لقاء الثلاثاء (53) | 28-6-2010

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين الأخيار.

تقييم الحالة الإسلامية

قال الأستاذ: الإسلاميون يختلفون في فهمهم للدين على مستوى المفاهيم والقيم والأحكام الشرعية، ويختلفون في تشخيص الواقع برمَّتِه أو تشخيص جزئيّاتِه على مختلف الأصعدة والمستويات، ويختلفون في دقَّة تطبيق فهمهم للدين على الواقع، وهذا الاختلاف يشمل الجميع حتى الفقهاء „ وعليه:

  • ليس كل سلوك أو موقف يتخذه عالم أو فقيه يكون صحيحًا بالضرورة.
  • وإنّ الحكم على الإسلاميين والتقييم لهم يجب أن يتوجّه للسلوك والأداء وليس للانتماء.

وقال: ينبغي تقييم الإسلاميين والحكم عليهم من خلال سلوكهم وأدائهم وليس على أساس انتمائهم، فبين المنتمين للدين الواحد والمذهب الواحد والمدرسة الواحدة نجد تباينًا واضحًا في السلوك والأداء، فنجد بينهم:

  • المُحسِن والمُسيء.
  • المُصيب والمُخطئ.
  • الوافي والمقصِّر.
  • صاحب الكفاءة والفاقد لها.

وتقييم الإسلاميين على أساس الانتماء له سلبيات عديدة، منها:

  • أنّه لا يسمح بالتقييم الصحيح مما يهدد المصالح الحيوية للناس.
  • ويؤدِّي إلى تحميل الدين مسؤولية سوء الأداء مما يُسيء للدين ويُعفي المسؤولين الحقيقيين من المسؤولية.

وقال: العمل السياسي لبعض الإسلاميين لا يختلف من حيث الجوهر عن عمل الأحزاب الغربية والعلمانية، فهم مؤمنون ولكنهم يعتقدون إنّ هذه هي قواعد العمل السياسي: (المكر والكيد والخديعة والانتهازية ونحوها) ومن يخالفها لا يكون سياسيًّا، ولا يفهم في السياسية، وقد يُرمى بالسذاجة والبساطة، وهذه عقيدة باطلة وفق الرؤية الإسلامية، قال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب o: “ما معاوية بأدهى مني (الدهاء هو استخدام العقل بمهارة في المكر والخداع وانتهاز الفرص للغلبة والفوز بالسلطة ونحوها) ولكنه يغدر ويفجر (وهما من لوازم الدهاء) ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن كل غدرة فجرة (مبالغة في الفجور) وكل فجرة كفرة (مبالغة في الكفر) ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة، والله ما أستغفل بالمكيدة (أي أنه عارف بأوجه الدهاء فلا تلحقه الغفلة عما يعمل له من الحيلة والمكيدة) ولا أستغمز بالشديدة (لا يضعف عما يرمى به من الشدائد)([1]).

وقال الأستاذ: هدف معاوية هو الوصول إلى السلطة والبقاء فيها، ومن أجلها يستجيز لنفسه استخدام كل وسيلة، ولا وزن عنده للقيم الدينية والإنسانية.

أما هدف الإمام علي o فرضا الله سبحانه وتعالى، وإحقاق الحق، وإقامة العدل، وهذا لا يتحقق إلا بالوسائل النظيفة وحدها، فلا يستجيز الإمام علي o لنفس من أجل تحقيق أهدافه إلا الوسائل النظيفة، وفي سبيل تحقيق أهدافه الربانية النبيلة يضحي بالنفس والملك وكل نفيس.

ولا شكَّ فإنّ سياسة معاوية تنجح في بيئة الضلال والفساد، وسياسة الإمام علي o تحتاج إلى البصيرة والإخلاص والصلابة والصبر والتضحية لكي تصل إلى أهدافها، وهذا هو الفرق بين سياسة الرحمن وسياسة الشيطان على حدِّ تعبير الأديب طه حسين.

وقال: نجد لدى بعض المؤمنين فجوة بين السلوك الشخصي والسلوك السياسي، فهو على المستوى الشخصي يتمتَّع بالتقوى والصلاح، ولكنه على المستوى السياسي يرى ـ كالغربيين والعلمانيين ـ الغدر والمغالبة والانتهازية من الشطارة وفن السياسة، وقد يمارسها حتى مع إخوانه المؤمنين، وقد يستدل على صواب سلوكه هذا بقول الله تعالى: )وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ(([2]).

وقال: لقد تنبّه سماحة آية العظمى الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر ¨ إلى وجه من أوجه الخلل لدى الفقهاء „ وهو إعطاء الفتوى للمؤمنين كأفراد بما هم أفراد وليس كأفراد يعيشون ضمن المجتمع، مما لا يقدّم حلولاً واقعيّة للمؤمنين، ومن شأنه أن يضعهم في حرج شديد، والمطلوب برأيه إعطاء الفتوى للمؤمنين على أساس أنهم أفراد يعيشون ضمن مجتمع.

وقال: في الوقت الحاضر هناك توجّه لدى بعض الفقهاء بتقديم رؤى سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها تقوم على أساس أصالة المجتمع (أي تعالج المسائل المختلفة ضمن الحالة المجتمعية) وتقدِّم رؤى متكاملة وليس مسائل متفرِّقة تقدّم الحلول إلى الأفراد، وفي ظلِّ هذه الرؤى يمكن أن نحصل على معالجات إسلامية أكثر أصالة لسلوكنا العام: السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره، تخرجنا من الأنفاق المظلمة، ومن الأخطاء الجوهريّة في سلوكنا العام.

الامتيازات تفسد قلوب الأتقياء

وبخصوص المواقف الخاطئة التي يفرزها وجود المؤمنين في المواقع غير المناسبة، قال: جاء في أحاديث أهل البيت q إنّ آخر ما يخرج من قلوب الصديقين هو حب الزعامة، فحب الزعامة متمكِّن من قلوب بني آدم، وهذا ليس فقط على مستوى زعامة الدولة، وإنما يشمل زعامة الأحزاب والمنظمات والمؤسَّسات الخيريّة والمآتم ونحوها.

وقد ثبت بالتجربة إنّ الامتيازات تُفسد قلوب الصالحين، وقد وجدنا تغيّرًا سلبيًّا في سلوك بعض المؤمنين حينما يصلوا إلى المناصب ويتولَّوا السلطة ـ وهذه حقيقة واضحة ـ وذلك لأنّهم لم يكونوا مؤهّلين روحيًّا لتولّي هذه المناصب، مما يعود بالضرر على أوضاع المجتمع، ويضعف مصداقية المؤمنين، ويهز الثقة في قدرة الدين على إيجاد الحلول المناسبة لقضايا الإنسان ومشاكل المجتمع، وهذه كارثة إنسانية بحق وحقيقة.

وقال: لقد سعى الإسلام الحنيف إلى تحصين المواقع القيادية ـ لاسيّما المتقدمة ـ في الدولة والمجتمعات والمنظمات والمؤسسات الإسلامية، فاشترط:

  • العلم بالأحكام الشرعية المتعلقة بالمنصب أو الوظيفة (المسائل محل الابتلاء).
  • التحصين الاتِّقائي المتناسب مع المنصب واللازم لتجنّب الانزلاق في مطبّات الهوى وشهوات النفس.
  • الكفاءة المهنيّة اللازمة لتأدية الواجب.

الوحدة مسؤولية أمام الله

وبخصوص موقف تيار الوفاء الإسلامي من التحشيد في انتخابات 2010م، قال: إنّ تيار الوفاء الإسلامي ينظر إلى قضية المشاركة والمقاطعة على أنها قضية مهمة ضمن ملف أشمل وهو الملف الدستوري وليست كل شيء في هذا الملف، وينظر إلى الملف الدستوري على أنه الملف الأهم منهجيًّا في سلَّم الأولويّات (الملف الأم) في ترتيب الملفات، ولكنّه ليس الملف الوحيد على الساحة الوطنية.

فإلى جانبه توجد ملفات أخرى في غاية الأهمية والخطورة، مثل: التجنيس والتطهير الطائفي، وتيار الوفاء يولي العناية لجميع الملفات على الساحة الوطنية، ويسعى لتحقيق سياسة متوازنة تجاه جميع الملفات، ويأخذ بعين الاعتبار جميع المكوِّنات والمؤثِّرات على الساحة الوطنية، وينظر في الإدارة السياسية إلى البعيد ويأخذ بما يخدم تحقيق الأهداف التي أعلن عنها، ولا يتوقف اهتمام تيار الوفاء الإسلامي ويجمد عند قضية التحشيد أو عدم التحشيد للمقاطعة أو المشاركة، فمن حقِّ كلِّ طرف أن يُحشِّد لخياره الذي قرّره وارتضاه لنفسه إزاء الانتخابات القادمة.

وقال: مع إنّ تيار الوفاء لم يعلن عن موقفه في مسألة التحشيد ـ حتى الآن ـ ولكنه ينبّه جميع الأطراف إلى مسؤوليتها الدينية والوطنية عن مواقفها إزاء جميع الملفات، وعن نتائج سلوكها السياسي على الشارع وعلى الساحة الوطنية، إنها مسؤولة بحق وحقيقة عن ذلك أمام الله “، قول الله تعالى: )وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ(([3]) وأمام التاريخ، ولن يغني عنها شيئًا توصيف سلوكها بأنّه رد فعل لسلوك الأطراف الأخرى الخاطئ، وتحميلها المسؤولية عن سلوكها السياسي غير اللائق أو غير المناسب.

وقال: يجب على جميع الأطراف أن تتحمّل المسؤولية المشتركة في الحفاظ على وحدة الشارع الدينية والثقافية والاجتماعية والوطنية، وألا تسمح لاختلاف خياراتها وسلوكها السياسي، أن تؤدِّي إلى انقسامات حادّة تضر بالوحدة الدينية والوطنية، وتنتج عنها مواجهات بينية تضر بالسلم الأهلي.

وقال: حينما تكون السلطة عدوّة لنا وتريد أن توجِّه لنا ضربة قاسية، فإنّها لن تجد أقسى من خلق الفتنة بيننا، ولو إنّ الله ” غضب علينا، وأراد أن ينتقم منا، فليس شيءٌ أشدَّ علينا من أن يجعل بأسنا بيننا شديدًا، قول الله تعالى: )بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ(([4]).

فالفتنة الأهلية خط أحمر، وحدوثها دليل على عدم الرشد وعلى فقدان التعقل، وهي أسوء ما يمكن أن يحدث لأي مجتمع أو جماعة، فهي أخطر من التجنيس ومن التمييز ومن البطالة ونحوها، فلا نقدِّم لأعدائنا ما يطلبونه لنا هدية مجانيّة على طبق من ذهب.

وقال: إذا كانت الأجندة التي نسعى إلى تحقيقها لا تحصل إلا بالفتنة الأهلية، فلتذهب هذه الأجندة إلى الجحيم، وليبقى السلم الأهلي، فالسياسية التي تأتي بالفتنة الأهلية سياسة شيطانية، والقوى السياسية الرشيدة تنبذ كل الأجندة التي تأتي في مقابل السلم الأهلي والحفاظ على الوحدة.

وقال: مع المحافظة على الوحدة تتاح للقوى السياسية الشريفة فرصة تحقيق أهدافها النبيلة المشروعة: الدينية والوطنية، ومع ضياع الوحدة والسلم الأهلي تضيع جميع الأهداف المشروعة، ويكون نصيب القوى السياسية المتسببة في ضياع الوحدة والسلم الأهلي الخزي والعار في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة.

وقال: من الواضح إنّ السلطة تتجنّب حاليًا المواجهة الساخنة مع تيار الوفاء، لأنّها تعلم بأنّ هذه المواجهة تُقوِّي التيّار ولا تضره، ودخلت في حرب باردة معه، والأخطر أنّها لم تظهر في المشهد في هذه الحرب، لأّنها نجحت بأساليبها الماكرة في إيجاد من يخوض الحرب مع التيار نيابة عنها ـ وبمشاركة بعض الأصدقاء المفترضين إلى التيار ـ وجعلت دورها هو تحريك الأدوات من خلف الستار.

وبخصوص ما يقال: “إنّ تيار الوفاء ينساق بسذاجة خلف دعوات الوحدة” قال: سأترك للأيام لتكشف من الساذج الذي انطلت عليه ألاعيب السلطة وحبائلها، ومن البصير الذي اكتشف حبائل السلطة وخدعها بشكل مبكر وأخمدها في مهدها.

وقال: في أوّل تحرّك للشارع في بداية انتفاضة الكرامة جلسنا هنا في البيت ـ في المجلس السابق في داخل البيت ـ وكان من الحضور سماحة الشيخ عبد الأمير الجمري   والشيخ حسن سلطان، والشيخ حسين الديهي، وآخرين، وقدَّمتُ لهم توقّعاتي لتطوّرات الأوضاع على الساحة الوطنية، فقيل لي أنت تحلم، فقلت: “اللهم اشهد أنِّي قد بلّغت” ثم وجدوا ما قلته حقيقة على الأرض، ولم يكن متوقّعًا لديهم، وأنا الآن أحذِّر من مغبّة بعض السلوك السياسي ونتائجه السلبية والخطيرة على الشارع، وأدعو الجميع لتحمّل المسؤولية التامّة تجاه الدين والوطن، فإنّهم مسؤولون عن ذلك أمام الله ” وأمام التأريخ، ولن يرحمهم التاريخ، وإنّ الله أجل من تجاهل الحساب بين يديه.

وقال: أنصح بقراءة كتاب (ذاكرة شعب) فهو يوثِّق الأحداث، وفيه ما يقيم الحجّة.

اللقاء مع الوفاق

وبخصوص لقاء تيار الوفاء مع جمعية الوفاق، قال: جميع القوى السياسية تقول على الصعيد النظري بأنّها مع التعاون والعمل المشترك، ولم يجرؤ أحد منها على القول علنًا بخلاف ذلك، والتفاوت بينها هو في التطبيق.

وتيار الوفاء منذ تأسيسه أكَّد في بيان الانطلاق على توجّهه الوحدوي، وأنّه سوف يسعى لتوحيد الصفوف، وقد سعى فعلاً من أجل توحيد الصفوف وإقامة علاقات جيّدة مع جميع قوى المعارضة، والكل أشاد بهذا التوجّه، وطالبوا التيار بالثبات عليه.

وقد عقد تيار الوفاء لقاء مع جمعية الوفاق قبل 8 شهور تقريبًا، وكانت رغبة التيار أن تستمر اللقاءات إلا أنّها توقّفت على خلاف رغبته، ثم كتب لنا الإخوة في الوفاق برغبتهم في استئناف اللقاءات مع تيار الوفاء، وقد قبل التيار استئناف اللقاءات، واستؤنفت فعلاً بين الطرفين، فتعرّض التيار إلى نقد شديد من البعض لقبوله استئناف اللقاءات في الوقت الحاضر، بحجّة إنّ رغبة جمعيّة الوفاق في استئناف الحوار إنّما هي من أجل تعطيل دور التيار في التحشيد للمقاطعة، وأعلن البعض عن تخوّفه من أن يخفض التيار من سقف مطالبه في ظلِّ لقاءاته مع جمعية الوفاق، ووجَّه البعض للتيار سيلاً من النصائح بألاّ يقع في حبائل جمعية الوفاق وخدعها، بشكلٍ يصوِّر قيادات التيار وكأنهم مجموعة من السذَّج والبسطاء، ووصف البعض التيّار بالضعف والتفريط في القضايا الوطنيّة لمصلحة جمعية الوفاق.

وقد نسي هؤلاء بأنّ قبول التيار باللقاء مع جمعية الوفاق يأتي ضمن سياسته الثابتة التي أعلن عنها ودعا إليها مرارًا وتكرارًا، فهو السابق إلى طلب اللقاء، وإنّ للتيّار رؤاه وسياسته الواضحة، ولن يذهب إلى اللقاء خالي الوفاض، بل سيذهب حاملاً رؤاه ومتسلِّحًا بسياسته وثوابته الواضحة، وهو لا يخاف من اللقاء مع أيِّ طرف في أيِّ وقتٍ كان، فإنّما يخاف الضعيف الفقير الذي لا يملك شيئًا ولا حول له ولا قوّة أمام الآخرين.

وقال: للحملة على تيار الوفاء نتائج عمليّة على الأرض، أهمّها:

  • توهين التيار في أعين الجماهير.
  • وخلق الانقسام في صفوف جماهير المقاطعة إلى جانب الانقسام الحاصل بين جماهير المشاركة وجماهير المقاطعة.

وقال: سوف يتغلّب التيار ـ بإذن الله تعالى ـ على مكائد الشيطان، ويتجاوز المطبَّات التي توضع في طريقه.

وقال: وجدت الروح السلطوية تتجسّد في سلوك الكثير من القوى السياسية المختلفة، فكلُّ طرفٍ يحاول أن يجرَّ النارَ إلى قرصه، بدلاً من التصرّف بما يخدم المصلحة العامة: الإسلامية والوطنية، وهذا سلوك سلطوي قبيح يفتقر إلى القيم النبيلة الراقية، ولا يختلف في جوهره عن سلوك السلطة الغاشمة. وقد دَخَلَت هذه الروح السلطوية الشريرة في تناول العمل المشترك ـ سلبًا وإيجابًا ـ فكلُّ طرفٍ يتناول العمل المشترك ـ سلبًا وإيجابًا ـ بالشكل الذي يخدم مصلحته الخاصّة وليس بالشكل الذي يخدم المصلحة العامة: الإسلامية والوطنية، ويعبِّر عن الثوابت الدينية والوطنية ويعكس الحالة القيمية العالية.

موقف تيار الوفاء من انتخابات 2010م

وبخصوص عدم إعلان تيار الوفاء عن موقفه التفصيلي من انتخابات العام 2010م، قال: لدى السلطة والمشاركين في الانتخابات قلق من عزوف الجماهير عن صناديق الاقتراع في الانتخابات القادمة، وسوف يكون لموقف تيار الوفاء تأثير مهم في إقبال الجماهير أو عزوفها عن صناديق الاقتراع، ولهذا نجد لدى السلطة والمشاركين رغبة شديدة في معرفة الموقف التفصيلي لتيار الوفاء في سبيل ترتيب أوراقهم في وقت مبكر، وهي تسعى لذلك بكل وسيلة، وليس لدى تيار الوفاء الرغبة في تسكين روع السلطة، ولن يُقدِّم التيّار هدية مجانيّة للسلطة بالإعلان عن موقفه التفصيلي من الانتخابات القادمة قبل حينه.

وقال: التيّار يتعرّض لضغوط شديدة لكي يعلن عن موقفه التفصيلي من الانتخابات القادمة، وهذه الضغوط تُركِّز على جانبين:

  • التأثير على وحدة صف المقاطعين.
  • والتأثير على علاقة التيّار بالجماهير.

وقال: إنّ التيّار سوف يكون شديدًا في مواجهة الضغوط ولن يعلن عن مواقفه إلا في حينها، وفي الوقت نفسه لن يُمكِّن الأيدي الآثمة من الإضرار بوحدة صف المقاطعين، ومن الإضرار بعلاقة التيار مع الجماهير، وهذه ليست بالمهمة السهلة، فالسلطة تمتلك الكثير من الأساليب الخبيثة، وهي بارعة في تحريك الأطراف المختلفة ضد بعضهم، وتوجد من نقاط الخلل ما تسمح لها بالنفاذ لتحقيق مآربها، ولكن الله تعالى يقول: )وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ(([5]).

تسلّط القاعدة على القيادة

وبخصوص علاقة القيادة مع القاعدة، قال: أعجبتني كلمة قيلت بحق الإمام علي ابن أبي طالب o في برنامج عنه في قناة المنار، قال المتحدِّث في البرنامج (بما معناه): “كان المحكومون يشتكون من ظلم الحكّام لهم، أما الإمام علي ابن أبي طالب o كحاكم كان يشتكي من ظلم المحكومين له” فعدله وورعه جرَّ المحكومين إلى الجرأة عليه وظلمهم له.

وقال: شبه هذه الحالة بدأت تظهر على الساحة البحرينية، ففي الوقت الذي يشتكي البعض من حالة قيادية لا تسمح بالنقد والاعتراض عليها، نجد في المقابل حالة من الجرأة تصل إلى حدِّ الإساءة إلى القيادات التي تسمح بالنقد والاعتراض عليها، فنحن أمام حالتين قبيحتين:

  • دكتاتورية القيادة.
  • وتسلّط القاعدة على القيادة والإساءة إليها وتعطيل دورها.

والمطلوب: المحافظة على الحالة الوسط، بين ممارسة المراقبة والنقد بشكل صحيح، والمحافظة على مكانة القيادة ودورها، قول الله تعالى: )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا(([6]).

وقال: النقد والنصيحة والتوجيه لها آداب وشروط، ووقوف التلميذ موقف الموجّه المرشد لأستاذه ـ لاسيما في مرحلة تتلمذه عليه ـ هو بخلاف الآداب العامة والشرعيّة، قال الإمام زين العابدين o: “وحق سائسك (أي مؤدِّبك) بالعلم: التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والإقبال عليه، وألاّ ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحدًا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدِّث في مجلسه أحدًا، ولا تغتاب عنده أحدًا، وأن تدفع عنه إذا ذُكِرَ عندك بسوء، وأن تستر عيوبه، وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوًّا، ولا تعادي له وليًّا، فإذا فعلت ذلك: شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جلَّ اسمه لا للناس”([7]).

وقال: من سياسة تيار الوفاء الثابتة، ألا يُكرِه أحدًا على اتّباع رأيه، والأخذ بمواقفه، فليس له ولاية شرعية ملزمة على أحد من الناس، فالتيار يعطي رأيه، ويوضِّح موقفه، ويترك للناس الخيار، فمن أخذ برأيه أخذ به طائعًا لا مكرهًا ولا مرغمًا بأِّي شكلٍ من الأشكال، والاختلاف معه ومخالفته حق للجميع، ويرى في هذا المنهج سبيلاً لخلق الوعي وإبقاء الضمير حيًّا.

العلاقة مع حركة خلاص

وبخصوص علاقة تيار الوفاء بحركة خلاص، قال: علاقة تيار الوفاء مع حركة خلاص لا تقوم على الكم والعدد، وإنّما على المبدأ وفق سياسة واضحة وثابتة، فالتيّار يرى التواصل مع جميع القوى السياسية العاملة على الساحة الوطنية من أجل التنسيق والتعاون معها في المشتركات مع احتفاظ كل طرف بخصوصيته، وسقف حركة خلاص من خصوصياتها، وأمره راجعٌ إليها.

وقال: الأخوة في حركة خلاص أعربوا عن استعدادهم للاستماع إلى توجيهات وإرشادات تيار الوفاء، حتى أنّهم عبروا في بيانهم أنهم ينظرون إلى تيار الوفاء كقيادة، وتيار الوفاء لا يضع نفسه موضع القيادة لحركة خلاص، ولكن ينظر إليهم ويتعاطى معهم على أنّهم طرف سياسي موجود على الساحة الوطنية، ومقتضى المصلحة الإسلامية والوطنية إقامة علاقات طيّبة معهم.

وقال: تميّز تيار الوفاء بأنّه نجح في إقامة علاقات جيّدة مع معظم الأطراف السياسية المعارضة على الساحة الوطنية، فهو الوحيد ـ حتى الآن ـ الذي له مثل هذه العلاقات، وسوف يستمر على هذا النهج الإسلامي والوطني الوضَّاء، حتى تتحقّق الأهداف الإسلامية والوطنية التي يعمل من أجلها.

ابتعاد الشيخ فاضل دهنيم

وبخصوص البيان الذي أصدره فضيلة الشيخ فاضل دهنيم بشأن ابتعاده عن الساحة، قال الأستاذ: علاقة فضيلة الشيخ فاضل دهنيم بالتيار لم تنقطع، ولكن مرضه يمنعه من حضور جلسات التيار ـ حتى الآن ـ كما يمنعه من حضور دروس الحوزة وصلاة الجماعة ـ رغم إنّ وضعه الصحي تحسَّن كثيرًا عمّا كان عليه في بداية مرضه ـ وهو يتواصل معنا ولكن بصورة متقطِّعة، ونحن حريصون على التواصل معه، ونتطلّع إلى عودته إلى ساحة العمل الإسلامي والوطني، وأن يأخذ مكانه الذي تركه فارغًا بانقطاعه غير الاختياري.

نسبة التصويت المعلنة في الانتخابات ليست معيارًا

وبخصوص نسبة التصويت في الانتخابات، قال: البعض يطرح بأنّ هدفَه خفض نسبة التصويت في الانتخابات القادمة، وهذا برأيي ليس معيارًا صحيحًا، لأنّ النسبة المعلنة هي في يد السلطة، فبيدها أن ترفع النسبة في انتخابات 2010م كما فعلت في انتخابات العام 2002م، وبإمكانها أن تبقيها كما هي ـ حينما تكون مرضيّة لديها كما فعلت في انتخابات العام 2006م، فالتعويل على خفض نسبة التصويت ليس في محلِّه.


([1]) نهج البلاغة (لصبحي صالح)/ص:  318.

([2]) المطففين: 26.

([3]) الصافات: 24.

([4]) الحشر: 14.

([5]) إبراهيم: 46.

([6]) البقرة: 143.

([7]) مكاتيب الأئمة q/ ج‏3/ ص: 190/ 10- رسالته o في الحقوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى