الانتظار وأنصار الإمام (عج)

18 / شعبان / 1424 هج – 14 أكتوبر / 2003 م.

الموضوع: منتدى الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) الأول.
الجهة المنظمة : جمعية التوعية الإسلامية .
المشاركون:
1 – سماحة العلامة الشيخ حميد المبارك.
2 – الأستاذ عبد الوهاب حسين.
المكان: قرية كرباباد – جامع كرباباد.
اليوم : مساء الثلاثاء – ليلة الأربعاء.

ملاحظة: هذه الورقة هي مشاركة فضيلة الأستاذ عبدالوهاب حسين في الندوة المذكورة.

المحور الأول: كيف يكون الانتظار محركاً للإصلاح.. ومتى يكون ضده ؟

لقد قيل في معنى الانتظار الكثير من الكلام، الذي يصلح الإجابة على السؤال، وسوف أختصر الجواب في التالي:

نستطيع أن نذكر مفهومين للانتظار، وهما:

المفهوم الشرعي للانتظار: ويعني التالي:

أولاً – بقاء كافة أحكام الشريعة المقدسة والعمل بها.. وعدم تعطيل شيئاً منها.

ثانياً – إعداد النفس وتأهيلها للقيام بدور فعال في الإعداد والتوطئة للظهور الشريف المبارك، ثم المساهمة في تحرير دول العالم.. وإقامة دولة العدل الإلهي العالمية العظيمة، ثم المساهمة في إدارتها وبنائها وتعميرها .

ونستطيع أن نطرح مستويين لإعداد النفس وتأهيلها، وهما:

المستوى الأول: أن يعمل الشخص للإتحاد مع القائد المنتظر في الخط والقضية والغاية، وأن يستمد من نوره الرباني الشريف، نور القرآن والنبوة والولاية، وهذا ما يسعى إليه الخواص، وهو يحتاج إلى سير تكاملي متميز.

المستوى الثاني: أن يعمل الشخص لكي يكون له دور فعال في خدمة الخط والقضية والغاية.. قبل الظهور وبعده، وهذا ما يسعى إليه عموم الأنصار.

ويشمل التأهيل جميع الجوانب: الفكرية.. والروحية.. والأخلاقية.. والسياسية.. والعسكرية: لمن تتاح له فرصة هذا التأهيل، وينبغي الحرص عليه كثيراً.. متى أوتيت الفرصة.

ثالثاً – الإعداد الشعبي للظهور، وتأهيل القواعد العامة الإسلامية، مما يعنى خلق البيئة المجتمعية الحاضنة لعقيدة الانتظار المباركة، تلك البيئة التي تعيش الأمل الروحي بخروج المنقذ العظيم للبشرية، وإقامة دولة العدل الإلهي العالمية، وتساهم في الإعداد للظهور الشريف المبارك، وتتلقى دولة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف ) بالترحيب والقبول.

رابعاً – أعداد الكوادر اللازمة للإعداد والتوطئة قبل الظهور، ثم المساهمة في تحرير العالم وتحقيق النصر.. وإقامة الدولة العدل الإلهي العالمية، ثم المساهمة في الإدارة والبناء والتعمير فيها.

وهنا تنبغي الإشارة إلى عدة نقاط، وهي:

النقطة الأولى: أن تشمل الكوادر جميع التخصصات.. والمجالات: العسكرية.. والسياسية.. والإدارية.. والاقتصادية.. والتربوية…. الخ.

النقطة الثانية: أن هذه الكوادر تضم أفراداً .. وجماعات .. ومؤسسات في مختلف التخصصات ، وأحزاب .. وجيوش .. ودول .. وحكومات ، وينبغي التنبيه هنا إلى ضرورة العمل الجماعي ، لأن المهمة فوق طاقة الأفراد مهما عظمت طاقاتهم وتميزت كفاءاتهم ، وهذا ما تؤكده العديد من الآيات القرآنية الشريفة المباركة ، التي تؤكد على أن مهمة التغيير الاجتماعي .. لا تتحقق إلا على أيدي الجماعات .. وليس الأفراد .
قال الله تعالى : ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ( الرعد : 11).
وقال : ( وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ( محمد : 38 ).
وقال : ( فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً آخرين ) ( الأنعام : 89 ) .
لاحظ لفظ ( القوم ) في الآيات الثلاث الشريفة المباركة .

النقطة الثالثة: أن هذه الكوادر مسئولة عن الإعداد والتوطئة للظهور ، وهذا يعني أنها ستخوض مواجهات ومعارك في كل الميادين : العسكرية .. والسياسية .. والثقافية .. والتربوية .. والاقتصادية .. الخ ، ضد الظلم والفساد والاستبداد .. قيل الظهور ، ثم تشارك هذه الكوادر حسب تخصصاتها في التحرير وتحقيق النصر ، ثم في الإدارة والبناء والتعمير في دولة العدل الإلهي العظيمة .

النقطة الرابعة: ينبغي أن تفرز عملية إعداد وبناء الكوادر في عصر الغيبة الكبرى .. جهازين رئيسيين ، بحيث يكونان جاهزين قبيل الظهور الشريف المبارك ، والجهازين .. هما :
الجهاز الأول: جيش التحرير ، وهذه مسئولية القوات المسلحة في الحكومات الإسلامية ، ومسئولية الحركات الإسلامية المسلحة في العالم الإسلامي قاطبة .
الجهاز الثاني: الجهاز الإداري والقيادي .. لدولة العدل الإلهي العالمية ، وهذه مسئولية الحوزات العلمية .. والجامعات المباركة في العالم الإسلامي .

ومن الواضح جداً بأن الأخذ بهذا المفهوم الشرعي للانتظار ، يجعل الانتظار طريقاً فعلياً للإصلاح . . ومحركاً قوياً له .

المفهوم غير الشرعي للانتظار: ويعني ترك فريضة الأمر بالمعروف .. والنهي عن المنكر ، والجهاد في سبيل الله تعالى ، والسماح للظلم والجور والفساد .. بالظهور والانتشار ، بذريعة .. أن الظهور الشريف المبارك لولي العصر( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) لا يكون إلا بانتشار الفساد والمنكر .

وقد رفض فقهاء الشريعة المقدسة رضوان الله عليهم جميعاً .. هذا المفهوم غير الشرعي للانتظار.

ولا شك أن الانتظار بهذا المفهوم غير الشرعي ، يجعل الانتظار يسير في طريق هدام .. مغاير للإصلاح .

المحور الثاني: ما هي صفات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ؟

أنصار الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ليسوا على مستوى واحد ، فهناك الخواص الذين يمارسون مهام قيادية في الإعداد والتوطئة قبل الظهور ، ثم يشكلون الجهاز الإداري والقيادي بين يدي الإمام ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) في عملية التحرير .. وإقامة الدولة .. وإدارتها ، وهم يمثلون المستوى الأول في الأعداد للنفس ، كما وضح قبل قليل ، وقد ذكرت الرايات تقدير عددهم : ب( 313 شخصاً ) ، وهؤلاء يتحلون بصفات متميزة .. وعالية جداً ، من الناحية الفكرية .. والروحية .. والأخلاقية .. والوعي الميداني في مجالات تخصصهم ، وتربطهم حالة عشق متميزة مع الإمام القائم ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) وسوف أذكر بعض أهم صفاتهم بعد قليل .

وإلى جانبهم سائر الأنصار الذين لا يقدرون بعدد ، وهؤلاء يتحلون بصفات أقل مرتبة .. بالقياس إلى مرتبة صفات الخواص.

وبالتالي فإن البحث ينقسم إلى قسمين :

القسم الأول: الصفات العامة لأنصار الإمام المهدي عليه السلام .
القسم الثاني: الصفات الخاصة للخواص ، أعضاء الجهاز الإداري والقيادي .

وسوف نبحث في هذين القسمين كل قسم على حدة .

البحث في القسم الأول – الصفات العامة:

يجب أن تتوفر في أنصار الإمام القائم ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) الصفات التالية ، وهي :

الصفة الأولى: الإيمان بالإسلام ، والالتزام العملي بخط الإمام .. خط أهل البيت عليهم السلام ، وتطبيق الأحكام .. والتحلي بالتقوى .

الصفة الثانية: الارتباط الوجداني العميق بالإمام ، وطاعته .. وتنفيذ أوامره .

الصفة الثالثة: رفض الظلم والطغيان والفساد ومقاومتها ، وعدم المساهمة فيها بأي حال من الأحوال ، والتحلي بالحس ألجهادي ، وتنقيته من الشوائب المادية .. ومن الرياء والسمعة ، أي توفر عامل الإخلاص والقربى إلى الله تعالى في الجهاد .

الصفة الرابعة: الأخلاق الحسنة العالية ، ومحبة الناس .. والاهتمام بقضاياهم ، والاستعداد للتضحية من أجل الدين والمبدأ ومن أجلهم .

الصفة الخامسة: التفكير والعمل حركياً .. بمستوى القضية .. وحجمها ، عالمية الدولة .. وأنها دولة العدل الإلهي ، التي عمل من أجلها .. جميع الأنبياء .. والأوصياء .. والصالحين .. والشهداء .. في التاريخ الطويل .

البحث في القسم الثاني – صفات الخواص:

الصفة الأولى: الكفاءة العلمية العالية ، والاحاطة الكاملة بالأطروحة الإسلامية المباركة ، وعلوم الشريعة المقدسة ، ومعرفة متقدمة بالإمام ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) وقضيته ، والارتباط الوجداني العميق والمتميز به عليه السلام ، فهم أصحاب البصائر كما تصفهم الروايات .

الصفة الثانية: المستوى المتقدم جداً في التقوى ( رهبان .. الليل ) والمتقدم جداً في الشجاعة .. والكفاءة الجهادية ( ليوث .. النهار ) ، ومستوى متقدم جدا من الإخلاص لله تعالى في الجهاد .

الصفة الثالثة: الخبرية الميدانية العالية في ميدان التخصص .. والوعي المتميز للواقع ومحيط العمل والحركة .

المحور الثالث: ما هي أهم المشاكل التي يعاني منها العالم اليوم ؟

مشكلات العالم .. ومشكلات المسلمين اليوم ، كثيرة لا حصر لها ، وسوف اقتصر على ذكر المشاكل التي تتعلق بموضوع بحثنا فقط ، ومن أهمها المشاكل التالية :

المشكلة الأولى: الانحرافات الفكرية .. وهيمنة الثقافة الغربية العلمانية ، ويقابل ذلك عجز وتقصير عام .. لدى المسئولين عن التوجيه الفكري والثقافي الإسلامي في المتابعة لما هو جديد في ساحة الفكر والثقافة العالمية والمحلية ، والتقصير في التوجيه الفكري والثقافي المحلي للشباب .. المتعطشين للفكر والثقافة ، والمتحمسين للتجديد والتطوير فيها ، ثم التقصير في النشر الخارجي للفكر الإسلامي في العالم ، رغم وجود نجوم متألقة جداً .. في سماء المعرفة في العالم الإسلامي ، الذين لا يجوز لنا أن نبخسهم حقوقهم .. في البروز والتألق .. وفي الجهاد الفكري المقدس .

المشكلة الثانية: الفساد والإنحرفات السلوكية والأخلاقية .. وظهور الثقافة الإباحية في العالم ، ودخولها إلى العالم الإسلامي ، ويقابل ذلك تعطيل واضح لفريضة الأمر بالمعروف .. والنهي عن المنكر ، تلك الفريضة .. التي حصن الله تعالى بها الدين والأمة من التبديل .. والانحلال .

المشكلة الثالثة: الاستكبار العالمي .. وفرض الهيمنة الاستعمارية على دول العالم ، واستضعاف الشعوب المحرومة ، والسيطرة على ثرواتها بالقوة .. وبالمكر والخديعة ، وتوظيف المؤسسات الدولية لخدمة الاستكبار .. وإضفاء صفة الشرعية الدولية عليها .

المشكلة الرابعة: الحكومات المستبدة التي تأسر الشعوب ، وتقيد حرياتها ، وتعطل طاقاتها ، وتسرق خيراتها ، وتسيرها بالحديد والنار ، مما أدى إلى الفقر والضعف والتخلف ، خاصة في دول العالم الثالث .. الذي تنتمي إليه معظم الدول الإسلامية .

المشكلة الخامسة: الصراعات الطائفية في العالم الإسلامي .. وتمزق وحدة المسلمين ، واختلاف كلمتهم .. ومواقفهم ، مما زاد من ضعفهم وتخلفهم ، وساهم في ضياع الجهود والطاقات والموارد ، وسهل مهمة السيطرة عليهم واستضعافهم من جهات الاستكبار العالمي ، وساهم في تثبيت دعائم الحكومات المستبدة في العالم الإسلامي عامة ، التي تمثل أحد أهم مشاكله الجوهرية – كما سبق ذكره .

المحور الرابع: كيف يحقق الإمام ثورته الإصلاحية ؟

يتحرك الإمام عليه السلام في عملية التحرير .. وإقامة الدولة على ثلاثة محاور رئيسية .. وهي:

المحور الأول: المحور العسكري ، ويستخدم فيه أحدث الأسلحة وأكثرها تطوراً ضد الأعداء .
المحور الثاني: المحور السياسي التفاوضي .
المحور الثالث: المحور الفكري الحواري .

وسوف يلقى الإمام المهدي عليه السلام تجاوباً كبيراً من الشعوب الإسلامية ، وخاصة من الشيعة الذين يقولون بإمامته .. وينتظرون ظهوره أثناء غيبته عليه السلام ، وسوف يلعب نبي الله ( عيس بن مريم ) عليه السلام ، دوراً بارزاً في المحورين الثاني والثالث ( السياسي .. والفكري الحواري ) خاصة على مستوى العالم المسيحي ، وسوف يكون لهذين المحورين الفضل الأكبر .. في هداية معظم الشعوب غير الإسلامية من أهل الكتاب : المسيحيين واليهود .. ومن غيرهم ، ودخولهم في الإسلام أفواجاً .. طائعين بدون حرب أو قتال .

وذلك لتوفر عوامل مساعدة كثيرة ، منها على سبيل المثال العوامل التالي :

العامل الأول: سقوط الأنظمة السياسية المختلفة.. وانكشاف زيف المذاهب الفكرية على أعتاب الظهور الشريف المبارك للإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) بسبب الحروب والثورات، وبسبب بروز الدور الريادي للمفكرين الإسلاميين المجاهدين في تقديم الإسلام للعالم في صورته الصحيحة النورانية.. وكشف زيف المذاهب الفكرية الأخرى، وبالتالي استعداد البشرية للقبول بثورة سماوية عالمية، تحق الحق.. وتقيم العدل، وتحفظ الحقوق.. وتصون كرامة الإنسان، بعد ما ذاقت البشرية من كوارث الحروب المدمرة، ومن الظلم.. والجور.. والفساد المنتشر في العالم، وبعد ما ألم بها من ضياع فكري.. وفراغ روحي ، بسبب المدارس الفكرية الوضعية .

العامل الثاني: الإمداد الغيبي: بالملائكة.. وبالرعب.. وبالتابوت فيه سكينة.. وبعصا ( موسى بن عمران ) عليه السلام.. وبالرياح مسخرات بأمر الله.. وبسائر تراث الأنبياء عليهم السلام.

العامل الثالث: هيمنة الرعب والفزع على الأعداء ، وتمرد القوات المسلحة .. وعدم تنفيذها لأوامر الحكام الظلمة المستبدين، بسبب ما تراه تلك القوات من الآيات والمبينات المصاحبة للظهور.. وعلى يدي القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف ) مما يسهل مهمة القائم ( عليه السلام ) في تحرير العالم.. وإقامة دولة العدل الإلهي العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى