لقاء الثلاثاء (12) | 1-6-2009
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
حملات التشكيك
قال الأستاذ عبد الوهاب حسين: لا توجد في التاريخ كله، حركة إصلاحية جادة سلمت من حملات التشكيك، والسعي لوجود حركة إصلاحية لا يشكك فيها ولا يطعن فيها أحد، خارج عن دائرة الإمكان. فالرسول الأعظم الأكرم Q قيل عنه: بأنه مجنون وشاعر، وأنه فرّق بين الأبناء وآبائهم، وقيل عن الإمام الحسين o ولا يُزال يقال عنه إلى يومنا هذا:
• بأنه اجتهد فأخطأ.
• وأنه خرج على إمام زمانه فقتل بسيف جده.
• وأنه أفسد في الأمة، حيث خرج على الخليفة يزيد، وخلق بذلك مشاكل وفتن خطيرة في الأمة الإسلامية كانت في غنى عنها.
زيارة المراجع في إيران
وبخصوص زيارة المراجع في إيران، قال: التحرّك الجديد تحّرك ديني، وأثيرت في وجهه إشكالات دينية بصورة عنيفة، أدخلت الشكوك بغير حدود إلى نفوس بعض المؤمنين، وشوّهت صورة التحرّك والقائمين عليه في الداخل والخارج، وليس عبد الوهاب أو غيره في التحرك من يعالج هذه الشكوك بصورة جذرية بل الفقهاء، فحين تأتي المعالجة بهذا المستوى، فإنّ ذلك يخلق الطمأنينة الروحيّة لدى المؤمنين، وهذا ما نطمح إليه، فعملنا لوجه الله تبارك وتعالى، ولدينا التزامان في عملنا الإسلامي والوطني:
الالتزام (1): أن يكون العاملون معنا على بصيرة ويقين، ويشعرون بالطمأنينة الروحية في العمل مع التحرّك، فنحن نريد لهم الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، ولا نريد لأحد منهم أبدًا أن يشقى بالعمل معنا، فذلك بخلاف رغبتنا وبخلاف غايتنا من العمل.
الالتزام (2): أن نجيب ـ بحسب الوسع والطاقة ـ على التساؤلات والإشكالات ونعالج الشبهات لدى كافة المؤمنين حول التحرك، ونأتي بالبينة، وذلك رغبة منا في الصلاح والإصلاح، ولإقامة الحجة على الجميع.
وقال: التحرّك سيكون واضحًا وشفافًا جدًا مع جمهوره والآخرين، فعمله لوجه الله تبارك وتعالى، وغايته سعادة الناس في الدنيا والآخرة وليس شقاؤهم، وليست لدى القائمين عليه أهدافٌ خاصّة، ولا يوجد لديهم ما يستحون منه أو يحتاجون لإخفائه، إلا ما يحكم العقلاء والشرفاء بوجوب أو صوابية إخفائه، وهذا أمر طبيعي يقره الدين والحكماء.
وعن الشكوك حول الحجّة الشرعية للتحرك المشار إليها في بيان الانطلاق، قال: اجتهد البعض فيها بغير علم، فربطها البعض بالسيد القائد (أعلى الله تعالى مقامه الشريف) وظنّ بعضهم ـ مع حسن ظنه فينا ـ أننا وقعنا في شبهة، وسعى البعض ـ بغير حق ـ لتشويه صورة التحرّك والقائمين عليه في الداخل والخارج، ونحن في الواقع لم نُشِر في البيان ولا غيره من قريب أو بعيد لشخص أحد من المراجع العظام، وكانت الحجّة المُشار إليها في بيان الانطلاق واضحة جليّة لا لبسَ ولا شكَّ ولا شبهة فيها لدينا، ولا زالت كذلك.
وبخصوص شبهة العمالة إلى الخارج، قال: التحرّك ذو صبغة دينية، ويجب أن يُرجع إلى الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) في كافّة المسائل الشرعية، وهذا الرجوع حقٌ مطلقٌ ثابت، فهو غير مقيّد بزمان أو مكان، وغير خاضع للأمزجة والمصالح الدنيوية الدنيئة.
وقال: ما جاء في البيان عن السيد القائد (أيّده الله تعالى): “إنّ العلماء والنخب أحق بالنظر في مسائلهم وإيجاد الحلول لها، وليس طريقته التدخّل في الشؤون الداخلية للبلاد الشيعيّة” هو يؤكِّد استقلالية القرار الوطني وعدم ارتباطه بالخارج، وإنّ الضوابط الشرعيّة والفكريّة العامّة التي تضعها المرجعيات العليا، هي ضمانة الاستقامة الدينية والقبول، وليس من شأنها النيل من استقلالية القرار الوطني.
والخلاصة: نحن نسعى لخلق الطمأنينة لدى كل من يعمل معنا، ونبذل وسعنا للإجابة على التساؤلات والإشكالات ونعالج الشبهات التي تُثارُ ضدنا، ولكننا على يقين بأننا لن نستطيع أن نوقف تلك التشكيكات الضدية، فإنّ إيقافها خارجٌ عن دائرة الإمكان، فلم تسلم منها أطهر الحركات الإصلاحية في التاريخ كلِّه.
لدينا حلفاء وأصدقاء
وبخصوص تحالفات التحرّك، قال: لدينا تحالفٌ استراتيجيٌّ مع حركة حق، ونحن منفتحون على كافة القوى السياسية المعارضة، ونسعى لإقامة علاقات جيدة معها جميعًا، ولدينا حتى الآن صداقات مع جميعه أمل، وجمعية وعد، وجمعية الإخاء، ومن الممكن أن تتحول إلى علاقة تحالف، فنحن لا زلنا نسير في الطريق.
تقاعد النواب
وبخصوص تقاعد النواب، قال: لا يوجد ـ حتى الآن ـ رأي رسمي للتحرك في هذا الموضوع، فسماحة الشيخ المقداد أعطى رأيه الشخصي، وما سأطرحه الآن ـ وإن كنتُ الناطق الرسمي باسم التحرك ـ هو رأيٌ شخصيٌّ أيضًا، وسوف أجعله في نقاط محددة:
النقطة (1): الكثير من الدول تعمل بنظام تقاعد النواب والوزراء، وبالتالي فالموضوع ليس بدعة من هذه الجهة.
النقطة (2): تشكيل صندوق آخر لتقاعد النواب غير صندوقي التقاعد والتأمينات يحل إشكال أخذ أموال الموظفين المتقاعدين بغير وجه حق. إلا أنه لا يحل الإشكال بشكل مطلق أو جذري، فأموال الدولة هي في الحقيقة أموال المواطنين، ويجب أن توظف في التنمية وتقديم الخدمات لهم، وليس إعطائها بغير حق لأيِّ أحدٍ من الناس. فإذا لم يكن قانون تقاعد النواب عادلاً مع الناس، وأعطى النواب من أموال الدولة بغير استحقاق، فهذا مرفوض وإن لم يكن من صندوقي التقاعد والتأمينات، وقد تحدَّثَ أهل الاختصاص عن أموالٍ ضخمة جدًا تقتطع من أموال الدولة لتغطية المكافأة التقاعدية للنواب تخرج عن حدود العدالة الاجتماعية، ولا يسعني الدخول في التفاصيل.
النقطة (3): أُثيرت إشكالات عديدة حول المكافأة التقاعدية التي تُعطى للنواب:
• أولها يدور حول حجم المكافأة أثناء العمل، حيث تزيد كثيرًا عن الحد الأدنى للموظف البحريني. ففي الوقت الذي يعمل معظم شباب البحرين براتب لا يزيد عن (300/ دينار) وتكافح وزارة العمل ليصل مرتب عدد ضخم منهم إلى (200/ دينار) يبلغ المرتَّب الأساسي للنائب (2500/ دينار) وهذا يؤثِّر في حجم المكافأة التقاعدية، وقال الأستاذ: لا يصحُّ قياس المكافأة بمكافأة النواب الكويتيين أو غيرهم، بل يجب أن تُقاس مع مرتَّب المواطن البحريني ليكون القياس عادلاً.
• وثانيها يدور حول النسبة مقارنة بعدد السنوات، فالمكافئة التقاعدية التي تعطي للنائب لقاء عمل 8 سنوات تكون بنسبة 80% من الراتب، في حين يعمل الموظَّف العادي لمدة 35 سنة للحصول على ذات النسبة أو أقل، وإنّ ما يحصل عليه النائب في المكافأة التقاعدية يزيد أضعافًا مضاعفة على رواتب غالبية الموظفين في البحرين بعد أكثر من 35 سنة عمل.
• وثالثها يدور حول بعض التفاصيل، مثل: بداية احتساب مشاركة النواب في صندوق التقاعد الخاص بهم، وحصول بعض النواب على أكثر من راتب تقاعدي، وتحديد السقف الأعلى بـ (4000/ دينار) وغيرها.
والخلاصة: إنّ مكافأة عمل النواب، ومكافأة تقاعدهم، مما يساهم في التفاوت الطبقي ولا يخدم العدالة الاجتماعية، وإنّ النواب كمشرِّعين، شرَّعوا لما يخدم مصلحتهم الخاصّة أكثر مما يخدم المصلحة العامّة، وهذا مما يدخل في دائرة الفساد، وهو قبيح من الجميع، ومن نواب الشعب أقبح.
النقطة (4): ما هو أهم في الموضوع: إنّ المجلس فشل في الوظائف البرلمانية الأساسية، وهي التشريع والرقابة، ولم يحقِّق أيَّ شيءٍ يستحق الذكر من النجاح في حل الملفات الحسّاسة العالقة، مثل: المسألة الدستورية، والتجنيس، والتمييز الطائفي، والفساد المالي والإداري والأخلاقي، وغيرها، وهو غير قادر ولا صالح لحلِّها، وهناك غضبٌ شعبيٌّ واسع من عمل المجلس، ودعوة قوية صارخة للمقاطعة، ولهذا فهم الكثير من المراقبين هذا السخاء من السلطة مع النواب، على أنه رشوة بهدف الإغراء للاستمرار في المجلس وعدم الخروج منه، وقد ثبت بالتجربة: إنّ الامتيازات يمكن أن تفسد ضمائر الصالحين، فقد أفسد نظام الامتيازات ضمائر رجال صالحين، مثل: طلحة والزبير، وحوَّلَهم إلى أعداٍء للحق والعدل، فدخلوا في حرب ضروس مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب o وهذا مما يجب أن يحذر منه المؤمنون والشرفاء، ويفرِّون منه فرارهم من النار.
لا زلنا تحت التأسيس
وحول التحرّك الجديد، قال الأستاذ: التحرّك لا يزال في مرحلة التأسيس، ولكنه في هذه المرحلة بلور العديد من الرؤى، وتحاور مع عدد من الأطراف السياسية والحقوقية، وعمل على وضع بعض البرامج، ويخطِّط لبعض الأنشطة، ولا يزال يواصل مسيرته، وأرجو أن يضع بيان الحجة نهاية للشبهات، لينطلق الجميع في البناء والعمل بعيدا عن التراشقات.
وقال: لابدّ من التنبيه إلى إنّ التحرّك هو تحرّكٌ شاملٌ: (ديني وثقافي واجتماعي وإعلامي وسياسي وغيره) وليس حركة احتجاجية، يقوم بعمل احتجاجي هنا أو هناك، وليس تحرّكًا سياسيًّا محضًا، فنشاطه لن ينحصر في الأنشطة الاحتجاجية والسياسية فحسب، بل سيمتدُّ للأنشطة الدينية والثقافية والاجتماعية وغيرها، وأنه سيعمل على تحقيق أهدافه على المدى البعيد، ويجب أن يُأخذ هذان الأمران: (الشمولية والعمل على المدى البعيد) بعين الاعتبار في فهم طبيعة عمل التحرك وتقييمه، وهو لا زال يحتاج إلى الكثير من الكوادر البشرية المخلصة، وهناك والحمد لله رب العالمين استعداد كبير لدى الشباب المؤمنين الأوفياء للخدمة تحت مظلَّة التحرّك الجديد، ولا توجد مشكلة من هذه الناحية، والأمر كلُّه متوقفٌ على تهيؤ واستعداد التحرّك للاستقبال.
وقال: التحرّك يتبنّى العمل من خارج مظلّة قانون الجمعيات السياسية والمجلس الوطني، لأنّ العمل من خلالهما يجعل التحرك غير قادر على تحقيق مطالب الشعب العادلة.
وقال: الأخوة الذين رأوا العمل من خلال المجلس، كان ذلك منهم: على قاعدة دفع الضرر، وعدم التفريط في ورقة المجلس كأداة سياسية، مع الإقرار بأنّ إرادة الأعضاء المنتخبين مرتهنة تمامًا لدى السلطة التنفيذية.
والخلاصة: المجلس الوطني غير قادر على الإنجاز الحقيقي باتفاق الجميع، وفي تقديرينا لا يصحُّ التعويلُ عليه في العمل السياسي الجاد، وهناك من يطرح التكامل في الأدوار على أسس متينة متفق عليها.
نفسي واحدة في كل الأحوال
وبخصوص الشدة، قال: أنا أجتهد لتكون نفسي واحدة في جميع الأحوال، لأنّ كل ما يحدث هو بعين الله U، وما دام الإنسان يكدح ويجتهد في ذات الله ذي الجلال والإكرام، فهو سعيد في جميع الأحوال، ولا يهتمُّ كثيرًا أن يكون على هذا الحال أو ذاك الحال، والعافية فضلٌ من الله تبارك وتعالى. وهذا شيء مهم جدًا لتحقيق الأمن والاستقرار النفسي للإنسان في حياة متقلبة لا يضمن فيها العبد شيئًا إلا بضمانة الله U.
وقال: صحيحٌ إنّ المؤمن ـ وإن خلص في إيمانه ـ فإنّه قد يأنس ـ بسبب طبيعته البشرية الترابية ـ بحالٍ أكثر من الأحوال الأخرى، ولكن علينا أن نجتهد لتكون نفوسنا واحدة في جميع الأحوال ما دامنا نسعى في سبيل الله ذي الجلال والإكرام.