لقاء الثلاثاء (9) | 4-5-2009
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
استضاف الأستاذ عبد الوهاب حسين في مجلسه النويدرات في لقاء الثلاثاء الأسبوعي بالتاريخ المذكور أعلاه، الأمين العام لجمعية (وعد) الأستاذ إبراهيم شريف، وقال الأستاذ عبد الوهاب في تقديم شريف: نستضيف هذه الليلة في مجلسنا الأستاذ إبراهيم شريف، وهو مناضل شريف على أرض هذا الوطن، والأمين العام لجمعية (وعد) التي تمثل امتدادًا تاريخيًا وجغرافيًا لتجربة إنسانية تركت تأثيراتها الكبيرة على أوضاع البشرية وتاريخها، وهو خبير اقتصادي له ثقله وسمعته على مستوى المنطقة، فنحن أمام فرصة لحوار فكري وتاريخي وسياسي واقتصادي علينا أن نستفيد منها.
وقد تحدث شريف عن صعوبات التواصل بين الشارعين: الشيعي والسني في البحرين، كما تحدث حول قضايا الساحة الأساسية، مثل: المسألة الدستورية، والمشاركة والمقاطعة، وتأمين آبار النفط وغيرها من القضايا المطروحة على الساحة الوطنية.
انفصال الشارعين السني والشيعي
قال شريف: الشارع الشيعي هو وقود الانتفاضة وخزان النضال، ولابدّ أن ننجح في الوصول إلى الخزان الآخر لكيلا نصطدم بسقف لا نستطيع تجاوزه، وقال: نظام الحكم استطاع أن يخلق فجوة بين الشيعة والسنة، والوضع اليوم يُذكِّرني بوضع الخمسينيات وتجربة عبد الرحمن الباكر حيث وصف في كتابه كيف كان المجتمع الشيعي مفصولاً تمامًا عن المجتمع السني ولكلٍّ منهما قياداته ، وقال على لسان الباكر: لمّا ذهبت للمحرق قيل لي لماذا أنت مع الشيعة، وهذا ما نسمعه اليوم حين يقال لنا لماذا تضعون أيديكم مع الشيعة، ويقول الباكر أيضًا إنّ الشيعة كانوا يواجهون قياداتهم بذات الطريقة فيقال لهم بأنّ هذه هي أفعال السنة.
هيئة قيادية
وقال: كان في فترة الخمسينات عاملين مهمين، وهما:
• القيادة التي تستمع للناس ولكنها تبني قرارتها على أساس موضوعي دون النظر إلى أثر هذا القرار على شعبيتها، فيجب أن تكون لدينا قيادة صلبة تستطيع أن تقرأ الأحداث، وتكون قادرة على التضحية واتخاذ القرارات الصائبة.
• وجود الرافعة القومية التي ظهرت مع ارتفاع نجم عبد الناصر الذي رفع مطالب قومية، وذلك مماثل لما حصل في التسعينيات حينما تمَّ رفع مطلب الدستور، وفي المؤتمر الدستوري 2005 طرحنا أن تكون للمعارضة هيئة قيادية واحدة، وقال: أنا أؤمن بالتعدديّة وإنّ القيادة يجب أن تتمثَّل في أكثر من شخص واحد.
وتابع: لدينا تجربة هيئة الاتّحاد الوطني التي كانت تحكم معظم مناطق البحرين في تلك الفترة، ورغم إنّ العصبية كانت تلعب دورًا في فصل الشيعة عن الهولة والعجم عن الهولة، ولكن الهيئة تمكنت من جمع الناس في هيئة من 100 شخص من بينهم 50 سني و50 شيعي، وبرزت منهم هيئة قيادية من 6 أشخاص 3 سنة و3 شيعة، وموقفنا هو عدم تركيز الصلاحيات لدى الملك أو تركيز قوة المعارضة عند شخص واحد، والخطير هو تحويل التعددية إلى صراع سياسي.
خطاب لا يصل للآخر
وقال: خطابنا منتكس لأننا نستخدم مفردات تصل للطرف الآخر بصورة خاطئة، فالتمييز الطائفي موجود ولا يمكن نفيه، ولكن لا يجوز تناول التمييز على إنّ الشيعة مضطهدين من قبل السنة، والحقيقة: إنّ النظام مبني على أساس الامتياز، فالعائلة الحاكمة لها امتيازات استثنائية تملك بموجبها الأرض وما عليها.
وقال: لا يوجد لدينا الآن نظام إقطاعي أو نظام سخرة مثل السابق، ولكن أي شخص يريد أن يشتري أرضًا لابدّ أن يشتريها من تاجر أراضي يشتريها من شخص في العائلة الحاكمة، ونظام الامتيازات هذا يشمل عائلات شيعية وعائلات سنية تحظى بامتيازات خاصة، فالتمييز ليس للسنة في مقابل الشيعة، فعقلية التمييز لا تصدر من شخص متديّن بل من شخص لا ينظر إلى دين صاحب الامتياز، بل أنه حتى داخل العائلة الحاكمة توجد فروع تحظى بامتيازات أكبر من الفروع الأخرى.
وقال: الوزراء مثلا ليسوا 20% شيعة مقابل 80% سنة، بل 20% شيعة و20% سنة في مقابل 60% من عائلة آل خليفة، فالكفاح ضد هذا النظام يكون بكسر هذه الامتيازات على يد كافة قوى المعارضة وليس بأن تقف الشريحة الأكثر اضطهادًا ضد الأقل اضطهادًا.
وتابع الحديث حول الخطاب الذي يقرأ بشكل خاطئ من قبل الآخر بالقول: حينما نقول إننا نؤمن بولاية الفقيه، فمن يسمع هذا الخطاب يظن أننا نريد أن نقيم نظام ولاية الفقيه في البحرين، مثلا في لبنان: حينما يصرح السيد حسن نصر الله بأنه يؤمن بولاية الفقيه فإنه يؤكد بأنه لا يدعوا إلى إقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان، ولابدّ على من يدعوا لنظرية ولاية الفقيه في البحرين بأن يوضّح بأنّه لا يدعوا لإقامة دولة ولاية الفقيه في البحرين لكيلا يخيف الطرف الآخر.
لا نقبل أن ينسى تاريخنا
وردًا على سؤال قدمه أحد الحضور يشير فيه إلى أن اليسار أراد أن يصعد على أكتاف التيار الإسلامي الشيعي، أجاب شريف: نحن قدمنا تضحيات منذ الستينات، والذي يقول بأننا نريد أن نركب على أكتاف غيرنا قد نسي تاريخنا، نحن قدمنا شهداء في الحركة الوطنية من السنة مثل أبو نفور ومن الشيعة مثل العوينات، وذلك قبل شهداء الجبهة الإسلامية والشهيد جميل العلي وشهداء الانتفاضة في التسعينات، وبعد حل المجلس في عام 76م لم يتم اعتقال أحد من الكتلة الإسلامية، ولكن تمّ اعتقال أعضاء من الحركات الوطنية، ورغم إنّ المحكمة برّأتهم إلا أنهم بقوا في المعتقل لسبع سنوات.
وقال: ما أذكره ليس منّةً على أحد، ولكن لا نرضى أن يتّهمنا أحد بأننا نركب على ظهور غيرنا، فنحن لنا تاريخنا ولا زلنا في موقعنا النضالي ، فلما التّف الناس حولنا تمكنّا من تقديم التضحيات، ولمّا فشلت تجارب الحركة القومية في الحكم في العالم الإسلامي نفر الناس منها، وتَحمِل الحركة الإسلامية الشغلة الآن، وإذا لم يكن أحد يحتاجنا الآن فلا نمانع من أن نرمى، ولكن من يتعامل معنا يعرف أن لنا دورًا ليس بحجمنا العددي بل برموزنا وعقولنا وبالتنوع الذي نضفيه، والمطلوب: أن ننظر للحركة الوطنية على شكل سباق التتابع، حيث يقوم كل شخص بتسليم الشعلة للذي يليه.
وقال: لدينا الآن طيفان يؤمنان بأهمية التنوع، ونحن نحاول أن نقف على نفس المسافة مع الوفاق وحق والتحرك الجديد، وسنعمل على التقريب ولن نلقي الحطب في النار، ولن نتحيّز ولكن مواقفنا ستكون مبنية على قناعاتنا.
وبخصوص ظاهرة التساقط، قال: ما حصل من تساقط بعض الشخصيات التابعة لحركة الأحرار لا يضر د. سعيد الشهابي، وما جرى لبعض الأشخاص المحسوبين علينا هو ذاته ما يجري على أي حركة سياسية أخرى.
وقال الأستاذ عبد الوهاب: المصلحة الوطنية والإسلامية لا تسمح بتجاهل دور أي طيف وطني، والتجاهل خلاف الرؤية الإسلامية العادلة.
وفيما يتعلق بالكتلة البرلمانية، قال: في 2001م وقبل الانقلاب الدستوري كانت لي ندوة في جامع عالي وتكلّمت حول هذا الموضوع، وقلت: بأننا نصر على أن يكون لشركائنا مكان في البرلمان حتى لو تطلّب الأمر تنازلنا عن بعض المقاعد المضمنة، وقد نقل البعض الكلام إلى سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه الله) فأجابهم التجربة البرلمانية لا يمكن أن تستمر إلا بهذا الذي يقوله عبد الوهاب، فالمبدأ متفق عليه والفرق في التطبيق.
المسألة الدستورية
وبخصوص المسألة الدستورية، قال شريف: الدستور ليس قضيتنا الوحيدة، فلا يجب أن يكون عملنا مقتصرًا على الدستور، فوجود الدستور لن يحمينا من بطش السلطة ومن المعتقلات، فالدستور وثيقة مهمه والناس هي التي الحقوق والدستور، وإذا لم أحمِ الناس وأقويّهم، فلن يحمي أحد الدستور!!
وفي ذات السياق قال الأستاذ عبد الوهاب تعقيبًا على خطبة لسماحة السيد عبد الله الغريفي: طرح سماحة السيد في هذا الموضوع منطقي جدًا وصحيح، ونحن نعتقد بأنّ المسألة الدستورية هي المسألة الأم، إلا أن ذلك لا يعني أن نسكت عن القضايا الأخرى وإلا خربت البلد!!
فيما اعتبر شريف: إنّ المؤتمر الدستوري فقد هويّته بخروج أكثر من نصف أعضاءه، وخروج ناس لهم ثقل مثل المحامي حسن رضي.
المشاركة في الانتخابات
وفيما يتعلق بالمشاركة في انتخابات 2006 قال شريف: بلورة موقف وعد من انتخابات 2006 أخذ من الجهد 6 مرات أضعاف من جهدنا في انتخابات 2002، حيث نظّمنا ورش عمل وقدّمنا عدة أوراق وكل طرف قام بتبرير موقفه، وقام كلا الفريقين داخل الجمعية بتفنيد آراء الفريق الآخر، فالجهد الذي قمنا به هو جهد استثنائي.
وتابع: نحن قلناها بالفم المليان: إنّ دستور 2002 غير شرعي، والجواب على السؤال كيف تشارك في انتخابات وفق دستور غير شرعي، نقول: إنّ قانون أمن الدولة غير شرعي، ومع هذا كنا مضطرّين للتعامل مع محاكمات أمن الدولة، وكذلك قانون التجمّعات، فمن يقبل هو من يقبل طوعًا وليس من يقبل تحت تهديد السلاح، وحتى الجيش الجمهوري الإيرلندي الذي يضم جناحًا عسكريًا كان يشارك بجناحه السياسي في الانتخابات البريطانية.
وقال: وعد لم تتخذ قرارًا بالمشاركة أو المقاطعة في 2010، والذي قلته في مؤتمر الوفاق: إنّ من يريد أن يشارك يجب أن يشارك في قائمة وطنية، ولم أقل إننا سنشارك.
وقال: من الأمور التي يجب أن نبحثها في قرار المقاطعة، ماذا سنفعل في حال المقاطعة، فإذا اتخذنا قرار المقاطعة، يجب أن نوجد خيام على غرار خيام المشاركة، وقد شهدنا في 2002 المؤتمر الدستوري وأشكال الاحتجاج الأخرى.
وفي حال المشاركة يجب أن نبحث: هل سنشارك بقائمة وطنية أم محاصصة أم قائمة إيمانية، وهل سنشارك من أجل أن نحصل على مكاسب لطائفة معينة ـ وهذا ما تريده الحكومة أن تعطي كل طائفة لتنافس الطائفة الأخرى في العطايا ـ أم من أجل تحقيق مطالب وطنية عادلة؟!
وقال: المجلس النيابي يمارس ثلاث مهام:
المهمة (1) التشريع: وهو صفر باعتراف الوفاق، وحتى لو صار للمعارضة أغلبية فسيعطون قيمة إعلامية للمجلس دون مكاسب فعلية.
المهمة (2) الرقابة: ومن الأسهل في الواقع أن تطيح بوزير عبر فضيحة من خارج المجلس من أن تقوم بإسقاطه عبر المجلس، ولكن من الممكن أن تكشف بعض الملفات مثل ما يقوم به النائب عبد الجليل خليل في ملف الأراضي.
المهمة (3) تمثيل الناس أمام الخارج ورفع الوعي خصوصًا لمن لا يمكن اجتذابه عبر أساليب الاحتجاج الأخرى.
فيما قال الأستاذ عبد الوهاب: أنا أميّز بين الرأي السياسي والموقف السياسي، وقال: فيما يتعلق بالموقف السياسي، يجب أن تطرح كل الآراء وتدار بشكل صحيح من أجل الوصول إلى موقف سياسي سديد، وتحدث المشاكل والانقسامات إذا أصرّ كل صاحب رأي على أن يكون رأيه هو الموقف السياسي.
وبخصوص المشاركة والمقاطعة، قال: بالنسبة لي ومنذ 2002 المقاطعة ليست مجرد موقف قانوني يتعلق بالدستور، بل هو موقف سياسي ناظر إلى البعد الدستوري. وقال: أنا لا أفكر في السياسة كما أفكر في الفلسفة والتاريخ، فالإدارة السياسيّة الواقعيّة الصحيحة عندي تقوم على إدراك المعادلات على الأرض ونتائجها ودور النتائج وقدرتها على إحداث التغيير المطلوب وتحقيق الأهداف ولا أعتمد الأمور الشكلية والاعتبارية كثيرًا.
العريضة الأمميّة
وفيما يتعلّق بالعريضة الأمميّة التي دشّنَتها حركة حق في عام 2006م قال شريف: العريضة من ناحية المبادئ الأساسية متّفقة مع رؤية وعد، والتقينا مع قيادات حق، وكان لدينا موقف من بعض القضايا في العريضة مثل إصرارنا على التمسّك بدستور 73 في مقابل ما هو مذكور في العريضة، غير إنّ قيادات حق وجدت أنه من غير الممكن تبديل نص العريضة بعد إطلاقها. ونحن بالنسبة إلى التوقيع لا نُلزم الأعضاء، ولكن على مستوى القيادة إما أن نوقّع جميعًا أو لا نوقع جميعًا.
سلطة الشعب لا رجل الدين
وفي ردّه على أحد الأسئلة، قال شريف: الموقف من قانون الأحوال الشخصية لا يستدعي أن نُقدِّم تنازلاً أو أن تُقدِّم الوفاق أي تنازل من جانبها، فالخلاف ليس حول كتابة القانون أو من يكتبه، فرجال الدين هم من لهم الحق في كتابة القانون، ولكن نحن نطالب أن يُقرَّ القانون من قِبَل نواب الشعب، فالشعب متدين ولن يأتي بنواب غير متدينين.
وقال: من وجهة نظرنا إنّ سلطة رجل الدين هي سلطة أخلاقية تقنع الناس وتضغط جماهيريًا على النواب، ولكن وبحسب قناعاتنا التاريخية لا نرى سلطة خاصة لرجل الدين فوق سلطة الشعب، وما يريده الشعب نحن نقبل به.
التفجير والخلية
وحول موقف وعد من حادث تفجير السيارة في الديه، قال شريف: حينما قيل لنا عن قضية الأستاذ حسن والحجيرة لم نتردد في إصدار بيان لأننا نعرف إنّ الأستاذ حسن لا يمكن أن يقوم بذلك، ولكن للآن لم نحصل على إجابات لأسئلتنا حول حادث التفجير، وأردنا أن نصدر بيانًا لكن لا توجد لدينا المادة المناسبة لهذا البيان، حيث يوجد غموض يكتنف القضية وكنا لا نحصل على إجابات شافية لأسئلتنا، ولا نمتلك القرائن التي نستطيع أن نبني على أساسها موقف.
وفيما يتعلق الخلية الإرهابية، قال شريف: نحن قلنا لعوائلهم بأننا مستعدون لتوفير المحامين، ونحن نشدد على أن تكون إجراءات الاعتقال صحيحة، وإذا كانت لدينا قرائن إنّ الاعترافات كانت تحت وطأة التعذيب فسوف نصدر بيان ننتقد فيه الحكومة، ونحن نتّخذ هذا الموقف لحماية جميع المواطنين، فإنّ أي اعترافات تأخذ تحت التعذيب فهي باطلة.
وقال الأستاذ عبد الوهاب: بغضِّ النظر عن التّهم فإنّ المتّهم له حقوق يجب أن تحترم، وبغض النظر عن الجريمة، فإنَّ المجرم له حقوق يجب أن تُحترم أيضًا، وفي الإسلام الكافر الذي يهاجم دولة إسلامية ويُأسر له حقوق ولا يجوز أن تنتهك هذه الحقوق.
وبخصوص إصدار بيان عن التحرّك بشأن التفجير، قال الأستاذ: اجتمعنا اجتماعًا طارئًا في يوم الحادث، ثمَّ اجتماعًا موسَّعًا بعد ذلك، ودرسنا موضوع إصدار البيان باستفاضة، ولم نتوصَّل إلى نتيجة حاسمة بإصدار البيان، وصدر تفويض يعطيني الحق في إصدار البيان إذا رأيت إنّ ذلك مناسبًا بعد الدراسة، إلا أنّي لم أستطع اتّخاذ القرار بإصدار البيان، فالقضية جديدة من نوعها في ساحتنا الوطنية وغامضة بالنسبة إلينا حتى الآن، ولا زالت القضية تحت الدراسة والمتابعة عندنا، وسوف نعمل ما هو واجب علينا على ضوء النتائج التي نتوصل إليها.