لقاء الثلاثاء (30) | 9-11-2009
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
الموت الروحي والمعنوي
كانت بداية اللقاء حديثًا روحيًّا، قال فيه الأستاذ: ذِكْرُ الله ذي الجلال والإكرام من الحاجات الروحية الملحة للإنسان، قول الله تعالى: )وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ(([1]) فإن نسيت أي شيء، فلا تنسى ذكر الله (، وفي أي حال من الأحوال، لأنّ مجرد نسيان ذكر الله ( في لحظة من اللحظات، قد يؤدّي إلى الموت الروحي المفاجئ، مثل: الموت المفاجئ الناتج عن توقّف القلب. فكما يغذِّي الدمُ جسم الإنسان، وتوقّف القلب عن ضخ الدم يؤدّي إلى الوفاة، فإنّ ذكر الله ذي الجلال والإكرام يغذي الروح، ونسيان ذكر الله ( يؤدي إلى الموت الروحي المفاجئ للإنسان.
وقال: احذروا من التعاطي في أي موضوع من الموضوعات الخاصّة والعامّة بعيدًا عن ذكر الله U، سواء الموضوعات السياسية أم الاجتماعية أم العلمية أم غيرها، وكلّما كان الموضوع أهم وأعظم، كان التعاطي معه بعيدًا عن ذكر الله سبحانه وتعالى أكثر خطرًا.
وقال: هذا النوع من التّعاطي يشبه إلى حدٍ كبير الحوادث التي تصيب الإنسان وتقضي على حياته الجسمية، مثل: حوادث السير والسقوط من مكان مرتفع وغيرها، فكما يصيب الإنسان حادث يقضي على حياته الجسمية، فقد يصيبه حادث يقضي على حياته الروحيّة والمعنويّة، ومثالها: التعاطي مع الموضوعات السياسيّة والاجتماعيّة والعلميّة وغيرها بعيدًا عن ذكر الله U.
وقال: من الأخطار الروحيّة الكبيرة القول في العلم بغير علم، وقد وجدنا بعض الشباب يخوضون ـ للأسف الشديد ـ في المسائل العلميّة ويردّون على العلماء تحت تأثير التحزّب والتعصّب الأعمى بغير علمٍ ولا هدى، فهم على خطر شديد، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
وبخصوص الذكر، قال: العبرة ليست في ذات الصلاة والصيام وكثرتهما، فهناك من يصلّي ويصوم ولكنه غافل حقيقة عن ذكر الله (.
وقال: بعض المعذّبين في السجون كانوا إذا حضر وقت الصلاة يتوقّفون عن التعذيب ويتوجّهون للصلاة، وبعد انتهائهم من صلاتهم، يعودون من جديد لتعذيب الأبرياء بنفس القسوة أو أشد. فالعبرة ليست في الصلاة أو الصيام، وإنّما في معرفة الله ذي الجلال والإكرام، وحضوره في قلب الإنسان، ومحبته وتقواه، وقصد رضاه وطاعته، وتجنُّب سخطَه ومعصيتَه.
وقال: صحيحٌ إنّ الإنسان المتّقي قد يُخطئ، ولكن التقوى في الحقيقة تجعل الإنسان ينظر إلى الأمور بمسؤولية كبيرة، فيكون أكثر انفتاحًا وموضوعيّةً وتوازنًا في الفهم والتقييم والموقف، قول الله تعالى: )أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(([2]) وكلّما زادت درجة التقوى زاد شعور الإنسان بالمسؤولية، وزادت قدرته على حفظ التوازن والفهم والتمييز والصوابية في الأمور.
وقال: يجب التمييز بين الصورة وبين الحقيقة، وتجب العناية أكثر بالحقيقة لا بالشكل والصورة، بالنسبة إلى الأعمال والأشخاص.
• فصورة العمل قد تكون واحدة ولكن حقيقتها الملكوتية تختلف كثيرًا، فصلاة الرسول الأعظم الأكرم Q قد تتفق ولا تختلف في ظاهرها مع صلاة الإنسان العادي، ولكنها قطعًا تختلف في حقيقتها الملكوتية.
• وقد يكون ظاهر العمل جميلاً، ولكن حقيقته الملكوتية قبيحة جدًا، وتؤدِّي إلى غضب الرب الجليل. فزيارة المريض عمل جميل في ظاهره، ولكن زيارة المريض من أجل التشفّي منه بسبب العداوة له، عمل قبيح في حقيقته الملكوتية، ويغضب الرب الجليل، وإن أظهر الزائر المتشفية المودة للمريض والشفقة عليه، فالعبرة بحقيقة العمل لا بظاهره. والصلاة في المسجد وحضور مجالس المؤمنين عمل جميل في ظاهره، ولكن الصلاة في المسجد وحضور مجالس المؤمنين من أجل التجسّس عليهم ونقل أخبارهم إلى الأعداء، عمل قبيح في حقيقته الملكوتية، ويغضب الرب الجليل.
• وقد يظهر الشخص في صورة الأولياء الصالحين، ولكنه في حقيقته عند الله السميع العليم ليس بشيء، وقد يكون في حقيقته من الشياطين.
• وقد يظهر الشخص في صورة رثة تزدريه العيون، ولكنه في حقيقته عند الله السميع العليم إنسان عظيم لو أقسم على الله لأجابه، فيجب الحذر، لأنّك قد تسخر بسبب الجهل من ولي عظيم من أولياء الله الصالحين!!
وقال: الله U أولى بالإنسان وبعمله من غيره، فإن كنت تريد أن تعمل عملاً حسنًا من أجل الناس، فالله U أولى بأن تعمل من أجله ذلك العمل، وإن كنت تخاف أحدًا من الناس، فالله U أولى بأن تخافه، فليكن عملك من أجل الله ذي الجلال والإكرام دائمًا وأبدًا.
قضية الولاء ورفع الصور
بخصوص رفع الصور، قال: لقد سبق مني الحديث كثيرًا حول هذه المسألة ولا أرى حاجة للتكرار في هذه الليلة، ولكن هناك مسألة يجب ذكرها والتنبيه إليها، وقد أصبحت الحاجة إلى ذكرها والنبيه إليها في الوقت الحاضر أكثر أهمية، وهي:
يوجد على المستوى الإقليمي محوران، وهما:
• المحور الصهيو/ أمريكي: وهو المحور الذي يسعى إلى تثبيت وجود الكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات معه وتسليمه زمام القيادة والسبق في المنطقة، وتدور في فلكه الكثير من الدول العربية والإسلامية.
• ومحور الممانعة والمقاومة: وهو المحور الذي يرفض وجود الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين العزيزة، ويرفض التطبيع معه، ويسعى لمواجهة مخططات المحور الأول. ويضم هذا المحور الجمهورية الإسلامية في إيران، والجمهورية السورية، وحزب الله، وحركة الجهاد الإسلامي، وحركة حماس، وغيرها من حركات التحرر. ونحن بكل صراحة ووضوح وسرور نقف إلى صف محور المقاومة في المنطقة، وندعو كل الشرفاء في العالم للانضمام إليه، وذلك منا استجابة للواجب الديني والقومي والوطني، وهو الموقف الظاهر لدى أغلب قوى المعارضة في البحرين، إن لم يكن جميعها.
ملف التجنيس السياسي
بخصوص التجنيس، قال الأستاذ: ذكرت سابقًا إنّ برنامج السلطة في التجنيس قد أوشك على الانتهاء، والمطالبة بوقف التجنيس قد فات وقته، بعد أن ضيَّعَت المعارضة على نفسها الفرصة في مواجهة التجنيس في الوقت المناسب، ورَفَضَت بسبب سوء التفكير مجرّد طرح الملف في وقت مبكر. أمّا اليوم فقد انتهت الحكومة تقريبًا من تجنيس الأعداد التي تحتاجها، والمطلوب أن تتخطّى المعارضة مسألة المطالبة بوقف التجنيس، وتنصب مطالبتها وبرامج عملها على مواجهة التجنيس القائم، والسعي لمحو آثار هذه الجريمة عن صفحة الوطن.
وقال: كان المجنّسون يتمركزون سابقًا في المؤسسات العسكرية، ولكنهم دخلوا اليوم إلى المؤسّسات المدنية، وتولوا مناصب قياديّة فيها، ودخلوا إلى سوق التجارة والأعمال الحرة. ومن الواضح إنّ السلطة تقدّم لهم التسهيلات وتفضّلهم على السنّة والشيعة من المواطنين لكي تغريهم بالبقاء، فهي تعمل في سبيل غرسهم وترسيخهم وتثبيت وجودهم وإدماجهم في نظام الدولة والمجتمع بكل وسيلة، لأنّ أهدافها من وراء التجنيس السياسي أهداف استراتيجيّة، مما يجعل المواجهة أكثر صعوبة.
الاختلاف ومراعاة الحالة العامة
أكَّدَ الأستاذ عبد الوهاب حسين على تمسُّك تيار الوفاء الإسلامي بأهدافه وتوجُّهاتِه السياسيّة على الساحة الوطنيّة، مع مراعاته للحالة الإسلاميّة والوطنيّة العامّة وحرصه الشديد على وحدة التيار العام وتجنُّب المواجهات البينيّة.
وقال: لقد مارس تيار الوفاء الإسلامي حقه في الاختلاف من أجل الإسلام والوطن ومصالح المواطنين، وحمل على عاتقه مراعاة الحالة الإسلامية والوطنية العامة، والمحافظة على وحدة التيار العام، وتجنُّب المواجهات البينيّة، لأنه لا توجد مكاسب توازي في قيمتها خسائر المواجهة البينيّة، وتجاهل الحالة العامة: الإسلاميّة والوطنيّة.
• فممارسة حق الاختلاف.
• والعمل بمنهج مختلف من أجل تحقيق الأهداف والمطالب.
• والسعي لتعديل ميزان القوى الداخلي أو البيني.
لا يعني أبدًا التخلّي عن مراعاة الحالة الإسلامية والوطنية العامة، والمحافظة على وحدة التيار العام، وتجنُّب المواجهات البينيّة.
وقال: هذا ما يتجلّى بوضوح تام في سيرة الأئمة الأطهار ^ حيث كانت لهم مراعاة تامة للحالة الإسلامية العامة، إلا أنهم ساروا بجد واجتهاد في برامج عملهم من أجل تحقيق أهدافهم، وقد أبلوا بلاء حسنًا في الصبر على الأذى، وأظهروا النفس الطويل في العمل، حتى بلغ صبرهم في بعض الحالات درجة تفوق حدود عقولنا، كما هو صبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب o على ما حدث لفاطمة الزهراء ÷ فلا ينبغي الاستعجال والتجاهل لما ينبغي مراعاته في العمل.
وبخصوص عدم جدوى المراعاة لأنّها من طرف واحد، قال: لقد كان الحال سيّئًا في بداية تأسيس تيار الوفاء، ولكنّه تحسّن بفضل الله تبارك وتعالى وببركة صبر قيادات تيار الوفاء ووضوح رؤيتهم، وسوف يكون المستقبل أفضل إن شاء الله تعالى.
وبخصوص الاختلاف حول الشرعية، قال: من خلال متابعتي لما يُكتب في المنتديات الالكترونية ويقال في المجالس والديوانيات وغيرها، فإنّ مساحة الحديث وحدّته حول شرعيّة عمل تيار الوفاء قد خفّا كثيرًا، وانتقل الحديث أكثر في الوقت الحاضر حول الحاجة إلى قيادة موحّدة، وهذه مسألة سياسيّة نبارك الحديث فيها ومناقشتها بروح موضوعيّة، وقد طرحنا خياراتنا فيها، ونحن مستعدون لسماع خيارات الآخرين ومناقشتها بموضوعيّة، والأخذ بما يُثبتُ أنه الأفضل لضمان مصالح المؤمنين وكافّة المواطنين.
الاختلافات بين المؤمنين
بخصوص حب الزعامة، قال: في الأحاديث عن أهل البيت ^ “آخر ما يخرج من قلوب الصدّيقين هو حب الرئاسة وحب النفس”([3]) فعلى القيادات الإسلامية أن تلتفت، فقد تُبتلى بعشق النفس وحب الزعامة، مما يترك تأثيره السلبي على مواقفها، وهو نقيض الإخلاص لله سبحانه وتعالى.
وفي المقابل: ينبغي على الجماهير أن تحذر من جعل مواقفها تنطلق من الدوافع الحزبية والتعصُّب الأعمى، لأنّ ذلك سيؤثِّر حتمًا على حالتها الروحيّة على المستوى الشخصي، وعلى المصالح الإسلامية والوطنية على المستوى العام.
وقال: الخلافات بين المؤمنين قد أنتجت واقعًا مرًّا، وأضرّت كثيرًا بالحركة المطلبية، وصعّبت كثيرًا الوصول للأهداف، والسلطة هي المستفيد الأول من هذه الخلافات، مما يجعل المسؤولية كبيرة في أعناق الرموز والقيادات، فهي مطالبة: بأن تتجاوز ذواتها وتصوّراتها الخاصة، وتنفتح على الرأي الآخر من خلال النتائج، وليس من خلال ما يدور في رأسها من تصورات وأفكار مقفلة.
وقال: الشعب لا يخاف الموت والسجن والتعذيب والإرهاب الذي تمارسه الدولة، فقد تحوّلت السجون في تجربة انتفاضة الكرامة الشعبية المباركة إلى مدارس وجامعات وخرّجت رجالاً ونساءً كبار، وأظهرت الجماهير مقاومةً عظيمةً وصبرًا أمام صنوف إرهاب الدولة. ولكن السبب الحقيقي الذي يقف وراء إضعاف الروح المعنويّة للكثير من الجماهير اليوم، هو الخلاف الحاصل بين رموز وقيادات المؤمنين، وهذا ما حذَّرَ منه القرآن الكريم، قول الله تعالى: )وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(([4]).
وقال: لا شكَّ إنّ الاختلاف الحاصل اليوم بين المؤمنين، يدلُّ على وجود تقصيرٍ وخلل، والمطلوب من الرموز والقيادات، هو:
• الإفاقة من الأوهام، وكسر قفول الأفكار المغلقة، والنظر إلى النتائج والوقائع والخارج الموضوعي.
• التوجّه إلى الذات واتّهامها ومحاسبتها.
• الانفتاح على الآخر واحترام رأيه وتقديره.
• البحث عن الأسباب الموضوعية التي تقف وراء الاختلاف.
أما إذا برّأت الرموز والقيادات ساحتها عن التقصير والخلل، وابتعدت عن البحث الموضوعي عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الاختلاف، وألقت بالمسؤولية على عاتق الآخر، ولم تكترث برأيه ومواقفه، فمن غير الممكن الوصول إلى حل.
وبخصوص تأسيس تيار الوفاء، قال: لم يُؤسَّس تيار الوفاء الإسلامي في غفلة عن خطر المخالفة، وإنما على خلفيّة واضحة لما هو موجود، وبهدف خلق الأرضية للتفكير الواقعي لإيجاد الحلول المناسب، ولإفراغ الذمة من مسؤولية التكليف الشرعي.
الوفاء: صعوبات حقيقية وانطلاقة صعبة
وبخصوص الاهتمام بالإنجاز والعمل، قال: من خواص المنهج الإسلامي الإجرائية، قول الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ` كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ(([5]) فينبغي الاهتمام بالإنجاز والعمل، والنظر في تقييم الحركات الإسلامية والسياسية إلى حالتها الإنتاجية، لكيلا تتحوّل حركاتنا الإسلامية والسياسية إلى مجرّد ظاهرة كلامية فارغة من المضمون العملي والإنتاجي، ولكن لا تتجاهلوا أهميّة مراعاة الحالة العامة: الإسلامية والوطنية، واتّسموا بالموضوعيّة والواقعية، فلا تستعجلوا ولا تحرقوا الخطوات، ولكن لا تقبلوا بالتبرير الأجوف الذي يعكس الضعف والفشل، وقدِّموا إلى جانب النّقد أفكارًا عمليّة.
وبخصوص بُطء انطلاقة تيّار الوفاء، قال: بُطء انطلاقة تيار الوفاء وحركة حق أمر واقع، وله أسباب عديدة، وقال: لو انطلق التيار بقوّة في برامجه ومشاريعه من البداية ولم يتريّث، فإنّ المواجهة لن تكون مع السلطة فحسب، وإنما ستكون مع المؤمنين أيضًا ـ وقد دلّت المؤشرات الأوّليّة على ذلك ـ وهذا مما يحذره التيار كثيرًا، فلا ينبغي الاستعجال، ولابدّ من التّأنّي والتريّث لمعالجة الأمور بحكمة.
وقال: الرسول الأعظم الأكرم Q قضى (23: عامًا) في دعوته، منها (13: عامًا) مستضعفًا في مكة، حيث تعرّض أصحابه للمضايقة وأشد صنوف التعذيب والإرهاب، وحوصر هو وأصحابه في شُعَبْ أبي طالب o لمدة ثلاث سنوات لا يجدون فيها ما يأكلون، واضطرَّ الكثير من أصحابه إلى الهجرة الأولى والثانية إلى الحبشة، وخرج هو إلى الطائف بحثًا عن النصير فلم يجده، وبعد الهجرة إلى المدينة المنوّرة بنى وضعًا جديدًا، وانطلق في دعوته وجنى ثمار صبره ونفسه الطويل في العمل، وأنتم ترون إلى أين وصل الإسلام الحنيف من المجد في الوقت الحاضر.
وقال: يجب التمييز بين حالتين:
الحالة (1) الاستسلام والقبول بالأمر الواقع: وهي حالة يصاحبها اليأس من التغيير، وتُطرح فيها مفاهيم التيئيس والتثبيط والإحباط، وليس لدى أصحابها الاستعداد اللازم للتضحية، ويغلب عليهم التبرير والإرباك وعدم الاطمئنان، وهي حالة غير إسلاميّة، ومخالفة للمنهج الإسلامي العظيم.
الحالة (2) الواقعية في التحرك: وهي حالة تمتلك وضوح الرؤية في العمل، وتعيش الأمل في التغيير مهما صعبت مهمّاته وطال زمانه، وتحافظ في طول المسيرة وعرضها على سلامة الثقافة والمفاهيم ولا تقبل بتغييرها، وتسعى بواقعيّة تامّة لتحقيق الأهداف والمطالب من خلال استغلال الفرص، والعمل على خلق الظروف المناسبة، ولديها الاستعداد التام للبذل والتضحية في سبيل القيم والمبادئ وتحقيق الأهداف التي تؤمن بها.
وبخصوص وضع الجماهير، قال: قبل تأسيس تيار الوفاء الإسلامي، كانت حالة الإحباط شديدة لدى الجماهير، وبعد تأسيس التيار، استعادت الجماهير بعض عافيتها، وأخذت بزمام المبادرة، واتَّسعت رقعة الممانعة، وهذا لم يكن نتيجة لحركة مباشرة من التيار، وإنما نتيجة للروح المعنويّة التي رفعها وجود التيار. ويجب على تيار الوفاء مع سائر قوى الممانعة المحافظة على ارتفاع الروح المعنوية لدى الجماهير، وإعطائها المزيد من الجرعات من خلال التواصل معها، وتقديم برامج العمل النافعة لمختلف الملفات على الساحة الوطنية.
وقال: لدى تيار الوفاء الإسلامي بعدين في النظر إلى حاجة الساحة الوطنية لبرامج العمل:
• التحرّك على المدى القريب، من خلال السعي لإيجاد أنشطة وفعاليات سريعة، تحفظ للتيار حضوره على الساحة، وترفع من الروح المعنوية للجماهير.
• التحرّك على المدى البعيد، من خلال العمل على تأسيس عمل مهني قادر على السعي الناجح لتحقيق المطالب الشعبية العادلة.
([3]) لم أجد ذكرًا لهذا الحديث في كتب الحديث، ويبدو إنّه مجرّد مقولة مشتهرة في كتب الأخلاق، نسبها كتاب الوصايا الأربعون إلى الإمام العسكري من دون أن يُرجع إلى مصدر.