لقاء الثلاثاء (33) | 15-12-2009

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.

مداخلة سماحة الشيخ محمد حبيب المقداد

استقبل مجلس الأستاذ عبد الوهاب حسين في لقاء الثلاثاء سماحة الشيخ محمد حبيب المقداد، وفي إجابته على سؤال وجه إلى سماحته حول تصريحه الصحفي لجريدة الوسط بعد الإفراج عنه، وبشّر فيه الناس بانفراج قريب، قال: تصريحي السابق كان مبنيًّا على توجّه الحكومة وما قدّمته لنا من وعود، ولكن النتيجة كانت صفرًا بل ربما كانت سلبية وخلاف ما تمَّ الاتفاق عليه، وهذا يُعزِّزُ قناعتنا بأنه لا وفاء عند الحكومة، فهي حتى وإن أعطت وعودًا ومواثيقًا فإنّها لا تلتزم. وأكَّدَ بأنَّه مستمرٌ في نهجه وملتزمٌ بما قطعه على نفسه من عهود.

وحول موسم محرم، قال: موسم محرم من المواسم التي يجب أن تستفيد منها الأمَّة من نهج أبي الأحرار الإمام الحسين o وفيه يجب التركيز على المواضيع التي تخدم مصالح الأمة وعلى رأسها:

• الوحدة ورصِّ الصف.

• وتعبئة الناس تعبئة ثورية، فالإسلام دين الثورة وليس دين الخمول والاستكانة إلى الأمر الواقع.

وقال: حينما تحرّكت الآلة العسكرية العربية فإنها لم تصمد أكثر من ستة أيام، ولكن لمّا نزل النفس الحسيني وأبناء التربية الحسينية فإنَّ الصمود استمر (33: يومًا) ولو كانت الحرب أطول لوجدوا النفس الحسيني أطول.

وحول الوحدة أوضح سماحته، بالقول: الوحدة لا تعني أن تتنازل عن قناعاتك، ولكن لا يصح ـ بحجة الاختلاف في الرأي ـ أن نوجه حرابنا تجاه بعضنا البعض وأن نجعل أعداءنا يتفرّجون علينا.

وقال: كان الإمام الخميني (رضوان الله عليه) خلال مقارعته للشاه يخالف عددًا من أكابر مراجع الدين، وكان يخاطبهم بأنه يُقبِّل أياديهم، ولكن لديه مشروعه الذي سيمضي فيه، وأنه لابدّ من إسقاط الشاه.

وردًّا على الاختلاف الذي حصل بين علماء الطائفة في التسعينات، قال: نحن نحترم كافة الأطراف والشخصيات العلمائية المعروفة، ولو فرضنا إنّ فلانًا ـ على حد تعبير السائل ـ كان ذيلاً للسلطة فهذا شأنه، وانشغالي بمحاربة الذيل وترك السلطة التي هي رأس المشكلة فهذا في مصلحتها، ولكن من واجبكم أن تدعموا العالم الذي تقتنعون بمشروعه.

تعقيب الأستاذ

وفي تعقيب له، قال الأستاذ: تيار الوفاء الإسلامي له مشروع عمل يحظى بالشرعية الدينية والوضعية التامة، وهو متمسّك بهذا المشروع وماض فيه إلى النهاية ـ إن شاء الله تعالى ـ ومن حق كل إنسان يرى صوابية هذا المشروع أن يقدم له الدعم المادي والمعنوي والبشري، وهذا ما يفعله الكثيرون ـ والحمد لله رب العالمين ـ ولكن يجب ـ من أجل مصلحة المشروع ـ أن نتجنّب الصراعات البينية والهامشية.

وبخصوص وحدة الصف، قال: رؤية تيار الوفاء الإسلامي في قضية وحدة الصف لها مستويات:

المستوى (1) على الصعيد الوطني: نرى بأنّ الاصطفاف السياسي على أساس طائفي هو كارثة وطنية يجب العمل للقضاء عليها، وندعو للتعامل مع المواطنين على أساس المواطنة والمساواة بينهم في كافة الحقوق والواجبات، بغض النظر عن انتمائهم الديني أو المذهبي أو مكان سكنهم. ونطالب بالانفتاح بين كافة القوى السياسية الوطنية والحوار الجاد بينها في شؤون الوطن والمواطنين على أسس وطنية عادلة.

المستوى (2) على صعيد المعارضة: لدينا رؤية واضحة بأننا لن نصل لخلق التوازن مع السلطة وتحقيق مطالب الشعب العادلة، بدون النجاح في إدارة الاختلاف بين قوى المعارضة وتوحيد صفوفها، وقد طرحنا ثلاثة مستويات للعلاقة بين قوى المعارضة، وهي:

  • التحالف.
  • التنسيق والتعاون.
  • التفاهم (وهذا المستوى يشمل حتى الموالاة).

ونحن في تيار الوفاء منفتحون على كل من يرغب في الانفتاح علينا، ونسعى لطرق كل الأبواب.

المستوى (3): على صعيد الطائفة: لدينا طموح كبير في توحيد صفوف الطائفة على أساس إسلامي ووطني عادل ولمصلحة الدين والوطن وليس على أساس طائفي مضر بالآخرين، وهذه وصية ديننا الإسلامي الحنيف، ووصية أئمتنا الأطهار ^ ووصية مراجعنا العظام (رضوان الله عليهم) ونحن متمسِّكون بهذه الوصية النورانية العظيمة.

وقال: ونحن طرحنا خيارات عديدة لمعالجة مشكلة الخلاف، وهي:

• تأسيس هيئة قيادية مشتركة تضم كبار الرموز الدينية والسياسية.

• القبول بالتعددية والتنسيق والتعاون على المشتركات.

• الاحتكام إلى المرجعية.

• أيُّ خيارٍ منطقيٍّ آخر يطرحه الأخوة.

وقال: نحن في تيار الوفاء الإسلامي مصرّون على تجنُّب المواجهة البينيّة، وإذا فشلنا في ذلك فسوف نعمل بقول الله تعالى على لسان هابيل لأخيه قابيل: )لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(([1]) وسنعمل ولو من جانب واحد على تصفية الأجواء الأخوية وعدم الدخول في مناكفات مع أخوتنا المؤمنين. وهذا لا يعني التنازل عن مشروع عملنا، فهو مشروع يحظى بالشرعيّة الدينيّة والوضعيّة التامَّة، ونحن متمسِّكون به إلى النهاية. وهذا الموقف الأخوي الذي نعلنه، ليس فيه مِنَّة أو تفضُّل على أحد، وإنّما هو واجبٌ دينيٌّ ووطنيٌّ ومن مصلحة المشروع. ومن يقتنع من المؤمنين بصوابيّة هذا المشروع، فمن حقِّه أن يُقدِّم له الدعم المادي والمعنوي والبشري، وأن يعلم بأنّ من مصلحة هذا المشروع تصفية الأجواء الأخوية وتجنب المواجهات البينية، حتى لو كان ذلك من طرف واحد.

المستوى (4) على صعيد السلطة: ونحن في تيار الوفاء الإسلامي لا نريد أن نبني المواقف من السلطة على أساس المناكفة، ولكن على أساس الحقوق التي لا تنازل عنها، فلنا حقوق مشروعة وعادلة، ونحن نطالب بهذه الحقوق بأساليب سلمية ولن نتنازل عنها ـ إن شاء الله تعالى ـ لأنَّها رمز عزتنا التي لم يُرخص لنا في دين الله سبحانه وتعالى التنازل عنها، قول الإمام الصادق o: “إنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى المؤمن كل شيء إلا أن إذلاله نفسه”([2]) وهي السبيل إلى العيش الكريم والحياة الطيبة. ونتمنّى على السلطة أن تبتعد عن الحلول الأمنية وأن تجعل الصراع في ساحة العمل السياسي بأدوات سياسية بحتة بعيدًا عن الأدوات الأمنيّة والقمعيّة، وذلك بأن تسمح لنا بحق التعبير عن رأينا فلا تلجأ لقمع المسيرات والمهرجانات والندوات وغيرها، فإن هي فعلت فسوف تجد أننا ملتزمون تمام الالتزام بالأساليب والأدوات السلميّة البحتة، لأنها في مصلحتنا ومصلحة شعبنا المسلم المسالم المظلوم، ونحن واثقون بأننا قادرون كشعب على تحقيق كافّة مطالبنا بالأساليب والأدوات السلمية البحتة، والسلطة تدرك ذلك وتخشاه، ولهذا تحاول فرض الحلول والمواجهات الأمنية علينا للهروب من استحقاقات العمل السياسي السلمي. ولتعلم السلطة بأنّها إن لجأت إلى الضغط علينا أمنيًّا من خلال القمع وإرهاب الدولة، فلن تنجح في إركاعنا، فلن نتراجع بل سنثبت ونُضحِّي لأننا طلاّب حقوق وشهادة، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب o: “لَنَا حَقٌّ فَإِنْ أُعْطِينَاهُ وَ إِلَّا رَكِبْنَا أَعْجَازَ الْإِبِلِ وَ إِنْ طَالَ السُّرَى‏”([3]).

وبخصوص الدعوى بأنّ التسامح يغري الآخر بالتمادي في الخطأ، قال: الرحمة بالمؤمنين والتسامح معهم هي وصية ربنا الكريم لنا، قول الله تعالى في وصف المؤمنين: )مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ(([4]) ووصيّة رسوله Q ووصيّة أئمتنا الأطهار ^ ووصيّة مراجعنا العظام. وإننا على يقين تامٍّ بأننا إذا صدقنا في العمل بهذه الوصية المباركة، فإنّ الله U سيتولّى الدفاع عنّا ويحمينا، قول الله تعالى: )إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ(([5]) فلن نأسف على شيء إن عملنا بهذه الوصية الرحمانية الكريمة.

ومن جهة ثانية: فإنّ مقابلة الجميل بالإساءة، مما يُعجِّل العقوبة على المُسيء في الدنيا قبل الآخرة، وهو بعيد عن خلق المؤمنين الصالحين.

والخلاصة: نحن في تيار الوفاء الإسلامي مقتنعون تمامًا بهذا النهج المعنوي، ومتمسِّكون به في علاقاتنا مع إخواننا المؤمنين، وهو من متطلّبات نجاح المشروع الإسلامي الوطني الذي نعمل من أجله على الساحة الوطنية، ولن يُخيِّب اللهُ الكريمُ ظنونَنا الحسنة فيه.

من العدو؟ السنة أو أمريكا؟

قال الأستاذ: من خلال تتبُّعي وجدت خطابًا ينتشر في أوساط بعض المثقفين الشيعة في أكثر من بلد يروِّج ـ في ظلِّ الاستهداف البشع للشيعة ـ ضد الوحدة الإسلامية، ويقول: الشيعة متضرِّرون من السنّة عمومًا ومن الوهابيّة وتيّار القاعدة خصّيصًا، وإنّ مصلحتنا ليست مع السنّة، وإنّما مع أمريكا والغرب. ويُكمل هذا الطرح التحذير من النموذج الخميني أو الإيراني. وهذا الخطاب مدعوم ـ برأيي ـ أمريكيًّا ويعمل لحسابها تمامًا كالخطابات والتوجّهات التي تُكفِّر الشيعة وتعمل ضدهم وتعتبرهم ـ ظلمًا ـ عملاء لأمريكا وإسرائيل!! وقد وقع الكثير من السنة والشيعة الطيبين في شباك هذا الطرح الطائفي البغيض بسبب الأكاذيب التي تنتشر هنا وهناك، وبسبب بعض الممارسات الخاطئة والخارجة عن الدين الحنيف والشريعة المقدسة، مثل: التكفير والتمييز وقتل الأبرياء بالجملة في الأماكن العامة وأماكن العبادة وغيرها.

وعن نصيحته للحكومات العربية، قال: نقول لجميع الحكومات العربية: كونوا صادقين مع شعوبكم وعبِّروا في سياساتكم الداخلية والخارجية عن إرادتهم واعملوا من أجل مصلحتهم، وتوجَّهوا لتنمية دولِكم وشعوبكم على أسس علميّة صحيحة، وتجنَّبوا الفساد بجميع أشكاله.

تصريحات النائب إبراهيم أبو صندل

وحول ما اعتبره النائب إبراهيم أبو صندل إساءة إلى الرسول الأعظم الأكرم Q في كلام الأخ عبد الله العباسي في مجلس الوجيه إبراهيم الدوي في المحرق، ونقله إلى الجرائد، وذكر فيه اسم الأستاذ، قال: كنت إلى جانب الأخ إبراهيم أبو صندل، وحينما تكلّم نبّهته إلى عدم دقّة الفهم، فردَّ سريعًا بأنّ موافقتي كانت ضمنيّة وليست نصيّة، وواصل ولم يُعر تنبيهي أيّ اهتمام. وكان عبد الله العبَّاسي قد قال بما معناه: بأنّ هذا البرلمان لا يمكن تغييره حتى لو دخله رسول الله Q وحينما تكلّمت ذكرت السيطرة الكاملة للسلطة التنفيذية على المجلس الوطني وعدم القدرة على التغيير من داخل البرلمان، ونبّهت بأنّ كلام عبد الله العباسي يفيد هذا المعنى. ولم أكن قد فهمت ولا زلت لا أفهم من كلام عبد الله العباسي الإساءة للمقام السامي والشامخ للرسول الأعظم الأكرم Q وقد تفاجأت بنقل الموضوع إلى الصحافة، ولا أستبعد وجود دوافع كيديّة وراء هذا النقل، بهدف تشويه الصورة لدى الرأي العام في الشارع السُنِّي الكريم، وتعكير صفو الجو الوحدوي الذي يسعى عبد الوهاب إلى المساهمة في إيجاده.

وقال: لقد كانت معالجة الأخ إبراهيم أبو صندل انفعاليّة للغاية، وقد أساء إلى بعض القوى الوطنيّة بدون مبرِّر معقول مما حمل أحد الحضور للردِّ عليه بقسوة، وهذا لا يليق به كعضو برلماني وممثِّل عن الشعب. وكان من الأفضل للأخ إبراهيم أبو صندل ـ إذا كان قد فهم من كلام الأخ عبد الله العبّاسي الإساءة للمقام السامي للرسول الأعظم الأكرم Q أن يُنبِّه الحضور ويرشدهم إلى الصواب بدون الحاجة إلى الانفعال والإساءة إلى الغير، لأنّ الحضور من المسلمين ولا يرضون أبدًا بالإساءة إلى المقام السامي للرسول الأعظم الأكرم Q.

وألخّص تعليقي على ما تمّ نقله وتداوله في الصحافة والمنتديات الالكترونية في ثلاث نقاط:

(1): إنّ معالجة الأخ إبراهيم أبو صندل كانت انفعالية للغاية، وقد حرفت بوصلة البحث والنقاش من موضوع استحالة التغيير من خلال المجلس الوطني، إلى موضوع الإساءة للمقام السامي والشامخ للرسول الأعظم الأكرم Q وقد أقحم الدين في موضوع سياسي بشكل غير علمي وغير متزن، مما يشوش الرؤية ولا يحل الإشكال في الموضوعين: الأصلي والدخيل، وكانت في الواقع معالجة غير موفَّقة.

(2): أمّا ما يتعلَّق بعقيدتي وإيماني بالرسول الأعظم الأكرم Q فهي مسألة معروفة ومشهورة بين عامَّة الناس وخاصَّتَهم وموثَّقة في مؤلَّفاتي ومحاضراتي المكتوبة والمنشورة في العديد من المواقع الإلكترونية منها موقع الأستاذ وهو موقعي الالكتروني الخاص وليست محل تشكيك، وهي فوق أن ينال منها طرحٌ طائشٌ لم يتوثّق من العلم والمعرفة. ولست مستعدًا لجعلها موضوعًا للمزايدات المذهبية والسياسية والدخول في سجال التشكيك فيها، فهي ثابتة وراسخة ـ والحمد لله رب العالمين ـ ومعلنةً ومشهورة، وإذا كان الأخ إبراهيم أبو صندل غير مطّلع أو إذا كان يُقيِّم الناس بميزان طائفي فهذا شأنه.

(3): إنّ طرح الأخ إبراهيم أبو صندل لا يتمتّع بالفهم الدقيق للدين، وهو يخالف صريح النصوص في القرآن الكريم والثابت القطعي في التاريخ، فقد خاطب الرب الجليل الرسول الأعظم الأكرم Q بقوله تعالى: )وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ(([6]) فالإيمان مبني على الاختيار وليس على الإكراه، وهناك من لم يؤمن بالرسول الأعظم الأكرم Q رغم كل الحرص والجهد الذي بذله في سبيل هدايتهم، وخاطبه الله تعالى بقوله: )فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ(([7]) وبقوله تعالى: )إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(([8]) وقد ثَبَتَ بالدليل القطعي إنّ الرسول الأعظم لم يتمكّن من هداية أناس كثيرين، منهم : أبو جهل وعمه أبو لهب، وهذا ليس بسبب عيب في كمال شخص الرسول الأعظم الأكرم Q وكمال حجّته ومنطقه، ولكن بسبب العيب في القابل الذي لا يتمتع بالقابلية الروحية للهداية والإصلاح. ويُفهم من كلام الأخ عبد الله العباسي ـ بحسب الظاهر ـ بأنّ مثال برلمان البحرين في القابلية للإصلاح كأبي جهل وأبي لهب.

ادّعاء السفارة والنيابة عن الإمام الحجّة

وبخصوص دعوى أحمد الحسني في البصرة بأنّ هذا هو عصر الظهور، وإنّ دور المرجعيّة قد انتهى ويجب تسليم الأمر إليه، قال الأستاذ: هذه الموضوعات لا أرتاح إليها نفسيًّا، ودخولي فيها دخول المضطّر ولا يخلو من ألم نفسي كبير، وذلك:

• لأنّ القبول بها لا يخضع إلى منطق سليم.

• ولأنّ هذه الموضوعات تحرف بوصلة الاهتمام لدى المؤمنين.

فالقبول بهذه الدعوى وكل دعاوى السفارة أو النيابة في عصر الغيبة يحتاج إلى دليلٍ قطعيٍّ، والدليل هنا هو النص وليس العقل، والسبيل إلى هذا الدليل معدوم، فالقبول بأيٍّ من هذه الدعوات هو قبولٌ بخلاف العقل والمنطق، ولو كان هناك تفكير منطقي صحيح لما وجد أيُّ قبولٍ من المؤمنين بأيٍّ من هذه الدعوات الباطلة.

ومن جهة ثانية: فإنّ التداول والاهتمام بشأن هذه الدعوات الباطلة يُحرف بوصلة الاهتمام لدى المؤمنين، ويكون الجهد المبذول فيها صرف للجهد الفكري والنفسي والبدني في المكان غير الصحيح، إلا ما كان منها في الرد والسعي لإعادة البوصلة إلى اتجاهها الصحيح.

وقال: أختصر عليكم الطريق بالقول: لقد ثبت لدينا بالدليل القطعي، بأنّ الأئمة الأطهار من أهل البيت ^ هم من أسّسوا مشروع المرجعية وأقاموا بنيانه، وقد أثبت هذا المشروع كفاءته ونجاحه في تحقيق أهدافه، وإنّ القوى العظمى العالمية المعادية للإسلام ولمدرسة أهل البيت ^ تسعى جهدها لهدم هذا البنيان المبارك، وأنه لا دليل صحيح على هذه الدعوات الباطلة، بل السبيل إلى تحصيل الدليل الصحيح على صدقها معدوم، فكيف يقبل عاقل هدم مشروع المرجعية الذي ثبت بالدليل القطعي تأسيس الأئمة الأطهار من أهل البيت ^ له وإقامتهم لبنيانه، لصالح هذه الدعوات الباطلة التي لا سبيل علمي لإثبات صدقها.

والخلاصة: تمسَّكوا بمشروع المرجعية في عصر الغيبة الكبرى حتى يحصل الظهور المبارك لولي الأمر # فإذا ظهر صاحب الأمر فسوف يقيم الدليل القطعي على صدقه، وهذا هو اليقين الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى بأن نقبل به في مقابل رفض الظن، قول الله تعالى: )وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا(([9]).


([1]) المائدة: 28.

([2]) ميزان الحكمة ج3، ص441.

([3]) نهج البلاغة (لصبحي صالح)/ ص: 472.

([4]) الفتح: 29.

([5]) الحج: 38.

([6]) يونس: 99.

([7]) النمل: 80.

([8]) القصص: 56.

([9]) النجم: 28.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى