خطبة الجمعة | 23-6-1994

الموضوع: الموكب الحسیني 2

تابع الاستاذ عبدالوهاب – حفظه اللّه – حدیثه حول الموكب الحسینيي الذي بدأ الحدیث عنه، في الأسبوع الماضي، وفي ضوء هذا الحدیث تحدث الاستاذ – حفظه اللّه – حول عدة نقاط:

أولاً: إن الموكب الحسیني لیس هو المنبر، أو المسیرة العزائیة أو الزیارة، وإنما هو الحركة الجماهیریة للأمة بقیادة المعصوم، أو نائبه، في غیبته، من أجل تحقیق أهداف ثورة الإمام الحسین (علیه السلام).

وما المنبر، والمسیرة العزائیة، والزیارة إلا محاور مقدسة وضعها أهل البیت (عليه السلام) وورثناها عنهم.

ولهذا فإن الموكب الحسیني استمرار إلى ثورة الإمام الحسین (علیه السلام).

وهو استمرار لحركة الإمام السجاد في الأمة، و هكذا إماماً بعد إمام حتی نصل إلى الإمام المهدي (عج).

لماذا خص الإمام الحسین (عليه السلام) بهذا الموكب؟ بینما الحال أنه موكب الائمة، بل موكب الرسول الأعظم (ص)!

الجواب: إن أهل البیت (عليه السلام) وجهوا الاهتمام بخصوص ثورة الإمام الحسین‌ (عليه السلام) جاءت علی رأس مرحلة من مراحل عمل الائمة، الهدف من هذه المرحلة سحب بساط الشرعیة من تحت الخلفاء، فثورة الإمام الحسین (علیه السلام) سحبت بساط الشرعیة، وأثبتته للائمة من أهل البیت (ع).

من ثم حددت بوضوح الخط العقائدي للأمة الذي هو خط أهل البیت (عليه السلام)، والذي هو استمرار لخط الرسول (ص).

ثانیاً: إن المؤسسات الإسلامیة الشیعیة، سواء كانت ثقافیة أو مؤسسات اجتماعیة أو سیاسیة كالأحزاب، هذه المؤسساتیجب أن تخدم الموكب الحسیني ولیس العكس، فلا یجوز لواحدة من هذه المؤسسات أن تسخر الموكب الحسیني ومحاوره – المنبر، المسیرة العزائیة، الزیارة – من أجل تحقیق أهدافها، يجب أن تكون كل هذه الموسسات تابعة إلى الموكب الحسیني ولا يصح أن يكون الموكب الحسيني تابعاً لأي مؤسسة من المؤسسات.

ثالثاً: حینما نتأمل الحوزة العلمیة نجد بأن المكانة المرموقة للحوزة العلمیة، والدور الفعال للحوزة العلمیة، هو نتیجة وجود رجال أكفاء، في صفوف رجال الحوزة، أمثال السید الصدر قدس سره، السید أبوالقاسم الخوئي أعلی اللّه مقامه، الإمام الخمیني طیب اللّه ثراه، السید الكلبیكاني قدس سره، المرعشي النجفي أعلی اللّه مقامه، السید عبداللّه الشیرازي رحمه اللّه و… الخ، هؤلاء الرجال بكفائاتهم العالية الفكریة والنفسیة (التقوی والورع و…) أعطوا المكانة المرموقة إلى الحوزة العلمية، ومكّنوا الحوزة العلمیة من أداء أدوارها، ولو كان رجال الحوزة لیس فیهم أمثال هؤلاء لأصبحت الحوزة محل سخریة، وأصبحت عاجزة عن تحقیق أهدافها، فوجود أمثالهم في الحوزة، مكنتها من أداء دورها، كذلك الموكب الحسیني.

إذا أردنا للموكب احسیني أن یحتل المكانة المرموقة ویكون للموكب دوراً فعالاً في الأمة وینجح في تحقیق أهدافه، فیجب علی الأمة بكل فئاتها وطبقاتها أن تنصهر في قالب الموكب الحسینيوهذا ما أراده أهل البیت (ع)، أن تنصهر الأمة رجالاً ونساءً، شیوخاً وشباباً، واطفالاً و…، كل الأمة یجب أن تنصهر في قالب الموكب الحسیني، أن تتفاعل تفاعلاً رسالياً مع المحاور الثلاثة (المنبر، المسیرة العزائیة والزیارة).

فالأدباء، وأساتذة الجامعة والمهندسین، والأطباء، والمعلمین، والمتعلمین والمثقفین، الأشخاص البسطاء وأصحاب المكانات المرموقة و…، كلهم یجب أن تكون لهم مشاركة إیجابیة، ویكون لهم تفاعلاً رسالياً في الموكب الحسیني.

ثم طرح الأستاذ هذا السؤال: ما هي رسالة الموكب؟

وأجاب باختصار قائلاً: وظیفة الموكب الاساسیة، هي الإعداد لظهور القائم (عج).

والتعریف السابق للموكب الحسیني، یوحي لنا بأن الأمة تتحرك وأن ثورة الإمام الحسین (ع) نقطة انطلاقة ممیزة لحركة الأمة.

فالموكب انطلق من كربلاء، في یوم العاشر من المحرم عام 60 هـ، وهو یتحرك نحو القدس، یوم ظهور القائم (عج)، وتحریر العالم وإقامة دولة العدل الإلهیة العالمیة.

فالرایة التي نحملها في المسیرات العزائیة وننصبها في المأتم، هي رایة الحسین، نحن نحملها لنسلمها للقائم (عج).

فالإنسان الذي یشارك في الموكب الحسیني، هو في عداد أنصار الإمام الحسین (ع)، وفي عداد أنصار القائم (عج)، هذا المعنی يفرض علینا نقاطاً ذكرتها سابقاً (في المحاضرة السابقة) في مواصفات المشاركین في الموكب الحسیني، منها: ‌الإیمان بالخط العقائدي للإمام الحسین (ع)‌، والتخلق بأخلاق الحسین (ع) وبأخلاق أهل البیت (ع).

أعدائنا إلىوم یحملون مبادئ وقیم یزید علیه لعنة اللّه، فنجدها اليوم متجسّدة في سلوك المشركین (الصرب) في تعاملهم مع المسلمین في البوسنة والهرسك، وفي سلوك الإسرائیلیين مع الفلسطینیین واللبنانیین، وفي سلوك صدام مع العراقیین، فأعدائنا یجسدون القیم والمبادئ اليزیدیة.

ونحن یجب أن نجسّد قیم ومبادئ الحسین (ع) في سلوكنا، وإننا نحتاج إلى تجسید هذه المبادئ والقیم لنصرة الإمام المهدي (عج)، وهذه هي وظیفة الموكب الحسیني ویجب أن نتعامل مع الموكب علی هذا الأساس.

والحمد للّه رب العالمین.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى