لقاء الثلاثاء (2) | 16-3-2009
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
الأستاذ: المصلحة الإسلامية ومصالح الناس فوق آراء الأشخاص
شدّدَ الأستاذ عبد الوهاب حسين على أهميّة مراعاة المصلحة الإسلامية ومصالح الناس عند “التسويق للمشاريع والمواقف” وقال: يوجد منهجان نشهدهما على الساحة الوطنية:
• المنهج الأوّل: يُركِّز على البحث في واقعية وصوابية القرارات والموقف والمشاريع من كل الجوانب.
• المنهج الثّاني: يستبدل البحث في واقعية وصوابية القرارات والمواقف والمشاريع بقال فلان ونصح فلان.
وتساءل: أيُّ المنهجين أقدر على خلق البصيرة، وإيجاد اللياقة والقدرة لدى الجماهير على حمل المسؤولية، وأفضل في خدمة المصالح الإسلامية والوطنية؟
وقال: نفترض إنّ عبد الوهاب أو غيره لديه غطاء شرعي في تحرّكه وليس مجرّد قال فلان أو نصح فلان، فإنّ المحافظة على مسؤولية وأمانة هذا الغطاء لا تتحقّق بمجرّد الاتّكاء عليه، وإنما ببذل الجهد واستفراغ الوسع في البحث عن واقعية وصوابيّة القرارات والموقف والمشاريع.
معتبرًا إنّ اللجوء إلى منهج قال فلان ونصح فلان يشوّش الرؤية، ويعيق تهيئة الناس لتحمّل مسؤولياتهم، ويضرُّ بالمصلحة الإسلامية والوطنية، وينبغي أن نكفَّ عن هذا المنهج.
أساليب جديدة في تحرك الجمهور
وحين سُئل عن حرق الإطارات أجاب: أكّدنا على حق الناس في الاحتجاج والمطالبة بالحقوق وأوصيناهم بذلك، وقلت ـ وهذا رأي علمي لا علاقة له بالموقف ـ بأنّ حرق الإطارات لا يدخل في دائرة العنف، وإنّ الكثير من الشعوب المتحضّرة تلجأ لهذا الأسلوب في الاحتجاجات والمطالبة بالحقوق.
وقال: نحن نتعامل مع الناس بمسؤولية، ونسعى من أجل ترشيد الحركة المطلبية وتطوير أساليب الاحتجاجات لجعلها أكثر حضارية وسلمية وفاعلية، وإذا أخطأ المظلوم: فنحن نحرص على أن نبين له الخطأ، ونشجّعه على الكف عن الخطأ وتصحيحه، ولا نقف ضده أو نسيء إليه أو ندينه أو نُضعِفُ حركته.
وقال: نحن نسعى إلى أن نتوافق مع الجماهير على الأساليب الأفضل، ولسنا بصدد أن نقول لهم بلغة فوقية استخدموا هذه الأساليب واتركوا تلك الأساليب، بدون أن نُوجِدَ القناعة لديهم بالأساليب المطلوبة، وإنّ الوصول للبدائل الأفضل سيكون من خلال اللقاءات مع الجماهير، فإذا وُجِدَت فسوف تَحُلُّ بتلقائية محلَّ الأساليب الأخرى.
وفي التعقيب على مقترح أحد الحاضرين بالدعوة إلى مقاطعة بعض البنوك وسحب كافة الودائع منها، قال: هذه فكرة يمكن دراستها، وهي فكرة لو طُبِّقَت لا تملك السلطة استخدام قوات الشغب في مواجهتها، فعليكم أن تفكّروا بهذه الطريقة، وابذلوا جهدكم في الإبداع.
تشكيل الفريق التنظيمي
كما كشف الأستاذ عن تشكيل فريق تنظيمي مهمّته التواصل مع المناطق لتنظيم اللقاءات، وقال سيتم الإعلان قريبًا عن الآليات، وإنّ الاستعدادات قد وصلت إلى نهايتها تقريبًا.
وقال: من يُشكِّل لجان المناطق هم الأهالي، ومن خلال تواصلنا مع الأهالي سوف نساعد على تنضيجها وتطويرها، وقال: للجان مسؤوليتان أساسيتان:
• الإشراف على أنشطة المنطقة.
• والتنسيق مع اللجان في المناطق الأخرى.
وقال: إنّ تشكيل هذه اللجان وممارستها لمهامها لا توجد به أي مخالفة للقانون، فقد تبنّت بعض الصحف الدعوة إلى تشكيل لجان أمنية شعبية وأيّدتها أطراف سياسية، وقد شجّعت عليها قيادات رسمية: سياسية وأمنية، وبالتالي فإنّ السلطة إذا واجهت هذه اللجان، فهي تواجهها مواجهة تعسفية وغير قانونية.
إسقاط الخيار الأمني من يد السلطة
قال الأستاذ: إنّ السلطة تعاني من حالة ضعف من الناحية الدستورية والقانونية والسياسية والحقوقية وغيرها، وإنّها تلجأ للقبضة الأمنية لتغطية هذا الضعف، وقال: لدينا خياران:
• الخيار الأول: أن نسقط الخيار الأمني من يد السلطة من خلال الصمود أمام بطش الأجهزة الأمنية وقسوتها، فالسلطة لن تستطيع أن تصمد إلى ما لا نهاية في الخيار الأمني مع الاستمرار في حالة الصمود والثبات، وبالتالي يسقط الخيار الأمني من يد السلطة من خلال الصمود والثبات.
• الخيار الثاني: أن نسقط الخيار الأمني من يد السلطة من خلال ابتكار أساليب سلمية فاعلة لا تملك السلطة فرصة استخدام الأجهزة الأمنية في مواجهتها، وهذا يعني تحويل المعركة إلى معركة عقول وليست معركة أجسام.
قال: يمكن إسقاط الخيار الأمني من يد السلطة من خلال الصمود، ولكني أدعو الجماهير لإسقاط الخيار الأمني باستخدام عقولهم من خلال ابتكار الأساليب التي لا تملك السلطة فرصة مواجهتها بالأجهزة الأمنية، وقال: هذا ممكن من الناحية النظرية، وعلينا أن نفكر لنعلم هل هو ممكن من الناحية العملية؟!
وقال: في التسعينات كان الواحد من المخابرات يحكم المنطقة التي يسكنها من خلال الرعب الذي يدخله في قلوب الناس، وكان الشخص لا يتكلم علنًا في الأمور السياسيّة، وكانت الناس تنظر إلى من يتكلم في الأمور السياسية الحسّاسة في المجالس العامّة بعين الريبة، ولكن الأمر تغيّر بعد العريضة النخبوية، فكان الشاب يأتي إلى عناصر المخابرات ويطلب منهم التوقيع على العريضة، فقد نجحت العريضة في إسقاط دار الرعب الذي بنته السلطة على مدار عقود من الزمن، وقد انتهى الأمر إلى أن يطلب بعض المتهمين بالانضمام إلى سلك المخابرات من أصحاب المبادرة مساعدتهم ليُنهي الناس مقاطعتهم.
وقال: من كان يتصور أن تنجح خطوة واحدة في هدم جدار الرعب بالضربة القاضية، مما مهَّد الطريق لانتفاضة الكرامة المباركة.
وقال: كان وزير الداخلية الأسبق (الشيخ محمد بن خليفة) يعتبر العريضة هي أساس البلاء.
عملنا بيد الله
وحول السؤال عن مصير التحرّك في حال اعتقال الرموز قبل أن يبدأ التحرك أجاب بقوله: نحن نعمل ما في وسعنا ونقوم بتجهيز الملف، ثم نضعه بكامله بيد الله U، والأمر كله بيده، وهو يفعل ما يشاء، وقد قال الله تعالى: )لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ(([1]) وقال أمير المؤمنين o: “كَفَى بِالْأَجَلِ حَارِسًا”([2]).
وقال: إنّ السلطة تعلم بأنّها إذا ارتكبت عملاً جنونيًا مع هذا التحرك، فإنّ العواقب ستكون وخيمة جدًا لها، فإن تبقّى أزمّة الأمور بيد العقلاء خير.
وقال: المطالب المطروحة من قبل المعارضة مطالب عادلة ومشروعة، والأساليب التي تستخدمها المعارضة أساليب حضارية وسلمية، ونحن نعلم بأنّ السلطة لن تستجيب دون ضغوط، ولهذا نحن نريد أن تكون الأساليب السلميّة ضاغطة وفاعلة وعلى مدى زمني طويل حتى تتحقّق المطالب، ونحن مستعدون لدخول السجن وأن نستشهد من أجل تحقيق مطالبنا العادلة المشروعة.
فشل التحرك الجديد
وقال في الإجابة على السؤال باحتمال فشل التحرك: لدينا تشخيص واضح بخطورة الفشل، حيث أنه سيؤدِّي إلى حالة إحباط قاسية وخطيرة لدى الجماهير، ولهذا نحن حريصون على بذل الجهود والمساعي الصادقة من أجل إنجاح هذا التحرّك، نحن مطمئنون إلى وفاء الجماهير وصدقهم، وسوف نعمل على مساعدتهم على التفكير الصحيح والعمل الصائب من أجل إنجاح هذا التحرك، وأملنا أن يعي جميع الشرفاء النتائج الوخيمة لفشل هذا التحرك، وألاّ يتورط أحدٌ في إثم إضعافه والعمل على إفشاله، فالمطالب مشروعة، والأساليب سلميّة ومنضبطة بضوابط الشريعة المقدَّسَة، ولا حجّة شرعيّة لأحدٍ في إضعاف التحرّك والعمل على إفشاله.
التحرك الجديد وحركة حق
نفى الأستاذ أن يكون التحرّك الجديد امتدادًا لحركة حق، وقال: حركة حق لا تزال قائمة، والحاجة إليها موجودة، وهي غير التحرك الجديد، ووجودها ـ بحكم التجربة ـ لم يملأ الفراغ، لهذا وُجِدَت الحاجة إلى التحرّك الجديد، والقائمون على التحرك يتطلّعون إلى الاتصال بحركة حق والتعاون معها كغيرها من الفصائل السياسية على الساحة الوطنية.
وعن وجود القواسم المشتركة معها، ومنها: المقاومة المدنية، قال: ذلك راجع إلى دور بعض القائمين على التحرك في صناعة منهج حركة حق.
التعامل مع الشيخ عيسى قاسم
وفيما يتعلّق بالتعاطي مع سماحة الشيخ عيسى قاسم قال الأستاذ: سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم يعلم ـ كما يعلم الآخرون ـ بأنّ تشخيص الإخوة القائمين على التحرك يختلف عن تشخيصه في كثير من المسائل السياسية، وهم غير ملتزمين بتشخيصاته، وهذه المسألة واضحة لديه، ومع علمه بهذا الاختلاف بينه وبينهم، فإنه لن يقف ضدهم ما لم يكن هناك ضرر متعين، وقال: عدم السكوت على الضرر المتعين، قاعدة عقلائية لا يختلف حولها المؤمنون، وهي تدخل في دائرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والموقف من الضرر المتعين، يختلف عن الموقف في حال الاختلاف في التشخيص قطعًا.
وقال: يجب أن نعلم بأنّ أسلوب سماحة الشيخ في التعاطي لا ينفصل عن شخصيته وقناعاته، وقال: حينما كنت على رأس اللجنة التحضيرية للوفاق، قمنا بزيارات للعلماء بهدف الحصول على مباركتهم ودعمهم للجمعية، وكان مما قاله لنا سماحة الشيخ عيسى: أنا يمكن أن أكون لكم مظلة، ويمكن أن أكون لكم مَحْرَقَة، يريد بذلك أن يقول: أنه لا يوقِّع على بياض، وإنّ موقفه يتوقف على الأداء.
تضخيم المشاركة والمقاطعة
وحول السؤال المتكرر عن سيناريوهات الصدام البيني المحتمل في انتخابات 2010 أجاب: الآن لن أعطي موقفا من المشاركة في 2010 لأننا لم نتفق على الموقف بعد، وما قاله بعض الإخوة الأعزاء يعبر عن رأيهم الشخصي، ونحن سنبذل جهدًا مخلصًا في ظل الثوابت الدينية والوطنية للإدارة الصحيحة للموقف بما يحقِّق مرضاة الله سبحانه وتعالى ويحفظ مصالح الوطن والمواطنين، منبِّهًا إلى أنّ الالتزام بالثوابت لا يعني سوء الإدارة.
وقال: هناك من يُضخِّم من شأن المقاطعة والمشاركة ويعطيهما أكثر من حقهما بكثير، ويجعل منهما كل شيء، وقد بينت خطأ هذا التضخيم في حلقات أسئلة وأجوبة، وقال: إنّ التحرك طرح مجموعة من المطالب العادلة، وأنّه سوف يدخل في صراع سياسي سلمي مع السلطة بهدف تحقيق هذه المطالب المشروعة، ولا يصحُّ عقلاً أن نختصر كلَّ المشروع في مسألة جزئية كالمشاركة والمقاطعة مهما بلغت أهميتها، وقال: إنّ التضخيم يدل على الإفلاس والسطحية وقصر النظر.
مذكِّرًا التزام التحرّك بما أسماه بـ (القاعدة الذهبية) وهي التكامل في الأدوار من منطلق كلٌّ يعمل من موقعه وبحسب قناعاته، فلا توجد مصادرة للوجودات ولا للقناعات، فكلٌّ يحتفظ بوجوده وبقناعاته ويكون التكامل على هذا الأساس.
وقد نفى أن يكون امتناع حركة حق عن التسويق إلى المقاطعة في انتخابات 2006 كان بسبب نصيحة سماحة آية الله السيستاني، وذكر بأنه قد أعلن في وقت سابق كثيرًا على نصيحة سماحة آية الله السيستاني بأنه لن يسوِّق إلى المقاطعة إذا اتخذت الوفاق والمجلس العلمائي قرارًا بالمشاركة، وأنّه نصح الإخوة في حركة حق بذلك وقبلوا النصيحة، وأنّه قد ذكر هذا في وقت سابق في حلقات أسئلة وأجوبة.
الموقف من الحوار
قال الأستاذ القاعدة: لنا مطالب عادلة ومشروعة، ونحن في صراع سياسي سلمي مع السلطة بهدف تحقيق هذه المطالب:
• فإذا وُجِدَ الحوار الجاد القادر على تحقيق مطالب الشعب، فنحن نؤيِّدُه حتى لو كنّا تحت الأقدام.
• وكلُّ حوار غير جِدِّي وعاجز عن تحقيق المطالب فنحن نرفض الدخول فيه حتى لو وضعنا في الصدارة.
• وكل حوار يأتي بنتائج سلبية أو ضارّة بالمطالب العادلة، فهو لا يعنينا بغضِّ النظر عن القائمين عليه والمشاركين فيه.
عمار تقتلك الفئة الباغية
كما حمّل السلطة المسؤولية الكاملة عن الأضرار التي تلحق بالناس جراء القمع، محذِّرًا من المغالطة الخطيرة التي سنَّها الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، حيث كان أهل الشام قد سمعوا وانتشر بينهم حديث الرسول الأعظم الأكرم Q في عمّار بن ياسر “يا عمّار تقتلك الفئة الباغية” فلما قُتل عمار بن ياسر في معركة الجمل، اهتزّ جيش الشام تحت تأثير هذا الحديث، فقال لهم معاوية بن أبي سفيان: “قتله الذي أخرجه” فسكَّن روعَهم. فقد حمل معاوية بن أبي سفيان بهذه المقولة الإمام علي بن أبي طالب o مسؤولية شهادة عمار بن ياسر، لأنه أخرجه في الجيش للقتال، وهذا هو الأسلوب المخادع الذي تستخدمه السلطة ويروِّج له المغرضون ضد من يختلفون معهم في الرأي وتنطلي الخدعة على الساذجين.
والخلاصة: كل من يخرج للمطالبة بحقوقه العادلة المشروعة بأساليب سلمية منضبطة بضوابط الشريعة المقدسة، ويُعتدى عليه بالضرب أو السجن أو القتل فهو مظلوم، وظالم كل من يحمِّلَه المسؤولية، وشريك على قدم المساواة مع من أوقع الظلم عليه.
([2]) التوحيد (للصدوق)/ ص: 368/ 60 باب القضاء والقدر والفتنة والأرزاق والأسعار والآجال.