لباسَ الطائفية من أجل التضليل على حقيقة الصراع بينها وبين قوى المعارضة، واستخدمت أشخاصًا من فسدة العقل والدين والضمير من الذين أعماهم المال والجاه والسمعة فلا يرون شيئًا من النور، وذلك للترويج للفتنة الطائفيّة خدمةً للسلطة والشيطان، وعليكم أن تدركوا بأنّ الطريق إلى الأمن والاستقرار وصيانة المصالح الوطنيّة هو الإصلاح الحقيقي في البلاد الذي يحفظ كافّة الحقوق الطبيعيّة والوضعيّة لكافّة المواطنين على أساس المواطنة، وإنّ الترويج للفتنة الطائفية هو للتضليل على حقيقة الصراع ولمصلحة السلطة والشيطان، وأنّه ضارٌ بسمعة البلاد وبمصالح المواطنين الحيوية، والمطلوب منكم:
• أن تدفعوا مع إخوانكم الشيعة باتّجاه الإصلاح الحقيقي والمساهمة معهم فيه.
• أن تحذروا من شياطين الطائفية ومن دورهم الخبيث في الترويج للفتنة الطائفية على حساب الدين والمصالح الوطنية العليا.
الاستهداف للأستاذ
وحول ما يتعرّض له الأستاذ من استهداف، قال: هذا الاستهداف واقع ملموس، وأنا مطّلع على ما يقال وما يروّج له، وإنّه لمتاعٌ قليل، وهو إن ظهر من بعض المؤمنين فإنّه يحدث في نفسي ألمًا شديدًا، غير أنه لم يخلق في قلبي حقدًا عليهم ولا بمقدار شعرة، وهو ألم مصحوب بالأسى والحزن من جهة، وبالرحمة والشفقة عليهم من جهة ثانية.
ومن نتائجه الإيجابية لي على المستوى الشخصي: أنّه مما عرَّفَني بحقٍ ألاّ ملجأ لي إلا الله وحده لا شريك، فإنّ الانقلاب على الإنسان قد يحدث لأسباب خارجة عن إرادته من أقرب الناس إليه، وإنّ من يرجو نصرتهم قد يتحوّلون بين عشيّةٍ وضحاها إلى خصومٍ له بغير حق، وهذا مما يدفعني إلى اللجوء إلى الله U وحده، ولا أنتظر شيئًا من أحد، ولا أعوِّلُ على أحدٍ سواه، فإليه وحده الرجعى والمنتهى، وهو وحده المستعان على ما يصفون.
وبخصوص ما قيل عن تسقيط النائب المرزوق، قال: لم أقل إنّ من قال بأنّ نقد المشاركة تسقيط للوفاق هو ساقط فكريًا وسياسيًّا، وإنما قلت: هذا الطرح ساقطٌ في الاعتبار العلمي والسياسي، لأنّ كل صاحب طرح للمشاركة أو المقاطعة يبيِّن وجاهة طرحه وخطأ الطرح الآخر، وهذا مشترك بين المشاركين والمقاطعين على حدٍّ سواء، وإنّ المرزوق حينما ينتقد المقاطعة فإنّه يدافع عن رأيه ولا يُسقِّط المقاطعين، ومن ينتقد المشاركة يُدافع عن رأيه ولا يُسقِّط المشاركين، وإنّ الصحفي ناصر قد بيَّنَ ذلك في تغطيته للقاءٍ في مجلس الأستاذ المشيمع، إلا إنّ التعبير ربما لم يكن واضحًا للجميع، وربما خالطه بعض اللبس، مما دفع الذين يصطادون في الماء العكر للسعي البائس لمحاصرة صيدهم الموهوم.
وبخصوص موقف النائب الشيخ حمزة الديري بمنع أصحاب التحرّك الجديد من الصلاة في الدير، قال: لقد عاب الناس على أصحاب العريضة الذين طالبوا بعدم حضور فضيلة الشيخ علي سلمان لاحتفالٍ بسترة/ مهزّة، وموقف فضيلة الشيخ حمزة الديري أكثر عيبًا وفضيحة، وينبغي أن يُرفض أكثر من رفض موقف أصحاب العريضة، لاسيّما من الجهات التي يعمل فضيلة الشيخ لصالحها ويهتف باسمها، لأنّ فضيلة الشيخ من الخاصّة وله موقعيّته في المجتمع والسياسة وللحمة القديمة التي كانت تربطه مع أصحاب التحرّك الجديد وهم إخوّة له في الدين لم ينحرفوا عن الدين والشريعة والمقدَّسَات، أما أصحاب العريضة فهم من عامّة الناس.
وقال: من المؤسف جدًا أن يُثني البعض على مثل هذه المواقف الإقصائية التي تسعى لمنع ظهور الرأي الآخر ومحاصرته، ويرى فيها دليلاً على الوعي والصحوة والشجاعة في الدفاع عن الموقف ضد القلّة ـ بحسب زعمهم ـ الخارجين على القيادة والمخالفين للإجماع، وهذا مما حارب بسببه الرسول الأعظم الأكرم Q وقاومه الأئمة الأطهار ^ من أجل كسر احتكار الكلمة، والسعي لإيصال كلمة الحق إلى الناس، وهو من سلوك الطغاة والظلمة الذي يجب أن يتنزّه عنه المؤمنون والوطنيون الشرفاء، فإنّا لله وإنا إليه راجعون، وهو المستعان على مثل هذه المآسي الفجيعة.
إسكان النويدرات
وبخصوص التطورّات بشأن إسكان النويدرات، قال: هذه واحدة من كوارث الطائفية والتشكيل الطائفي للدوائر الانتخابية والمجلس سيء السمعة المسمَّى زورًا برلمانًا.
• فقد كان الصراع على إسكان النويدرات صراعًا طائفيًّا بحتًا، لا يمتُّ إلى العدل والحقوق والمواطنة بصلة، وكان مجرّدًا من الأخلاق والإنسانية من أجل مصالح سياسية وانتخابية دنيئة.
• وقد غُلبت فيه جمعية الوفاق على أساسٍ طائفي، وسُلبت فيه حقوق أهالي القرى الأربع المستضعفين، وتعرّضوا للظلم والإجحاف المتعمّد، وبُذرت فيه بذور فتنة طائفية غير محمودة العواقب في المنطقة.
وهذه صورة مُصَغَّرَة لما يدور في البلاد من حيث التوجّه والإدارة والنتائج.
وأقول لأهالي القرى الأربع: عليكم أن تشعروا بالألم أكثر للحقوق العامّة المسلوبة في البلاد من كافّة المواطنين، فما أصابكم من سلب الحق هو من ثمار سلب تلك الحقوق التي يعتبر الألم والنضال من أجلها أوجب. وكما غُلِبَت الوفاق هنا على أساس طائفي، فقد غُلِبْنَا هناك في الحقوق العامّة على نفس الأساس وبنفس المنهج في التدافع والمطالبة بالحقوق، مما يدعونا لإعادة النظر بجديّة في أساليب عملنا وطبيعة علاقتنا مع هذه السلطة الجائرة على أبناء شعبها.
وأرى بأنّ الجمود على وجهات النظر بغض النظر عن النتائج:
• ليس من العقل والإنسانية.
• وليس من الدين والتقوى.
• وليس يخدم مصالح العباد.
وأقترح على أهالي القرى الأربع الاعتصام عند مكتب الأمم المتحدة، ورفع شكوى ضد حكومتهم عند الأمم المتحدة بسبب ما تمارسه حكومتهم ضدهم من الظلم والتمييز والاضطهاد وسلب الحقوق والمعاملة غير الإنسانية. وأقترح على رموز الطائفة الشيعية في البحرين وقياداتها رفع شكوى إلى الأمم المتحدة ضد حكومتهم، وطلب حمايتها لهم من الإبادة الجماعية التي تمارسها السلطة ضدهم.