خطبة الجمعة | 13-7-2001

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي ومن سوء عملي ومن شر الشيطان الغوي الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام على فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين، السلام على خديجة الكبرى، السلام على الحسن والحسين، السلام على علي بن الحسين وأصحاب الحسين، السلام على جميع الأوصياء ومصابيح الدجى وأعلام الهدى ومنار التقى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم، السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء. السلام على العلماء والشهداء، السلام على شهداء الانتفاضة، السلام عليكم أيها الأحبة، أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته.

قال تعالى على لسان شعيب (ع): ((قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) (88) سورة هود، صدق الله العلي العظيم.

في الأسبوعين الماضيين تناولنا دعوة شعيب (ع) إلى قومه، ورد قومه عليه، وفي هذا الأسبوع نتناول رد شعيب (ع) على قومه.

قال تعالى (( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا )) قال : ( يا قومي ) يا أهلي و يا أحبتي، أنا جزء منكم، أنتمي إليكم، أحب إليكم ما أحب لنفسي، ليست لدي مصالح خاصة أدافع عنها، و إنما أنا حريص على مصالحكم، فنجد رد شعيب (ع) على قومه اللطف و المحبة، كما نجد فيه الصدق و الإخلاص، و لا نجد بأن شعيب (ع) ردَّ على قومه بالمثل، لم يسخر منهم، و لم يهزأ بهم، و لم يحاول أن يدمرهم بما يمتلكه من أجهزة إعلامية، و إنما كان لطيفا رؤوفا بهم، لأنه صاحب دعوة، و لأنه صاحب رسالة، يريد لهذه الدعوة النجاح، و يريد لأهداف الرسالة أن تتحقق، و لهذا تحدث إلى قومه بما يوصل هذه الرسالة، و بما يحقق هذه الأهداف كما نجد بأن شعيب (ع) خاطب قومه و ناقشهم بأساليب علمية واضحة، و لم يلجأ إلى السخرية و إلى الحرب الإعلامية، و إنما حاول أن يوفر الأجواء و الظروف الخارجية التي تنجح الحوار، و تؤدي بالحوار إلى نتائجه الإيجابية، و هكذا يجب أن يكون الإنسان المصلح، و الداعية المخلص لله – عز و جل.

((قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي)) البينة: الحجة والبرهان الواضح، وهنا يخاطب شعيب (ع) قومه ويقول: ماذا أفعل؟ ولديَّ علم، ولديَّ معرفة، ولديَّ رؤية واضحة وحجة وبرهان واضح، وكل هذا يحملني المسؤولية تجاه نفسي وتجاه مجتمعي، ماذا تريدون؟ أن أتخلى عن علمي ومعرفتي؟ هل تريدون أن أتخلى عن مسؤولياتي تجاه مجتمعي ووطني وأمتي؟ أنا أتحمل مسؤوليات ما أعلم. (أرأيتم إن كنت على بينة من ربي) شعيب يقول لهم: أنا نبي، وإنني أمتلك معلومات من مصادر موثوقة من أفضل المصادر، من الله -عز وجل -فأنا لا أتكلم بجهل، وإنما أتكلم عن علم ومعرفة، وأنا لست سفيها كما تقولون. إنما أنا في غاية الكمال البشري الذي عليه الأنبياء و المرسلين (ع) و إنني لم أتجرأ على حقوقكم، لا أريد أن أحد من حرياتكم، و أتدخل في شؤونكم الخاصة، و أنا أمارس حقوقي كنبي، فدعوتي دعوة مشروعة، و أطروحاتي أطروحات مشروعة غير مخالفة للقوانين… و هذا يدلنا على أن شعيبا (ع) و هو يتكلم عن البينة الواضحة بأنه مصر على دعوته، لأنه يتكلم عن علم، و لأنه يتحمل مسؤولية ما يعلم، و انه مسؤول أمام الله – عز وجل – كما أن كلام شعيب (ع) يدلنا على أهمية الرؤية الواضحة في العمل، و الدعوة إلى الله – عز وجل – و يدلنا على أهمية الصدق و الإخلاص في الدعوة إلى الله، و الابتعاد عن المصالح الشخصية في الدعوة إلى الله – عز وجل -.

(أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقي منه رزقا حسنا)، (ورزقني منه رزقا حسنا): للمفسرين قولان في تفسير الرزق الحسن.

التفسير الأول: (رزقا) الرزق هو الثروة الواسعة، (حسنا) لأنه جاء عن طريق الكسب الحلال في مقابل الكسب الحرام وهذا يدلنا على عدة نقاط وهي:

النقطة الأولى: بأن الطريق إلى الثروة غير منحصر في الطريق الحرام فيمكن للإنسان أن تكون له ثروة كبيرة وواسعة عن طريق الكسب الحلال، بل إن الكسب الحلال هو أفضل الطرق لتحصيل الثروة الواسعة، بالإضافة إلى حصول النتائج الإيجابية للكسب الحلال مقابل حصول النتائج السلبية للكسب الحرام في المجتمع.

النقطة الثانية: يدلنا قول شعيب (ع) بأنه يتكلم عن علم ومعرفة وعن خبرة فهو يمتلك إلى جانب العلم الفطري خبرة عملية.

النقطة الثالثة: قول لبعض المفسرين بأن شعيب (ع) يقول: ما الذي يدعوني لأن أتخلى عن دعوتي وأنا في سعة من الرزق ولست محتاجا إلى أحد لكي أتخلى عن دعوتي؟ وهذا يعني بأن صاحب الثروة يمكن أن يكون على خلق رفيع بالإضافة إلى تحمل المسؤولية تجاه مجتمعه لا أن ينأ بنفسه عن المجتمع، وبالإضافة إلى ذلك ليست الثروة الواسعة وحدها كافية بأن تحمل الإنسان على أن يصدع بدعوته لأنه ليس في حاجة إلى أحد وإنما أقول (بأن القناعة كنز لا يفنى) فالإنسان القنوع يصدع بدعوته لأنه ليس في حاجة إلى أحد لكي يتخلى عن هذه الدعوة.

التفسير الثاني للمفسرين حول (الرزق الحسن) بأنه الإيمان والنبوة فالنبوة رزق وهي حسن لأنها تشمل المعرفة بالعقائد والأحكام والإفاضات التي يفيضها الله عز وجل على أنبيائه وهي رزق حسن أيضا لأنها مناط وسر السعادة في الدنيا والآخرة كما هو الإيمان سر السعادة في الدنيا والآخرة.

(قال يا قومي أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقي منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه). هناك عدة معاني لقوله تعالى : (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) المعنى الأول : وهو كما يتبادر إلى الذهن إنني لا آمركم بشيء ثم أفعل خلافه وإنما أفعل وأطبق ذلك على نفسي فكل ما آمركم به وأطبقه على نفسي وكل ما أنهاكم عنه أنتهي عنه،،، وهذا دليل الصدق والإخلاص في الدعوة، وإنه لا يريد مصالح شخصية من وراء دعوته،،، وهناك معنى آخر لهذه الآية : أي لا أريد أن أخالف وأعارض من أجل المخالفة ولا أريد أن أعارض من أجل المعارضة وإنما أخالف وأعارض من أجل المصلحة العامة والمصلحة الوطنية وقد ذكرت في أحاديث سابقة بأننا ننظر إلى المعارضة ونشبهها أي العلاقة بين المعارضة والحكومة كالعلاقة بين الأديب والناقد. وذلك من أجل تطوير الفكر السياسي والممارسة السياسية من أجل خدمة المجتمع.

وهناك معنى ثالث: بأننا لا نريد أن نكون فريقين، أو أن نكون حزبيين أو نكون جماعتين وإنما نريد أن نتعاون وأن نتوحد في سبيل المصلحة العاملة والمصلحة الوطنية (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) في الآية الشريفة تأكيد بأن شعيبا (ع) ليس له أي مصالح خاصة في دعوته إلى الله عز وجل. وإنما هو ملتزم بالمصالح العامة ولهذا قال : (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) الإصلاح في العقيدة والإصلاح في الأخلاق والإصلاح في السلوك الإصلاح في العلاقات والروابط الاجتماعية والإصلاح في الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية الإصلاح في القوانين والأنظمة والمؤسسات تطهير مؤسسات المجتمع من الفساد الإداري والأخلاقي والمالي فشعيب (ع) يقول لقومه : أنا لا أريد أن أخالفكم من أجل المخالفة وإنما أريد الإصلاح لا أريد أن أتدخل في حرية العقائد لأنه لا إكراه في الدين لقوله تعالى (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) وإنما أريد أصدع وأبين الحق إلى الناس ثم بعد ذلك عليهم أن يختاروا كما يقول لهم : لا أريد أن أقيد حرياتكم الخاصة ولا أريد أن أقيد تصرفاتكم في أموالكم وإنما أريدكم أن تعرفوا بأن الحريات ليست على حساب المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية وإن الحريات ليست على حساب المصالح الوطنية وإن الحرية في التصرفات المالية يجب ألا تكون على حساب القيم الإنسانية والأخلاقية و المصالح الوطنية والقومية والإسلامية فالإنسان له حرية التصرف في حاله ولكن ذلك وفق القانون والمبادئ والقيم والأخلاق الإسلامية و الإنسانية ووفق المصلحة الوطنية والقومية هذا ما يريد أن يقوله شعيب (ع) إلى قومه وبالتالي فحينما أنهاكم عن النقص في الكيل والوزن لا أريد من ذلك أن أفوت عليكم فرص الكسب وإنما أريد من ذلك أن تبتعدوا وتنتهوا عن الكسب الحرام المضر للمجتمع من أجل خدمة المجتمع. (ما استطعت) أي ما قدرت ما تمكنت فسوف أبذل كل جهدي وكل ما في وسعي من أجل هذا الإصلاح ولن أدخر جهدا في ذلك وسوف استخدم كل الأساليب والوسائل المشروعة لتحقيق هذا الإصلاح.

(وما توفيقي إلا بالله) توفيقي في أصل الدعوة في أن أكون نبيا في أن أكون مصلحا في أن أكون داعية للخير والعدل والحق والإصلاح توفيقي في تحصيل الصواب في الدعوة ومعرفة الأساليب الصحيحة والأساليب الناجمة في الدعوة توفيقي في تحصيل النتائج الإيجابية وتحقيق أهداف الإصلاح توفيقي في التغلب على العقبات والصعوبات التي تضف في وجهي.

(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) فسوف أبذل جهدي ولكني إنسان ضعيف في نفسه، وأستمد القوة والعون من الله -عز وجل.

((عليه توكلت)) التوكل على الله يعني أول ما يعني عدم المخالفة لله -عز وجل -في شيء وعليك بعد ذلك أن تبذل كل ما في وسعك وبدون تقصير، وأن تترك النتائج إلى الله -عز وجل -فأنت لا تملك النتائج، فعليك أن تستخدم كل الأساليب المشروعة والشريفة من أجل النجاح، ولكنك لا تمتلك النجاح، فعليك أن تترك النجاح بعد أن تستفرغ الوسع، أن تترك النجاح والفشل وتتحمل مسؤولية ذلك. وأن التوكل على الله -عز وجل -يعني أيضا الإصرار على الاستمرار وعدم الضعف أمام العقبات والصعوبات في الطريق.

((عليه توكلت وإليه أنيب)) أنيب: يعني أرجع، أرجع إلى الله -عز وجل -يوم القيامة فيثيبني على ما عملت، ويحاسبني إن قصًّرت أو خنت الأمانة، وأرجع إلى الله -عز وجل -وأرجع إلى الله في نيتي، أي أن عملي خالص لله -عز وجل -وهذا يدلنا على أن شعيبا (ع) يعيش في نفسه القوة الواعية المستمدة من وضوح الرؤية ومن الإحساس العميق بالمسؤولية، ومن الإحساس العميق بالدعم والتأييد الإلهي في دعوته، وبالتالي فلن يتراجع، ولن يتخلى عن مسئوليته، ولن يخون الأمانة.

وبعد هذه الوقفة القصيرة مع الآية الشريفة نأتي كالعادة إلى بعض القضايا على الساحة الوطنية وأتناول في ذلك قضيتين:

القضية الأولى: وهي القضية التي وعدتُ بالتحدث عنها في الأسبوع الماضي وتتمثل في الاتهامات التي وجهت إلى عبد الوهاب حسين في الصحافة المحلية.

القضية الثانية: تتعلق بأحداث جدحفص.

و بخصوص القضية الأولى التي تتمثل بالاتهامات التي وجهت إلى عبد الوهاب حسين بأنه يشوه السياسة العامة، و إنه يشكك في مصداقية الحياة البرلمانية القادمة و مصداقية الإصلاحات،،، أقول : بأنني في أحاديث كثيرة أكدت بأنه توجد إصلاحات حقيقية في البلد، و تحققت إنجازات مهمة في ظل هذه الإصلاحات، و من هذه الإنجازات : إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، و منها السماح لكافة المبعدين بالعودة إلى الوطن، ما عدا مشكلة البدون الذين ما زالوا في إيران، و إن شاء الله سوف يكون له حل حسب وعد القيادة السياسية بخصوص ذلك، و منها إلغاء قانون و محكمة أمن الدولة، و منها ترسيخ و توسيع العمل المؤسساتي و لا سيما السماح بقيام النقابات العمالية ة الجمعيات، و ترسيخ و توسيع حرية التعبير و الرأي في الندوات و الحاضرات كل ذلك إنجازات حقيقية تمت في ظل الإصلاحات، كما قلت أيضا في أحاديث سابقة بأنه إلى جانب دور المطالبة الشعبية بالإصلاحات فهناك دور أيضا لسمو الأمير – حفظه الله تعالى – و أن هذه الإصلاحات فيما يتعلق بسمو الأمير جاءت نتيجة قراءة صحيحة مقابل قراءة خاطئة سابقة، و إنها نتيجة شجاعة في اتخاذ الإجراءات و الخطوات المطلوبة في طريق الإصلاح،،، كما قلت أيضا بأن حجم و نوعية الإصلاحات تدل على الجدية و الصدق في الإصلاحات من قبل سمو الأمير، و أقول اليوم بأن هناك نقاط يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في الموازنات و معالجة مختلف القضايا على الساحة، و من هذه النقاط :

بعد التأكيد على جدية سمو الأمير وصدقه في الإصلاحات، وأنا سمعت منه شخصيا بأنه قال: ” سوف يعمل ما في وسعه من أجل إصلاح البلد، وإن ما لا يستطيع هو تحقيقه فإن ابنه وولي عهده سمو الشيخ سلمان حفظه الله تعالى سوف يحققه ” وبالتالي فغن سمو الأمير ينظر إلى ولي العهد بأنه جزء من مشروعه. بعد هذا أسأل:

أ من الصحيح أن نجعل الإصلاحات متوقفة فقط على سمو الأمير وسمو لي العهد على شخصيهما؟ أم أنه يجب أن نخلق واقعا خارجيا لحماية ودعم الحركة الإصلاحية ؟!

الجواب العقلائي هو الثاني، ومن شأن هذا أن يمثل حماية لشخص سمو الأمير وسمو ولي العهد، وُجِدَ أم لم يوجد من يهدد حياتهما، وإن هذا من شأنه أيضا أن يخفف العبء عن عاتق سمو الأمير وسمو ولي العهد، ومن شأنه أن يقدم الدعم والمساندة إليهما في تحقيق أهدافهما الإصلاحية، وبالتالي فالنتيجة إن وجود شخص سمو الأمير وسمو ولي العهد إلى جانب هذا الواقع الخارجي من شأنه أن يخلق الاطمئنان على الحركة الإصلاحية من جهة، ويخلق اليأس من الرجوع إلى الوراء، وُجد من يحاول أن يرجع بالبلد إلى الوراء أم لم يوجد.

النقطة الثانية: إن الحركة الإصلاحية وكما أشرت في بداية الحديث وجدت بإرادة مشتركة بين القيادة والشعب، وأقول يجب أن تبقى الحركة الإصلاحية في طبيعتها وتوجهاتها ومستقبلها بإرادة مشتركة أيضا بين القيادة والشعب في طبيعتها وذلك في ظل النظام والدستور وميثاق العمل الوطني.

النقطة الثالثة : إنه يجب أن نُوجِدَ المقومات التأصيلية للحركة الإصلاحية و من هذه المقومات : حرية الرأي و التعبير و حرية الصحافة، و من هذه المقومات أيضا المعالجة العلمية الواقعية الصريحة الواضحة للقضايا و المشاكل و الأوضاع و العلاقات بعيدا عن العواطف و الانفعالات و المجاملات لأن ذلك من شأنه وحده أن يخلق الأرضية الصحيحة للإصلاحات و يجب أن تكون المصلحة الوطنية فوق كل شيء، و أنا أقول بأن كل ما قلته في محاضراتي و ندواتي و لقاءاتي لا يخرج عن هذا الإطار، و أؤكد بأني حريص تمام الحرص على الإصلاحات، لأننا كشعب ضحينا من أجل هذه الإصلاحات و لن نكون مستعدين أن نضحي بها، و إننا حريصون على المصلحة الوطنية و حريصون على الوحدة الشعبية أكثر من أولئك الذين يتكلمون في العافية و لم يقدموا شيئا،،، و أقول أيضا بأنني أمقت و أبغض الطائفية، و لكن ذلك لا يعني أبدا أن لا أطرح و لا أناقش آرائي و معتقداتي بحرية، و لا يعني بأي حال من الأحوال أن أسكت عن تصحيح وضع خاطئ، و بتعبير واضح و مختصر : على الرغم إنني أمقت و أبغض الطائفية فإنه لأحَبُ أن يقال عني طائفيا من أن أسكت على حق، لن أسكت عن حق لفرد أو جماعة أو طائفة، و أؤكد بأن الحملة الإعلامية لن تجدي شيئا و لا تؤثر شيئا في هذا الجانب، بل كأنها لم تكن، و أسال الله – عز و جل – أن أخرج منها أقوى و أفضل، و من جهة أخرى أؤكد بأن الحريص على المصلحة الوطنية ليس ذاك الذي يتصيد الكلمات، و يلوي عنق الكلمة ليخلق من ذلك وضعا سلبيا في الساحة، و إنما المخلص للوطن هو من يحاول أن يحافظ على الحالات الإيجابية في الساحة و يحاول أن يعالج بحكمة الوضاع السلبية و يحاول أن يبعدها عن الساحة لا أن يرسخها من خلال لَيْ عنق الكلمات.

القضية الثانية: (أحداث جدحفص) لا أريد أن أفصل الحديث فيما حدث في هذا الأسبوع وإنما أختصر وأبدأ حديثي بما قاله سعادة وزير العدل تعقيبا على أحداث جدحفص، قال: ” إن هناك من يحاول أن يعبث ” وأنا أقول: إذا وجد من يحاول العبث، ومن يحاول أن يسيء، فيجب أن نُفَّوت عليه الفرصة، وإذا كان هناك أشخاص لا يشعرون بالمسؤولية تجاه الإصلاحات القائمة في البلد، أو هم لا يريدون هذه الإصلاحات لأنهم يتضررون منها، وبالتالي فإنهم يحاولون أن يعبثوا ويسيئوا.

أقول : يجب أن نفوت على هؤلاء الفرصة، يجب أن نكون حذرين و يجب أن نتحمل مسؤولياتنا حول أمن و استقرار البلد، و المحافظة على الإصلاحات و دعمها و ذلك من خلال التعقل و البعد عن الانفعالات، و قد يحاول البعض أن يسيء إليكم أفرادا أو جماعات، فعليكم مقابل ذلك أن تقابلوا الإساءة بالإحسان، لكي لا توجدوا الفرصة لمن يحاول أن يعبث أو يسيء، تحملوا المسؤولية، ابتعدوا عن الانفعالات،،، أمن البلد أمانة في أعناقكم، الإصلاحات أمانة في أعناقكم، و هناك أشخاص لم يضحوا و لم يقدموا شيئا من أجل الإصلاحات و بالتالي فهم لا يشعرون بالمسؤولية نحو هذه الإصلاحات، و هناك من لا يريد هذه الإصلاحات لأنه يتضرر منها، و الأحداث الحالية في جدحفص تمثل فرصة مناسبة للإساءة، كونوا حذرين، كونوا حذرين، كونوا حذرين، و تحملوا المسئولية و كونوا أهلا لها، قابلوا الإساءة بالإحسان، يجب عليكم أن تحافظوا على الأمن و الاستقرار في البلد، يجب عليكم أن تحافظوا على الأمن و الاستقرار في البلد، يجب عليكم أن تحافظوا على الأمن و الاستقرار في البلد،،، ارفضوا و أدينوا كل محاولة عبث تخل بالأمن و الاستقرار في البلد، لا تدافعوا عن شخص حاول أن يسيء إلى البلد و إلى الإصلاحات، تحت عنوان الانفعال أو ما شابه ذلك، لا تعودوا بالبلد إلى الوراء، لأن عودة البلد إلى الوراء ليست في مصلحتكم، فتحملوا المسؤولية، و لا يعني الإجحاف بحقكم السلمي المشروع في التعبير عن أفكاركم و إرادتكم، لكم الحق في ذلك و لكن تحملوا المسؤولية الدينية و الوطنية تجاه الأحداث.

بعد هذا الكلام لدي ورقة أريد أن ألقيها على مسامعكم، حيث رأى العلماء أن تقرأ عليكم، وصدور العلماء مفتوحة للمناقشة، فمن لديه سؤال أو مناقشة عليه أن يتوجه إلى العلماء لطرح ما لديه، كما أنه من واجب العلماء الاستماع والإجابة عن أسئلتكم، وكلهم -إن شاء الله -صدورهم رحبة لذلك.

بسمه تعالى

انطلاقا من قيم ديننا الإسلامي الحنيف الداعية إلى الألفة و التسامح و حرصا على حقن الدماء و تحقيق الوحدة و التعاون إلى أبناء الدين الواحد و الوطن، بادر العلماء إلى عقد اجتماعات تتعلق بتحقيق ذلك، ثم تكثفت هذه الاجتماعات على ضوء التطورات المؤسفة التي مرت بها منطقة جدحفص و تزامنا مع دعوة سمو أمير البلاد – حفظه الله تعالى – عقد اجتماع بتاريخ 11/7/2001م في منزل سعادة وزير العدل و الشؤون الإسلامية ضم بالإضافة إلى سعادته كل من سعادة وزير الداخلية، و سعادة وزير الدولة لشئون البلديات و البيئة، و الشيخ عبد الأمير الجمري، و الشيخ سلميان المدني، و السيد عبد الله الغريفي، و الشيخ أحمد خلف، و الدكتور محمد علي الستري، و الدكتور علي العريبي، و تم تداول المشكلة بجميع مسبباتها و حيثياتها لا سيما ما يتعلق منها بالأسباب التي أدت إلى الوضع الراهن المتعلق بالخلاف في المساجد و المآتم و ظاهرة الحمايات غير القانونية، و بناء على ذلك نهيب بجميع المواطنين الحريصين على مصلحة الدين و الوطن أن يتجاوبوا مع الدعوات الخيَّرة لدرء الفتنة المدمرة امتثالا لأوامر الدين الحنيف و التزاما بجانب التعقل و الله الموفق و الهادي إلى الصواب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

بتاريخ 21 ربيع الثاني 1422هـ الموافق 2001/7/13 م

في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى