خطبة الجمعة | 29-7-1994

الموضوع: جهاد الأعداء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمین، اللهم صل علی محمد وآل محمد وارحمنا بمحمد وآل محمد، وعرف بیننا وبین محمد وآل محمد، واجمع بیننا وبین محمد آل محمد، ولا تفرق بیننا وبینهم طرفة عین أبداً في الدنیا والآخرة یا كریم، اللهم معهم معهم لا مع عدوهم.

السلام علیكم أیها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته

قال تعالى: (هل أدلكم علی تجارة تنجیكم من عذاب إلى م تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبیل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خیر لكم إن كنتم تعلمون)

تابع الأستاذ حدیثه حول الآیتین الكریمتین فقال: ذكرت في الأسبوع قبل الماضي أن الجهاد ینقسم إلى قسمین: جهاد النفس وجهاد الأعداء، وقد تحدثت في جهاد الأعداء قوله تعإلى : (وتجاهدون في سبیل الله).

تجاهدون: عرف الفقهاء الجهاد بقولهم: هو بذل الوسع في النفس والمال، في محاربة أعداء الدین من أجل إعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الإيمان. فالواجب علی كل إنسان مؤمن أن یبذل كل جهده ویسخر كل إمكانیاته وطاقاته ومواهبه، في محاربة أعداء الدین. فصاحب القلم يسخر القلم، وصاحب اللسان یسخر للسان، وصاحب السی ;یسخر السیف، وصاحب المكانة الاجتماعیة والوجاهة الجتماعیة، یسخر ذلك في محاربة أعداء الدین.

واْعداء الدین یشمل :الكفار والمشركین والمنافقین والبغاة. من أجل إعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الإيمان وهذه تمثل غایات الجهاد، التی سوف نتحدث عنها في آخر البحث فقوله تعإلى : (وتجاهدون في سبیل الله) في سبیل الله تشیر إلى غایات الجهاد.

ینقسم جهاد الأعداء إلى قسمین:

الجهاد الابتدائي: ویسمی بجهاد الفتح، والجهاد الدفاعي.

وحسب المشهور من أقوال الفقهاء، والواقع الفعلي الذي نعیشه في الوقت الحاضر، فإن الجهاد الابتدائي أو جهاد الفتح لیس موضوع الابتلاء في الوقت الحاضر، وإنما موضوع ابتلاء المسلمین في الوقت الحاضر، هو الجهاد الدفاعي.

في هذه الأيام یوجد تحالف ثلاثي قذر للهجوم علی الإسلام والمسلمین، یمثل هذا التحافل: العلمانیون، واليهود، والنصاری.

أهداف التحالف الثلاثي

أهداف هجوم هذه التحالف الثلاثي القذر علی الإسلام والمسلمین،‌ نستطیع أن نلخصها في خمسة أهداف:

الهدف الأول: تحریف المفاهیم والأفكار الإسلامیة، واستبدالها بالمفاهیم والأفكار العلمانیة الغربیة الضالة.

الهدف الثاني: إفساد أخلاق المسلمین، وتمییع المبادئ والقیم الأخلاقیة الإسلامیة، ولا سیما العفة والحیاء، واستبدالها بالقیم الغرببة المتحللة.

الهدف الثالث: القضاء علی الأفراد والمؤسسات التی تدعو للإسلام المحمدي الأصیل، والحیلولة دون إقامة الدولة الإسلامیة.

الهدف الرابع: إیجاد الأرضیة المناسبة لربط حركة المجتمعات الإسلامیة بركب الحضارة الغربیة.

الهدف الخامس: نهب ثروات وخیرات المسلمین.

وباختصار شدید، فإن هذه الهجمة الشاملة تهدف إلى جعل الحضارة الغربیة قبلة الحضارة‌ العلمانیة المعاصرة وفرض هیمنتها علی كل الحضارات في العالم المعاصر. هذه الهجمة -هجمة التحالف الثلاثي القذر- علی الإسلام والمسلمین، تعتبر من أكثر الهجمات شراسة، وقد تنكرت إلى كل المبادئ الإسلامیة. وهذا في غایة الوضوح، یكفيكم أن تنظروا إلى ما یجري في فلسطین، وما یجري في لبنان وما یجري في مصر، وما یجري في الجزائر، وما یجري في البوسنة والهرسك، وما یجری في كشمیر… وغیرها من البلاد الإسلامیة، لتعرف شراسة وقذارة هذا الهجوم، وتجرده من كل القیم والمبادیء الإنسانیة.

المطلوب من المسلمین، أن یغفوا بروح جهادیة عالیة یتجلی فيها شموخ الإيمان وصلابته.

نتذكر في هذا الصدد قوله تعالى: (إن الله اشترای من المومنین انفسهم واموالهم بان لهم الجنة یقاتلون في سبیل الله فيقتلون ویقتلون وعدا علیه حقاً في التورات والنجیل والقرآن ومن اوفي بعهده من الله فاستبشروا ببیعكم الذي بایعتم به وذلك هو الفوز العظیم).

نتذكر الآیة التی نحن بصدد بحثها، قوله تعالى: (یا إلى ها الذي ن آمنوا هل ادلكم علی تجارة تنجیكم من عذاب إلى م تومنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبیل الله باموالكم وانفسكم ذالكم خیر لكم ان كنتم تعلمون) هذا البحث یقودنا إلى دراسة أهمیة الجهاد في حیاتنا الاجتماعیة. وأجد بأن في خطبة أمیرالمؤمنین (ع) الذي یقول في أولها: (أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة،‌ فتحه الله لخاصة أولیائه).

في هذه الخطبة تلخیص إلى إهمیة الجهاد، فأمیرالمؤمنین (ع) یبین جانبین، جانب إیجابي، وآخر سلبي، لأهمیة الجهاد بالنسبة للمسلمین.

قوله (ع): (الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أولیائه وهو لباس التقوی). فأولیاء الله الأتقیاء لیس بإمكانهم أن یتخلوا عن الجهاد، بل یستطیبون الجهاد، فساحة الجهاد بالنسبة إليهم صومعة عبادة بكل ما في الكلمة من معنی.

نحن نقرأ في دعاء‌ الافتتاح قول الإمام (ع): (وقتلاً في سبیلك فوفق لنا) يذكر إن الإمام الصدر (رض) كان كثیر التردید لهذا الدعاء، فالإنسان المؤمن لا یتخلی عن الجهاد، بل یستطیبه؛ لأن الجهاد بالنسبة له صومعة ذكر لله عزو جل. فالإمام الحسین (ع) في یوم كربلاء یقول: (تركت الخلق طراً في هواكا وأیتمت العیال لكي أراكا فلو قطعتني في الحب إربا لما مال الفؤاد إلى سواكا). فإیمان الحسین وحبه لله عزوجل وعشق الحسین لله هو الذي حمله علی الجهاد وأن یبذل كل ما في وسعه في سیبل لله عزوجل. فالإنسان المؤمن یستطیب الجهاد، ولا یتخلی عنه في أي حال من الأحوال. وقوله (ع): (ودرع الله الحصینة، وجنته الوثیقه) إشارة إلى أهمیة الجهاد في الدفاع عن الإسلام والمسلمین والمحافظة علی دین الله وأمة الله. هذا یمثل الجانب الإیجابي.

قوله (ع): (فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وشمله البلاء). الذي یتخلی عن الجهاد رغبة عنه ینتج عنه الذلة‌ في النفس، لا كرامة له، مهان، والذي یقبل التخلي عن الجهاد یقبل المذلة، یقبل المهانة. ومن نتائج التخلي عن الجهاد أیضاً قوله (ع): (… وأدیل الحق منه بتضییع الجهاد، وسیم الخسف ومنع النصف). فالتخلي عن الجهاد یؤدي إلى تضییع الحقوق وضیق المعیشة وانتشار الظلم في المجتمع. وقال (ع) في نفس الخطبة: (… فتواكلتم وتخاذلتم حتی شنت علیكم الغارات، وملكت علیكم الأوطان) هجمات الأعداء الخارجین، والاستعمار… وهذا ما تحقق: الذل في النفس، تضییق الحقوق، تضییق المعیشة، وانتشار الظلم، والخضوع إلى الهیمنة الخارجیة.

هذا هو واقع مجتمعنا وقد لخصها أمیر المؤمنین منذ زمن بعید فإذا كانت هذا أهمیة الجهاد، والإنسان المؤمن بما هو إنسان مؤمن، یرغب ویستطیب الجهاد.

الله عز وجل استنكر علی المؤمنین قعودهم عن الجهاد: (یا أیها الذين آمنوا مالكم اذا قیل لكم انفروا في سبیل الله اثاقلتم إلى الارض أرضیتم باالحیاة الدنیا من الاخرة،فما متاع الحیات الدنیا في الاخرة إلا قلیل).

ماالذي یجعلكم تركنون؟ أرتبطتم بالحیاة الدنیا؟ فما متاع الحیاة الدنیا للآخرة إلا قلیل. ما الذي یمنعكم من الجهاد؟ الخوف من الموت؟ (كل نفس ذائقة الموت) الله عز وجل یخاطب الرسول الأعظم (ص): (إنك میت وإنهم میتون) ثم إن الجهاد لا یقصر عمراً، والأمربالمعروف والنهي عن المنكر لا یقصران عمراً.

الله سبحانه وتعالى ینتقد المنافقین: (یقولون لو كان من الأمر شیء ما قتلنا ها هنا، قل لو كنتم في بیوتكم لبرز الذين كتب علیهم القتل إلى مضاجعهم). فإذا لم أمت جهادأ في سبیل الله مت في حادث سیارة. فمن یضمن حیاته؟ كیف یقعد عن الجهاد، ویخشی الأعداء؟ فلا أحد یستطیع أن یضر أحد ألا ما شاء الله.

الضر والنفع بید الله عزوجل، فما الذي یمنعنا من الجهاد؟ فشیمة الإنسان المؤمن الجهاد في سبیل الله، خلق الإنسان المؤمن للجهاد في سبیل الله، الإنسان المؤمن یستطیب الجهاد في سبیل الله ویستطیب الشهادة في سبیل الله.

(تجاهدون في سبیل الله) غایات الجهاد سبیل الله، غایات الجهاد في الإسلام لیس السیطرة والهیمنة وتجمیع الثروات أبداً. المجاهد لا یرید سیطرة، لا یرید أن یحكم، لا یرید أن یجمع الثروات، إنما یرید أن یجاهد في سبیل الله. الذين آمنوا یجاهدون في سبیل الله، في سبیل مصلحة وخیر وسعادة البشریة، والذين كفروا یجاهدون في سبیل الطاغوت.

استغفرالله لی ولكم، والحمدالله رب العالمین

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button