قال تعالى: (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين، هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين)
الآية الشريفة تنبهنا بأن لا نمر على التاريخ مرور الكرام، ولا ننظر إلى التاريخ كفكاهات وقصص، بل تأمرنا بالوقوف مع التاريخ والتأمل في أحداثه واستخلاص العبر منه، ومعرفة القوانين التي تؤدي إلى نهوض المجتمع والقوانين التي تؤدي إلى فشله… وكذلك مع الآثار حيث تقوم بنفس وظائف دراسة التاريخ حيث تعرفنا على أفكار وأخلاق وأعمال الأمم السابقة، كما تعرفنا على علل سقوطها أو نهضتها، نجاحها أو فشلها.
فالآثار تتميز عن قراءة التاريخ المدون بأنها أقدر على تجسيد الأفكار والأخلاق والأعمال من التاريخ المدون، فحينما تقف على الأهرامات مثلا تستطيع من خلالها أن تتعرف على الشخصية المتجبرة والطاغية لفرعون المستعلي في الأرض، كما تتعرف على أحوال الشعب المستضعف من قبل فرعون الذي سخره لبناء الأهرامات، كما تستطيع أن تسأل نفسك هل استطاع فرعون بجبروته أن يمنع ثورة بني إسرائيل بقيادة موسى (ع) ؟ إلى أين انتهى فرعون بجبروته وطغيانه؟
فمن خلال الوقوف على الأهرامات تستطيع أن تتعرف على أن التقدم العلمي والتكنولوجي يتجاور في مجتمع واحد مع الطغيان والظلم، فهناك تقدم علمي وتكنولوجي وهناك طغيان. وتستطيع أن تسأل نفسك. هل استطاع التقدم العلمي والتكنولوجي أن يمنع انهيار الحضارة الطاغية الظالمة؟ كما تستطيع من خلال الوقوف على الأهرامات أن تتعرف على كيفية تسخير الأدب والفن لخدمة الطاغوت بدلا من أن يسخر لخدمت قضايا المجتمع، ويعبر عن قيم الجمالية الحقة، إلى آخره.
وكذلك السياحة في الأرض تقوم بعدة أغراض كالترفيه عن النفس، حيث أن الأرواح تكل كما تكل الأبدان فاريحوها ساعة بعد ساعة، وكذلك السياحة توقفنا على أفكار المجتمعات المختلفة وأخلاقها وأعمالها، كما نستطيع من خلال ذلك أن نتعرف على العلل والقوانين التي تحكم نهضة المجتمعات أو تخلفها، نجاحها أو فشلها.
كما نستطيع أخذ العظة والتعرف على معالم قدرة الله – عز وجل – في إبادة فرعون مثلا وهامان ونمرود وغيرهم ونهضة اليابان وماليزيا،،، ونتوصل من خلال هذا الحديث إلى نتيجة مهمة وهي : إن القرآن يدعوا إلى الانفتاح على الأمم والشعوب المختلفة والاستفادة منها، ويرفض العزلة والانغلاق على النفس.
مقتطف من خطبة الجمعة
11 مايو 2001م