أجوبة الأستاذ عبد الوهاب حسين على أسئلة مجلة الحكمة حول الإمام الخميني (ق)

أسئلة بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة عشر لرحيل الإمام الخميني ( قده )

السؤال ( 1 ) : هل يمكن أن تبينوا لنا خدمات السيد الإمام الخميني ( ره ) للإسلام في بعده السياسي والاجتماعي ، والتأسيس الفكري للدولة الإسلامية ؟

الجواب ( 1 ) : إقامة الدولة الإسلامية تكليف شرعي قطعي للأمة وعنصر جوهري في عقيدة التوحيد ، لأن تطبيق الشريعة على النحو المطلوب لا يتحقق بدون الدولة .. يقول الإمام الخميني : ” مجموعة القوانين لا تكفي لإصلاح المجتمع ، ولكي يكون القانون مادة لإصلاح وإسعاد البشر ، فإنه يحتاج إلى السلطة التنفيذية ” .
( الحكومة الإسلامية . ص23 ) .
وأول من تكلم في هذا الموضوع من الفقهاء الإمامية هو العلامة الحلي ( 648 ـ 726هج ) في كتبه الفقهية : ( التذكرة ، والمنتهى ، والقواعد ) وكان يتحمل مشقة السفر إلى إيران من أجل الدعوة إلى تأسيس الحكومة الإسلامية فيها . وقد شرح الإمام الخميني هذا التكليف في كتابه : ( الحكومة الإسلامية ) بشكل متميز ومتقدم على من سبقه من الفقهاء وأساس له على عقيدة الإمامة .
والنظام السياسي القائم على هذا المبدأ عند الإمام الخميني يتلخص بالنقاط التالية :
• إن وجود الحكومة في المجتمع أمر ضروري .
• ليس لأحد من نفسه حق الولاية على الآخرين ، وإنما تحتاج الولاية إلى منشأ مشروعية .
• الولاية بالأصالة هي حق الله ، ولا يملك هذا الحق احد بدون إذنه ، ومن ثم فان مشروعية الحكومة لا تكون إلا بإذن شرعي من جانب الله فقط ، والحكومة التي تفتقد للإذن الشرعي هي حكومة غير مشروعة وطاغوتية .
• أعطى الله عز وجل الولاية للأنبياء ( عليهم السلام ) ابتداءً وبالأخص لنبينا محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
• نُصب الإمام علي ( عليه السلام ) للولاية والخلافة من قبل الله عز وجل ، وأمر الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتبليغ ذلك إلى الناس ، وكان للائمة المعصومين بعد الإمام أمير المؤمنين ( عليهم جميعا السلام ) الولاية واحداً بعد آخر ، وصاحب الولاية العظمى اليوم هـو الإمام صاحب الزمان ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) .

وبحسب رأي الإمام روح الله الخميني ( قدس سره الشريف ) :

1 ـ لقد فوضت الولاية على المجتمع البشري في عصر الغيبة للفقهاء العدول من قبل الشارع المقدس .
2 ـ إذا نجح احد الفقهاء العدول في تأسيس الحكومة الإسلامية وأضحى مبسوط اليد ، وجب على بقية الفقهاء إتباعه .
3 ـ الفقيه العادل الذي تعود إليه الولاية في عصر الغيبة هو نائب الإمام المهدي وله في أمر الحكومة جميع ما للنبي والأئمة من اختيارات .
4 ـ لا تنحصر ولاية الفقيه بالأحكام الأولية والثانوية وحسب ، بل تتقدم على جميع الأحكام الإلهية الفرعية .
5 ـ تكون ولاية الفقيه – المشار إليه في النقاط السابقة – ولاية دائمة مطلقة متمركزة ، غير قابلة للتفكيك .
6 ـ الولي الفقيه هو منشأ مشروعية النظام فكل المؤسسات الحكومية والدستورية والقوانين العادية تصير مشروعة بإمضائه .
7 ـ الولي الفقيه مسؤول أمام الله تبارك وتعالى ، وإذا تخلف عن الشروط والواجبات اللازمة فـ للناس بل عليهم عزله ، لكن تشخيص التخلف من اختصاص الخبراء وليس عامة الناس بوصفه أمرا تخصصيا .
8 ـ يقوم مجلس الخبراء بدور تشخيص الولي الفقيه الصالح الجامع للشرائط ، كما أن من واجبه العزل في حال تخلفه عن الشروط والواجبات .

ولم يكتفي الإمام الخميني العظيم بمجرد الكلام والتأليف في هذا الموضوع ، وإنما سعى وقدم التضحيات الجسام من أجل التنفيذ ، فأطاح بنظام الشاه الطاغوتي ، وأقام على أنقاضه الجمهورية الإسلامية المجيدة .
وتعتبر هذه الدولة من أثمن الخدمات التي قدمها الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) للإسلام ، إذ من خلالها وضع الرؤية الإسلامية : الفكرية والفقهية للدولة موضع التطبيق ، وقدم تجربة عملية قابلة للدراسة والنقد والتطوير الميداني ، وقدم من خلالها واجهة دولية للإسلام الحنيف ولمدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) تجعل لهما حضورا فاعلا على الساحة الدولية ، وتمهد بحق وحقيقة إلى الظهور المقدس لصاحب العصر والزمان ( أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ) وتحرير الإنسانية وإقامة دولة العدل الإلهي العالمية .

السؤال ( 2 ) : ما هو أعظم تراث خلفه الإمام ، وما هي وظيفتنا تجاه ذلك .

الجواب ( 2 ) : أعظم تراث خلفه الإمام الخميني العظيم لنا ، هما : المنهج والدولة ، ويجب علينا المحافظة عليهما بالنفس والنفيس .
أما الدولة : فهي مجد الإسلام وعز المسلمين وكرامتهم في العالم اليوم ، ومن خلالها أثبت الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) صلاحية الإسلام لإقامة دولته على الأرض ، وكفاءة المرجعية الرشيدة في إدارتها وتطويرها ، وأعطى الفرصة لتطبيق الدين الحنيف وإثبات حضور المسلمين عالميا وتحرير فلسطين ونصرة المستضعفين في الأرض . وأرى بأن سقوطها يعني ضعف الإسلام ميدانيا وتكالب الأعداء عليه من كل حدب وصوب ، وأنا أرى استحالة سقوطها وفق السنن الإلهية لما ينتج عنه من القضاء على وجود المؤمنين أو عجزهم عن حمل أمانة الرسالة وإبلاغها إلى الناس ، وللمؤمنين شرف حمايتها والدفاع عنها ، وكل إساءة أو تآمر عليها هو في الحقيقة خيانة عظيمة للإسلام والإنسانية ، وكما قال الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) هي ملك لله ، للإسلام والمسلمين جميعا .
وأما المنهج : فهو المنهج الذي أحدث التغيير الضخم : ثقافيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا وعسكريا وفي المناهج والمقاييس والمعايير ، لتسود المفاهيم الإسلامية والقيم الروحية ، ليس في إيران فحسب وإنما في العالم أجمع ، واحدث تقدما شاملا في إيران بما فيه التقدم العلمي والتقني ، وخلق جيلا ثوريا جديدا يهزأ من المادية والتكالب على الدنيا وملذاتها وشهواتها والسلوك بعيدا عن الهداية الإلهية والعشق الرباني .
هذا المنهج : هو عرضة اليوم للتشويه من الأعداء من أجل تضليل المسلمين وإبعادهم عنه ، فقد عكفت ووسائل الإعلام الغربية والصهيونية والإعلام التابع للحكومات العربية المستبدة على النيل من شخصية الإمام ومنهجه وثورته الإسلامية في حياته ، ولا تزال تواصل الهجوم عليه رغم مرور أعوام على رحيله من خلال نشر الكتب والمقالات والمنشورات للتشويه وقلب الحقائق المتعلقة بالإمام الخميني العظيم ومنهجه والدولة الإسلامية في إيران .. إلا أن هذا ليس هو الأخطر : فحملات الأعداء مكشوفة ، والمؤمنون محصنون ضدها بسبب الحاجز النفسي مع الأعداء ، وإننا واثقون بأن شمس الحقيقة ستبدد سحب الخداع والتظليل .
ولكن الأخطر : هو التشويش من بعض الذين يدعون الوصل بخط الإمام ومنهجه ، وهم أبعد ما يكون عنه في الأطروحات والمواقف ، مما يؤدي إلى تشويهه والإساءة إليه في عقول الشباب المؤمن ، وهذا ما ينبغي على المؤمنين الأعزاء الحذر كل الحذر منه .

السؤال ( 3 ) : كان السيد أحد رموز التقوى والزهد والعرفان . كيف تصورون ذلك لجيل الشباب والشابات والناشئة ، حتى يستضيؤا بنور هداه ويرتووا من معدنه الصافي ؟

الجواب ( 3 ) : كانت حياة الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) نموذجا للطهارة الروحية والصدق والإخلاص والتقوى والمحبة في الله والثقة به وبنصره وتأييده والتوكل عليه ، ونموذجا للصبر والشجاعة والثبات والعزة والكرامة والاستقامة في السلوك والتواضع والزهد والعفاف والبساطة والقناعة والخلوص من جاذبية الدنيا وسخافاتها والاعتماد على النفس والشعور العميق بالمسؤولية الدينية والإنسانية والوطنية تجاه عقائد الناس ومصيرهم ، وقد رفع راية الثورة ضد الظلم والاستبداد والتخلف والتحجر والقدسية المزيفة للملوك ووعاظ السلاطين وغيرهم ، وكان داعية إلى الحق والحرية والعدالة والفضيلة ، وينتسب بحق وحقيقة إلى الجماهير المحرومة ، وكان دائم الاتصال بهم ، يعلمهم ويحرضهم على الثورة والمطالبة بالحقوق المشروعة ، ولم تأخذه في الله لومة لائم ، وهو القائل في لقاء مع سفراء الجمهورية الإسلامية : ” عظمة الإنسان تتعلق بروح الإنسان ، عظمة الإنسان من أخلاقه وأفعاله وليست بنوعية سيارته أو بوجود محافظين وخدم له ، ليست هذه من عظمة الإنسان بل إنها تحط من قدر الإنسان وكرامته ” ( الراصد . العدد : 20 . حزيران / 1992م . ص17 ) .
وكان شديد الانضباط في حياته اليومية والمهنية ، فهو يتوجه للعبادة والذكر والتفكر وقراءة القرآن والمطالعة في ساعات محددة من الليل والنهار ، ويطلع على التقارير والصحف والمجلات الرسمية للبلاد وعشرات الملفات الخبرية ، ويعقد الاجتماعات مع المسؤولين في الجمهورية الإسلامية والضيوف ، ويستمع ليلا إلى أخبار الإذاعة والتلفزيون الإيرانية ، وإلى التحليلات والتقارير والأخبار التي تذيعها الإذاعات الأجنبية ، مثل : صوت أمريكا ولندن وإسرائيل ، ليكوّن صورة عن الإعلام المعادي للثورة ، ويفكر في طرق مواجهته . وهو ( قدس سره الشريف ) يرى بأن الاعتياد على حياة الترف والدعة يتنافى مع التربية الروحية الصالحة والإرادة الفاعلة في الحياة .. يقول : ” لم يكن الشيخ الطوسي الذي كان من العلماء الأجلاء في المجتمع الشيعي من سكنة القصور ولو كان من سكنة القصور المترفين لما تمكن من تأليف كل تلك الكتب المفيدة للمجتمع وما استطاع أن يخرج تلاميذ أفادوا المجتمع … وقد سمع الجميع بمعيشة الشيخ الأنصاري ومنزله المتواضع ولو لم يكن زاهداً لما تمكن من إعداد تلامذة عظام ولما تمكن من تأليف تلك الكتب القيمة التي استفاد منها المجتمع ” .
ولهذا لم يتغير حال الإمام الخميني العظيم بعد الثورة حينما أصبح رجل دولة عما قبلها حينما كان ثائرا ولاجئا سياسيا في خارج إيران ، وقد غادر طهران بعد نجاح الثورة للإقامة في مدينة قم المقدسة ليعيش في أجواء الحوزة الروحية والعلمية والاجتماعية ، إلا أن مجريات الأحداث قد أجبرته على العودة إلى طهران . فلم يكن الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) من طلاب السلطة والجاه والثروة ، وإنما كان من طلاب العشق والقرب والفناء في الله ذي الجلال والإكرام .. وكانت نظرته للسلطة : على أنها تكليف لتسهيل حياة الناس وإصلاحها وتطويرها وليس للتسلط والكسب .
ويرى : أن على القائد الإسلامي أن يعيش حياة بسيطة كحياة أبسط الطبقات في المجتمع والدولة . وقد اقترح ( المادة : 142 من الدستور ) التي تنص على أن يكون ديوان القضاء العالي ( المحكمة العليا في البلاد ) مسؤول عن حصر وتشخيص ممتلكات القائد والمسؤولين الحكوميين الرفيعي المستوى قبل وبعد تصديهم للمسؤولية ، لضبط أيّة زيادة تطرأ عليها دون حق . وقد بادر الإمام بتسجيل كافة ممتلكاته البسيطة في كشف رسمي بتاريخ : ( 14 / يناير /1981 ) وسلمها لديوان القضاء العالي ، وبعد وفاته مباشرة طالب نجله من خلال رسالة نشرتها الصحف الإيرانية السلطة القضائية بإعادة حصر وتشخيص ممتلكات الإمام مجدداً طبقاً للدستور . وبتاريخ : ( 2 / يوليو /1989 ) أعلنت نتيجة الحصر في بيان أصدره رئيس المحكمة العليا .. صرح فيه : بأن ممتلكات الإمام الخميني البسيطة لم تبق على حالها وحسب ، بل أنها نقصت عما كانت عليه ، فقطعة الأرض التي كان قد ورثها عن أبيه في خمين ، قد وهبها في حياته إلى الفقراء في منطقته فخرجت من ملكيته .
وأمواله غير المنقولة تتمثل في المنزل القديم الذي يمتلكه في قم ، والذي كان منذ عام 1964 ـ عام بدء النهضة ـ في خدمة أهداف النهضة ، ومركزاً لتجمع الطلبة والمراجعين من أبناء الشعب وما زال حتى الآن يفتقد صفة كونه مسكناً .
وكان الكشف الذي قدمه الإمام الخميني لديوان القضاء العالي وأعلن عنه رسمياً بعد وفاته قد ذكر بأن ممتلكات الإمام تشمل الآتي : عدداً من الكتب ، بعض الوسائل الأولية المستعملة التي كانت في منزله وهي تخصّ زوجته ، قطعتين من السجاد المستعمل (وقد أوصى بإعطائها للفقراء بعد وفاته) وأشير إلى عدم وجود أثاث شخصي في المنزل ، وعدم وجود أموال شخصية ، وإن وجد مال فهو من الحقوق الشرعية التي يقدمها المسلمون إلى الإمام لإنفاقها في مواردها الشرعية المعينة ، ولا حق للورثة فيها .
والخلاصة : إن أخلاق الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) تذكرنا بأخلاق الأنبياء والأئمة ( عليهم السلام ) وكان سلاحه الأقوى في الثورة ، هو : الإيمان والتقوى وصفاته الإنسانية الحميدة وسلطته الروحية على الجماهير والمستضعفين .. وأستطيع أن ادعي : بأن الإمام الخميني العظيم ، يمثل حالة نادرة قلما نجدها في غير المعصوم ، وهي : أنك تستطيع أن تقرأ رؤيته ومنهجه من خلال سلوكه ومواقفه لشديد التطابق بين النظرية والتطبيق لديه ، في حالة يتجلى فيها الصدق والإخلاص في أبهى صورة .

السؤال ( 4 ) : يطرح البعض أن نظرية ولاية الفقيه التي جاء بها السيد لا يمكن الحديث عنها الآن لعدم إمكانية تطبيقها في عالم اليوم في ضوء ثقافة الشعوب المعاصرة ومنهجية فكرها في النظام السياسي ، باعتبار ترسخ مفاهيم الدولة الحديثة والديمقراطية الشعبية في أذهان الناس ، وبالتالي عدم تقبلهم لمثل هذه النظرية التي قد يفهم منها أنها استبداد فردي في لباس الدين ؟

الجواب ( 4 ) : نظرية ولاية الفقيه ليس لها أي تأثير سلبي على مقومات الدولة ومؤسساتها .. وكل ما في الأمر : أن النظرية تشترط في رأس الدولة الإسلامية الفقاهة والتقوى وغيرهما من الشروط التي تحصن هذا الموقع الخطير وتضمن التطبيق السليم للإسلام في الدولة ، وهذه نقطة إيجابية بحكم العقل والمنطق وليست سلبية ، والذي جعل منها نقطة سلبية هو الإعلام المضلل الذي يقلب الحقائق ليبعد الناس عن منهج الإمام الخميني العظيم وأطروحة الدولة الإسلامية القائمة على أساس الإمامة وولاية الفقيه ، لما يشكلاه من خطر على الحكومات الدكتاتورية ومصالح الاستكبار العالمي ، بحجة أن ولاية الفقيه تعني التفرد بالسلطة ، بينما هي في الحقيقة ضمانة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ حقوق المواطنين وشراكتهم الفعلية في صناعة القرار لما يتصف به الولي الفقيه من المعرفة بالله ذي الجلال والإكرام والالتزام بالشريعة ولما يتحلى به من صفات الكمال ، مما يجعله زاهدا في السلطة وزخارف الحياة وأمينا على حقوق الناس ومصالحهم الحيوية أكثر من أي إنسان آخر . ولهذا فإن لهذه النظرية مستقبل زاهر في عالم اليوم ، وأن مستقبلها يتوقف على مدى معرفة الناس بها ووقوفهم على التجربة التاريخية لها في الجمهورية الإسلامية في إيران بصورة صحيحة بعيدا عن التشويه والتشويش وقلب الحقائق .

السؤال ( 5 ) : هل عملت دولة السيد الإمام على ترسيخ مبدأ الوحدة الإسلامية ، ولطفا اذكروا لنا شواهد وأرقام ؟

الجواب ( 5 ) : يعتبر الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) من الأركان الإسلامية الرئيسية التي دعت إلى الوحدة الإسلامية وعملت من أجلها بكل ما أوتيت من قوة وجهد ، إذ يقول : ” إن هدفنا هو الإسلام ووحدة كلمة المسلمين في كل أرجاء العالم ، والاتحاد مع جميع الدول الإسلامية ، للوقوف صفا واحدا بوجه الصهيونية وإسرائيل وكل الدول الاستعمارية ” ( جوانب من أفكار الإمام الخميني . ص111 ) .
وهو يرى بأن الاختلافات الحادة والنزاعات بين المسلمين ، قد أدت إلى ضعفهم وتخلفهم وسهلت للأعداء سبل السيطرة عليهم ونهب ثرواتهم ، إذ يقول : ” المسلمين … الذين يبلغ تعداد نفوسهم ثمانمائة مليون ولعلهم أصبحوا الآن مليار نسمة ، لكنكم ترونهم جميعا خاضعين للتسلط الأجنبي ، فلا تجدون مجتمعا كل أفراده من المسلمين إلا تجدون أيدي إحدى القوى الكبرى نافذة في كل شؤونه ، فهؤلاء المليار نسمة أسرى قوة كبرى يبلغ تعداد نفوسها مائتي مليون أو مائة وخمسين مليون نسمة ، وسر ذلك هو أن هؤلاء المائة والخمسين مليونا متحدين فيما بينهم بينما تجد هؤلاء المليار نسمة متفرقين متنازعين ” ( الكوثر . ج2 . الخطبة : 52 . ص311 ) .
وقال : ” كل هذه السنين التي أعقبت ظهور دولة إسرائيل واغتصابها للأراضي الفلسطينية ، عجز كل هذا العدد الكبير من العرب والدول العربية عن استرجاع فلسطين ، وهم يقولون : إن أمريكا تقف خلف إسرائيل ، ولكن هذا ليس هو السبب إنما تفقدون الكفاءة واللياقة ، ولو اجتمعت قوى مائة مليون عربي لما استطاعت أمريكا أن تفعل شيئا في مواجهتهم ، ولما استطاعت أوربا ولا غيرها فعل شيء ولكنهم متفرقون ” ( نفس المصدر . ص313 ) .
وقال : ” وبهذه الاختلافات التي يثيرونها ليمنعوا البلد من التقدم ، ويجعلون أهله متناحرين فيما بينهم ليقوموا بتحقيق مطامعهم ونهب نفطه وغازه وكافة ثرواته دون أن يعترض أحد من أهله عليهم بسبب عدم وجود رأي موحد فما يواجههم هي أفكار متفرقة متعارضة ” ( نفس المصدر . ص 314 ) .
ويرى بأن الدعوة إلى الوحدة الإسلامية وتفعيلها تكليف شرعي ينبع من طبيعة الإسلام الحنيف وحقيقته الإلهية الناصعة ، حيث يقول : ” بحكم الإسلام يجب أن يكون المسلمون يدا واحدة ” .
( الثقافة الإسلامية . العدد : 51 ـ 1414هـ/1993م . ص6 ) .
ويقول : ” يا مسلمي العالم الذين تملكون إيمانا بحقيقة الإسلام انهضوا واجتمعوا تحت راية التوحيد وفي ظل تعاليم الإسلام “( نفس المصدر . ص7 ) .
ويرى بأن التخلف عن هذا التكليف الشرعي خيانة ومن شأنه أن يؤدي إلى خذلان الله عز وجل للمتخلفين ، إذ يقول : ” إن واجب المسلمين اليوم ، يتركز في وحدة الكلمة ، يجب أن تكون كلمة المسلمين واحدة ، ومن تخلف يكون قد خان الإسلام ) ” .
( جوانب من أفكار الإمام الخميني . ص 112 ) .
ويقول : ” إذا ـ لا سمح الله ـ اختلفنا مع بعضنا ونسينا تلك الجهة الإلهية التي أمرنا الله تبارك وتعالى بها وهي { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ } فسيأتي وقت ترون فيه أن عناية الله سوف تذهب عنا ” .
( الثقافة الإسلامية . العدد : 51 ـ 1414هـ/1993م . ص7 ) وهذا هو الخذلان .
ويرى بأن الوحدة الإسلامية هي السبيل إلى تحقيق السعادة والعدالة والاستقلال واسترجاع الخصائص الحضارية للأمة الإسلامية ووضع اليد على الثروة الوطنية وتحقيق الأهداف الإسلامية العليا ، إذ يقول : ” بحكم الإسلام يجب أن يكون المسلمون يدا واحدة ليستطيعوا قطع يد الأجانب والمستعمرين عن التدخل في أوطانهم ” .
ويقول : ” إن الدول العظمى تعرف أنها لن تستطيع التدخل في شؤون الدول الصغيرة إذا تحققت الوحدة وحصل التآلف فيما بينها ” ( الثقافة الإسلامية . العدد :45 . 1413هـ/1992م ص 10 ) .
ويقول : ” فإذا تحققت الوحدة بين المسلمين ـ وستتحقق إن شاء الله ـ فستقطع أيدي الدول الكبرى عن ثروات المسلمين وكافة المستضعفين في العالم ” ( نفس المصدر . ص 11 ) .
ويقول : ” أطلب من الجميع التعاون فيما بينهم لبسط العدالة الإسلامية التي هي الطريق الوحيد لسعادة الأمة : ( جوانب من أفكار الإمام الخميني . ص 111 ) .
ويقول : ” إننا عقدنا العزم على حماية بلدنا والعيش باستقلال وحرية متحدين منسجمين جميعا لكي نقف في وجه القوى الطامعة ونمنعها من إلحاق الأذى بنا ” .
( الثقافة الإسلامية . العدد :45 . 1413هـ/1992م ص 11 ) .
وقد وضع الإمام الخميني ( قدس سره الشريف ) رؤيته حول الوحدة الإسلامية موضع التطبيق ، واتخذ خطوات عملية لتنفيذها على أرض الواقع ، منها :

الخطوة ( 1 ) : تجسيد الوحدة الإسلامية في دستور الجمهورية الإسلامية في إيران ووضعها موضع التنفيذ ، إذ نظر الدستور للمواطنين على اختلاف مذاهبهم بعين واحدة ، وأعلن بأن لأتباع المذاهب الحق في إعلان مذاهبهم والتحاكم إلى محاكم تعتمدها وتحتكم إليها ، وهي الحالة التي يحاول إعلام الاستكبار العالمي طمسها بكل ما أوتي من قوة وخبث . ولهذا قال الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) مخاطبا ضيوف الجمهورية في أسبوع الوحدة لعام : 1403هـ : ” إن الأعداء يهدفون من إعلامهم المضاد خداع مسلمي العالم لطمس هذا الانسجام والتكاتف الكبير في إيران . على الأخوة الضيوف أن يعكسوا هذا الإعجاز الحاصل في إيران والذي يعيش فيه أبناء الشعب بكل طوائفه جنبا إلى جنب في اتحاد ووئام ” ( نفس المصدر . ص13 ) .

الخطوة ( 2 ) : دع الإمام الخميني العظيم ( قدس سره الشريف ) إلى أسبوع الوحدة الإسلامية : ( من 12 إلى 17 ) ربيع الأول من كل عام ، وإلى يوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك من كل عام ، وهما مظهران من مظاهر الصدق والجدية في الطرح ، ووضع الرؤية موضع التطبيق العملي في الميدان .

وقد استمرت الجمهورية الإسلامية في إيران على منهج الإمام الخميني العظيم في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية والتمسك بها عمليا ، فهي ترعى أسبوع الوحدة ويوم القدس العالمي من كل عام ، وترعى دار التقريب بين المذاهب .. يقول الإمام السيد علي الخامنئي : ” … فإننا راغبون بجد في إنشاء ” دار التقريب بين المذاهب الإسلامية ” ونود أن يتحقق هذا الأمر ” ( الثقافة الإسلامية . العدد : 51 ـ 1414هـ/1993م . ص15ـ16 ) كما أنها ترعى الكثير من المؤتمرات التي تتعلق بالوحدة الإسلامية في أرجاء العالم .

أيها الأحبة العزاء ،،
أكتفي بهذا المقدار ،،
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم ،،
واعتذر لكم عن كل خطأ أو تقصير ،،
واستودعكم الله الحافظ القادر من كل سوء ،،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى