لقاء الثلاثاء (4) | 30-3-2009
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
منع ندوة سترة
بخصوص منع ندوة سترة قال الأستاذ: بأنّ السلطة تريد أن تواجه المعارضة في الساحة الأمنيّة وليس في الساحة السياسيّة، وإنّ هناك أمورًا شكليّة وأخرى جوهريّة في الإدارة السياسيّة للعمل، ونحن نتخلّى عن الشكل لصالح شكلٍ آخر بهدف المحافظة على الجوهر الذي نتمسك به ولا نتخلّى عنه.
وأكّد بأنّ القائمين على مأتم المرزوق كانوا مستعدّين لاستضافة الندوة، وكذلك عَرَضَتْ مآتم أخرى استعدادها لاستضافة الندوة وتحمّل كل النتائج، وكنا خجلين من صمود الناس واستعدادهم للتضحية، ولكننا قرّرنا إذا لم نتمكّن بسبب قمع السلطة من إقامة الندوة في تلك الليلة فإننا نلغيها ونبحث عن شكلٍ آخر للتواصل مع أهالي سترة.
وقال: جوهر التحرّك هو التكليف، وهو بحجم الوطن وقضايا المواطنين، فالمسألة ليست مزاج أو رغبة أو طموح ذاتي أو نحوه، وإنّما هي قضيّة دين ووطن، فلا سبيل إلى التراجع والانثناء.
وقال: توجد نقطة جوهرية أساسية، وهي: هناك مطالب شعبية عادلة يجب أن تتحقق طال الزمن أم قصر، ويجب إدارة الأحداث والعلاقات والمواقف بما يصبُّ في حفظ الخط وخدمة تحقيق المطالب وليس الاستعراض أو الجمود على أسلوب معين بحيث إذا نجحت السلطة في إسقاطه يسقط التحرّك أو تتغير بوصلة التوجّه لديه، مع التمييز بين المرونة في اختيار أشكال التحرّك، وبين الضعف والانحناء بما يُنتج عنهما من تغيير الخط أو المنهج والتوجه.
لقاءات المناطق
وبخصوص لقاءات المناطق، قال: لقد جعلنا القاعدة الأولى للتحرك هو العمل الجماهيري المنظم ، وهذا يتطلب التواصل مع الجماهير، والندوات شكل من أشكال التواصل، فإذا نجحت السلطة في منع الندوات بالقوة البوليسية والإرهاب، فهناك وسائل عديدة للتواصل مع الجماهير لا تستطيع السلطة منعها ومن شأنها تحقيق الهدف المطلوب، وقد وَعَدَنا الله تعالى بقوله: )وَمَنْ يَتَّقِيْ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(([1]) فنحن نفكّر بحرية واستقلال كبيرين من خلال الانفتاح على الله ذي الجلال والإكرام والتحرر من أسر الواقع وقوى الإرهاب والتسلّط في سبيل الحصول على المخارج القويّة المناسبة وهي موجودة، ولكن الوصول إليها يحتاج إلى التحرّر والاستقلالية في التفكير، والسبيل إليه هو الصدق والإخلاص في النية إلى الله U والصبر والصمود، وهذا ما نريده منكم: تحرّروا من أسر الواقع والإرهاب وقوى التسلّط، وفكّروا بحرية واستقلال من خلال الانفتاح على الله ذي الجلال والإكرام، وابحثوا عن الأساليب والوسائل الناجعة التي توصلكم لتحقيق الأهداف ولا تجمدوا على أسلوب واحد، واصبروا وصابروا ورابطوا، وسوف يجعل الله ( لكم مخارج كثيرة قوية ومناسبة.
وقال: لنأخذ درسًا من رفض ومواجهة محاكمة السلطة الظالمة للأستاذ المشيمع والشيخ المقداد ومن معهم من المظلومين، حيث تحرّك الشارع بقوة، وواجهته السلطة بعنف وشراسة ولم يتغير شيء من سلوكها في المحاكمة، ونجحت قوى المعارضة في التواصل مع مؤسسات حقوقية وسياسية دولية، ومن ثمار هذا التواصل حضور عددٍ من المراقبين الدوليين جلسات المحاكمة، وقد غير هذا من سلوك السلطة مع المحاكمة، وعليكم ألا تستعجلوا النتائج والحكم، أمّا الدرس الذي ينبغي أن نتعلمه من ذلك، فهو:
• على القيادة أن تسعى لإيجاد عمل سياسي نوعي في الداخل والخارج.
• وعلى الجماهير أن تسعى لخلق عمل جماهيري نوعي.
أيها الأحبة الأعزاء: شاركونا التفكير للتغلب على الصعوبات التي قد تواجه التحرّك الآن أو في المستقبل، وفي البحث عن أساليب جديدة للتواصل مع الجماهير وبما يحقق الأهداف المطلوبة، وسوف تجدونها، لقد وجدنا نحن وسائل عديدة، وإذا شاركتمونا التفكير فسوف نصل إلى وسائل أكثر وأفضل، واعلموا أنكم أحفاد من صنعوا حضارة دلمون وتايلوس وإرادوس والحضارة الإسلامية النورانية في هذا البلد الطيب.
وقال: حينما نقول للجماهير فكِّروا معنا، فمعناه: أننا لن نذهب إليهم خالين الوفاض، بل نذهب إليهم ونحن مجَّهَزِين ولدينا أشياء كثيرة في جعبتنا، ثم ننفتح عليهم بكل شفافية وصدق وإخلاص ليشاركون التفكير ليحصل لدينا جميعًا الاطمئنان ونخرج بما هو أفضل وأنجع.
والخلاصة: التحرّك سوف يستمر ويتعاظم، وسوف تكون مطالبكم العادلة بين أيديكم ـ بإذن الله تعالى ـ من خلال صبركم وصمودكم وصدقكم وإخلاصكم وتضحياتكم المباركة وتفانيكم في سبيل الحق والعدل والعزة والكرامة والله تعالى معكم والملائكة والمؤمنون وكل الشرفاء معكم.
فشل الرهان على التدمير الداخلي
وفي معرض الإجابة على سؤال: كيف ستواجهون الاختلاف الداخلي وعراقيل السلطة، قال: لقد استعجلت السلطة المواجهة الأمنية مع أنشطة التحرك، ولم تكن كذلك حتى مع حركة حق، وسأطرح عليكم مسألة أرى أهميَّتها، ولكن أتمنى عليكم أن تسعوا لفهمها وطرحها ومناقشتها بالشكل الصحيح من منطلق المسؤولية الدينية والوطنية.
أرى بأنّ أحد أهم الرهانات التي كانت لدى السلطة هو التدمير الداخلي للتحرك على أساس الاختلافات الداخلية في التيار، غير أنها أدركت بصورة مبكرة ويقينيّة بأنّ التدمير الداخلي للتحرك لن يكون، وحتى لو حدثت أخطاء فسوف يتمُّ تجاوزها والتغلّب عليها ولن تستطيع تدمير التحرّك، فالتحرّك: انطلاقته قوية، وبنيته قوية، ودوافعه قوية، وتطلعاته قوية، ورهاناته على الله ( وعلى الجماهير والشرفاء قوية، وإنّ المخلصين في التيار يملكون من الخبرة والحكمة ما يكفي لتجنّب هذا المطب الشيطاني الخطير.
وقال: أريدكم أن تبعثوا برسالة قوية وصريحة للسلطة من خلال مناقشاتكم في المحافل والمنتديات ومواقفكم وتعاطيكم البيني بأنّ التدمير الداخلي لن يكون، وإنّ حكمتكم وإخلاصكم لدينكم ووطنكم أقوى من كيد ومكر ووساوس جميع شياطين الجن والإنس. وفي الحقيقة لدي شعور بالراحة، لأنّي وجدت الحوار في المحافل والمنتديات بدأ يسترشد وينضج ويتطور، وإن كان البعض لا يزال يصرُّ على البقاء في وضعه وحالته السابقة، وهذا شيء طبيعي في مثل هذه الحالات، ففي مثل هذه الحالات: هناك السبّاقون، وهناك اللاحقون، وهناك المتخلّفون، والتغيّر الإيجابي الحاصل هو إحدى الثمار الطيبة للخطاب الوحدوي لدى القائمين على التحرّك وغيرهم من المخلصين والشرفاء، ونحن نتطلّع إلى المزيد بتوفيق الله تعالى وتسديده.
الطلاّب سلاح المعارك الحاسمة
وفيما يتعلق بدور الطلاب في العمل السياسي والحركة المطلبية، قال: دور الطلاب مهم جدًا في معارك الشعوب النضالية من أجل حريتها واستقلالها ونيل حقوقها الطبيعية في الحياة، وقد نجحت الحركات الطلابية في حسم الكثير من المعارك النضالية السلمية لصالح الشعوب، وأرى في السعي لتعطيل دور الطلاب بأنه يأتي في سياق مخالف لنتائج تجارب الشعوب الناجحة في كفاحها ونضالها السلمي، فالدور الطلابي مهم جدًا وحاسم ولا يصح تعطيله بأيِّ حالٍ من الأحوال.
وقال: نعم يجب ترشيد دور الطلاب وضبطه بشكل صحيح، فسلاح العقل والعلم سلاح حاسم في المعركة النضالية، وسبق أن قلت مرارًا: نريد أن نصارع بعقولنا وليس بأجسامنا، والصراع بالعقول يحتاج إلى عقول مليئة بالعلم والمعرفة، وليس عقولاً جاهلة وفارغة من العلم والمعرفة، فالمطلوب:
• تفعيل دور الطلاب في العمل السياسي والحركة المطلبية.
• وضبطه وترشيده بحيث لا يؤدّي إلى الإضرار بالعملية التعليمية والتربوية.
وقال: من يقول بأنّ دور الطلاب يؤثِّر على تحصيلهم العلمي ولهذا يجب أن يتوقف، يمكنه القول: بأنّ مشاركة الكبار في العمل السياسي والحركة المطلبية يؤثِّر على أوضاعِ أسَرِهم ومستقبل أبنائهم ويجب أن يتوقف. والخلاصة: إنّ هذا الرأي ينتهي عمليًّا إلى تعطيل العمل الجماهيري المقاوم برمّته.
الموقف من الاختلاف في أساليب العمل
وفيما يتعلق بالنهي عن بعض الأساليب في العمل، قال: هناك غفلة لدى بعض المؤمنين الأعزّاء عن مسألة شرعيّة في غاية الأهمية، وفي الجهل بها أو تجاهلها تغليب لصالح السياسية على حساب الدين، والبعض قد يفهم المسألة خطأ بشكل معاكس، وأنا أطلب من جميع المؤمنين الأعزاء أن يتدبروا المسألة جيدًا.
قال الأستاذ: فيما يتعلق بالسياسيين المتشرّعة، يجب أن تكون لديهم حجّة شرعية للعمل بأساليب معينة، وعليهم أن ينتبهوا بأنّ وقوفهم في وجه أساليب أخرى ونهيهم عنها يحتاج أيضًا إلى حجة شرعية، فكما إنّ العمل بأساليب معينة يحتاج إلى حجة شرعية، كذلك الوقوف في وجه أساليب أخرى والنهي عنها يحتاج إلى حجة شرعية.
مثلا: التحرّك الجديد لديه حجّة شرعية للعمل بأساليب سلميّة معيّنة، وهناك فصيل آخر يعمل بأساليب مختلفة، فهل يجوز للتحرّك الجديد أن ينهى نهيًا عامًا عن العمل بالأساليب الأخرى التي يرى عدم صوابيّتها من الناحية السياسية ويقف في وجهها ويفرض رأيه كأمر واقع ويصادر حق الآخرين في العمل بها بدون أن تكون لديه حجة شرعية لهذا الوقوف والنهي!؟
الجواب: طبعًا لا.
وقال: لتكن لك أخي حجتك الشرعية في العمل، واعلم:
• بأنّ نهيك عن العمل بأساليب أخرى والوقوف في وجهها يحتاج إلى حجّة شرعيّة، وحينما تقف في وجهها وتمنع عنها بدون أن تمتلك الحجّة الشرعيّة لذلك فأنت تُغلِّب الجانب السياسي السلطوي والتسلّطي على الجانب الشرعي.
• وإنّ ما تمتلكه من الحجّة الشرعية لعملك لا يعد حجة شرعية للوقوف في وجه الأساليب الأخرى والنهي عنها.
• ولا يبرر لك الوقوف والنهي أن تزعم بأنّ الآخر لا يمتلك الحجة الشرعية في عمله، سواء كان ملتزمًا بالدين أم غير ملتزم به، وإن كان ملتزمًا فهو أعلم بتكليفه الشرعي وهو لا أنت المسؤول عنه أمام الله سبحانه وتعالى.
• ويجب التمييز بين إبداء الرأي والتمسّك به، وبين الوقوف في وجه الرأي الآخر والنهي عنه.
وقال: هذا الطرح في بعده الشرعي يلتقي مع المواثيق الدولية في بعده الحقوقي الإنساني، فمخالفته مخالفة شرعية وحقوقية في آنٍ [واحد. نأمل ألا يكون هذا الطرح]([2]) من أجل السياسة السلطوية والتسلطية التي نعوذ بها تعالى منها ومن شرها المستطير في الدنيا والآخرة.
وقال: على الشرفاء التناصر بينهم، وأن ينصروا المظلومين، وأن يحذروا من نصرة الظالم على المظلوم، فإنه خزي وعار في الدنيا والآخرة. وينبغي الحذر من وساوس الشيطان الرجيم الذي يُصوِّر الباطلَ في صورة الحق ويزينه للإنسان ويغريه للعمل به.
وقال: ولكيلا يقول البعض بأني أفتي برأيي، أقول: إنّ ما ذكرته حول الحجة الشرعية هو نقل لآراء الفقهاء وليس رأيًا شخصيًا لي في الفقه، وأرجو أن أكون قد وفّقت في نقل المسألة الشرعية بشكل صحيح وأمين.
شرعيّة النظام
وحول ما جاء في بيان الانطلاق من الإشارة إلى: ((أسقط النظام لشرعيته بالانقلاب على دستور 73))، و((المطالبة بدستور يضعه الشعب)) وعلاقتهما بمسألة إسقاط النظام، قال:
• السلطة إما أن تحكم بحكم الأمر الواقع.
• أو تحكم استنادًا إلى مرجعيّة دستورية شرعية، ولا شرعية وضعية لأي نظام في ممارسة السلطة بدون مرجعية دستورية شرعية.
وقال: بالانقلاب على الدستور العقدي أسقطت السلطة الأساس الشرعي لممارستها للسلطة، وهذا ما تطرحه جميع قوى المعارضة تقريبًا، فهي ترى عدم شرعية دستور المنحة، لأنه يُمثِّل انقلابًا على الدستور العقدي، وهذا الطرح لا يعني المطالبة بإسقاط النظام، وإنما يعني المطالبة بإيجاد مرجعية دستورية شرعية لممارسة السلطة.
وعن المطالبة بدستور يضعه الشعب، قال: هناك ثلاث أصناف للدساتير:
• دساتير منحة من الحاكم.
• ودساتير تعاقدية بين الشعب والحاكم.
• ودساتير تضعها الشعوب.
ونحن نرى إنّ الحل في البحرين يكمن في وجود دستور يضعه الشعب بنفسه، فيكفي أن تشارك قوى الموالاة المنتخبة شعبيًا في وضع الدستور الجديد، أمّا أن يكون هناك أعضاء معيّنون من قبل السلطة، وأعضاء يمثّلون قوى الموالاة، فهذا مما يُعمي المسألة برمَّتِها وتفقد العملية قيمتها التمثيلية لأبناء الشعب.
البصيرة الجماعية
وتطرّق إلى البصيرة، وقال: بصيرة القائد مهما كانت قوية ونافذة لا قيمة لها ما لم تتحول إلى بصيرة جماهرية، قول الله تعالى: )قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي(([3]) فلا يكفي أن يكون القائد على بصيرة وإنما يجب أن تكون الجماهير على بصيرة )أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي( والتحديات اليوم تصل إلى كل بيت وإلى كل فرد، ولا تنفع في مواجهتها بصيرة القائد مهما كانت قوية ونافذة ما لم تتحول إلى بصيرة جماهيرية، والطموح لدينا:
• أن ننجح في إثارة عقول الجماهير لكي تفكر.
• وأن ننجح في إدارتها على تنوّعها واختلاف مستوياتها لكي تنتظم في تفكير جماعي صحيح (أي تكون على بصيرة كما أراد الله ( لها أن تكون).
• وأن ننجح في جني ثمارها الطيبة بالتوصل إلى أساليب سلمية جديدة وفاعلة في المطالبة بالحقوق والاحتجاجات وتحقيق المطالب الشعبية العادلة.
نصرة الإمام الحجة
وتطرق إلى موضوع نصرة الإمام المهدي # وقال: هناك ثلاث خطوط أساسية في الإعداد للظهور، وهي:
• الخط العسكري: وتتكفل به الجيوش والحركات المسلحة الإسلامية، مثل: جيش الجمهورية الإسلامية، وحزب الله، وحركة الجهاد الإسلامي، وحركة حماس وغيرهم.
• الخط المدني: ويتمثّل في إيجاد الجهاز السياسي والقضائي والإداري لدولة الإمام الحجة # وتتكفل به الجامعات والمعاهد الأكاديمية والحوزات العلميّة.
• الخط الاجتماعي: ويتمثل في إيجاد البيئة الاجتماعية الحاضنة لقضية الإمام الحجة # ودولته، وهذه مسؤولية جميع المؤمنين والأسر ومؤسسات المجتمع المدني.
والخلاصة: لا يصح حصر نصرة الإمام الحجة # في البعد العسكري، فمن لا يستطيع أن يُقدِّم شيئًا في البعد العسكري فهو لا يستطيع خدمة قضية الإمام الحجة # ودولته المنتظرة.
([2]) تمّت إضافة هذه العبارة ولم تكن موجودة، وذلك ليستقيم الكلام، حيث يبدو أنّه قد حصل سقطٌ في المكتوب.