خطبة الجمعة | 13-4-2001

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام على فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين، السلام على خديجة الكبرى، السلام على الحسن والحسين، السلام على علي بن الحسين وأصحاب الحسين، السلام على جميع الأوصياء ومصابيح الدجى وأعلام الهدى ومنار التقى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم، السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء. السلام على العلماء والشهداء، السلام على شهداء الانتفاضة -المرحومين إن شاء الله -، السلام عليكم أيها الأحبة أيها الأخوة، والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (3،2) سورة الصف. صدق الله العظيم.

الآيات الشريفة الثلاث من سورة الصف تتناول جوانب من أوضاع الأمة، الأمة التي يريد الله أن تتجلى فيها أسماؤه وصفاته؛ جماله وجلاله، وأن يتجلى فيها منهجه العظيم الإسلام، فإن الفرد المؤمن بطبيعة إيمانه وطبيعة عقيدته، يسير بنفسه ومجتمعه إلى الله، وإن المجتمع المؤمن يسير بنفسه وبالعالم إلى الله أيضا، وذلك من خلال التخلق بأخلاق الله واتباع منهجه العظيم ألا وهو الإسلام. إن حقيقة التقرب إلى الله، و هي حقيقة العبادة، و حقيقة السير إلى الله من الفرد المؤمن و المجتمع المؤمن تتجلى بالتخلق بأخلاق الله، و تجسيد صفاته و أسمائه في أوضاع الفرد المؤمن و المجتمع المؤمن، فالإنسان المؤمن الذي يسير بنفسه إلى الله يجب عليه أن يتخلق بأخلاق الله، فالله العالم و الإنسان المؤمن يحب العلم و يطلبه، و الله قادر و الإنسان المؤمن يحب الاقتدار و يسعى لتحقيقه، و هكذا في جميع الأسماء و الصفات : الحكمة، الرحمة، المغفرة، الجود و العطاء، كل هذه الصفات يجب أن يجسدها الإنسان في نفسه و في مجتمعه، فالمجتمع المؤمن الذي يتصف بالجهل ليس مجتمعاً مؤمناً، و المجتمع الذي يتصف بالضعف ليس مجتمعاً مؤمناً، و المجتمع الذي لا يتحمل مسئوليته تجاه البشرية و العالم ليس مجتمعا مؤمنا، و هكذا الإنسان الفرد. الجاهل الذي لا يسعى لإزالة صفة الجهل من نفسه ليس مؤمنا حقيقيا، الضعيف الذي لا يعالج مسألة الضعف في نفسه ليس مؤمنا حقيقيا، البخيل الذي لا يعالج مسألة البخل في نفسه ليس مؤمنا حقيقيا، وهكذا….

فالإنسان المؤمن الذي يسير بنفسه وبمجتمعه إلى الله، والمجتمع الذي يسير بنفسه وبالعالم إلى الله يجب عليه أن يسعى لتجسيد أسماء الله في صفاته وواقعهِ، وبالتالي يتجلى جمال الله وجلاله في المجتمع، فصفات الجمال، العلم، والرحمة والمودة والمغفرة والجود والعطاء، وصفات الجلال المتمثلة في الاقتدار والقهر لأعداء الله وعدم الضعف… الخ يجب أن تتجلى في المجتمع المؤمن وهكذا المنهج الرباني الكامل يجب أن يكون له تأثيره في تربية الإنسان المؤمن والمجتمع المؤمن.

الآيات الشريفة من خلال تناولها لجوانب من أوضاع المجتمع الإسلامي والأمة الإسلامية والفرد المسلم تسلط الضوء على بعض ملامح المشروع الإسلامي مشروع العمل الإسلامي وسوف نجد في الآيات الشريفة المباركة كيف تتناول علاقة الفرد بالمجتمع وكيف أنها تنظر إلى الفرد من خلال وجوده الاجتماعي ولا تعزل الفرد عن المجتمع ولا تنظر إلى الفرد مستقلا عن المجتمع وإنما تنظر إليه بوصفه عضو في المجتمع ثم تبين وتحدد صفات الفرد وصفات المجتمع وهذه الصفات يجب أن تبرز في مشروع العمل الإسلامي.

بعد هذه المقدمة نأتي إلى الآيات الشريفة المباركة (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) فيها توبيخ وتقريع لبعض الحوادث التي حدثت في المجتمع المسلم من قبل بعض أفراده (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) استنكار في صيغة مضخمة، (المقت) هو البغض الشديد، و(كبر مقتا) هو استنكار وتوبيخ في صيغة مضخمة، تنبه المؤمنين والمسلمين إلى خطورة الوضع. (إن الله يحب الذين يقاتلونا في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) توضح ما ينبغي أن يكون عليه الوضع، وضع المؤمنين. (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) لِمَ: بمعنى لأي شيء، لأي شيء تقولون ما لا تفعلون، وفيها إشارة إلى معصيتين الأولى: عدم الوفاء بالعهد، والثانية الكذب. أي إن الإنسان قال شيئا ثم أخلف وقال شيئا ثم لم يف به فكذب. إذا المعصيتين هما عدم الوفاء بالوعد والكذب وهاتان الصفتان من علامات النفاق، آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أتؤمن خان. فمدار الآية الشيء الذي ترتكز عليه وتتناوله بالبحث هو عدم مطابقة القول للفعل أو للعمل، أو مخالفة القول للعمل، وتنقسم حالات الناس وأوضاعهم بالنسبة إلى هذا الأمر إلى أربعة أقسام وهي:

القسم الأول: هو الذي يتعمد الكذب وعدم الوفاء بالعهد، فهو يقول القول ويتكلم وفي نيته عدم فعله وعدم الإيفاء بما وعد.

القسم الثاني : هو الذي يقول القول و يتكلم و في نيته أن يفي بما قال و لكن حينما يأتي وقت التطبيق يتراجع و يتخلف، لضعف إرادته إما خوفا أو وجلا، مَثَلُ ذلك كما يقول المفسرون بأن هذه الآية نزلت في قوم قالوا بأنه إذا حدث قتال بين المسلمين و أعدائهم فلن يفروا من المعركة، و لكنهم انهزموا و تراجعوا في معركة أحد، فهؤلاء قالوا و لكنهم لم يوفوا بما قالوا، ففي هذه الحالة تفويت الإنسان السعادة على نفسه، حيث إن الإنسان يستطيع جلب السعادة لنفسه و مجتمعه من أفعال الخير و الصلاح، فما هو المفتاح الذي يصل به الإنسان إلى فعل الخير و الصلاح ؟ الإرادة والعزم، فإذا ضعفت إرادة الإنسان وعزمه عن فعل الخير خسر السعادة لنفسه ومجتمعه في الدنيا والآخرة.

القسم الثالث: هو أن يقول الإنسان القول وفي نيته أن يفي بما قال، ولكن تحدث ظروف قاهرة تمنعه من الفعل، فعدم الفعل خارج عن إرادته، فهذا الإنسان معذور.

القسم الرابع: هو أن يكون القول أكثر من العمل، نتكلم كثيرا ونفعل قليلا، فعندما نتكلم عن النهوض بالتعليم على سبيل المثال نقدم عشرات المشاريع والمقترحات وندرسها لفترة طويلة ثم تأتي النتيجة قزم، وهذه حالة مستعصية لا سيما عندنا كعرب ومسلمين، حيث إننا نتكلم الكثير ونفعل القليل، وبالتالي نفقد مصداقيتنا، فتكون هناك صفات سلبية في واقعنا كعدم الثقة بالنفس وغير ذلك. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (3،2) سورة الصف. ذكرت أن المقت هو البغض الشديد وإن هذا المقت كبير، فالصفات التي تخالف الأقوال الأفعال بأقسامها الثلاثة تمثل وضعا خطيرا في المجتمع الإسلامي، لأنها أولا من علامات النفاق الذي يبغضه الله -عز وجل -وثانيا لأنها تعطل المجتمع وتعطل المنهج الإلهي عن الوصول بالمجتمع إلى غايته فالله عز وجل يريد من الدين سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، فإذا كانت أقوالنا في جانب وأفعالنا في جانب آخر، فهل تتحقق غايات المنهج الإلهي ؟! ما قيمة هذا المنهج الذي يأتي به الله -عز وجل -من أجل سعادة الإنسان ثم يُعَطَّل؟ وتنتشر الصفات والأوضاع الخطيرة والفاسدة في المجتمع، وبالتالي فإن هذه الآية عبَّرت عن هذه الأوضاع والتصرفات والممارسات بأنها مبغوضة عند الله أشد البغض، وإن الذي يحبه الله هو ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان المؤمن من الصدق والوفاء بالعهد والمصداقية والاستقامة على الحق. و هنا توجد التفاتة مهمة لدى بعض المفسرين، فبعضهم يذكر ثلاثة أقوال في سبب النزول و هي :

القول الأول: إن الآيات السابقة نزلت في المنافقين لأنهم يقولون مالا يفعلون فيقولون ثم يخالفون ما يقولون متعمدين.

القول الثاني: إنها نزلت في قوم قالوا لئن قابلنا العدو فلن نفر من المعركة، لكنهم لم يفوا بما قالوا.

القول الثالث: إنها نزلت في قوم قالوا إننا فعلنا وفعلنا، وفعلنا في المعركة كذا وكذا ولكنهم لم يفعلوا. فهذا الكلام فيه كذب أو مبالغة.

البعض من المفسرين يقول بأن هذه الآيات لم تنزل في الصنف الأول، حيث إنه قال ” يا أيها الذين آمنوا ” والمنافقون ليسوا بمؤمنين، فالتوبيخ والاستنكار للمؤمنين الذين تخالف أقوالهم أفعالهم، وإن الله -عز وجل -يريد أن يربي هؤلاء، ويؤصل فيهم الصفات الحسنة التي يريدها الإسلام ويبعدهم عن الصفات السيئة الممقوتة عند الله -عز وجل.

فالمعنيون في هذه الآيات هم المؤمنون، وليس المنافقين، وقد أراد الله تربيتهم وإيصالهم إلى الكمال والسعادة من خلال إبعادهم عن الصفات السيئة وتعميق الصفات الحسنة في أنفسهم وفي المجتمع المؤمن. ولهذا قال (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ) (4) سورة الصف. فالله – عز و جل – أحبَّهم لأربعة أشياء كما تشير إليه الآية الكريمة الشريفة أولا أحبهم لصدقهم ولأن أفعالهم تطابق أقوالهم فلا يكذبون ولا يبالغون وإن نهم أناس عمليون يقولون ويعملون وبهذه المناسبة تشير إلى قيمة الفكر الإنسان وبالتالي قيمة المفكر والمثقف فقيمة الفكر ليست أن تكون مشاريع في هدف الإنسان ولا مجرد أقوال يتشدق بها بين الناس وإنما قيمة الفكر تتحول إلى قيم في نفس وضمير المفكر ثم تتحول إلى سلوك فالإنسان المفكر إذا كان يعتقد بصدق أفكاره فيجب أن تتحول هذه الأفكار إلى قيم في نفسه ثم إلى سلوك وإلا فما قيمة الأفكار ؟ وكيف يؤمن بأفكار ثم لا يطبقها؟ فقيمة الفكر هو أن يتحول إلى قيم في نفس الإنسان إلى سلوك عملي.

ولهذا امتدح الله المؤمنين الذين يقاتلون في سبيله صفا لأنهم صادقون في أقوالهم وإن أفعالهم مطابقة إلى أقوالهم وفي ذلك إشارة إلى قيمة الفكر عند الإنسان.

ثانيا: أحبهم لأن عماهم محكم ومتقن قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ) (4) سورة الصف فالبنيان المرصوص: هو البنيان المحكم فإذا جاءت الأعمال متقنه ومحكمة وقابلة لتحقيق الغاية فهذا هو يحبه الله يقول الرسول (ص): (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) فليس المفروض أن نعمل وإنما من المفترض أن تكون أعمالنا متقنه وفاعله ومحكمة وعبرة وقادرة على تحقيق الأهداف المطلوبة وأن ترقى بمستوى الدين الإلهي.

ثالثا: أحبهم الله لأنهم حافظوا على وحدة الصف ووحدة الكلمة (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ) (4) سورة الصف. فهنا إشارة إلى وحدة الصفوف وهذه غاية يجب أن ندرك خطورة تفرق الكلمة واختلاف الصفوف قال تعالى (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (46) سورة الأنفال) فتفشلوا في تحقيق أهدافكم وتذهب ريحكم أي تكونوا ضعفاء غير قادرين على الدفاع عن أنفسكم ومشاريعكم.

رابعا: أحبهم لأن غايتهم جميلة وحسنة (الذين يقاتلون في سبيل الله) فالغاية جميلة وحسنة وليس القتال من أجل مصالح النفس ولا القتال من أجل الشيطان وتحقيق أغراضه وليس القتال والعمل من أجل تحقيق أهداف حزبية أو طائفية أو عرقية وإنما من أجل غايات حسنة وجميلة في سبيل الله فهي في سبيل الخير والمصلحة العامة للبشرية.

أكتفي بهذا القدر فيما يتعلق بالآيات.

الجزء الثاني من كلمة يوم الجمعة 13 أبريل 2001م

بعد هذا أتناول ثلاث قضايا على الساحة الوطنية:

القضية الأولى: تسريح أعداد من الموظفين في الإحصاء للقيام بالتعداد السكاني الأخير.

القضية الثانية: تتعلق بمشكلة التجنيس.

القضية الثالثة: حول لجنة تفعيل الميثاق.

وكان المفترض أن يكون هنا الأخ مجيد العلوي لأنه أبدى رغبته في التحدث إليكم ولكنه حتى الآن لم يحضر.

القضية الأولى:

كلكم سمعتم أن جهاز الإحصاء قام بتسريح أعداد من الموظفين الشيعة الذين يعملون في التعداد السكاني حاليا، وذلك بطلب من وزارة الداخلية، وتوجد هنا عدة ملاحظات حول هذه الإجراءات عير المسئولة.

وأول الملاحظات أنها تدخل في إطار حرب الأرزاق، أي محاربة المواطن في رزقه من قبل وزارة الداخلية، ومن المعلوم جيداً بأن حرب الأرزاق هي إحدى المشاكل الأساسية التي فجَّرت الأزمة المأساوية السابقة، وبالتالي فإن هذه الممارسات غير مسئولة وفي غاية الخطورة.

والملاحظة الثانية: إن هذه الإجراءات تتنافى مع توجهات سمو ولي العهد وسمو رئيس الوزراء التي تحرص على توفير فرص العمل للمواطنين، كل المواطنين، وبدلا من أن تشارك الوزارة في توفير فرص العمل تقوم بتسريح الموظفين من أعمالهم ومحاربتهم في أرزاقهم.

الملاحظة الثالثة: إن هذه الإجراءات تتنافى مع مُقتضى العفو الأميري، فهذه الإجراءات تعاقب المواطنين على أفعال قد عفي الأمير عنها، لا سيما أن هذه الإجراءات شملت أشخاصا تم اعتقالهم لمدة ساعة واحدة ثم تم الإفراج عنهم لأنه لم يثبت ضدهم شيء. حتى لو ثبت ضدهم شيء فقرار الأمير ومقتضاه يعفو عن كل ما سبق.

الملاحظة الرابعة: إن هذه الإجراءات ترسخ التمييز بين المواطنين، وهذا التمييز يناقض بنود الدستور وبنود الميثاق، اللذين يؤكدان على العدل والمساواة وتكافؤ الفرص.

بعد هذه الملاحظات الأربع فإن هذه الإجراءات تثير في أنفسنا التساؤل حول قدرة الأجهزة القديمة و العناصر القديمة على التكيف مع الأوضاع و الإصلاحات الجديدة، و تحملنا على التساؤل حول دور و تأثير و خطورة هذه الأجهزة و العناصر على الإصلاحات، فهذه ليست أول ممارسة سلبية و خاطئة، و لكنها أخطر ممارسة حتى الآن بعد الإصلاحات، و لهذا فنحن نطالب الحكومة، أولا بإعادة كافة الأشخاص إلى وظائفهم، و ثانيا : محاسبة العناصر المسؤولة عن هذه الإجراءات غير المسئولة و الخطيرة على أوضاع المجتمع و الإصلاحات، و التي من شأنها أن تخلق أزمة ثقة بين الحكومة و الشعب و التساؤل حول جدية الإصلاحات، و على قدرة المسئولين في السيطرة على العناصر و الأجهزة و تكييفها و توجيهها نحو خدمة الإصلاحات، فهذه الممارسات خطيرة و يجب أن تعالج في أسرع وقت ممكن، و نحن بدورنا سوف نرفع مذكرة بأسماء الأشخاص الذين تم تسريحهم من هذه الوظائف، و شرح المشكلة للمسؤولين و سوف نطالبهم باتخاذ ما ينبغي أن يُتخذ.

القضية الثانية: (قضية التجنيس):

المطلب الشعبي في موضوع التجنيس معالجة قضية من يسمون (بدون) وهؤلاء أشخاص وُلدوا وتربوا في المجتمع البحريني وهم جزء من المجتمع ويستحقون الجنسية، إلا أن الملاحظ إن التجنيس خرج عن هذه الحدود، وأصبحت الجنسية تعطى لكل من هبَّ ودب. و انتشرت في الشارع مخاوف و قلق حول الغاية من هذا التجنيس، وبرزت هذه المخاوف في الصحافة المحلية و الندوات، و إن من هذه المخاوف أن مسألة التجنيس تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية، و تغيير ميزان الانتخابات، كما أن هناك مخاوف حول التأثيرات السلبية للتجنيس على ثقافة المجتمع و على الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية، و الإشعاعات الآن في الشارع لا حدود لها، و نحن لا نملك حتى الآن الأدلة الحسية و المادية حول هذه المشكلة، و لنا طلب إلى الحكومة، و لنا طلب إلى الناس، فطلبنا إلى الحكومة أن تتبع الشفافية مع الناس و أن تطلع الناس على حقيقة ما يدور و طمأنة مخاوف الناس لأن الإشاعات الآن كبيرة الآن كبيرة جدا، و أن المخاوف منتشرة في الشارع، فعلى الحكومة الكشف عما يدور حول التجنيس و الإجراءات المتَّبعة حول هذه القضية، كما نطالب الناس بأن يزودوننا بالوثائق و الأدلة حول هذا الموضوع ؛ و ذلك من أجل أن تكون المتابعة مبنية على الحقائق الحسية و الملموسة لكي نخرج من نطاق الإشاعات و الكلام إلى نطاق الأدلة المحسوسة،،، كما ننبه الحكومة بأنها كانت تتبع آلية صحيحة لمنح الجنسية مع مطلع الاستقلال، و ذلك من خلال لجنة الجنسية إذ أن رئيس هذه اللجنة يقوم بالإعلان عن أسماء الأشخاص الذين يتقدمون بطلب الجنسية البحرينية و نشرها في الجريدة الرسمية و يطلب إلى المواطنين تزويد اللجنة بأي مانع يمنع من إعطاء الجنسية للأشخاص المتقدمين، و إن هذا الإجراء يضفي الشرعية على منح الجنسية لمن يستحقها و بعلم المواطنين. فالإجراءات السابقة تتميز بالشفافية والتغلب على مشكلة المخاوف المطروحة. وإن شاء الله سوف يكون العمل بهذه الآلية وتطويرها وطرحها للحوار على مستوى الحكومة وأطراف المعارضة في وقت واحد، وذلك لاتخاذ ما ينبغي اتخاذه في هذا الموضوع.

القضية الثالثة: (لجنة تفعيل الميثاق):

إذا تم قياس هذه اللجنة مع لجنة (إعداد مشروع تعديل بعض مواد الدستور) فلجنة تفعيل الميثاق أفضل، لأنها شملت وجوه جديدة وشابة ومتنوعة، وبعكس ذلك لجنة إعداد مشروع تعديل بعض مواد الدستور حيث عبَّر عنها بأنها حكومة مصغرة، إلا أن المراقب الذي تتبع زيارات سمو ولي العهد ومقابلاته لبعض المؤسسات كان يتوقع أن تكون اللجنة أقوى مما هي عليه. فهي أفضل من لجنة إعداد مشروع تعديل بعض مواد الدستور لكنها أضعف مما كان يتوقعه الناس، و يلاحظ عليها أيضا بأنها لم تجمع جميع ألوان الطيف السياسي،،، وما ذكرته الصحف عن الجلسة الأولى للجنة والبرنامج الذي سوف تعمل من خلاله يبعث على نوع من الاطمئنان بأن اللجنة تسير في الطريق الصحيح من حيث بنود البرنامج وإنها مسَّت مسائل مهمة مثل : قانون المؤسسات وقانون النشر والبطالة…الخ ونأمل أن تكون معالجة اللجنة لهذه البنود بالمستوى الذي يطمح إليه الشعب… وإن تأييدنا وتشجيعنا ومساندتنا لهذه اللجنة يتوقف على إنجازاتها، وإذا كانت الإنجازات والأعمال أقل مما ينبغي فلن تحصل على التأييد،،، وبدورنا سوف نسعى للالتقاء بأعضاء اللجنة ومحاورتهم والأعراب عن استعدادنا للتعاون معهم على جميع المستويات وإنشاء الله سوف نلقى منهم التجاوب.

وفي النهاية الحديث أنبه إلى أهمية البطالة والمتتبع للصحف يوم أمس يلاحظ مسألة البطالة في العناوين العريضة حيث جاءت في المقدمة فلإنسان المثقف والسياسي عندما يفكر في الإصلاحات ضمن إطار المجرد يعتقد بأن مسألة البطالة ليست بذات أهمية وإنما الإصلاحات السياسية وإعادة البرلمان،،، ولكن على المستوى الشارع العام يريد المواطن أشياء ملموسة فعنده قيمة البرلمان تتمثل في تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل فالشارع العام لن يشعر بقيمة الإصلاحات إلا إذا نحن لبينا حاجته المادية وفي المقدمة هذه الحاجات توفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة فإذا أرادت الحكومة لهذه الإصلاحات النجاح وكسب التأييد والدعم من عموم أبناء الشعب فعليها أن تهتم بهذا الجانب والحمد لله رب العالمين.

ملاحظة:

وقد أعيد حتى اليوم الأحد 15 / 4 / 2001 م بعض الذين تم فصلهم عن العمل في جهاز الإحصاء، وبتالي نشكر القائمين على سرعة الاستجابة لنداءات المواطنين.

بتاريخ 19 محرم 1422 هـ الموافق 13 / 4 / 2001 م

في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى