خطبة الجمعة | 31-1-2003
الخطبة الدينية: إن الله يدافع عن الذين آمنوا
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء ومن شر الشيطان الغوي الرجيم
الحمد لله رب العالمين, اللهم صلي على محمد وأهل بيته الطيبين, الطاهرين, وأصحابه المنتجبين, ومن اتبعه بإحسان إلى قيام يوم الدين. السلام عليك يا أمير المؤمنين, السلام عليك يا فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين, السلام عليك يا خديجة الكبرى, السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة, السلام على جميع الأوصياء, مصابيح الدجى, وأعلام الهدى, ومنار التقى, والعروة الوثقى, والحبل المتين, والصراط المستقيم, السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء, السلام على شهداء الانتفاضة , السلام عليكم أيها الأحبة , أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته ..
قال تعالى في محكم كتابه المجيد: ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور ) آمن بالله, صدق الله العلي العظيم.
هذه الآية الشريفة المباركة, وهي آية رقم ( 38 ) من سورة ( الحج ). تتناول فئتين من الناس متصارعتين بصورة مستمرة وأن لكل فئة أولكل أمة خط في الحياة, ولها صفاتها وأن الله جل جلاله يحب الفئة الأولى ويدافع عنها , ويبغض الفئة الثانية ويحاربها .
الفئة الأولى : ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا )
الدفاع بمعنى : الحماية والنصرة ودفع الأذى , فهذه الآية تقول أن الله جل جلاله يحمي وينصر ويدفع الأذى عن المؤمنين .
ولهذه الآية عدة دلالات منها :
الدلالة الأولى : إن الله شديد الدفاع عن المؤمنين , أي أن الله جل جلاله يدافع بشدة عن المؤمنين وبقوة .
الدلالة الثانية : إن دفاع الله جل جلاله عن المؤمنين مستمر في كل مكان وفي كل زمان , قال تعالى : ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ) .
الدلالة الثالثة : إن الله عز وجل يحب المؤمنين , وأن المؤمنين يتصفون بصفات هي سر دفاع الله عز وجل عنهم , وتدل أيضا على أن المؤمنين يقومون بأعمال نافعة ومفيدة في الحياة وهي أيضا سر دفاع الله عز وجل عنهم , النتيجة أن المؤمنين حتما سينجحون في تحقيق أهدافهم في الحياة , وسوف يفوزون برضا الله وبجنته وثوابه في يوم القيامة .
( إن الله يدافع عن الذين آمنوا )
المؤمنون الذين يدافع الله عنهم يجب أن يتصفوا بعدة صفات :
الصفة الأولى : هي الإيمان بالتوحيد والنبوة واليوم الآخر , فحينما نتكلم عن النبوة أو نشير إلى النبوة , فذلك يعني الإيمان بخط الرسالات , وعدم فصل الدين عن السياسة .
الصفة الثانية: إن المؤمنين الذين يدافع الله عز وجل عنهم, يلتزمون علميا بشريعة الله في الحياة , و بنهجه الشامل في الحياة , أي يلتزمون بالشريعة المقدمة في كل جوانب الحياة , الفردية والجماعية .
الصفة الثالثة: أنهم يدعون إلى الله جل جلاله, ويدعون إلى دين الله وإلى تطبيقه في هذه الحياة.
الصفة الرابعة: أنهم يضحون من أجل ذلك, ويبذلون النفس والنفيس في سبيل إطاعة الله عز وجل, وتطبيق دينه.
وكما يفهم من سياق الآية الشريفة المباركة, وعلاقتها بالآية الثانية أنهم يتصفون بحفظ الأمانات, وحسن المعاهدات, والمواثيق وعدم نقضها, أو الانتقاص منها, كما يتصفون بأمانة العدل في الحياة , وأنهم لا يظلمون أحدا أبدا .
قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنأن قوم على أن لا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى… ).
نستفيد من هذه الصفة , أن الإنسان المؤمن , لا يمكن أن يطالب بأشياء غير مشروعة أو ليست من حقه , أو أنه يظلم أحدا , ثم لأنه من المستحيل أن يدافع عن مكتسبات غير مشروعة , أو مكتسبات يظلم بها آخرين , الإسلام بعيد كل البعد عن النزعة العنصرية التي نجدها في الفكر اليهودي الصهيوني , الذين يعتبرون أنفسهم أمة الله المختار , وأنهم أحبة الله , وبهذا يسمحون لأنفسهم أن يزعموا الآخرين ينتهكون حقوق الآخرين , هذا النوع من التفكير بعيد كل البعد عن الفكر الإسلامي , فإذا وجدت جماعة من المسلمين تفكر بمثل هذا لتفكير , تطالب بمطالب غير شرعية أو تنتقص حقوق الآخرين أو أنها تدافع عن مكتسبات غير مشروعة , فهي بعيدة عن التفكير الإسلامي .
نصرة الله للمؤمنين لها أسباب منها ما يلي:
أولا : قوة الحق – الذي يدعوا إليه المؤمنون . فالحق في نفسه قوي فهذه قوة الحق الذي يدعوا إليه المؤمنون والذي يتمثل في أطروحاتهم وهذا أحد أسباب النصر .
ثانيا : صفات المؤمنين – أخلاق المؤمنين , تعامل المؤمنين مع الآخرين , هذا أيضا أجد أسباب النصر .
ثالثا: الأعمال – الأعمال المفيدة التي يقوم بها المؤمنون, وبرامج العمل النافع إلى الناس, هي أحد أسباب نصرة الله عز وجل للمؤمنين.
العوامل التي ينصر بها الله عز وجل المؤمنين كثيرة, فالله عز وجل قد ينصر المؤمنين بالضعف.
في آيات كثيرة تتحدث أن الله عز وجل يلقي السكينة في قلوب المؤمنين, وقد يلقي الرعب والخوف في قلوب أعدائهم , وهذا أحد عوامل النصر
رابعا : أن الله قد ينصر المؤمنين بالناس – أي أن الله عز وجل يقيض لهم جماعة من الناس الشرفاء يدافعون عن حقوقهم ويظهرون مظلوميتهم , حتى لو كانت هذه الجماعة مثلا في السجن , أو حتى لو ماتوا , فحق هؤلاء لن يضيع , وأن الله عز وجل لا بد أن يقيض لهؤلاء مجموعة من الشرفاء تنصرهم ,وتظهر مظلوميتهم .
خامسا : أن الله عز وجل قد ينصر المؤمنين بالملائكة – وهناك آيات كثيرة جدا تتكلم عن نصرة الملائكة للمؤمنين .
سادسا : جنود السماوات والأرض وعوامل الطبيعة – وذلك مثل الرياح , الطوفان , القمل , الضفادع , وهي كثيرة جنود السماوات والأرض , طبعا هذه الآيات من شأنها أن تلقي في قلب الإنسان المؤمن الطمأنينة والشعور بالأمن , ولكن يجب أن نعرف أن نصرة الله للمؤمنين لها شروط .
شروط نصرة الله للمؤمنين كثيرة منها ما يلي :
الشرط الأول : الإخلاص لله عز وجل , والتوكل عليه – في الحديث السابق وفي الخطبة السابقة تحدثنا عن معركة ( حمراء الأسد ) كيف أن الرسول الأعظم ( ص ) منع الأشخاص الذين تخلفوا عن معركة أحد , منعهم الرسول ( ص ) من الخروج إلى معركة ( حمراء الأسد ) وكيف أنه طلب من الجرحى الخروج من هذه المعركة . فلما عاد المشركون إلى مكة المكرمة, قال الرسول ( ص ), ( لو أنهم عادوا لأهلكوا ) – مستحيل طائفة بهذا التوكل وفي حالة راسخة من الإخلاص أن يخذلها الله عز وجل أو يسلبهم النصر.
الشرط الثاني: هو توفير الأسباب الطبيعية الخارجية أو الموضوعية.
ومن هذه الأسباب ما يلي:
السبب الأول: عوامل القوة – أي توفير أسباب القوة.
السبب الثاني: وحدة الصف – ( فلا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ).فلا ينزل النصر على المؤمنين بمجرد أنهم يصلون ويصمون ويحجون أو يدعون طبعا ( لا ) إذن لا بد من ( العمل ).
وهذا الشيء له عدة إيجابيات وعدة فوائد منها ما يلي:
الفائدة الأولى: يجعل المؤمنين مستحقين للثواب العظيم.
الفائدة الثانية: أنها تنمي قدرات ومواهب المؤمنين, فقضية سيدنا إبراهيم عليه السلام, تهيأ من خلال الابتلاء, أيضا هذه التنمية إلى قدرات المؤمنين وتنمية مواهبهم عامل مساعد لتنمية وازدهار الحياة, ويجعل المؤمنين بالتالي مؤهلين لتحمل مسؤولية الرسالة أي تبليغ الرسالة والدفاع وحماية الرسالة, وتجعلهم أيضا متحمسين ليتحملوا مسؤولية الدفاع عن المكتسبات لأنهم دفعوا ثمن … فهي مدفوعة الثمن , فالمكتسبات التي يحصلون عليها غالية الثمن … فهم يشعرون بقيمتها , وبالتالي يدافعون عنها , أما إذا كانت المكتسبات رخيصة , والمؤمنون لم يدفعوا فيها ثمنا , بالتالي هم لا يعرفون قيمة هذه المكتسبات , فيفرطون فيها فيضيع منهم سريعا , أيضا من الشروط التي تحدثت عنها أكثر من آية هو الطرح المبدأي والمواقف المبدأية البعيدة عن الخوف , والبعيدة عن المصالح الفئوية , فالفئة المؤمنة أو الجماعة المؤمنة أو الأمة المؤمنة لا تقدم أطروحاتها , ولا تتخذ مواقفها تحت تأثير الخوف , أو من أجل مصالح خاصة , أو المصالح الفئوية , أو الحزبية , فإذا تحققت هذه العوامل أو هذه الشروط الثلاث , وهي التوكل على الله عز وجل , والأسباب الموضوعية , والطرح المبدأي أو المواقف المبدأية , فإنه لا بد ينصر الله المؤمنين , ويدافع عنهم , ومن المستحيل أن يخذلهم أو يتخلى عنهم .
وبالتالي حينما يتأخر النصر , فذلك يدل على عدة أمور:
الأمر الأول : يدل على أن المؤمنين لم يوفروا الشروط الموضوعية سواء كانت هذه الأمور تتعلق بالإخلاص , أو التوكل على الله , أو الشروط الموضوعية التي تتعلق مثلا بتوفير أسباب النصر, توفير القوة , وتوفير وحدة الصف , أو الطرح الموضوعي , أو الطرح المبدأي , مواقف مبدأية , تأخر النصر يدل على أنه يوجد خلل في هذه الشروط .
الأمر الثاني : وهو يتعلق ببناء جماعة المؤمنين, أي أنه إذا تأخر النصر فإن الجماعة المؤمنة , الفئة المؤمنة , الأمة المؤمنة , لا زالت تحتاج إلى مزيد من التربية , ومزيد من البناء , وهذا المزيد من البناء يتحقق بمزيد من البلاء , ومزيد من الامتحان , ومزيد من المعانات , ومزيد من الصراع مع الأعداء , ( أفحسبتم أن تدخلوا الجنة , ولما يأتكم مثل الذين من قبلكم , لقد مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله ألا أن نصر الله قريب ) . فالنصر يتحقق, ولكن أحيانا الجماعة المؤمنة تحتاج مزيد من البناء, وهذا البناء يتحقق من خلال المزيد من الألم المزيد من الابتلاء, المزيد من الصراع مع الأعداء.
الأمر الثالث: وهو يتعلق بالأعداء وبالخصوم, و فيهم نقطتين حسب الآيات القرآنية:
النقطة الأولى: أن رسالة المؤمنين, قد لا تصل بوضوح وبصورة كاملة إلى الخصوم, الله عز وجل يقول: ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) فلا بد أن تصل الرسالة كاملة وواضحة إلى الطرف الآخر لتقام عليه الحجة, فإذا لم تصل الرسالة بوضوح ولم تصل بصورة كاملة, الله عز وجل قد يؤخر النصر حتى تصل الرسالة.
النقطة الثانية: وهي قد تكون في الفئة الأخرى, بقية للخير, الله عز وجل يتيح الفرصة, إما أن هذا الخير ينمو فتنجوا هذه الفئة, أو أنه يخفت أو يتلاشى فتهلك, فيهلك من يهلك عن بينه, ويحيا من حيا عن بينه.
الأمر الرابع: وهو الأمر الأخير, وهي أمور تتعلق بالبيئة سواء أكانت أمور تتعلق بالبيئة السياسية أو البيئة الاقتصادية, أو الاجتماعية, أو البيئة الثقافية, ومدى استعدادها وصلاحيتها لاحتضان العهد الجديد, فقد تكون البيئة غير صالحة لاحتضان العهد الجديد, فالبتالي هناك حاجة لمعالجة البيئة وبهيأتها للعهد الجديد, لكي يتحقق النصر.
الخلاصة: إذا توفرت الشروط لا أن الله عز وجل ينصر المؤمنين, فإذا تأخر هذا النصر فعليهم أن يبحثوا في هذه الأمور الأربعة .
( إن الله لا يحب كل خوان كفور ). تعليل, العلة في نصرة المؤمنين, أنه يحبهم, وحربه لهؤلاء لأنه يبغضهم لصفاتهم, الخيانية والكفر, وأن هذه الفئة يبغضها الله عز وجل, ولهذا فهو يحاربها, ويدفع شرها عن المؤمنين.
خوان: صيغة مبالغة للخيانة ومعنى الخيانة انتقاص العهود والمواثيق والأمانات,
وهي تدل على شيئين أساسيين:
الشيء الأول: هو كثرة الخيانات, أي أن صيغة المبالغة تدل على كثرة الخيانات, التي ترتكبها هذه الفئة.
الشيء الثاني: هي الإصرار على الخيانة, فهناك كثرة وتكرار للخيانات , وإصرار على الخيانة, وتتمثل الخيانة في عدة أمور:
الأمر الأول: الخيانة تتمثل في العقائد الفاسدة, والمخالفة الصريحة في أحكام الله نستفيد من قوله نتعالى: ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ).
الأمر الثاني: الخيانة تتمثل في الصد عن سبيل الله, إما بدعوة الناس إلى طريق غير طريق الله عز وجل, وإما بوضع العراقيل والعقبات في طريق الناس إلى الله عز وجل, أو بمحاربة المؤمنين, أو حتى بالمساعدة على محاربتهم, كل هذا يدخل في عنوان الصد عن سبيل الله عز وجل.
الأمر الثالث: وهو نقض الأمانة والعهود والمواثيق أو انتقاصها.
كفور: صيغة مبالغة للكفران, أو للكفر.
وهي لها أكثر من معنى: قد تكون بمعنى التنكر والجحود, أي أن ينكر النعمة ويجحد بها.
والمعنى الثاني: هو البراءة من الشيء.
المعنى الثالث: هو الستر والتغطية عن الشيء, ويتمثل الكفران هنا في عدة أمور أيضاء وهي:
الأمر الأول: هو طاعة الشيطان وطاعة الطواغيت.
الأمر الثاني: هو استخدام الوسائل الغير المشروعة في المواجهة.
الأمر الثالث: هو القيام بأعمال فاسدة, أو أعمال مضرة تؤدي إلى فساد المجتمع.
هذه الفقرة من الآية لها عدة دلالات:
الدلالة الأولى: أن التخلي عن الصفات السابقة للمؤمنين, هي من الخيانة والكفر.
الدلالة الثانية : أن محاربة المؤمنين وخذلانهم أيضا يدخل في خانة الخيانة وكفر النعمة الإلهية , وتدل بصورة واضحة على وجوب نصرة المؤمنين للمؤمنين , كل مؤمن مكلف بأن ينصر المؤمنين , ويحرم عليه أن يحاربهم أو يخذلهم , وهي تدل في النهاية على أن المؤمنين سوف ينتصرون , وسوف يحققوا أهدافهم في الحياة , ويفوزون في الآخرة برضوان الله عز وجل بثوابه ورضوان وجنته … وفي المقابل تدل على أن الكافرين أعداء المؤمنين لن يفوزوا بخير… فمصيرهم الخزي والعار وفي الآخرة في العذاب الأليم..
الخطبة السياسية: ثلاث نقاط حرجة
النقاط الثلاث ليست بالأمر الجديد والهدف من ذكرها هو التأكيد والتذكير… !!
النقطة الأولى : أحداث رأس السنة والموقف منها .
الموقف من أحداث راس السنة ، والتي حاولت بعض الأطراف أن تحمل مسؤوليتها إلى طائفة كبيرة من أبناء الشعب ظلما وعدوانا. فموقف جلالة الملك وضع حدا للممارسات الغير المسؤوله لهذه الأطراف ، وأوقفت تلك الممارسات المضرة بالوطن . فموقف الملك يدل على قراءه صحيحة وواقعية للأحداث ، وموقفه يصب في المصلحة الوطنية ، بينما لا نستطيع أن نقول إلا إن تلك الأطراف كانت تنطلق من منطلقات سيئة ، والى أهداف بعيدة تماما عن المصلحة الوطنية ، فممارسات تلك الأطراف أساءت إلى طائفة عظيمة من أبناء الشعب ، وأيضا أساءت إلى الوطن والى سمعته ، وكادت أن تشعل نار الطائفية بين أبناء الوطن الواحد، كما هددت بحق الوحدة الإسلامية والوطنية بين أبناء الوطن الواحد، وأضرت أيضا بحق الوطن لاسيما المصلحة الاقتصادية، لأنها أشعرت المستثمرين بالقلق ، في الوقت الذي كانت الجهود منصبة على طمأنينة المستثمرين ، وفي سبيل إقناعهم بأن يستثمروا أموالهم في داخل البلد، جاءت هذه الأحداث وهذه الممارسات السيئة ، أشعرت و حسست هؤلاء المستثمرين بالقلق والخوف ، فهي طردت المستثمرين من البلد …
لهذا نطالب بالمحاسبة الأخلاقية ، والمحاسبة القانونية، والمحاسبة السياسية ، وكل محاسبة ممكنة لجميع هذه الاطراف
وذلك لسببين :
السبب الأول : أنهم غير جديرين بالمسؤولية ويجب أن يحاسبوا من موقع المسؤولية …
السبب الثاني : إن إساءة بهذه الحجم لا يصح ولا يجوز أبدا أن تمر بغير مساءلة في عهد الإصلاح والديمقراطية والشفافية ، وأنا أدعو كل أبناء الشعب وأدعو القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بان تنهض وتسعى إلى هذه المساءلة الأخلاقية والقانونية والسياسية ، وكل مساءلة ممكنة …
يجب أن لا تمر هذه الإساءة بغير محاسبة ومن غير مساءلة …
النقطة الثانية : البرلمان الحالي .
البرلمان الحالي ولد مشلولا ، وهو غير قادر على أن يبقى طويلا، فعمر هذا البرلمان قصير و قصير جدا ، ولا يصح أن ننفخ في هذا البرلمان أو أن نحاول أن نمد في حياة هذا البرلمان .
قراءة سياسية للقاء جلالة الملك مع رؤساء الجمعيات السياسية .
أنا قلت في لقاء الثلاثاء وبوضوح ، وأكرر!! بأن أمام جلالة الملك وضع إقليمي خطير جدا … يتمثل في الضربة الأمريكية المترقبة على العراق ، وان هذا الحدث سوف تكون له انعكاساته الخطيرة على البلاد .
جلالة الملك يدرك بأنه في مثل هذه الظروف يحتاج إلى أن يتواصل مع شعبه ، ويتفاهم معه بتحمل مسؤولية الوطن في مثل هذه الظروف .
في الحالة الاعتيادية والطبيعية ينبغي إلى جلالة الملك أن يلجأ إلى أعضاء البرلمان ، لأنهم ممثلي الشعب ، ولكنه تجاوزهم والتقى في هذه الحالة الجادة برؤساء الجمعيات السياسية المعارضة ، وانه يعلم يقينا بان أعضاء البرلمان لا يمثلون الشعب ، ولا يصلحوا ليكونوا قناة للتفاهم والتواصل مع الشعب ، لهذا فكر بواقعية والتقى مع رؤساء المعارضة لأنهم هم الذين يمثلون الشعب ، وهم الذين يصلحون ليكونوا قناة للتواصل والتفاهم مع الشعب . هذا هو التفكير الواقعي ، فإذا كان جلالة الملك قد تصرف مع هذا البرلمان بهذه الطريقة !!! فلماذا نحن نتصرف بطريقة أخرى ؟!!! من جهة ثانية واستفادة من أجواء وإيضاءات الآيات الشريفة المباركة ، فأن الكثير من أعضاء البرلمان الحالي وقفوا ضد الحركة المطلبية وبصورة خاصة ضد تفعيل الدستور وإعادة الحياة البرلمانية !! وهم لا يؤمنون صراحة بالديمقراطية !! والبعض الآخر من هؤلاء لم يبذل شيئا من أجل الديمقراطية!! فهوا لا يشعر بقيمة هذه الديمقراطية ، وبالتالي فهو غير مهيأ للدفاع عنها أمام أي تحدي . فإذا كان عدد كبير منهم لا يؤمنون بديمقراطية ولم يبذلوا أي ثمن من اجل الديمقراطية ، فهل هم مستعدون لدفاع عنها في وقت الجد؟!! أن الكثير منهم خالف الموقف الشعبي وهو موقف المقاطعة لأنه حصل على فرصة ، وهو يريد أن يحصل على أي مكسب ، و لم يدفع ثمنا ، والآن هناك مكسب والبركة فيما يقدم ، فهو في موقفه الأول كان ضد المصلحة الوطنية !! وفي موقفه الثاني كان ضد المصلحة الوطنية!! وأنا أقول أن بقاء هذا المجلس هو ضد المصلحة الوطنية ، وإن المصلحة الوطنية تقتضي إلغاء هذا المجلس ، وان تكون هناك مؤسسة برلمانية تعبر بالفعل عن إرادة الشعب …
النقطة الثالثة : الوجود الأمريكي في المنطقة .
ذكرت في حديث سابق أن الهدف هو احتلال العراق ، واحتلال المنطقة ، وان هذا الوجود فيه تهديد إلى امن واستقرار المنطقة، وتهديد إلى استقلال وسيادة المنطقة ، وتهديد إلى ثروات المنطقة، وفيها تهديد إلى إنسان المنطقة ، و تهديد إلى هوية المنطقة الدينية والتاريخية والثقافية والاجتماعية ، و بالتالي فشعوب المنطقة ترفض هذا الوجود ، وترفضه من منطلق إنساني، ومنطلق ديني ، ومنطلق قومي وطني ، و ترفض أي ضربة إلى العراق وكما ترفض أي احتلال إلى العراق…
وأقولها بصراحة ووضوح ، بان شعوب المنطقة ترفض الوجود الأمريكي ، وترفض ضربت أمريكا للعراق وترفض احتلال أمريكا للعراق ، حتى لو أعطت أمريكا لكل واحد من أبناء الشعب قصرا، وحتى لو ألبست كل واحد من أبناء الشعب و أبناء المنطقة الذهب و الحرير، ونحن نرفض هذا الوجود حتى لو أطعمتنا أمريكا المن والسلوى ، هذا موقف إنساني وموقف ديني و موقف وطني وموقف قومي ، لا يمكن أن نقبل بالوجود الأمريكي في المنطقة، ولا يمكن أن نقبل بضرب أمريكا للعراق ، أو احتلاله للعراق ، وان الشعوب التي رفضت وقاومت الاستعمار القديم هي الان ترفض الاستعمار الجديد ، وسوف تقاومه .
نطالب حكومات المنطقة بان تتحمل مسؤولياتها الإنسانية، ومسؤولياتها الدينية ، ومسؤولياتها التاريخية ، ومسؤولياتها القومية والوطنية في عدم تمكين أمريكا من استعمار المنطقة. فالحساب من الله عسير… والحساب من التاريخ عسير… والحساب من الشعوب عسير…
فالتاريخ لم يرحم الذين مكنوا الاستعمار من بلادهم ، ولم يرحم التاريخ من يمكن الاستعمار مجددا من بلادهم .
دول المنطقة لم تتصرف بمسؤولية اتجاه الحرب ، فالحرب تكاد تكون وشيكة ، ولكن الحكومات في المنطقة لم تتصرف بواقعية، ولم تتحمل مسؤولياتها اتجاه شعوبها ، حكومات تخاف من أنها إذا تكلمت بواقعية عن الحرب يكون هناك قلق واضطراب ، عند الناس وبالتالي فهي تسكت ، حتى أنها لم توعي ولم تهيئ الشعوب إلى الحرب ، والحرب وشيكة جدا ، هذا تصرف غير مسئول أقولها للأمانة وانطلاقا من المسؤولية ، الحكومات بما فيها حكومة البحرين لم تتصرف بواقعية ، ولم تتحمل مسؤولياتها، لأنها لم تهيئ شعوبها إلى الحرب والحرب وشيكة، وحتى لو أن الحرب لم تحدث فاحتمال حدوثها كبير جدا ، يجب أن يأخذها العقلاء بعين الاعتبار….
اكتفي بهذا المقدار واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بتاريخ 28/ ذو القعدة /1423هـ – الموافق 31 / 1 / 2003 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات