خطبة الجمعة | 27-4-2001
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام على فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين، السلام على خديجة الكبرى، السلام على الحسن والحسين، السلام على علي بن الحسين وأصحاب الحسين، السلام على جميع الأوصياء ومصابيح الدجى وأعلام الهدى ومنار التقى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم، السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء. السلام على العلماء والشهداء، السلام على شهداء الانتفاضة، السلام عليكم أيها الأحبة أيها الأخوة، والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته.
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ” إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا، وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ” آمنا بالله، صدق الله العلي العظيم. الفتح 1-3.
هذه الآيات الثلاث من سورة الفتح نزلت بمناسبة صلح الحديبية، في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة الشريفة، حيث خرج الرسول الأعظم (ص) من المدينة إلى مكة من أجل العمرة في ألف وأربعمائة من المسلمين، ولما سمعت قريش بخروج النبي (ص) أصرّت على منعهِ من دخول مكة، فلما وصل الرسول الأعظم (ص) إلى منطقة الحديبية بالقرب من مكة نزل وأصحابه في تلك المنطقة، وكان بين الرسول الأعظم (ص) و قريش سفراء من أجل معالجة الموقف، و كان من بين السفراء عثمان بن عفان الذي دخل مكة، و لما تأخر رجوعه إلى المسلمين شاع خبر بأنه قُتل من قبل قريش فدعا الرسول الأعظم (ص) أصحابه إلى البيعة تحت الشجرة حيث كانت بيعة الرضوان فبايع المسلمون الرسول الأعظم (ص) على عدم الفرار، وكان المسلمون لم يحملوا معهم إلا سلاح المسافر، أي لم يخرجوا بسلاح القتال وإنما بالسلاح الذي يحمله المسافر عادة (أي السيوف في أغمادها) كما يقولون، فلما سمعت قريش ببيعة الرضوان أرسلت سهيل بن عمر من أجل عقد الصلح مع الرسول الأعظم (ص) فكان صلح الحديبية، و يتضمن هذا الصلح عدة بنود منها:
البند الأول: إيقاف القتال أو الاقتتال بين المسلمين وقريش لمدة عشر سنوات يأمن فيها الجميع.
البند الثاني: لا يدخل المسلمون مكة في هذا العام ويعودون في العام المقبل، على أن تخرج قريش من مكة ويدخلها الرسول الأعظم (ص) وأصحابه لمدة ثلاثة أيام وألاَّ يحملوا معهم من السلاح إلا سلاح المسافر.
البند الثالث: يشير إلى السماح لمن شاء من القبائل العربية بالدخول في حلف محمد (ص) فليدخل، ومن شاء بالدخول في حلف قريش فليدخل.
البند الرابع: إنَّ للمسلمين في مكة حرية العبادة وإقامة الشعائر.
البند الخامس: من جاء إلى محمد (ص) من قريش بدون إذن وليه فعلى النبي محمد (ص) أن يعيده إلى قريش، ومن جاء إلى قريش من أصحاب محمد فلا يجب على قريش أن يعيدوه إلى محمد (ص).
وقد نظر بعض المسلمين إلى هذا الصلح بأنه هزيمة وانكسار للرسول الأعظم (ص) وأصحابه بينما عبّر عنه القرآن الكريم بأنه فتح مبين ونصر عزيز، وقد ترتبت على هذا الصلح الكثير من النتائج المهمة حيث نأخذ منها دروسا هي في غاية الأهمية في حياتنا العملية، ومن النتائج التي ترتبت على هذا الصلح:
- الاعتراف السياسي بالمسلمين كقوة سياسية يجب مفاوضتها والاعتراف بحقها في الوجود.
- الاعتراف بالإسلام كدين إذ سمحت قريش للرسول (ص) وأصحابه بدخول مكة وإقامة شعائرهم الدينية.
- إن هذا الصلح خلق الأرضية المناسبة لانتشار الإسلام في الجزيرة العربية، وخارجها حيث راسل الرسول الأعظم (ص) بعضا من الملوك منهم: كسرى وهرقل والنجاشي وغيرهم من ملوك ذلك الوقت.
- مهد هذا الصلح للإسراع في فتح مكة، حيث نص الصلح على وقف القتال بين الطرفين لمدة عشر سنوات، إلا أن الصلح قد نقضته قريش بعد سنتين مما اضطر الرسول الأعظم (ص) لدخول مكة فاتحاً حيث تهيأت الظروف لذلك ومنها انتشار الإسلام وتغلبه على كل القوى المضادة في الداخل وقد دخل الرسول الأعظم (ص) مكة بعشرة الآلاف مقاتل بدون حرب.
وبناء على السرد الموجز لصلح الحديبية والإشارة إلى بعض النتائج نستفيد بعض الدروس منها:
الدرس الأول: إمكانية تغيير الواقع الصَّعب، وإنَّ الإنسان يجب ألاَّ ينهزم أمام هذا الواقع الصَّعب، أن هذا الدرس مهم للعرب وهم ينظرون إلى قوة إسرائيل فيجب ألاَّ ينهزموا أمام قوتها حيث إن الواقع الصعب قد يتغير.
الدرس الثاني: أهمية العمل السياسي و الوعي السياسي، فالذي يحقق الانتصار ليس القتال و المواجهات، و إنما الذي يحقق النصر هو العمل السياسي الواعي، فإذا كانت هناك قوة وقتال ولم يكن هناك وعي سياسي، فيمكن أن يتحول الانتصار العسكري إلى هزيمة، كما حدث في انتصار أكتوبر عام 1973م و تحَّول إلى هزيمة في (كامب ديفيد) و يمكن أن تتحول الهزيمة العسكرية إلى انتصار حقيقي إذا كان هناك وعي سياسي كما فعل أهل البيت (عهم) مع ثورة الإمام الحسين (ع)، فيجب أن ندرك أهمية العمل السياسي الواعي في تحقيق الانتصار، وأن الذي يحقق الانتصار ليس القتال و المواجهة و إنما هو العمل السياسي الواعي.
الدرس الثالث: ما يجب أن يتميز به القائد من الوعي المتقدم و المعرفة بطبيعة الرسالة التي يحملها و الظروف التي تخدم هذه الرسالة و تضرها، فبعض المسلمين لم يدركوا أبعاد صلح الحديبية حيث اعتبر بعضهم ذلك انهزاماً و انكساراً، بينما وصفه الله (عز) بالفتح المبين و النصر العزيز، فهذا يكشف لنا عن أهمية وعي القيادة المتقدم وطبيعة الرسالة والظروف المناسبة لخدمة هذه الرسالة، فالرسول الأعظم (ص) يدرك بأنَّ تقدم الرسالة في الحياة ليس في حالة الاضطراب والفوضى والمواجهات وإنما في الظروف الهادئة، فلما توفر الأمن والاستقرار وأعطي للفكر فرصته كل ذلك هيأ لانتشار الإسلام والتقدم السياسي، فالقائد الحقيقي هو الذي يمتلك وعياً متقدماً وأن يكون عارفاً بطبيعة الرسالة التي يحملها والظروف التي تخدمها أو تضرّ بها، وبغير ذلك لا يستطيع أن يحقق التقدم والانتصار إلى رسالته.
هذه بعض الدروس المستفادة من الآيات الشريفة المباركة، وبعد هذا نأتي إلى بعض القضايا التي تهم وتتعلق بالساحة الوطنية المحلية:
– النقطة الأولى: في الفترة الأخيرة ظهرت دعوات إلى بعض التجمعات منها تجمع للباحثين عن عمل في وزارة العمل، ودعوة أخرى احتجاجا على وزير التربية والتعليم من قبل الطلاب والمدرسين، وسئل أصحاب المبادرة عن موقفهم من هذه الدعوات.
وأرى بأن الأهم من معرفة رأي أصحاب المبادرة في الموضوع هو أن نبحث ونتعرف على طبيعة العلاقة بين القاعدة والرموز القيادية، فهناك سؤال مهم جدا جدا وهو: هل يجوز أن نختصر الأمة في شخص أو في عدة أشخاص؟ فمهما كانت إمكانية وكفاءة ذلك الشخص أو أولئك الأشخاص، سواء كان واحدا أو عشرة، هل يجوز أن نختصر الأمة في أولئك الأشخاص؟ بحيث يفكرون نيابة عن الأمة، وأن الأمة فقط تنفذ أوامر ذلك الشخص أو الأشخاص ؟! طبعا لا. ثم لا. ثم لا. فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن تُختصر الأمة في شخص أو في مجموعة من الأشخاص بحيث يفكرون نيابة عن الأمة. هذا مقتل. هذا مقتل. هذا مقتل. و يعني ذلك أننا قتلنا الأمة و أغلقنا عليها أبواب التقدم و التطور و المنافسة في الحياة، فعلى الأمة أن تفكر، و على الأمة أن تبادر، و دور القيادة هو الإرشاد و التوجيه، و على الأمة أن تطيع القيادة عندما تصدر أمرا حاسما، فليس على القيادة أن تصدر الأوامر و على الأمة أن تنفذ تنفيذا أعمى، فتوجيهات و إرشادات القيادات يجب أن تكون موضع مناقشة،،، نعم، هناك بعض الأمور قد لا تعيها القاعدة و تعيها القيادة، فحينما تعطي القيادة توجيها معينا و يكون هذا التوجيه غير مستوعب للأمة، و للأمة تجربة إيجابية مع القيادة في مواقفها تطيعها لكن لا تغفل عن المراقبة، و المناقشة، و النقد،،، فالمطلوب من الأمة أن تبادر فيما تراه مناسبا، على أن تكون هذه المبادرات في ضوء الخطوط العريضة و المبادئ العامة التي تضعها القيادة و الأمة معا،،، فمثلا : هنا في البحرين إصلاحات و لهذه الإصلاحات مقتضيات و متطلبات، فالأمة يجب أن تكون واعية بمقتضيات و متطلبات هذه الإصلاحات و أن تكون حريصة على ألاَّ تضر بهذه الإصلاحات بشيء، و إنما تعمل على ترسيخ الإصلاحات و الدفع بها للأمام في ضوء متطلبات المرحلة، و الأمور التي لا تكون فيها الأمة على بصيرة بأن شيئا ما أو عملا ما هل هو يضر بالإصلاحات أو في مصلحتها ؟ أهو منسجم مع متطلبات الإصلاحات أم لا؟ فهذه الأمور يجب الرجوع فيها إلى الرموز فهي تبادر وتُطلع الرموز على مبادراتها كي تتعرف الرموز على ما يجري في الساحة لإتاحة الفرصة للإرشاد والتوجيه، والأمور التي لا تكون واضحة لدى الأمة أو القاعدة أو عدم مناسبتها أو انسجامها مع المرحلة يجب الرجوع فيها إلى الرموز.
فالنقطة الأولى: لا يجوز للرموز أن يفكروا نيابة عن الأمة ولا يجوز للأمة أن تقبل بذلك فهذا مقتل، فيجب على الأمة أن تفكر وتناقش وتنتقد.
النقطة الثانية : لا يجب على الأمة أو لا يجوز لها أن تنتظر الإرشادات و التوجيهات من الرموز في كل شيء، لأن الرموز مهما كان وعيهم لا يمكنهم أن يلتفتوا إلى كل الجوانب و متطلبات الساحة، فالقاعدة يجب أن تفكر و تتعرف على احتياجات الساحة و تبادر و لا تنتظر الأمر من الرموز،،، و بخصوص رأي أصحاب المبادرة و تقديرهم للسؤال حول المسيرات في الوقت الحاضر، فإنهم يرون و يقدرون بأنها ليست مطلوبة، إلا أن هذا الرأي يجب أن يكون موضع دراسة و بحث من قبل الأمة، أ أصحاب المبادرة مصيبون أم مخطئون في ذلك الرأي و التقدير للموقف ؟ فإن كان أهل المبادرة مصيبين في ذلك فعلى الأمة الالتزام به. وإذا رأت الأمة خلاف ذلك بأن هذا التصور مخطئ وهناك حاجة للمسيرات فعليهم إبلاغ الرموز بذلك للتحاور معهم ليصلوا بذلك إلى نتيجة واحدة، فلا يصح أن يكون هناك انفصال بين القيادة والقاعدة في المواقف، ولا يصح أن تتخذ القاعدة مواقف تتخلى فيها عن القيادة، ولا يصح أن تتخذ القيادة مواقف غير مدعومة أو مقبولة لدى القاعدة، فحينما تتخذ القاعدة موقفا يجب أن يكون هذا الموقف مدعوما من قبل الرموز، وحينما تعطي القيادة رأيا يجب على القاعدة الالتزام به ولكن بوعي.
و حينما نتكلم عن مقتضيات و متطلبات المرحلة فنعني بذلك أن تكون وفق ما جاء في الدستور و الميثاق و ما تحتاجه المرحلة من العقلانية و الواقعية في معالجة المواقف، فنشير على سبيل المثال عندما يكون هناك قرار من قبل القيادة و القاعدة بأن تكون هناك مسيرات، فالمرحلة التي نعيش فيها تتطلب أن تكون هذه المسيرات مرَّخصة لأننا نعمل اليوم وفق القانون، فمن حق الأمة أن تطلب بالتجمع و ليس للجهات المسئولة أن ترفض ذلك دون مبرر، و حينما تتخذ وزارة الداخلية مواقف غير صحيحة كعدم السماح بالرخصة أو التعامل مع مثل هذه المواقف كما لو كنا نعيش في ظل أمن الدولة فحينها يكون هناك عذر للناس، كما كان في المرحلة السابقة حيث كنا نعمل التجمعات و المظاهرات بغير إجازة في ظل عدم الحصول عليها، أما هذه المرحلة فتختلف عن هذه المرحلة فتختلف عن المرحلة السابقة و نأمل أن يكون هناك تفهم و إعطاء الأمة هذا الحق. وأرجو أن تكون الصورة واضحة.
– النقطة الأخيرة : التي أرغب أن أقف معها و هي تتعلق بلقاء سمو الأمير مع الصحفيين و الكتَّاب المحليين، ففي البداية و بكل صدق أشكر سمو الأمير على ما طرحه في هذا اللقاء حيث أكدَّ سمو الأمير على وحدة الصف الوطني و أكدَّ بأنه أبٌ للجميع، كما أكد على أهمية الحوار بين كافة الأطراف و قبول واستماع جميع الاجتهادات، و أكد على حرية الصحافة و النشر، و حقها في كشف السلبيات و العيوب حيث عبَّر عنها بالنقد البناء، كما عبَّر عن سعادته لالتفاف الشعب حول قيادته كقائد و رمز و أب لكافة المواطنين، و عن سعادته بوحدة الصف و دعوته للمواطنين للمحافظة على الصفو المفرح، و إنه يعتمد الآن على المواطنين في حراسة هذا الوطن و الدفاع عنه و حماية الإصلاحات في مقابل وجود قانون أمن الدولة في المرحلة السابقة، من آخره من الأمور الإيجابية التي طرحها سموه في ذلك اللقاء كما حذَّر سموه في ذلك اللقاء من رغبة بعض القوى الأجنبية في ضرب وحدة الصف الوطني، و حذَّر في الاخل من محاولة البعض تعكير الصفو و التشكيك في الثقة بين القيادة و الشعب،،، و نحن بدورنا نؤكد لسموه بأن ثقتنا به كبيرة في ترسيخ و تعميق الإصلاحات، و إننا و إياه يدٌ واحدة في المحافظة على هذه الإصلاحات و الوصول بها إلى غايتها القصوى كما يطمح هو و الشعب، و نؤكد بأنه لا توجد قوة في الخارج، و لا توجد أطراف في الداخل تستطيع أن تُعكر الصفو المفرح كما عبر عنه سموه، و تضر بوحدة الصف الوطني ما لم تتهيأ لها الظروف. وما لم يكن هناك استعداد على الأرض لذلك، والعكس صحيح، إنها تستطيع وتنجح في تعكير الصفو وضرب وحدة الصف الوطني إذا وجدت الظروف مناسبة والأرض مهيأة لذلك، وهذا يتطلب من الحكومة بعض الأمور.
1) الإسراع في وتيرة الإصلاحات وحل بعض القضايا المعلقة مثل أزمة البطالة، فعدم حل مثل هذه القضايا من شأنه أن يخلق التوتر ويعكر الصفو.
2) على الحكومة أن تتمتع بالشفافية وأن تطلع الشعب حول مسألة التجنيس، وهناك أمور كثيرة لا يسعني سردها ولا أرغب أو أحب ذلك، يجب على الحكومة أن تسارع في معالجتها لأن وجود هذه الأمور معلقة، من شأنها أن تخلق أزمة ومن ثم تُخلق الظروف للقوى الأجنبية والأطراف الداخلية لتعكير الصفو المفرح كما عبر عنه سمو الأمير.
و من جهة ثانية : كما قال سمو الأمير : كما أن هناك إيجابيات هناك سلبيات و يعترف بوجودها و لا يريد أن يتستر على هذه السلبيات، و يعطي الصحافة و المواطنين حق الكشف عن هذه السلبيات و العيوب إلى آخره من أطروحاته،،، و هنا أنبه لنقطة مهمة ألا و هي إنه لا توجد لدى الشعب في الوقت الحاضر آلية رسمية محددة للمراقبة و المحاسبة، فآلية المحاسبة و المراقبة في الوقت الحاضر استمرار للإلية السابقة قبل الإصلاحات، فقط نمتلك حرية التعبير عن الرأي، حيث إن الأمر يختلف تماما عند قيام الحياة البرلمانية، الذي من حقه و صلاحياته مراقبة السلطة التنفيذية و محاسبتها، فسلطة المراقبة و المحاسبة لا توجد في الوقت الحاضر،،، فعلى الحكومة أن تنظر في هذا الجانب، و يجب البحث مع المعارضة عن آلية مناسبة للمراقبة و المحاسبة و الاتفاق على آلية معينة تكون فاعلة حتى إعادة الحياة البرلمانية، و على الحكومة من جهة أخرى أن تكون إجراءاتها و تصرفاتها تتناسب و تنسجم مع روح الإصلاحات.
فنحن حينما علقنا على التشكيلة الوزارية الجديدة، جعلنا من روح الإصلاحات مقياسا إلى ذلك، ففيما يتعلق بالتشكيلة الوزارية تساءلنا ماذا قدمت من خطوات جديدة لخدمة الإصلاحات؟ قلنا: هل فتحت بابا جديدا أو أفقا؟ هل هيأت أرضية مناسبة للإصلاحات؟ قلنا : لا،،، و نرى بأن من الأهم من ذلك إن روح الإصلاحات تتطلب أن لا تأتي الحكومة أو القيادة السياسية العليا بشيء يتنافى مع رغبة الشعب،،، صحيح لا يوجد برلمان، و لكن الحركة الإصلاحية تسير باتجاه الحياة الديموقراطية و أن يكون الشعب مصدر كل السلطات، فلا يجوز في هذه المرحلة و إن لم نصل بعد للحياة البرلمانية أن تتخذ الحكومة إجراءات لا تعبر عن إدارة الشعب وتطلعاته فضلا عن أن تكون مخالفة أو متعارضة مع ذلك فمثلا : ففي ما يتعلق بوزير التربية والتعليم يقول أهل الاختصاص والقريبون منه بأنه شخص غير مناسب لهذا المنصب وأن الشارع العام لا يرتضيه فتعيين السيد محمد بن جاسم الغتم وزيرا للتربية والتعليم يتنافى تماما مع الروح الإصلاحية لأن هذا خلاف لإرادة الشعب فمن مقتضى الحركة الإصلاحية يجب على الحكومة أن لا تتخذ أي إجراءات أو خطوات تتنافى مع إدارة الشعب فضلا عن الأمور التي يرفضها. فالشارع يرى اليوم بأن الكثير من خطوات الحكومة تتنافى مع الحركة الإصلاحية كوجود العمالة الأجنبية وعدم وجود الحلول لها، ومسألة التجنيس والتشكيلة الحكومية الجديدة التي لم يؤخذ فيها بعين الاعتبار إرادة ورغبة الشعب، كما أن هناك تخوف في الشارع العام من أن الحكومة تسعى لخلق واقع معين من شأنه أن يؤزم الثقة بين الحكومة والشعب في المستقبل، فهناك إشاعة في الجامعة وبين أساتذة الجامعة وطلابها ويؤكدون بأن لديهم وثائق حول ذلك بأن الجامعة تسعى لابتعاث 82 شخصا للدراسة في الخارج (81) شخا من السَّنة وشخص واحد من الشيعة فالجامعة تغذي المجتمع على الطائفية ومعنى ذلك أن السَّنة مستقبلا يسيطرون على الجامعة فمثل هذه الإجراءات خطيرة جدا في تعكير الصفو والشارع ملتفت إليها تماما.
إننا نطالب الحكومة بأن لا تقوم بأية إجراءات تعارض روح الإصلاحات ومن شأنها خلق حالة بين الحكومة والشعب في المستقبل.
أكتفي بهذا المقدار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بتاريخ 3 صفر 1422 هـ الموافق 27 / 4 / 2001 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات