خطبة الجمعة | 18-10-2002

الخطبة الدينية : التناصر – مفهوم قرآني حي

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي و من سوء عملي و من شر الشيطان الغوي الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، اللهم صل على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ومن اتبعه بإحسان إلى قيام يوم الدين ، السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أمير المؤمنين ، السلام على فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين ، السلام على خديجة الكبرى ، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، السلام على جميع الأوصياء ، مصابيح الدجى ، وأعلام الهدى ، ومنار التقى ، والعروة الوثقى ، والحبل المتين والصراط المستقيم ، السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء ، السلام على العلماء والشهداء ، السلام على شهداء الانتفاضة ، السلام عليكم أيها الأحبة ، أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته .

قال تعالى : ( والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) صدق الله العلي العظيم .

هذه الآية الشريفة المباركة ، جاءت على غرار آيات أخرى ، ،ذكر ثماني صفات أساسية للمؤمنين :

الصفة الأولى : التوكل على الله .

الصفة الثانية : اجتناب الأثم والفواحش .

الصفة الثالثة : العفو عند المقدرة .

الصفة الرابعة : الاستجابة لله .

الصفة الخامسة : إقامة الصلاة .

الصفة السادسة : الشورى بين المؤمنين .

الصفة السابعة : الإنفاق في سبيل الله .

الصفة الثامنة : هي التناصر ، وهي الصفة التي تتحدث عنها هذه الآية الشريفة المباركة .

( والذين إذا أصابهم البغي ) البغي بمعنى الظلم والتعدي على حقوق الناس ، فإذا جاءت قوة طاغية ظالمة باغية مستكبرة ، وأوقعت بهم الظلم ، وحاولت أن تسلبهم حقوقهم وإرادتهم ، وتلغي استقلالهم ، وتسيطر على أرضهم وثرواتهم ومقدراتهم ، ماذا يفعلون ، هل يستسلمون ، هل يقبلون بالأمر الواقع ، .. الآية تقول لا ، فإن ( الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) أي يرفضون الاستسلام للظلم والبغي ويقاومونه . والانتصار له معنيان :

المعنى الأول – طلب النصرة : بأن يطلب شخص النصرة من شخص آخر ، أو جماعة تطلب النصرة من جماعة أخرى .

المعنى الثاني – التناصر : أي أن ينصر بعضهم بعضا . وعلى أي حال ، فالآية الشريفة المباركة تدلنا على عدة نقاط :

النقطة الأولى : رفض الظلم وعدم الاستسلام إليه ، فالفرد المسلم ، والجماعة المسلمة مكلفة برفض الظلم ، وكما أن الظلم قبيح عند الله وعند الناس ، فكذلك الانظلام ، أي القبول بالظلم ، فالإنسان مكلف بأن لا يظلم ، ومكلف أيضا برفض الظلم وعدم الانصياع والاستسلام إليه .

النقطة الثانية : أن الآية توجهنا إلى : أن الإنسان الفرد أو الجماعة أو الدولة ، إذا وقع على أحدهم الظلم ، وكانوا غير قادرين عن رد الظلم عنهم ، فلا يجوز لهم أن يستسلموا ، وإنما يجب عليهم أن يطلبوا النصرة من الآخرين .

النقطة الثالثة : يجب على المسلمين أفرادا وجماعات ودول ، إذا استنصروا أن يستجيبوا ، ويقدموا العون والمساعدة ، فتكليفهم هو هذا ( وإذا استنصرتم في الدين فعليكم النصرة ) فإذا ظلم فرد مسلم أو ظلمت جماعة مسلمة أو ظلمت دولة مسلمة ، وطلبت منك النصرة ، فيجب عليك أن تنصرهم .

وفي جميع الأحول ، لا يجوز القبول بالظلم والاستسلام له وإنما يجب مقاومته .. لماذا ، لأن الاستسلام والقبول بالظلم يعني أمرين :

الأمرالأول : تخلي المسلمين عن عزتهم ، التي هي مستمدة من عزة الله ( العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ) ، وفي الحديث ( أن الله فوض للمؤمن أموره كلها ، ولم يفوض له أن يذل نفسه ) فليس للمؤمن الحق أن يذل نفسه لغير الله ، لأن عزته من عزة الله وعزة الدين ، والخضوع للظلم والقوى العظمى يعني الإذلال .

الأمر الثاني : أن القبول بالظلم هو خلاف خيرية الأمة ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) فكيف تكون الأمة خير أمة وهي أمة ذليلة ومظلومة ومهانة .

الأمر الثالث : أن القبول بالظلم هو خلاف الوسطية والشهادة ( وجعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) وبعيدا عن الشرح التفصيلي للآية ، فالوسطية والشهادة تقتضي أن تكون الأمة في موقع القوة .

الأمر الرابع : هو الخضوع لغير الله ، كأن يخضع الإنسان لأي قوة ظالمة طاغية مستكبرة ، والآية تقول : ( إنما إلهكم إله واحد فاعبدوه ) .

هذا معناه ، أن المؤمنين يجب أن يتصفوا بصفات حقيقية فعلية ، ومنها العزة والكرامة والحرية والاستقلال ، كما أن هذه الصفات يجب أن تكون في الجماعة المسلمة والدولة المسلمة ، كما يجب عليهم أن يكونوا متضامنين مع بعضهم البعض أفرادا وجماعات ودول ، كما في الحديث الشريف ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) وحالة التضامن يجب أن تكون فعلية بين المؤمنين ، كأفراد وجماعات ودول ، وفي النهاية ، فإن الهدف من تناصر ،لمؤمنين ، هو الردع وتحقيق النصر ، ويجب على المؤمنين أن يتحصلوا على قوة رادعة لتحقيق النصر ، بحيث لا تسوغ للآخرين بأن يعتدوا عليهم ، وبالتالي لا يجوز للمؤمنين أن يبرروا استسلامهم بأنهم ضعفاء ، أو أنهم لا يملكون أسباب القوة ، سواء كان فردا ، أو كانت جماعة ، أو دولة ، فهم مكلفون من الله سبحانه وتعالى أن ،تحصلون على أسباب القوة .

البعض قد يسأل : بأن الصفة الثالثة تشير إلى العفو عند المقدرة ( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) ، فلم تؤكد هذه الآية على التناصر ، .

أولا : يجب أن نميز بين مستويين من الظلم ، فهناك ظلم فردي ، وظلم جماعي ، فمرة يقع الظلم من فرد على فرد ، ومرة يقع الظلم من جماعة على فرد ، ومرة يقع الظلم من جماعة على جماعة ، ومرة يقع الظلم من فرد يملك أسباب القوة على جماعة مستضعفة ، وقد أعطى الله للفرد المؤمن إذا وقع عليه الظلم الفردي أن يسترد حقه ويرد بالمثل ، ولكن العفو فيما يتعلق بالحالات الفردية يعد من الفضائل ومستحسنا أيضا ، وذلك بشرطين :

الشرط الأول : أن يعفو من موقع القدرة والقوة ، وليس من موقع الضعف ، وذلك أن يكون من وقع عليه الظلم في موقع القوة ، وقادرا على الرد بالمثل ، فهذه فضيلة ، أما إذا كان في موقع الضعف ، فالمسألة ليست مسألة عفو ، وإنما خنوع ، وفي هذه الحالة عليه أن يطلب النصرة ، فليكن العفو من موقع القدرة والقوة ، لأن الهدف في النهاية ، أن يرتدع الظالم عن ظلمه ، والباغي عن بغيه ، أما إذا كان العفو من موقع الضعف ، فهذا يجعل الباغي يسترسل في بغيه وظلمه ، ،إذا كان من موقع الاقتدار ، فقد يكون للعفو تأثيره المعنوي والأخلاقي على نفس الظالم فيرتدع عن ظلمه .

الشرط الثاني : أن يكون ناتج العفو هو إصلاح الظالم أو الباغي .

أما الظلم الجماعي الذي يقع على الجماعة ، هذا الظلم ليس لأحد الحق بأن يعفو عنه ، إلا من هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ألا وهو الرسول أو الإمام ، فهو أب للجميع ، أما غيره فلا يحق له ذلك ، يحق له أن يعفو عن الظلم الواقع عليه ، ولكن لا يحق الظلم الواقع عليَّ وعلى غيري .

ثانيا : أن الحقوق الجماعية بمثابة الميزان التي تنظم الحياة ، وتحكم حركتها بصورة منضبطة ، فإذا تم التخلي أو التنازل عن الحقوق العامة اختل ميزان الحياة ، وأصبحت حركة الحياة غير منضبطة بما ينتج الفساد ، وفيما يتعلق بالحقوق العامة لا يصح التنازل عنها ، لأنها بمثابة الميزان الذي يحكم ويضبط حركة الحياة ، ولهذا ينبغي التركيز على أن الحقوق العامة ، يجب أن تصل لأصحابها من خلال القانون والمؤسسة وليس من خلال المكرمات ، فهي حق وإيصاله واجب وليس مكرمة ، وينبغي أن يوجد التشريع الذي يضمن إيصال هذا الحق ، وتوجد المؤسسة التي تكفل إيصال هذه الحقوق لأصحابها ، فإذا قصرت تحاسب ، وهنا نقصد بالتشريع والرقابة ( المؤسسة البرلمانية ) .

أما إذا أصبحت الحقوق مسألة مكرمة ، فلم تعد الحقوق واجبة ، فالمكارم ليست من الحقوق الواجبة ، وهذا لا يعني أن المكرمة مرفوضة ، فالمكرمة تتوقف على نخوة الشخص ، فإذا وجد حاكم يرغب في الوفاء بالحقوق ، فكلنا يعلم بأن الأعمار بيد الله ، وليس من المضمون بأن الحاكم الذي يأتي بعده يوصل هذا الحق لأصحابه ، وعليه فينبغي ألا تتوقف الحقوق على الأشخاص ، وإنما يجب إيصالها من خلال القانون والمؤسسة .

وبالعود إلى مسألة التناصر ، نشير إلى نقطة مهمة ، وهي أن هذه الآية نزلت في مكة ، ونحن نعرف أن المسلمين كانوا مستضعفين في مكة ، كما أن هذه الآية نزلت ضمن آيات أخرى ذكرت صفاتا أساسية في المؤمنين ، وهذا يعني عدة نقاط :

النقطة الأولى : أن صفة التناصر بين المؤمنين صفة أساسية بين المؤمنين ، شأنها في ذلك شأن إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وكل الواجبات الأخرى ، ولا يمكن التنازل عنها بأي حال من الأحوال .

النقطة الثانية : أن إعمال صفة التناصر بين المؤمنين ينبغي أن يراعى فيه الظروف الخارجية ، خصوصا وأن ظروف المؤمنين في مكة مختلفة عن أي منطقة أخرى ، وكان ينبغي لهم أن يتناصروا في مكة ، كما تناصروا في المدينة مع مراعاة الظروف الخارجية .

النقطة الثالثة : أن التناصر ينبغي أن يكون لأهداف محددة .

النقطة الرابعة : أن يكون التناصر من خلال استخدام التعقل وعدم الانفعال ، لكي لا يتحول من تناصر لأجل الحق إلى الجور والاعتداء على الآخرين والانتقام منهم .

الخطبة السياسية : نصرة الشعب العراقي

بعد هذه الوقفة مع الآية الشريفة ، ننتقل إلى الحديث السياسي ، وواقعا .. هناك أكثر من موضوع تزاحم على الحديث السياسي ، فقد كنت وضعت برنامجا للخطبة السياسية ، فتحدثت في الخطبة الماضية عن دور الجماهير ، وكنت أنوي هذا الأسبوع الحديث عن دور المثقفين ، كما أن موضوع الأحوال الشخصية هو الآن حديث الساحة ويحتاج إلى تعليق ، ومن جهة ثالثة ، فإن هذه آخر جمعة قبل الانتخابات ، وتوجد حاجة للحديث عن الانتخابات ، ومن جهة رابعة ، فإن بعض المؤسسات الأهلية دعت لاعتصام شعبي من أجل مناصرة الشعب العراقي ، وقد طلبوا أن يكون الحديث هذا الأسبوع عن هذه القضية ، ولغاية صبح الجمعة ، لم أحسم ،لموضوع الذي سأتكلم عنه ، ثم اخترت الموضوع الأخير ، وهو مناصرة الشعب العراقي .

في الحديث عن مناصرة الشعب العراقي أذكر بعض النقاط :

النقطة الأولى : أنني ذكرت في أكثر من مناسبة ، أننا في الوقت الراهن ، أمام شكل جديد للاستعمار ، أخطر بكثير من الشكل القديم ، فالاستعمار القديم كان يستهدف بالدرجة الأولى السيطرة على الأرض والثروة ، أما الاستعمار الجديد ، فيستهدف الأرض والثروة والإنسان والثقافة والحضارة ، الاستعمار القديم إذا تركت له الأرض والثروة لا يهدف إلى قتل الإنسان ، أما الاستعمار الجديد فيأتي ولديه إرادة مسبقة ،هدف قتل الإنسان ، لأن هذا الإنسان يحمل مشروعا ثقافيا وحضاريا وسياسيا غير مشروعه ، ولهذا فهو يريد قتله ، والصورة واضحة تماما في أفغانستان ، أما بخصوص تهديد أمريكا للعراق فإنه يأتي في هذا السياق ، في سياق الشكل الجديد للاستعمار الذي يستهدف الأرض والثروة والإنسان والثقافة والحضارة .

أما الدافع الحقيقي لحرب أمريكا ضد العراق ، فليس إزالة صدام من الحكم ، لأن صدام كان في يوم من ،لأيام كان شرطيا أمريكيا ، وليس ،لوجه السيء لصدام لكونه ينتهك حقوق الإنسان ، فبوش ليس أقل سوءا من صدام ، ومثل بوش مثل شارون ، يتحمل المسئولية الكاملة في المجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني في فلسطين . أمريكا تهدف إلى شيئين أساسيين من ضرب العراق : النفط ، وحماية الكيان الصهيوني ، أما فيما يتعلق بمسألة النفط ، فذلك لأن مستقبل أمريكا كقوة عظمى ، لا يتوقف على قوتها العسكرية ، وإنما يتوقف على القوة الاقتصادية ، لأن وزن الدول وتأثيرهم على الساحة الدولية في المستقبل القريب ، لن يتوقف على القوة العسكرية ، وإنما على القوة الاقتصادية ، فالقوة الاقتصادية هي التي تحدد ثقل ومكانة ونفوذ الدول في العالم ، وأمريكا تواجه منافسة اقتصادية قوية جدا من دول أوروبا واليابان وشرق آسيا ، وشرايين الحياة لهذه الدول يتمثل في النفط الموجود في الخليج ، فإذا سيطرت أمريكا على شرايين الحياة في الخليج ، سيطرت على شرايين الحياة في أوروبا واليابان وشرق آسيا ، وبالتالي فهي تسخر قوتها العسكرية من أجل السيطرة على شرايين وعصب الحياة في أوروبا واليابان وشرق آسيا من خلال سيطرتها على النفط في الخليج .

أما مسألة حماية أمن الكيان الصهيوني ، فالكيان الصهيوني له بعد استراتيجي في سياسية أمريكا في صراعها مع الإسلام بالدرجة الأولى ، وبوش لديه نزعات صليبية حاقدة في أعلى درجاتها ، فلهذا فمن المتوقع أن أمريكا لا تسقط صدام فحسب ، وإنما تسيطر على العراق وتستعمره ، ولن تكتفي بذلك ، وإنما ستحاول أن تفرض سيطرتها على دول المنطقة بأكملها ، وبالتالي فدول المنطقة متخوفة تخوفا حقيقا ، ورافضة لضرب العراق ، ليس حبا في صدام ، وإنما لكونها تعرف أنها مستهدفة ، وأن أمريكا تريد فرض سيطرتها عليها ، وفرص وصايتها أيضا .

ومن أجل النفط وحماية أمن الكيان الصهيوني ، سوف توجه أمريكا ضربات لأكثر من دولة عربية ، سوف تضرب إيران ولبنان وسوريا وليبيا وباكستان ، فكلها دول مستهدفة أمريكيا ، وسوف تضرب أمريكا ، وفي فترة غير بعيدة المملكة العربية السعودية ، لأن المملكة العربية السعودية مستهدفة أمريكيا ، والمسألة مسألة وقت فقط ، وذلك للنفط الموجود فيها ، ومساحة ونفوذ التيار السلفي في السعودية ، حيث أن التيار السلفي جزء من النظام السعودي ، والتيار السلفي مستهدف في كل الدول أمريكيا .

لهذا يجب أن ندرك بأن الشعب العراقي المظلوم والممتحن ، أصبحت له موقعية في الشأن العربي والإسلامي كموقعية الشعب الفلسطيني ، فالشعب الفلسطيني يمثل خط الدفاع الأول عن الدول العربية والإسلامية ، فإذا سقط هذا الخط ، فسوف تمتد اعتداءات الكيان الصهيوني على الخطوط الأخرى ، وما أوقف اعتداءات الكيان الصهيوني عن الخطوط الأخرى إلا صمود الشعب الفلسطيني ، ولهذا حق لنا أن نتضامن معه ، ونقدم له كل العون والمساعدة ، ليس دفاعا عنه فحسب ، وإنما دفاعا عن أنفسنا ، والشعب العراقي أصبحت له نفس الموقعية ، وذلك لأن أمريكا تستهدف المنطقة كاملها ، فالضربة الأولى كانت في أفغانستان ، والضربة الثانية ستوجه للعراق ، فإذا سقط صدام – وسقوطه ليس مهما – وإنما إذا استسلم الشعب العراقي للإرادة الأمريكية ، فسوف تكبر الضربة لتشمل المنطقة ، وبقدر ما يستطيع الشعب العراقي الصمود أمام الاستعمار الأمريكي بقدر ما يستطيع حماية المنطقة بأكملها ، فالشعب العراقي يدافع عنكم ويحميكم ، فأنتم مستهدفون ، ويجب أن تقدموا الدعم والمساندة له ، ليس فقط دفاعا عن الشعب العراقي لأنه شعب مسلم فحسب ، وإنما دفاعا عن أنفسكم .. فأنتم مستهدفون ليس فقط في أرضكم ، ولا الثروة فقط مستهدفة ، وإنما أنتم كبشر مستهدفون ، ،أنكم تحملون ثقافة وحضارة ، ،ثقافة وحضارتكم مستهدفة ، يجب أن تعوا ذلك .. أنتم مستهدفون أمريكيا ، مستهدفون في أرضكم ، في ثرواتكم ، في أنفسكم ، في ثقافتكم ، في حضارتكم ، والشعب العراقي يمثل الآن خط الدفاع الأول ، فإذا استطعتم تقديم النصر إليه وتثبيته على أرضه وموقفه ، فسوف تحمون أنفسكم ، ولكن إذا سقط هذا الشعب ، فسوف تنتقل ،لضربة إليكم .. اعلموا ذلك يقينا .

النقطة الثانية : إسلاميا ، يجب أن نعلم أن للإسلام موقعا ومصيرا واحدا ، وكل المذاهب الإسلامية لها موقع ومصير واحد ، وهو موقع ومصير الإسلام ، فإذا تخلت المذاهب والجماعات الإسلامية عن هذا الموقع والمصير الواحد للإسلام ، وحاولت أن تتموضع حول نفسها ، وتجعل لنفسها موقعا خاصا بها ، ليدافع عن مصالحها ، على حساب الموقع المشترك ، فسوف تخسر هي وكل المذاهب والجماعات والطوائف الإسلامية ، ،إذا سقط هذا الموقع الواحد فسوف تسقط كل المواقع الأخرى ، وإذا لم تستطع أن تدافع عن نفسها في ظل الموقع الواحد ، فلن تستطيع أن تدافع عن نفسها في مواقع متفرقة ، ولهذا أقول : بأن المدرسة السلفية والوهابيون إخوان لنا في الإسلام وإن جاروا علينا ، ونحن وإيام صفا واحدا في مواجهة الغزو الصليبي والاستعمار الأمريكي .

وفي الوقت الحالي ، تعيش الدول العربية حالة انسحاق تام أمام الأعداء ، فهم كالنعاج بل كالنمل ينسحقون أمام الأعداء ، وهم أسود على بعضهم البعض ، وذلك لأربعة أسباب :

السبب الأول : أن مشروعهم السياسي مشروعا سلطويا ، لا يحملون من خلاله رسالة إلى الناس ، فكل همهم السلطة والحكم .

السبب الثاني : أن الحكومات في وجودها وقراراتها مواقفها بعيدة عن إرادة الأمة ، وغير مستندة عليها ، وإنما فارضة إرادتها على إرادة الأمة والشعوب .

السبب الثالث : عدم وجود حالة التضامن بين الدول العربية ، فهم – كما ذكرنا – نعاج منسحقون أمام الأعداء ، أسود على بعضهم البعض .

السبب الرابع : تغليب الشأن المحلي على الشأن القومي والإسلامي ، فالحكومات لا تفكر في المصلحة القومية أو الإسلامية ولا حتى الإقليمية ، وإنما تفكر في مصلحتها فحسب ، ولهذا فهم ضعاف ومنسحقون .

نسأل الله أن يستنقذنا من هذا الوضع السيء ، وعليكم أن تعلموا أيها الأخوة ، أن الشعب العراقي في خط الدفاع الأول عنكم ، فإن نجحتم في تثبيت صموده ، فسوف تحمون أنفسكم ، وإلا فالضربة قادمة إليكم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بتاريخ 11 شعبان 1423 هـ الموافق 18 / 10 / 2002 م

في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى