خطبة الجمعة | 16-3-2001
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليكِ يا فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين، السلام خديجة على الكبرى، السلام على الحسن والحسين، السلام على جميع الأوصياء ومصابيح الدجى وأعلام الهدى ومنار التقى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم، السلام على الخلف الحجة ابن الحسن العسكري روحي وأراوح المؤمنين لتراب مقدمه الفدى. السلام على العلماء والشهداء، السلام عليكم أيها الأحبة أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته.
قال الرسول الأعظم (ص) في غدير خم وهو آخذ بعضد علي بن أبي طالب (ع): ” من كنت مولاه فهذا على مولاه اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، أنصر من نصره، واخذل من خذله وأدر الحق معه أينما كان. ” صدق رسول الله (ص).
بمناسبة عيد الغدير الأغر أرفع إلى سيدي و مولاي صاحب العصر و الزمان روحي و أراوح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء والى فقهاء الأمة وعلماءها والى كافة المؤمنين واليكم أحر وأصدق التهاني والتبريكات، كما أهنئكم جمعيا بعودة العالم الكبير حجة الإسلام و المسلمين الشيخ عيسى أحمد قاسم… و إخواني العلماء الآخرين و أذكركم بأن فضيلة الشيخ علي سلمان سوف يعود إلى وطنه يوم الاثنين الساعة الثانية ظهرا و أنبهكم أن رغبة العلماء و من أجل المحافظة على النظام العام عدم توجه الى استقبال فضيلة الشيخ في المطار و لا في الشوارع العامة، و سوف يكون الاستقبال في البلاد القديم، والذين يرغبون باستقباله عليهم التوجه إلى البلاد القديم و عدم التوجه للمطار أو متابعة موكب الشيخ بالسيارات، و سوف تكون هناك عائلة الشيخ و أقاربه و كوكبة من العلماء باستقباله في المطار أما بقية الأخوة فعلهم التوجه إلى البلاد القديم، و أُكد بهذه المناسبة أن حجة الإسلام و المسلمين الشيخ عيسى أحمد قاسم و بقية إخوانه العلماء و محبيه و المحيطين به هم قوة من أجل ترسيخ الإصلاحات القائمة بقيادة صاحب السمو أمير البلاد ( حفظه الله ) و سوف يعملون على الدفع بها إلى الأمام، و قد صرح بهذا المضمون حجة الإسلام و المسلمين الشيخ عيسى، و نشرت أخبار الخليج نص هذا التصريح كما أشارت إليه جريدة الأيام مشكورة.
وأيضا أُرسلت برقية إلى سمو الأمير تشكر الأمير على كل المساعدات والحفاوة التي حضي بها حجة الإسلام والمسلمين الشيخ عيسى أحمد قاسم، وتعاون كل أجهزة الدولة وأيضا أكدت على أن الشيخ عيسى أحمد قاسم وبقية العلماء هم قوة لحفظ أمن واستقرار البلد والمحافظة على هذه الإصلاحات، والدفع بها إلى الأمام، كما أرسلت برقية مماثلة إلى سمة ولي العهد في وقت سابق.
بعد هذه المقدمة أعود إلى أصل الحديث الذي سوف يتناول جانب من عيد الغدير وبعض قضايا الساحة الوطنية.
الحديث حول مناسبة عيد الغدير جلّه أو أكثره ذكرته في كلمة قصيرة البارحة في (قرية سند) ولكن لأهمية الحديث أكرره أقول بأن إحياء ذكرى الغدير عاما بعد عام يعني فيما يعني ترسيخ خط الغدير، ومضي ترسيخ خط الغدير. ترسيخ الولاء والنصرة لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، على أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال مصادرة حق الآخرين في حرية الاعتقاد والتعبير عن عقائدهم.
فنحن نرسخ لأنفسنا عقيدة الولاء والنصرة لأهل البيت (ع) ونعترف للآخرين بحقهم بأن يعتقدوا بما يشاؤوا، أن يعبروا عن آرائهم بحرية تامة.
كما أن الاعتقاد بولاية أهل البيت (ع) لا يعني بأي حال من الأحوال سلب الآخرين حقوقهم. كما عبر حجة الإسلام الشيخ عيسى أحمد قاسم عن عقيدته في هذا الموضوع، قائلا عن نفسه: بأنه من الناحية العقائدية شيعي محض، لكنه فيما يتعلق بحقوق الآخرين شيعي سني بدرجة واحدة. فعقيدة الولاء لأهل البيت والنصرة لأهل البيت عليهم السلام والنصرة لأهل البيت لا تعني بأي حال من الأحوال سلب حقوق الآخرين فنحن نحافظ وندافع عن حقوق إخواننا أهل السنة بنفس الدرجة التي نحافظ بها على حقوق الشيعة وندافع عن حقوق كافة المواطنين أيا كان انتماؤهم الديني والسياسي، هكذا علمنا أهل البيت.
من جهة ثانية إن الولاء والنصرة لأهل البيت لا تعني العداء والحرب ضد الحكومة الإسلامية السنية، فقد تعايش الأئمة (ع) مع الخلفاء، ونحن نتعايش مع الحكومات الإسلامية السنية، وأن الولاء والنصرة لأهل البيت لا تعني العداء والحرب مع هذه الحكومات.
نحن فقط نطالب بحرية الاعتقاد والتعبير وممارسة الشعائر وأن تحفظ لنا الحقوق العامة للمسلمين. فإذا أُعطينا هذا الحق نسالم ونتعاون مع الحكومات الإسلامية من أجل المصالحة الإسلامية.
هذا الجانب ليس فقط في الدول الإسلامية حتى في الدول ذات الأغلبية الغير إسلامية. نحن نتكيف مع تلك الحكومات العلمانية إذا أعطتنا الحقوق التي يجمع عليها العقلاء، وبالتالي فإن الأصل هو الأمن والسلام، والمحافظة على النهج السلمي للتعامل مع كافة الناس بغير استثناء، ولا نلجأ إلى القوة إلا إذا حوصرنا في عقائدنا ومنعنا من ممارسة شعائرنا بحرية. تماما كما فعل يزيد بن معاوية مع الإمام الحسين (ع) حينما قال الإمام الحسين في سياسة يزيد بأن ركز بين اثنتين السلة والذلة وهيهات منا الذلة. يأبى الله لنا ذلك ورسوله وأرحام طهرت. يزيد ركز مع الحسين إما المواجهة وسل السيوف أو أن يكون ذليلا يأبى الله ورسوله والأرحام الطاهرة أن يكون ذليلا، العزة لله ولرسوله والمؤمنين.
فإذا أعطينا حقوقنا فنهجنا هو النهج السلمي، ولا نلجأ إلى القوة إلا في حالة الدفاع عن أنفسنا وعن عقائدنا بل نعتبر أنفسنا بئنا قوة ويد واحدة مع الحكومات الإسلامية الغير شيعية في مواجهة الأخطار الخارجية للإسلام والمسلمين والمصالح الإسلامية والوطنية كما هو الحال في فلسطين التي تمثل قضية الإسلام الأولى، والتي تعتبر بحق المؤشر الأكبر على عزة المسلمين وكرامتهم ومكانتهم.
واليوم نجد بأن مسحة الذل هي الغالبة على العرب وعلى المسلمين من قبل الصهاينة وحليفتهم الكبرى أمريكا وذلك بسبب التشتت، تشتت العلاقات الغير ممتازة بين معظم الحكومات العربية والإسلامية وشعوبها.
ولو كانت هناك علاقات صحيحة بين الحكومات والشعوب وبالتالي علاقات اتحاد بين الحكومات العربية. لكنا أعزاء بحق أمام الصهاينة وأمام أمريكا التي تحاول مع إسرائيل أن تذل العرب والمسلمين. وأنا أعتبر بأن البحرين تسير في الخط الصحيح فيما يتعلق في العلاقة بين الحكومة والشعب. الآن البحرين تشهد نموذجا متميزا في التلاحم بين الحكومة والشعب ونحن نفتخر بذلك… ونأمل أن تشهد المرحلة القادمة صورا أفضل للتلاحم الوطني بين الحكومة والشعب الذي نعتبره إن شاء الله قوة من أجل الإسلام والمسلمين.
أيضا في هذا اليوم الجمعة من المتوقع في الساعة الخامسة أن يصدر حكم محاكمة العدل الدولية بشأن جزر حوار -من المتوقع حسب مصادر غربية بأن الحكم سوف يكون بشأن جزر حوار إلى البحرين ونحن نهنئ في هذا المقام القيادة، والحكومة وشعبها بهذه المناسبة الوطنية الكبيرة.
وإننا فيما مضى ورغم كل الأحزان والآلام والمآسي لم ننس ولم نغفل الحس الوطني وكنا وما زلنا أوفياء لهذه الأرض وسوف نبقى أوفياء لها وعليه، فنحن في هذا اليوم وفي ظل الميثاق والإصلاحات سوف نعبر عن فرحنا بالصورة المطلوبة والمناسبة وبمذاق وطني خاص يتناسب وعظمة المناسبة.
تبقى قضية ثالثة وأخيرة تتعلق بالتصريح الذي نشر أول أمس في الصحف البحرينية على لسان سعادة وزير العمل عبد النبي الشعلة بشأن الأحزاب، فمن المعروف جيدا بأن هناك منظمات إسلامية وغير إسلامية تعمل في الساحة المحلية بالصورة السرية. ولم تعلن هذه المنظمات عن نفسها حتى الآن. وإن سمو الأمير حينما أصدر العفو العام عن. المعتقلين السياسيين وعن المبعدين كان على علم تام جيد وتام بهذه الحالة، فهذه الحالة معلومة بكل تفاصيلها لدى القيادة السياسية حينما أعلن عنها.
من جهة أخرى هناك طرح في الشارع العام بأن الممارسة الديموقراطية لن تكون ممارسة أصيلة وعميقة بغير وجود المنابر والمنظمات السياسية وهناك من يطرح بأنه لا يريد أن يتفاجأ وإنما يريد أن يعمل للحالة من الآن. أنا أعتقد بأن هذه المسألة مسألة حساسة وخطيرة جدا، ولهذا كما ذكرت في خطاب سابق في لقاء سابق أننا طرحنا على سمو الأمير بواسطة مستشاره الدكتور حسن فخرو، وطرحنا على ولي العهد بصورة مباشرة هذا الموضوع وذكرنا الحاجة إلى التنسيق لحل هذه المشكلة لأنه بغير التنسيق لن نصل إلى الوضع المناسب لهذه الحالة. فقد عبَّرت شخصيا عن رغبتي لتصدي ولحمل هذا الملف. وقلت بأنني أنتظر من لدن سمو الأمير الضوء الأخضر في هذا الشأن.
إذن سمو الأمير حينما أصدر العفو العام كان على علم تام بهذه الحالة الموجودة في الساحة ونحن ندرك المشكلة والحاجة إلى علاجها وإن العلاج لن يكون إلا عن طريق التنسيق المباشر مع الحكومة وكافة الأخوة.
من هنا ينبغي أن تتعاطى أو تتصرف أجهزة الأمن بمسؤولية مع هذا الموضوع وعليها أن تحذر من كل تصرف من شأنه أن يضر بهذه الإصلاحات. هذه الفكرة أيضا قيلت بصورة مباشرة إلى سمو ولي العهد وإلى المستشار الدكتور حسن فخرو… من جانبنا نحن نؤكد على ضرورة ممارسة العمل السياسي بصورة علنية وواضحة. وإن العمل السري في رأينا من شأنه أن يضر بالمصلحة العامة.
فنحن نمارس دورنا بصورة علنية. ونحن حتى الآن لم نؤسس أي تنظيم سياسي وندير عملنا على أسس اجتماعية مألوفة ومقبولة وقد بينا بأن أصحاب المبادرة لا يمثلون تنظيما سياسيا وإنما هم قيادات شعبية يمارسون عملهم على أسس اجتماعية مألوفة لا تنظيمية. أما من الناحية القانونية والدستورية حتى الآن لا يوجد قانون ينظما لأحزاب أو المنظمات السياسية.
ففي قانون العقوبات توجد المادة 159، هذه المادة تحرم الانتماء للمنظمات السياسية التي تعمل على قلب النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بأساليب مؤثم -يعني بأساليب غير شرعية -أو بالقوة ولم تشر إلى الأساليب السلمية ولا أحد يرفض الأساليب السلمية فالمفروض حسب قانون العقوبات العمل على تغيير الأنظمة بأساليب مؤثمة أي بالقوة. أما الأساليب السلمية فهي غير مرفوضة.
من جهة ثانية، توجد في الدستور المادة 27 هذه المادة تشير إلى حق تنظيم وتكوين وتشكيل الجمعيات والنقابات ولم تشر بصورة صحيحة إلى المنظمات السياسية، فالمنظمات السياسية او الأحزاب مسكوت عنها وتوجد قاعدة لدى فقهاء القانون وفقهاء الشريعة تقول بأصالة الإباحة. في مايو سنة 1925 استنادا إلى دستور 1925 في مصر توجد في هذا الدستور مادة مشابهة إلى المادة 27 في دستور البحرين و بناء على هذه المادة تم تحويل النادي الشعبي الذي كان يرأسه سعد زغلول إلى حزب الوفد المعروف في مصر، استنادا إلى قاعدة الأصل أو قاعدة الإباحة فحزب الوفد كان في الأصل هو النادي الشعبي و تم تحويله إلى حزب الوفد استنادا إلى مادة مشابهة إلى المادة 27 في دستور البحرين أيضا من صلاحيات البرلمان تعديل مواد الدستور و من صلاحيات البرلمان تعديل القوانين و من صلاحيات البرلمان النظر في مسألة المنظمات السياسية و بالتالي فهذه المسألة متروكة إلى البرلمان القادم لينظر فيها و من صلاحياته النظر في هذه المسألة على أننا ندرك من الآن المشكلة لا سيما إذا نظرنا إلى البعد الاقليمي و لكني أعتقد بأن القيادات السياسية في المنطقة تدرك تماما خصوصية البحرين و إن القيادات في المنطقة أيدت الإصلاحات الحالية في البحرين استنادنا إلى إدراكها إلى الخصوصية البحرينية و من جهتنا أيضا نحن ندرك خصوصية كل دولة في المنطقة و نحترم هذه الخصوصية.
باختصار شديد إن مشكلة الأحزاب في المرحلة الحالية إشكالية قائمة. نحن نطرح تفسير لمعالجة هذه المشكلات ونطالب الجهات الأمنية أن تتعامل بحذر شديد مع هذا الملف لكيلا تعكر صفو الإصلاحات ثم إن هذا الملف بكل تعقيداته متروك إلى ما بعد قيام الحياة البرلمانية ومن صلاحيات البرلمان أن ينظر في هذه المسألة ونحن ندرك الآن حجم ونوعية المشكلة ونؤكد على أهمية وجود دراسة شاملة ودقيقة إلى هذا الملف وأن هناك شجا ثابتا. إننا لا نقبل أي قرار يضر بالمصلحة الوطنية فوحدة الصف الوطني من الثوابت التي لن نضحي بها وإن قيام. ولنفترض هنا وجود قرار بقيام مشروعية تأسس المنظمات أو الأحزاب السياسية ولن يكون على حساب الوحدة الوطنية. فالأحزاب والتحالفات التي تشتت الصف وهي مرفوضة من الآن وفي المستقبل.
أكتفي بهذا المقدار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بتاريخ 20 ذي الحجة 1421 هـ الموافق 16 / 3 / 2001 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات