أنّ الأمّة الإسلامية المحمدية هي خير أمّة أخرجت للناس، وأنها أشرف الأمم وأعظمها درجة، قول الله تعالى: <كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ> وهذه الخيرية ترتبط بالرسالة الإسلامية والشريعة بجميع خصائصها، وفيها تشريف للرسول الأعظم الأكرم (ص) الذي صنعها بجهاده، ويمثل القدوة الحسنة فيها والسراج المنير لظلامها.
جدول زمني
إنّ الرسالة المحمدية والشريعة الإسلامية السماوية السمحة وكل ما جاء به الرسول الأعظم الأكرم (ص) من المعارف الحقة والأخلاق الفاضلة ودعى إليه من الأعمال الصالحة موافقة للعقل والمنطق والفطرة السليمة وأصل الخلقة والتكوين، وفيها صلاح الأفراد والمجتمعات ومصالحهم الحقيقية الدنيوية في دورة الحياة الكاملة العرضية في المكان والجغرافيا، والطولية في الزمان والتاريخ ومصلحتهم الأخروية، وهي أوسع رحمة بالناس من جميع الأديان والشرائع السماوية السابقة والأرضية.
إنّ اتباع الرسالة المحمدية ودين محمد (ص) يوصل الإنسان إلى كماله الحقيقي المعرفي والتربوي والحضاري، ويحقق للإنسان السعادة والطمأنينة والسكينة والابتهاج والغبطة في الدارين الدنيا والآخرة.
يستحيل عقلاً وبحكم التجربة التاريخية الطويلة كلها، وبما في أيدينا من التراث الإنساني التاريخي والمعاصر، أن يأتي بشر فرد أو جماعة بمثل ما جاء به النبي محمد (ص) شمولاً واستيعاباً دقيقاً وبتميّز نوعي لتفاصيل المسائل والقضايا والاحتياجات الفردية والمجتمعية.
على الأمة الإسلامية أن تحافظ على الرسالة الإسلامية المحمدية كما هي عليه، وتأخذها من مصادرها كما أمرت به، وتصونها من التحريف والتغيير والتبديل، وأن تعمل بها وتطبقها في جميع الأحوال والشؤون، ثم تتحمل مسؤولية وأمانة التبليغ بها بالحكمة والموعظة الحسنة إلى سائر الأمم والشعوب والأقوام.
وجود طريقة وأسلوب ووسيلة ناجحة للحفاظ على سلامة الرسالة وصيانتها من التحريف والتغيير والتبديل، والمحافظة على المصالح الجوهرية للأمة وحقوق أبنائها، وعدم السماح لأحد من الفراعنة من التعدي عليها وانتهاكها، ولم يكتفِ التنزيل (القرآن الكريم) بالتأكيد على خاتمية الرسالة الإسلامية المحمدية الأصيلة وخلودها، بل أكّد على انتصارها المطلق وظهورها التام الكامل النظري والعملي على جميع الأديان السماوية المنسوخة.
إنّ الله عز وجل أرسل رسوله محمد (ص) بالقرآن الكريم وبالدين الإلهي الحق؛ ليجعله بما هو موافق للعقل والمنطق والفطرة وأصل الخلقة والتكوين والطبع السليم، في جميع عقائده ومعارفه وأخلاقه وتشريعاته وأهدافه الإنسانية السامية ومقاصده النبيلة التي تخدم خير الإنسانية وصلاحها، واستنهاضه للعقل والفكر بما اشتمل عليه من الحجج والبراهين والبينات؛ ليجعله غالباً منتصراً ومهيمناً على جميع الأديان السماوية المنسوخة والوضعية الباطلة.
الغرض من الرسالة الإسلامية المحمدية الخاتمة ليس تعريف الأمة الإسلامية بالدين الإلهي الحق في خصوص عصر صاحب الرسالة، بل تعريف كل الأمة على امتداد التاريخ وعرض الجغرافيا في كل العصور، مما يتطلب تمامية طرق التعريف وتمامية الوسائل وسلامة التطبيق والعمل بالتشريعات على مستوى الأمة والدولة، وليس على مستوى الأفراد فقط.
تحرك الرسول الأعظم الأكرم (ص) صادعاً بدين الله الحق، بعزيمة راسخة، وهو على ثقة مطلقة بربِّه ربِّ العالمين سبحانه وتعالى، فاستجاب له في البداية الفقراء والمستضعفون واستجاب له من الأشراف، من كان منهم ذا نفس طيبة زاكية وعقل متنوّر منفتح.
يعتبر الدين الإسلامي الحنيف ديناً عالمياً خالداً للبشرية قاطبة بدون استثناء، فيجب على كل أحد من الناس الرجوع إليه، منذ إعلان الدعوة بعد نزول الوحي على الرسول الأعظم الأكرم (ص) في غار حراء في شمال مكة المكرمة على امتداد التاريخ وامتداد الجغرافيا، وحتى انقضاء حياة الإنسان على وجه الأرض.