خطبة الجمعة | 23-5-2003

الخطبة الدينية: القيادة وتعدد الآراء

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء ومن شر الشيطان الغوي الرجيم

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء، ومن شر الشيطان الغوي الرجيم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلي على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، ومن اتبعهم بإحسان إلى قيام يوم الدين، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام على فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين، السلام على خديجة الكبرى، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة أجمعين، السلام على جميع الأوصياء، مصابيح الدجى، وأعلام الهدى، ومنار التقى، والعروة الوثقى، والحبل المتين، والصراط المستقيم، السلام على الخلف الصالح الحجة ابن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء، السلام على جميع الأنبياء والأوصياء والعلماء والشهداء، السلام على ملائكة الله أجمعين، السلام على شهداء الانتفاضة، السلام عليكم أيها الأحبة أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته.

في البداية أرفع أسمى وأرفع وأزكى آيات التهاني إلى مقام أمامي وسيدي ومولي وشفيعي يوم القيامة الحجة ابن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء ، وإلى مقام مراجع الأمة ، وفقهائها ، وعلمائها، وإلى كافة المؤمنين والمسلمين بمشارق الأرض ومغاربها ، وإليكم ، بمناسبة مولد الرسول الأعظم (ص) وحفيده الأمام الصادق (ع) .

قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال- الجزء العاشر- الآية 46 ، آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

هذه الآية تحدد لنا أهم شروط النصر وتحقيق النجاح في أي معركة ، سياسية أو عسكرية أو غير ذلك .

قوله تعالى: ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) أي أطيعوا الله في دينيه وفي منهجه الذي انزله إليكم من أجل تحقيق سعادتكم في الدنيا والآخرة ، أطيعوه فيما تفعلون وفيما تتركون ، أطيعوه فيما يأمركم به وينهاكم عنه ، (ورسوله) أي أطيعوا رسوله فيما يبينه لكم في الدين ، أو في المنهج ، وأطيعوه كقائد ، يسعى لتحقيق أغراض وأهداف الدين ، أو المنهج الذي أنزل عليكم ، فالآية ربطت بين طاعة الله ، وطاعة الرسول (ص) ، مما يدل على طاعة الله تعالى وطاعة الرسول (ص) هي طاعة واحدة ، وبما أن الآية تتكلم عن جانب قيادي للرسول (ص) ، فإني استشعر بأن في هذه الآية عناية خاصة للرسول الأعظم (ص) وتميز خاص ، وقرب خاص أيضا للرسول (ص) من رب العباد ، وأنا لا أريد هنا أن أدخل في التفاصيل ، فهي على غرار قوله تعالى: ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ) البقرة- الجزء الأول- الآية 123. فقد تعطي منزلة أقرب من هذه المنزلة.

من جهة ثانية هذا الربط بين طاعة الله تعالى ، وطاعة الرسول (ص) ينبهنا إلى صفات مهمة يجب أن يتحلى بها القائد:

الصفة الأولى: أن القائد يجب أن يمتلك رؤية واضحة للمنهج الذي يدعو إليه.

الصفة الثانية: أن القائد يجب أن يكون له إيمان صادق بالمنهج الذي يدعو إليه.

الصفة الثالثة: أن القائد يجب يتصف بكفاءة قيادية، وكفاءة إدارية، كفاءة قيادية – يكون فيها القائد على بصيرة ومعرفة تامة وواضحة للواقع الذي يعمل فيه، ومكونات ذلك الواقع، وعناصر القوة والضعف في ذلك الواقع، ويمتلك كفاءة في تحريك تلك المكونات تحريك مكونات الواقع وعناصر الواقع، من أجل تحقيق الأهداف أو أغراض المنهج الذي يدعو إليه، وأيضا عليه أن يمتلك كفاءة إدارية، وأنا أميزها في سبيل التوضيح، بأن يكون القائد على معرفة تامة بكفاءات ومؤهلات الأشخاص الذين يعملون معه، ولديه القدرة على تجميع طاقات هؤلاء الأشخاص، وجهود هؤلاء الأشخاص، وتوظيف تلك الطاقات، وتلك الجهود ومعرفة الآراء المتعددة و المختلفة، وتوظيف تلك الآراء وتحويلها إلى قوة في سبيل تحقيق أغراض وأهداف المنهج الذي يدعو إليه.

الصفة الرابعة: أن يكون القائد شجاعا، وأن يمتلك استعدادا تاما أي أن يكون لديه استعدادا كاملا للتضحية من أجل تحقيق أغراض وأهداف المنهج الذي يدعو إليه، وقد اشترط فقهاء الإسلام في القائد أن يكون شجاعا، لكي لا يعطي اطروحات من منطلق الخوف والرعب، أو يتخذ مواقفا على أساس الخوف، وعلى أساس الرعب فيفسد اطروحات المنهج، ويبطل أغراض المنهج، كذلك التضحية فيكون لديه استعدادا للتضحية، وقد ذكرت في حديث سابق أن الله جل جلاله حينما فرض الجهاد على المسلمين لم يفرضه من أجل التضييق عليهم، أو المشقة عليهم، وإنما فرضه رحمة بهم، لأن الجهاد ولأن التضحية في سبيل الله تعالى وفي سبيل المنهج تصين عزة الإنسان، وكرامة الإنسان، تصين حقوق الإنسان ومكتسباته، تصين الواقع من التراجع، والتخلف، الجهاد في سبيل الله والتضحيات تسمو بنفس الإنسان، تزكي نفس الإنسان، تطهر قلب الإنسان، و تؤهله إلى أرفع الدرجات في الجنة يوم القيامة، التضحيات إذن هي رحمة، والإنسان القائد خاصة يجب أن يتصف بالشجاعة، ويتصف بالاستعداد بالتضحية في سبيل تحقيق أهداف وأغراض المنهج الذي آمن به والذي يدعو إليه.

قوله تعالى: ( وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ).

التنازع – بمعنى الاختلاف والآية تنهى المؤمنين عن التنازع، ومن الواضح جدا بان الأساس الذي يقوم عليه التنازع هو الفكر الذاتي حينما يفكر الإنسان في القضايا الحيوية، وحينما يفكر في القضايا المصيرية، وحينما يفكر في أي قضية من قضاياه على أساس ذاتي، على أساس حب الذات، وإثبات الذات ومن أجل المصالح الخاصة، والتنافس على هذا الأساس، هذا التفكير الذاتي في القضايا الحيوية والمصيرية، يصرف التفكير ويبعده عن مساره الطبيعي في التفكير في القضايا الحيوية، ويؤدي إلى القضاء على القوا سم المشتركة بين الأفراد المختلفة، فيحدث تنازع، حينما يكون هناك تفكير ذاتي، هذا التفكير الذاتي يصرف التفكير عن المسار الطبيعي ويقضي على القوا سم المشتركة، عامة التفكير الذاتي يجعل الإنسان نفسه في كفة، ويجعل الحق ويجعل المصالح العامة في كفة أخرى، وترجع ذاته ومصالحه الخاصة على الحق وعلى المصلحة العامة، وبالتالي لا يكون هناك مجال للالتقاء، لا يكون هناك فرصة للمشترك، إلا إذا كان المشترك يدخل في المصالح الخاصة، وحب الذات، وإثبات الذات.

الآية تنبهنا إلى خطرين للتنازع، وإلى هذا التفكير الذاتي:

الخطر الأول: هو الفشل بمعنى الإخفاق في تحقيق الأهداف، وعندما نتكلم هنا عن الأهداف فنقصد بها الأهداف العامة، أهداف الشأن العام، فالتفكير الذاتي يؤدي إلى الفشل، والإخفاق في تحقيق الأهداف العامة.

الخطر الثاني: قوله تعالى: ( وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ ) وهذه كناية عن عدة أمور _ (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) كأنما يصور حالة الجهادية بمثابة الريح الكسولة، الريح الضعيفة، التنازع يحول الحالة الجهادية إلى حالة كسولة، كالريح الكسول، بدلا من أن تكون رياحا عاصفة ومؤثرة فاعلة، وهي كناية عن ذهاب القوة، كناية عن الضعف، والوهن وذهاب القوة، أيضا ذهاب الدولة، والسلطة والنفوذ، تتحول الأكثرية إلى أكثرية فاشلة، ضعيفة غير قادرة على الدعم، كما قال الرسول الأعظم ( يوشك أن تتداعى عليكم الأمم تداعي الأكلة على قصعتها ).

تتحول هذه الأكثرية إلى أكثرية غير فاعلة، تضيع قيمتها، و تضيع وزنها.

هنا أرى ضرورة توضيح ثلاثة مسائل:

المسألة الأولى: أن التنازع ليس نتيجة للتعدد الآراء، واختلاف الآراء، إذا كانت الآراء موضوعية، وتعدد الآراء شيء طبيعي فإن تعدد الآراء دليل على حيوية المجتمع، إذا كان المجتمع له رأي واحد، فهذا المجتمع ميت، مجتمع لا يفكر، حينما تتعدد الآراء فهذا دليل على حيوية هذا المجتمع، وتفكير هذا المجتمع في قضاياه، وبالتالي الآراء المتعددة هي قوة في المجتمع، وتفتح آفاق بعيدة إلى المجتمع، ولكن هذه الآراء تحتاج إلى إدارة، تحتاج إلى قيادة لتقوم بتوظيفها، وتحويلها إلى قوة فاعلة، ولهذا مسألة الربط في قوله تعالى: ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ). هنا يأتي دور القيادة في تجميع الآراء المختلفة، وتوظيفها من اجل تحقيق أهداف المنهج فالتنازع لا يحدث نتيجة تعدد الآراء وإنما يحدث أما نتيجة التفكير الذاتي في القضايا الحيوية والقضايا المصيرية، أو التفكير على أساس حب الذات، واثبات الذات والمصالح الخاصة، أو لغياب القيادة، أو فشلها في إدارة الآراء المتعددة، وليس لان هناك رأي متعدد فالآراء المتعددة قوة.

المسألة الثانية: يجب أن نميز بين آليات اتخاذ القرار، وآليات توعية المجتمع، فريق العمل المسئول عن اتخاذ القرار يقوم بدراسة الآراء المتعددة، ويتخذ قرارا واحدا، ويخرج بقرار واحد، فإذا تعددت القيادات، وتعددت القرارات، يكون التنازع، والاختلاف لكن المسألة تختلف فيما يتعلق بتوعية الجمهور، وتوعية المجتمع في حالة توعية المجتمع يجب طرح ما يتناسب مع آداب وتوجهات الإسلام، وتوجهات الأنبياء، يجب أن تطرح مختلف الآراء على المجتمع، وان يتعرف المجتمع على الآراء المختلفة.

طرح الآراء المتعددة على المجتمع له ميزات كثيرة جدا منها ما يلي:

أولا: انه يحفظ للإنسان كرامته المتمثلة في حقه في التفكير، وحقه في التعبير عن رأيه، والذي نعبر عنه بحرية الرأي.

ثانيا: أنها تخلق وعيا أكثر في المجتمع، عندما يطلع المجتمع على الآراء المتعددة، يكون وعيه أكثر، واعلم الناس دائما هو الذي يعرف مختلف الآراء، كلما كانت معرفة الإنسان بالآراء المختلفة كلما كان علمه أكثر.

ثالثا: يتيح فرصة المراجعة والتصحيح، الجمهور عندما تطرح عليه الآراء المتعددة فهو يستطيع أن يتعرف على الرأي الأفضل ويتعرف على الرأي الأقوى، وإذا أتخذ قرارا معينا فهذا لأنه أطلع على الآراء الأخرى، فهو يستطيع أن يقيم القرار ويقيم الموقف، على أساس الآراء الأخرى، ففي هذه الحالة تتاح الفرصة إلى المجتمع، وللجمهور، بالمراجعة المستمرة، والتصحيح المستمر لآرائه ومواقفه، لكن فعندما يكون هناك رأي واحد، فهذا رأي ظلامي، رأي يقد يؤدي إلى التظليل.

رابعا: أنه يرسخ الثقة بين الجمهور وبين القيادة، لماذا ؟ لأنه إذا طرحه على الجمهور، الآراء المختلفة والقيادة اتخذت قرارا معينا ثم اكتشف الجمهور خطأ هذا القرار، إذا لم تكن الآراء الأخرى طرحت على الجمهور، فسوف يقول الجمهور أن القيادة لم تستطع أن تشخص الموقف تشخيصا صحيحا، بحيث أنهم كلهم اتخذوا قرارا خاطئا، لكن إذا كانت الآراء المختلفة طرحت، والآراء المتعددة طرحت، واتخذ قرارا واحدا، فهذا يعطي ثقة للجمهور أنه قد علم مسبقا بأن قيادته شخصت الموقف تشخيصا صحيحا، ولكن تأخرت في اتخاذ القرار، فهنا يعطي ثقة، بأن في النخبة والقيادة من يستطع أن يصل إلى التشخيص الصحيح وهذا يعطي ثقة.

قوله تعالى: ( وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ).

الصبر – يعني التجلد، والتحمل، وعدم الخوف، وعدم الجزع، وعد الضجر، وعدم الشكوى.

وللصبر مراتب، أربع أساسية:

المرتبة الأولى: هو الصبر على الطاعة، الصلاة، الصيام، الحج، الزكاة، كلها تحتاج إلى الصبر.

المرتبة الثانية: الصبر على المعصية، ترك الزنى، ترك السرقة، ترك الرشوة، الزهد في المغريات التي تحاول أن تسقط الإنسان وموقف الإنسان، ومكانة الإنسان، كلها تحتاج إلى الصبر.

المرتبة الثالثة: الصبر على البلاء، والصبر على المصيبة، الصبر على الفقر، والصبر على المرض، والصبر على السجن، والصبر على القتل في سبيل الله تعالى، هذه كلها أمور يحتاجها الإنسان المجاهد.

المرتبة الرابعة: وهي أفضل أنواع الصبر، ونسميها صبر المحسنين، وهو الصبر من أجل تحصيل الفضائل، وتحصيل المراتب العليا، في الكمال الإنساني، وهو الصبر الذي نال به الأنبياء، والأئمة (ع) والأولياء العمالقة منازلهم عند الله تعالى، وهو أفضل وأعلى مراتب الصبر.

في الآية الشريفة المباركة حينما يأمرنا الله تعالى بالصبر في الجهاد فهذا يدل على أمرين:

الأمر الأول: الثبات في مواجهة التحديات، والصعوبات المشاكل التي تواجه الإنسان في الطريق، يصبر على السجن، يصبر على القتل في سبيلا الله تعالى، يصبر على المشاكل التي تعترض في طريقه والتي تختلق وتفتعل له في طريقه، كذلك الصبر على المغريات التي تحاول أن تسقط الإنسان من موقعه وتسقطه من موقفه، وتزيل الإنسان من موقعه سواء أكانت المغريات بالمال، أو بالجاه، أو المغريات بالمنصب، المغريات بالموقع، كل هذه مغريات يحتاج الإنسان أن يثبت أمامها، فالأمر بالصبر يدل على الثبات في مواجهة التحديات، وفي مواجهة المغريات.

الأمر الثاني: ا يدل على الاستمرارية، الأمر بالاستمرارية، والمواصلة في ملاحقة الأهداف بروح قتالية من أجل تحقيق النصر والنجاح في تحقيق الأهداف، وحينما أتكلم عن الروح القتالية، أقصد بها روح الإصرار على تحقيق النصر، وتحقيق النجاح بالوصل إلى الأهداف هذه الروح القتالية، عندما يكون الإنسان مصرا على تحقيق أهدافه عندما يكون لديه نفسا طويلا في ملاحقة أهدافه، هو في هذه الحالة يتمتع بروح قتالية، فهذه الآية تأمرنا بالثبات في مواجهة التحديات والمغريات وتطالبنا بالاستمرار، والمواصلة في ملاحقة الأهداف بنفس طويل، وبروح قتالية، ويعدنا إن نحن فعلنا ذلك بأن يكون معنا، الله جل جلاله يعدنا بأننا إذا فعلنا ذلك فإنه سوف يكون معنا، وإذا كان الله جل جلاله معنا فمعنى ذلك أن العاقبة هي النصر لا محالة، ومعية الله تعالى تعني تسديد الخطى، تعني تقديم العون والمساعدة والمساندة والدعم للإنسان، ولنعلم أن لله جنود السماوات والأرض وأيضا فتح أبواب النصر، وأبواب الخير وأبواب البركة.

المسألة الثالثة: ثمة منهجين في العمل في ساحة البحث الذي نحن بصدده، وهما:

المنهج الموضوعي: هذا المنهج يقوم على أساس نظر الشخص في المباديء والثوابت، والقراءة الموضوعية النزيهة إلى الوضع، ثم تحديد الموقف الذي فيه مرضاة الله تعالى، ومصلحة العباد العامة.

المنهج الذاتي: وتقوم على أساس نظر الشخص إلى مخيلته، ورغباته، وإرادته الخاصة، وأفكاره الخاصة التي هي صدى لما في نفسه، لما في الواقع الخارجي الموضوعي، ثم يحدد الموقف الذي يخدم مصالحه الخاصة الشخصية أو الحزبية، أو الطائفية على حساب المباديء والثوابت، ومرضاة الله تعالى، ومصالح العباد العامة، وهذا ما يعرف بالبرجماتية.

في الختام أقول: بأن هذه الآية تبين لنا ثلاثة شروط أساسية في تحقيق النصر، والنجاح في تحقيق الأهداف:

الشرط الأول: وجود المنهج والقيادة التي تملك رؤية واضحة في المنهج وتمتلك كفاءة قيادية وإدارية.

الشرط الثاني: وحدة الصف.

الشرط الثالث: هو الصبر بمعنى الثبات في مواجهة التحديات والمغريات، والاستمرارية في ملاحقة الأهداف.

الحديث السياسي: أيها المقاطعون اقرؤوا الخطاب جيّداً

الحديث السياسي لهذا الأسبوع هو امتداد للأحاديث في الأسابيع الماضية:

الحركة المطلبية لدى المعارضة في البحرين في تاريخها الحديث، امتدت أو تمتد إلى قرابة القرن، أي قرابة مائة سنة، وهناك مطلبين رئيسيين للمعارضة في هذه الحركة المطلبية وهما: الدستور الذي يحفظ للمواطنين حقوقهم، والمؤسسة البرلمانية التي تعبر عن إرادتهم، ومعنى ذلك أن المعارضة تريد وتصر على أن تشارك في صناعة القرار من أجل تطوير الوطن وازدهاره، ومن أجل حفظ حقوق المواطنين، وبالتالي فوجود المعارضة خارج البرلمان أو خارج المؤسسة البرلمانية وضع غير طبيعي، ووضع غير صحيح، لأنها يجب أن تكون في البرلمان لكي تشارك في صناعة القرار وتحافظ على التوازن من أجل مصلحة الوطن والمواطنين، ولكن ليس معنى ذلك أن تشارك في أي مؤسسة برلمانية، وفي جميع الأحوال، فإذا كان الحال في البلد كما هو في الوقت الراهن، إذ هناك دستور وهو يمثل المرجعية للمؤسسة البرلمانية ينتقص الحقوق الأساسية للمواطنين، وإذ هناك مؤسسة برلمانية ترتهن إرادة الشعب لمصلحة السلطة التنفيذية، فهل يكون من الصحيح الدخول لهذه المؤسسة البرلمانية ؟ّّّ!!

الجواب: أبدا.. هذا انحراف وهذا تخلي عن المطالب الحقيقية للشعب التي ضحى من أجلها، وروحية الآية التي وقفنا عليها في الحديث الديني، تأمرنا بالصبر بمعنى الثبات في مواجهة التحديات ومواجهة المغريات، والاستمرارية أو المواصلة في ملاحقة الأهداف بنفس طويل وبروح قتالية حتى يتحقق النجاح في تحقيق الأهداف والمطالب المشروعة، وهذا الأمر يتطلب منا أن لا ندخل في هذه المؤسسة البرلمانية، لأن ذلك يعني تجميد الواقع، وضياع الحقوق وتسرب المطالب المشروعة العادلة الضرورية التي تمثل الحد الأدنى للوضع الصحيح المطلوب في البلاد، والتي قامت الحركة المطلبية من أجلها، فالحركة المطلبية حينما قامت ، وحينما طالبت بالدستور، وحينما طالبت بالمؤسسة البرلمانية، فإنها فعلت ذلك في سبيل خدمة مصالح الشعب، وفي سبيل تطوير الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي ، وليس من أجل تجميده ومن أجل تخلفه ،ومن أجل ضياع الحقوق !! ولكن إذا اتخذت المعارضة قرار المقاطعة للأسباب السابقة، فهذا لا يعني أبدا أن تصمت وتسكت وتجمد !! وإنما عليها أن تجاهد بكل وسيلة مشروعة في سبيل تصحيح الأوضاع ومعالجة الأسباب التي منعتها من دخول البرلمان، لأن وجودها خارج البرلمان وضع خاطئ وغير صحيح كما ذكرت قبل قليل، فعليها أن تجاهد بكل وسيلة للتصحيح في سبيل أن تدخل إلى البرلمان وتقوم بدورها في داخل المؤسسة البرلمانية لخدمة الوطن والمواطنين، فليس المطلوب السكوت، وليس المطلوب الجمود، وإنما التحرك بجدية في سبيل تصحيح الوضع والدخل إلى المؤسسة البرلمانية، وبالتالي كل سلوك من شانه أن يرسخ الوضع الخاطئ فهو سلوك مرفوض.

وهنا أشير إلى مسألتين أساسيتين مهمتين، وهاتين المسالتين تطرحان في الصحافة وفي الشارع العام:

المسألة الأولى: هناك من يزعم بان المقاطعة انتهت وتلاشت، وأنا أقول بأن أصحاب هذا الرأي لا يقرؤون الواقع، وأن بينهم وبين الواقع حجاب، فهؤلاء يقرؤون فقط ما هو موجود في مخيلتهم، ويقرؤون رغباتهم و أمنياتهم، ويعبرون عنها للآخرين، وهم بعيدون تماما عن الواقع، وأنا اقطع بأنه في الدورة القادمة سوف تكون دائرة المقاطعة أوسع، لأن قناعة المواطنين بالمقاطعة تترسخ يوما بعد يوم، وتتسع دائرتها ليس كما يزعم البعض في الشارع الشيعي فحسب نتيجة تحريض بعض الرموز كما يزعمون، بل حتى في الشارع السني، وأنا أأسف لهذا التقسيم الطائفي، ولكن أذكره من أجل كشف الحقيقة لكل باحث عنها، ففي يوم الأحد ليلة الاثنين في الأسبوع الماضي، في مجلس احمد حاجي في عراد، وهذا المجلس يعقد كل أسبوع حسب علمي، فقد أستضيف في هذا المجلس للمشاركة عضو البرلمان عثمان شريف، وهو رئيس أحد اللجان في البرلمان، في هذا المجلس تطرق الحاضرون بالنقد ألاذع والشديد إلى البرلمان وأدائه، وقال احد الحضور وقد وصفه الناقل بأنه إنسان عادي غير مسيس، قال وهو يخاطب العضو عثمان شريف، ويكنى بأبي طارق، قال له نحن نحترمك كثيرا، ونقدر لك مكانتك في المنطقة، وأننا وقفنا إلى صفك فيما يتعلق بدخولك البرلمان على أساس انك تريد أن تغير من الداخل، وقد ثبت بأنكم غير قادرين على التغيير من الداخل، وأنكم غير قادرين على أن تفعلوا شيئا من خلال هذا المجلس، ومن الأفضل لكم أن تستقيلوا !!

فهذه هي قناعة المواطنين في المجلس، وأن الأداء الضعيف والفاشل للبرلمان، هو الذي أوصل المواطنين إلى هذه القناعة، وهذه القناعة تزداد وتترسخ يوما بعد يوم، ولكني في نفس الوقت أقرأ بان هذه الإشاعات وهذه الاطروحات المغلوطة، ربما ساعد عليها أداء بعض الرموز أو تصرفاتهم أو تصريحاتهم، التي يفهم منها البعض أنها تدعوا للتعاون مع أعضاء البرلمان الحالي، وأنا أعتقد بأن التعاون مع أعضاء البرلمان الحالي، هي محاولة يائسة لبعث الحياة في هذا البرلمان الميت، وهو خلاف ما يتوقعه الناس أو الجمهور المقاطع، وهو خلاف أرادتهم، ولهذا فأنا لا أتوقع من أي رمز قيادي في أية قوة من قوى المعارضة التي قاطعت، أن تدعوا للتعاون مع أعضاء البرلمان الحالي، لأن هذا خلاف ما يتوقعه الجمهور المقاطع، وخلاف إرادتهم، وأقدر أن بعض المطروح هو عبارة عن إشاعات وتضخيم وقراءة أو فهم غير دقيق، ومع ذلك أقول من أجل التوضيح والتبصير، بأن التعاون مع أعضاء البرلمان يدل على أخطاء منهجية وهي أخطاء جوهرية، أذكر منها ما يلي:

الخطأ الأول: أن المقاطعة استندت على أساس انتقاص الدستور للحقوق الشعبية المكتسبة الأساسية التي ضمنها دستور 1973، وأن البرلمان الحالي بغرفتيه وصلاحيات كل غرفة وعدد أعضاءها يؤدي إلى ارتهان أرادة الشعب لمصلحة السلطة التنفيذية، وهذا صحيح وقوي من الناحية النظرية، وأن الحكومة قد راهنت على أداء البرلمان، وأن ما سوف يحققه من مكاسب للشعب وإنجازات سوف يؤدي إلى فشل المقاطعة، وقد طرح البعض مبدأ المراجعة على هذا الأساس، وقد ناقشت هذا المبدأ في خطاب سابق، ولا أرغب الآن في تكرار المناقشة ولكن أقول بأن الانجازات والمكاسب لم يتحقق شيء منها، وكل ما رأيناه فشل في فشل، والمطلوب منهجيا أن نركز على الأداء الفعلي لهذا البرلمان لكي نثبت من الناحية الفعلية ما أثبتناه من الناحية النظرية، فهذا ما تتطلبه المنهجية العلمية والعملية للمقاطعة، فنحن دعونا للمقاطعة من أجل المصلحة الوطنية، وفي سبيل ترسيخ القناعة بالمقاطعة، ومن أجل التصحيح، يجب أن نبرز أو نكشف بجلاء فشل هذا البرلمان ونعزله عن الناس، وبالتالي فالتعاون معه هو خطأ منهجي علميا وعمليا، وهو محاولة غير صحيحة وفي غير محلها لإنجاحه وربطه بالجمهور، وهذا خلاف منهجية المقاطعة التي ذكرتها.

الخطأ الثاني: وأنا سوف أفكر في هذه الحالة تفكيرا برجماتيا، طبعا البرجماتيون كما ذكرت في حديث سابق يصورون أنفسهم أنهم أذكياء وحاذقون وما سوف أبرزه يتعلق بالمصلحة العملية، وسوف أذكره في نقاط من أجل التوضيح:

النقطة الأولى: المعارضة التي دعت إلى المقاطعة، وهي تطرح التعاون مع البرلمان الحالي، فهي تقوم بمحاولة يائسة في سبيل بعث الحياة في كيان ميت عجزت الحكومة المهتمة بشأن نجاحه أن تبعث فيه الحياة، وتفعل المعارضة ذلك بغير ثمن وبغير مقابل، فإذا كانت المعارضة تفكر تفكيرا برجماتيا أو تفكيرا مصلحيا، وهي تريد أن تبعث الحياة في هذا الكيان، فعليها أن تبحث عن بعض المكاسب أو المصالح وأن تضغط من أجل تحصيلها، أما أن تقدم خدماتها بغير مقابل أو ثمن فهذا خلاف التفكير البرجماتي، وهذا لا يخدم مصلحة الناس أو الشعب والمواطنين.

النقطة الثاني: أن هذا التواصل أو التعاون مع هذا البرلمان أو مع هذا الكيان الميت، في الوقت الذي لا يحقق لنا أي مكسب، فإنه يخسرنا جماهيرنا ويؤدي إلى ان تنفض عنا، وهذا ما أثبته الواقع، و الجمهور هو ركيزة قوة المعارضة، فإذا خسرت المعارضة ركيزة قوتها، وهي الجماهير، فبأي شيء تكافح ؟! وبأي شيء تناضل ؟! فهي خسرت جماهيرها، وركيزة قوتها ولم تحصل على أي ثمن، وإنما حصلت على خسارة فادحة، تتمثل في خسارة الجماهير والتي تعد ركيزة القوة لدى المعارضة، وهذا خلاف التفكير البرجماتي الذي ينبغي أن يتحلى به الأذكياء والحاذقون كما يصفون أنفسهم، أو يحبون أن يتصوره الناس عنهم

النقطة الثالثة: أن التعاون والتواصل مع أعضاء البرلمان الحالي من خلف الستار أو من تحت الطاولة حسب تعبير بعض الرموز، قد خلق حالة تشكيك بين أطراف المعارضة كما لمسته من أقوال عدد من رموز قوى المعارضة التي قاطعت الانتخابات البرلمانية، فهذا ما خلقته الإشاعات والفهم الخاطئ، أو القراءة الخاطئة لتصرفات أو تصريحات بعض الرموز، وهذا أمر تجب المسارعة إلى معالجته، لأن المعارضة لما اتخذت قرار المقاطعة، فإنه من المفروض عليها أن تسير وفق منهج المقاطعة العلمي والعملي، وأن تسعى وتعمل بحد وبصدق، في سبيل تحقيق أغراض وأهداف المقاطعة، و التواصل والتعاون مع أعضاء البرلمان الحالي، هو كما ذكرت خلاف ما يتوقعه الجمهور، وخلاف إرادته، فإذا كان هناك تواصل كما يذكر البعض تحت الستار أو تحت الطاولة، فهذا لا يمكن ستره، وبالتالي يخلق أزمة تشكيك بين أطراف المعارضة، وبين قوى المعارضة وجماهيرها، وهذا خلاف منهجية ومتطلبات التفكير البرجماتي، في تركيزه على النواحي العملية وتحقيق النجاح والمنفعة، إلا إذا أخدنا مفهوم البرجماتية، على أنه دوس المبادىء والقيم والعهود والمواثيق بالأقدام في سبيل تحقيق ذواتنا ومصالحنا الخاصة. إنني أنبه هنا إلى أن التعاون والتواصل مع أعضاء البرلمان الحالي، هو خلاف ما يتوقعه وما يريده الجمهور المقاطع، ويؤدي إلى تفتيت الجبه الوطنية لقوى المعارضة التي اتخذت قرار المقاطعة وهو خلاف المصلحة الوطنية حسب رؤية المقاطعين، والتي أتخذ قرار المقاطعة على أساسه، والذي يجب أن يحترم من قبل رموز وقيادات قوى المعارضة التي دعت إلى المقاطعة.

الخطأ الثالث: من الأخطاء المهمة للتعاون مع أعضاء البرلمان الحالي التقليل من شأن قوى المعارضة المقاطعة، والتقليل من شأن وثقل القاعدة الجماهيرية الواسعة الموالية لها، والتفريط في موقعها ومكانتها المادية والمعنوية، وإعطاء الثقل والقيمة لأشخاص مغمورين وقف بعضهم ضد الحركة المطلبية لاسيما المطالبة بتفعيل الدستور وإعادة الحياة البرلمانية، مما يجعلهم في موقف انتهازي ضد المصالح الشعبية، في كلا الحالتين: في مرحلة الانتفاضة ضد مطالب الشعب، وفي الوقت الراهن بالمشاركة خلافا لإرادة غالبية الشعب والقوى الوطنية الرئيسية ذات التاريخ النضالي الطويل…

وأقدر بأن المشاركة المباشرة أقل ضررا من المشاركة بالواسطة، فبالإضافة إلى ما سبق ذكره، حيث التقليل من شأن الذات، والرفع من شأن الشخصيات المغمورة التي وقفت ضد مطالب الشعب المشروعة، والتفريط في ثقل القاعدة الجماهيرية الموالية للقوى السياسية المقاطعة والنيل من معنوياتها، بالإضافة إلى ذلك، فإن المشاركة المباشرة تتيح فرصة أفضل لتحقيق بعض المكاسب، وذلك لتوفر عوامل الكفاءة والصدق والإخلاص، لأن معظم المشاركين في البرلمان الحالي يفتقرون إلى الحد الأدنى للتمثيل النيابي، فضلا عن الصدق والإخلاص في تبني مطالب غيرهم أو قضاياهم، ومدى انسجامها مع رؤاهم ومصالحهم الأساسية التي يتحركون على أساسها.

المسألة الثانية: وهذه المسألة تطرح أيضا في الصحافة وفي الشارع العام، حيث يطرح البعض مغالطة مفضوحة، وهي أن الحراك السياسي الذي يمكن أن تخلقه المعارضة لا يمكن إلا أن يكون من خلال البرلمان، وأن المعارضة حينما خرجت عن قبة البرلمان، فإن نتيجتها الجمود السياسي، وعدم القدرة على الفعل السياسي المؤثر، فلا يوجد حراك سياسي إلا تحت قبة البرلمان حسب زعمهم، وفي سبيل أن يكون هناك حراك سياسي ودور فاعل للرموز المعارضة وقوى المعارضة فلا بد لها من الدخول في البرلمان وهذه مغالطة ومغالطة مفضوحة ‘ وفي سبيل ذلك سوف أأتي بدليلين:

الدليل الأول: وهو من التاريخ الحديث وهو يتعلق بمجلس الشورى السابق، النتائج الطيبة والبركات الطيبة التي جنيناها في الإصلاحات… هل أن هذه الإصلاحات التي حدثت وبركاتها هي نتيجة المشاركة في مجلس الشورى السابق ؟!! وهل المشاركة في مجلس الشورى السابق أوصلنا إلى هذه الإصلاحات أو التطورات الجديدة في البلد ؟! أو أن هذه الإصلاحات جاءت ببركة جهود المعارضة في خارج مجلس الشورى ؟!

الجواب الذي يقره كل العقلاء المنصفين، أنها جاءت ببركة دماء الشهداء، وأنين السجناء والمعتقلين في الزنزانات المغلقة المظلمة، وحسرات المبعدين عن الوطن !! فهل الذي أتى بالإصلاحات هو مجلس الشورى، أو كان مجلس الشورى معيق إلى الحركة الإصلاحية، وقام بتكريس الوضع الخاطئ، وأن الذي جاء بالإصلاحات هي قوى المعارضة من خارج هذا المجلس ؟! هذه الإصلاحات إنما جاءت بحق، وبإجماع العقلاء المنصفين، إنما جاءت ببركة دماء الشهداء وأنين السجناء وحسرات المبعدين من خارج مجلس الشورى السابق، وأيضا الحال في هذا المجلس هو عقبة في طريق الإصلاح والمشاركة فيه تكريس للوضع الخاطىء وأن الإصلاحات سوف تأتي ببركة الجهود المخلصة من خارج هذه القبة وسوف ترون.

الدليل الثاني – المجالس البلدية: المعارضة شاركت في المجالس البلدية وأن جمعية الوفاق لوحدها جنت (22) مقعد في المجالس البلدية، وحصدت (3) مقاعد رآسية في المجالس البلدية، والسؤال – مادا قدمت جمعية الوفاق لأعضاء المجالس البلدية التي يمثلونها، قبل أن نسأل ماذا قدم أعضاء المجالس البلدية إلى الناس ؟!! من الملاحظ أن أعضاء المجالس البلدية التابعين لجمعية الوفاق، كل عضو يعمل حسب اجتهاده وحسب رأيه وبصورة شخصية، ولا يوجد شيء موحد ينظم عمل الأعضاء الذين يعملون تحت مظلة الوفاق، ولا يوجد برنامج مشترك لهم، لهذا كان الأداء وكانت النتائج ضعيفة، بالإضافة إلى قلة الصلاحيات ونمط العلاقة مع السلطة التنفيذية، ولهذا لم يستطيعوا أن يحققوا شيئا يرضي طموح الناس، فإذا كان الحراك يأتي من المشاركة، ففي هذه الحالة لابد أن تكون هناك نتائج إلى هذه المشاركة !! لكن لم نجد النتائج المطلوبة، مما يدل على أن الحراك لا يأتي من خلال المشاركة أو المقاطعة، وإنما يأتي من حسن وقوة الأداء وكفاءته، سواء أكان في داخل البرلمان أو في خارج البرلمان!! وأأكد على أن الإصلاحات كما جاءت ببركة جهود المعارضة من خارج مجلس الشورى السابق، فسوف تأتي الإصلاحات القادمة قريبا إنشاء الله تعالى ببركة الجهود من خارج قبة هذه المؤسسة الميتة الفاشلة…

وفي الختام أطالب المعارضة بشيئين:

المطلب الأول: أن تسعى قوى المعارضة التي اتخذت قرار المقاطعة، أن تسعى بجد في سبيل تحقيق أهداف المقاطعة وأغراضها بكل وسيلة سلمية ممكنة، سواء كانت العرائض أو الإعتصامات أو العصيان المدني أو أية وسيلة سلمية أخرى من شأنها أن تحقق أهداف ومطالب الشعب المشروعة، فهنا توجد أهداف مشروعة، وعلينا أن نوجد الأساليب الوسائل والأدوات السلمية التي من شأنها أن تحقق الأهداف والمطالب المشروعة. فالمعارضة مطالبة بأن تجد في تحقيق أغراض وأهداف المقاطعة بكل وسيلة وبكل أسلوب وبكل أداة سلمية، وأن تبتعد عن الأخطاء المنهجية التي من شأنها أن تربك الأوضاع وتخلق البلبلة.

المطلب الثاني: أرجو من المعارضة أن تحسن قراءة هذا الخطاب، وأرجو أن لا تكون الحكومة أصبر على المعارضة من صبر المعارضة على بعضها، وأرجو أن لا تكون المعارضة تطالب الحكومة بشيء هي لا تقبله لنفسها أو تتحمله.

اكتفي بهذا المقدار واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بتاريخ 22 / ربيع الأول /1424هـ – الموافق 23 / 5 / 2003 م

في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى