عناد فرعون وعرضه المبارزة مع السحرة

<وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ 56 قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ 57 فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى 58 قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً>[1].

<وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ>

الخطاب بلسان القدرة جل وعلا، بأنه سبحانه تعالى أرى فرعون آياته التسع كلها: اليد البيضاء، والعصا وغيرهما من الآيات الآفاقية والأنفسية والمعجزات التي أظهرها الله تبارك وتعالى وبيّنها على لسان نبيه الكريم موسى الكليم (عليه السلام)، بالإضافة إلى محتوى الرسالة السماوية التي بلغّها  به موسى الكليم وأخاه ووزيره هارون (عليه السلام)، وعرّفه حقيقتها ودلالتها القاطعة على صدق النبوة والرسالة، فما ارعوى ولا استقام، وإنما كذّب بها وتولى؛ عناداً، وامتنع عن قبولها والانصياع إلى الحق واتباعه، وجادل بالباطل ليدحض به الحق ويضل الناس عن الهدى والاستقامة، وذلك من أجل البقاء في السلطة، والهيمنة على الثروة، وفرض السيطرة على مقدرات الشعب والدولة، والتمتع بالامتيازات الملكية والسلطانية.

وحينما يكون الخطاب بلسان القدرة الإلهية، ونسبة الله سبحانه وتعالى الآيات إلى نفسه، فهذا يعني: بلاغة البيان وتمام حجية الآيات، وأن الله تبارك وتعالى قد أرى فرعون الآيات كما هي عليه في نفسها، وكشف له عن حقيقتها ودلالتها.

ومع ذلك: فقد رفضها ولم يقبلها وكذب بها، ورفض الإيمان والطاعة والانصياع إلى الحق الذي عرفه واتباعه والعمل بمقتضاه، وأصرّ على الكفر لعتوه، أي: إن الآيات كانت في غاية الوضوح ومنتهى الدلالة على صدق النبوة والرسالة، وضيقت الخناق على فرعون فلم يكن في وسعه رد الدليل بالدليل والبرهان بالبرهان، فلجأ إلى الغدر والافتراء بهدف التضليل وصرف الناس عن رؤية الحق واتباعه، فوصف المعجزات الباهرات والآيات البينات بالسحر، وذلك: بهدف ملامسة تأثيرها البالغ في النفوس، والتشكيك فيها، على غرار ما يفعله المبطلون في مواجهة معجزات الأنبياء الكرام (عليهم السلام) وبيانهم في جميع الأمم، قول الله تعالى: <كَذَلِكَ مَا أَتَى الذِينَ مِن قَبْلِهِم مِن رسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ٥٢ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ>[2]، لا سيما وقد شاع السحر وبرز وانتشر في مصر في ذلك الوقت، واتخذ بعداً دينياً وسياسياً في الحياة العامة والخاصة للمصريين، ولئلا يلزم عن الآيات والبينات التي جاء بها موسى الكليم (عليه السلام) الإيمان بنبوته وفرض طاعته على فرعون وملئه وقومه.

أما صفة الجنون التي جاء بها المبطلون في وصف الأنبياء الكرام (عليهم السلام) رغم أنهم سادة العقلاء في أممهم، فذلك: لأنهم خالفوا المألوف، واعتبر المبطلون المألوف الذي يحفظ لهم السلطة ويؤمن مصالحهم هو العقل والرشد، ومخالفته جنون وسفاهة.

وموقف فرعون من الآيات والبينات والرسالة، يدل على فرط عتوه وغروره وعناده، وشديد إسرافه على نفسه، وعظيم استغراقه في ذاته وأنانيته، وفي عالم المادة والحياة الدنيا، وحرصه غير المتناهي على السلطة والمصالح الدنيوية العاجلة، مما يجعل منه صورة بشرية جليلة مماثلة للشيطان الرجيم في رؤيته للأمور، وفي عتوه وعناده واستكباره على الحق وأهله ومحاربته للأولياء الصالحين.

فقد كان إبليس الرجيم في صفوف الملائكة في عالم القدس، وكان يبدو وكأنه واحدٌ منهم في طهارته وعبادته، وكان عالماً بالحقائق الملكوتية عن طريق المعاينة والمشاهدة، ومنكشفة له على ما هي عليه في نفسها، وقد خاطبه الله سبحانه وتعالى مباشرة وبدون واسطة، ومع ذلك: حين أمر بالسجود لآدم (عليه السلام) رفض واستكبر، وأصر على كفره بأنعم الله تبارك وتعالى عليه وعناده، وصمم على مبارزة الله   (جل جلاله) ومحاربة أوليائه الصالحين (عليهم السلام) وإضلال عباده؛ ليكونوا شركاءه في النار، وذلك بسبب الاستغراق في الذات والأنانية والحسد لأولياء الله الصالحين (عليهم السلام)، مما يكشف عن مدى خطورة هذا الداء الروحي والأخلاقي، حب الذات والأنانية والحسد، وفتكه البالغ بالإنسان، وخطورة آثاره المدمرة على النفس وعلى غيرها.

فجدير بكل عاقل بصير بالأمور والعواقب: أن يحذر من هذه الأمراض الروحية والأخلاقية أشد الحذر، وأن يخاف منها خوفه من الهلاك والشقاء، ويفر منها بمقدار حبه لنفسه وحرصه عليها، وأن يحرص كل الحرص وتمامه على تطهير نفسه وشفائها التام منه.

<قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ>

أي: لم يكتف فرعون بعدم قبوله الآيات والبينات التي جاء بها موسى الكليم (عليه السلام) من عند رب العالمين، ورفض الإيمان والانصياع إلى الحق والعمل بمقتضاه، وإنما كشف عما هو دفين في داخل نفسه، من أن دافعه لتكذيب الآيات والبينات ورفض الإيمان والطاعة، هو الأنانية والتعلق الشديد بالسلطة، والخوف الشديد من ضياعها وضياع المصالح والامتيازات الملكية والسلطوية القائمة عليها، وليس لشك حقيقي وعدم قناعة بالمعجزات والبينات في نفسها وفي دلالتها على صدق النبوة والرسالة، فاتهم موسى الكليم (عليه السلام) وهو النبي الكريم والولي الصالح بالتستر بالدين، واللجوء إلى السحر والتمويه تحت عنوان «المعجزات»؛ لأغراض سياسة تنافسية، وهي: الاستيلاء على السلطة والثروة ومقدرات الدولة، وإخراج الأقباط من أرضهم ووطنهم، بهدف الاستئثار مع بني إسرائيل بالسلطة والثروة والمقدرات، وذلك: وفق خطة منسقة ومتكاملة، تتضمن آليات لقلب النظام والسيطرة على الحكم في البلاد، على قاعدة: «كل من يرى الناس بعين طبعه»، والهدف من توجيه تلك الاتهامات لموسى الكليم (عليه السلام) هو التشكيك في نزاهته وقدسيته والإيحاء عن قرب إلى أنه يعمل لأغراض دنيوية تنافسية، وهي: السيطرة على الحكم والثروة والمقدرات، والاستئثار بها مع بني إسرائيل، وحرمان الأقباط منها والعمل على اقصائهم وتشريدهم وإخراجهم من أرضهم ووطنهم الذي ولدوا فيه وتربوا وترعرعوا فيه وأحبوه وارتبطوا به، وذلك: لأسباب عرقية، فهو يلجأ إلى الأساليب القذرة؛ لتحقيق أهدافه مثله في ذلك مثل كل السياسيين الذين يعملون من أجل السلطة والثروة والامتيازات ويتنافسون عليها على قاعدة «الغاية تبرر الوسيلة».

وفي ذلك ما يكفي لاستفزاز الأقباط واستثارة مشاعرهم، وتحريضهم ضد موسى الكليم (عليه السلام) ودعوته، وضد قومه بني إسرائيل الذين هم خصوم فرعون وأتباع موسى، وتنفير الأقباط من رسالته ومقاومتها ومحاربتها، بدوافع عديدة: التعصب للتراث الديني والثقافي وللعرق، والشك في الآيات وفي نزاهة موسى الكليم (عليه السلام) ودوافعه وأهدافه، والانجراف وراء المشاعر الوطنية والقومية، والخوف من الحرمان والتشرد ومفارقة الوطن إلى الأبد، والخوف من ضياع مجدهم ومجد آبائهم وأجدادهم وضياع مستقبل أبنائهم وأحفادهم من بعدهم، وهذه من أعظم المخاوف وأكثرها حساسية واستثارة للمشاعر؛ لأن الإنسان يميل بطبعه إلى وطنه وأبنائه وتراثه، ويحبهم كما يحب نفسه، ويصعب عليه فراق وطنه والخروج منه والتفريط في تراثه ومستقبل أبنائه، وهذا مما يظهر موسى الكليم (عليه السلام) على أنه عدو حقيقي لدود للأقباط ويشكل تهديداً وجودياً شاملاً لهم، فيدفعهم إلى بغضه ومحاربته ورفض دعوته، مما يدل على ذكاء فرعون وخطر مكره.

وهذا الأسلوب الخبيث الذي لجأ إليه فرعون في التعامل مع موسى الكليم (عليه السلام) ورسالته وما جاء به من الآيات والبينات من عند رب العالمين هو نفس الأسلوب الذي يلجأ إليه الفراعنة والحكام المستبدون على طول التاريخ وعرض الجغرافيا في التعامل مع الأولياء الصالحين والمصلحين المخلصين الشرفاء، من الاتهام لهم بالعنف والإرهاب وإثارة الفوضى وتعريض مصالح البلاد والعباد وأمنهم إلى الخطر ونحو ذلك من الاتهامات الجزافية الباطلة، واختلاف التبريرات الوهمية الباطلة؛ لتشويه سمعتهم والتنكيل بهم وتصفيتهم، وكل ذلك: من أجل بقاء الفراعنة والحكام المستبدين في السلطة والتمتع بالامتيازات السلطوية والتشريفات الملكية، ونحو ذلك.

<فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى>

أي: كان فرعون في غاية الثقة بقوته وبولاء قومه الأقباط وتبعيتهم التامة له، وثقته بالظفر والنصر على موسى الكليم (عليه السلام) وقومه بني إسرائيل، ولأنه كذلك، ولأنه وصف الآيات والبينات التي جاء بها موسى الكليم (عليه السلام) بالسحر، فقد أقسم: لنأتينك يا موسى بسحر يماثل سحرك، فلا يغرنّك ما عندك من السحر، فإن عندنا مثل ما عندك منه، وما يزيد عليه كماً ونوعاً، ما نستطيع به قطع حجتك وإبطال دعوتك، ولنواجهك ونبارزك به؛ لإفشال مؤامراتك ضد الشرعية والنظام الملكي الفرعوني القائم ومصالح الشعب، فأمهلنا بعض الوقت، واجعل بيننا وبينك موعداً، مكاناً وزماناً معلومين للمبارزة لا تخلفه نحن ولا أنت، على أن تكون الدعوة مفتوحة لكل الناس للحضور؛ لينظروا جميعاً وبشكل حر في أمرنا والاختلاف الواقع بيننا وبينك؛ ليفتضح أمرك على رؤوس الأشهاد، ويصدروا حكمهم العادل فيما نختلف فيه، ويحددوا خياراتهم بأنفسهم بحرية، وأن يكون مكان الاجتماع والمبارزة متوسطاً تستوي فيه المسافة بيننا وبينك، ولا يشق على الناس من أي طرف الوصول إليه بيسر وسهولة، وأن يكون مفتوحاً أو منبسطاً لا يوجد فيه ما يحجب أعين الحضور عن مشاهدة ومتابعة ما يجري بدقة حتى يظهر لهم الحق فيما نختلف فيه نحن وأنت.

والملاحظ: أن فرعون قد ترك تعيين الموعد -المكان والزمان- إلى موسى الكليم (عليه السلام)، وفي ذلك: إظهار منه لكمال اقتداره وثقته من نفسه بالظفر والفوز في المبارزة، في سبيل الرفع من معنويات ملئه وقومه، وشحذ هممهم في مقاومة دعوة موسى الكليم (عليه السلام) وعدم الانحراف وراءها.

وهذا لا يعني صدق فرعون مع نفسه وأتباعه في وصفه الآيات بالسحر، فقد فهم حقيقة الآيات واستوعبها كما هي عليه وأقيمت عليه الحجة بها، وعَلِمَ عِلْمَ اليقين بأنها من عند الله سبحانه وتعالى، وأنها أبعد ما تكون في حقيقتها عن السحر والتمويه والخداع، وأن موسى الكليم وهارون (عليهما السلام) أجل وأكرم من أن يكونا من السحرة والمشعوذين، وأن السحرة أضعف من أن يستطيعوا تهديد نظامه ودولته، أو يخرجوه وقومه من أرضهم ووطنهم، ولكنه بسبب عتوه وفرط عناده واستكباره وجهالته، أراد أن يقاتل ويقاوم إلى آخر لحظة، وأنه وإن كان يعلم بأنه لن يستطيع أن يتغلب على موسى الكليم (عليه السلام) نفسه، ولكنه يعمل ويقاتل من أجل إلباس الحق بالباطل، وتضليل الرأي العام، وقطع الطريق على الناس، والحيلولة بينهم وبين الإيمان بنبوة موسى الكليم (عليه السلام) والتصديق برسالته، مما يهدد نظامه وبقاءه في السلطة، وهو شديد التعلق بالسلطة وما يرجع إليها من المصالح والامتيازات والتشريفات، ولا يريد أن يضحي بشيء من ذلك أو يتخلى عنه تحت أي ظرف من الظروف أو لأي سبب من الأسباب.

وهذا ما يفعله الفراعنة المتسلطون والحكام والمتعنتون دائماً في طول التاريخ وعرض الجغرافيا، حيث يصفون المصلحين الأحرار والمطالبين بالحقوق بالعنف، والإرهاب، وإثارة الفوضى، والإضرار بمصالح البلاد والعباد وأمنهم؛ من أجل تشويه سمعتهم، وإيجاد التبريرات الوهمية الباطلة؛ لقمعهم وقهرهم والتنكيل بهم وتصفيتهم؛ لإسكاتهم والتخلص منهم ومن مطالبهم بالإصلاح ونحو ذلك، فالفراعنة المتسلطون لا يؤمنون بحق ولا حقيقة، ولا بمصالح الشعوب وأمن الأوطان، وإنما يفكرون فقط في أنفسهم واستمرار بقائهم في السلطة واستمرار حصولهم على مصالحهم والامتيازات السلطوية ونحو ذلك، ويتخذون من كل شيء: الدين والشعب والوطن وغيرها وسيلة من أجل ذلك، ويكفرون بكل شيء يحول بينهم وبين السلطة والامتيازات والتشريفات والمصالح، ولديهم كامل الاستعداد لارتكاب كل جريمة من أجل ما يطلبون ويرومون من البقاء في السلطة، ولا يتنازلون عن شيء إلا بمقدار ما يجبرون عليه وإلى حين استطاعتهم فيقتلون ولا يراعون في ذلك ذمة ولا عهد ولا ميثاق، وعليه: فقد لجأ فرعون إلى المراوغة والاحتيال والكذب والافتراء.

ومع كل ما سبق: أسجل نقطتين لصالح فرعون، وهما:

أ.   تأكيده على الوفاء بالوعد من الطرفين <فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنت>[3] وهذه خصلة حميدة لا تكاد تجدها عند فراعنة القرن الواحد والعشرين، الذين طبعوا على الغدر ونقض العهود والمواثيق، فلا تجد منهم الوفاء بشيء منها ما كانوا في سعة من الأمر.

ب. الحياد في اختيار المكان من جهة الموقع: متوسط بين الطرفين ويسمح لكل الناس بالحضور في يسر وبسولة، ومن جهة الكيف والطبيعة: مكشوف أو منبسط بحيث يستطيع جميع الحضور رؤية المبارزة وجميع فصولها ومشاهدتها بوضوح تام، قوله: <مَكَانًا سُوًى>[4].

وهاتان الخصلتان وإن كانتا نتيجة لثقة فرعون بنفسه وقوته وولاء الأقباط التام إليه، إلا أنك لا تجد مثل ذلك لدى فراعنة العصر؛ لأنهم مجرد بقايا عهد مضى، وهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس، ولأنهم محكومون بعقدة الاستعلاء والحرص التام على استصغار الآخر وإذلاله بسبب أو بدون سبب، وذلك للتعويض عن عقدة الشعور بالنقص، وبسبب الخواء الفكري والغيظ والانتقام من المعارضين الذين يجدون فيهم من خصال الكمال والثقة ومحبة الناس لهم ما لا يجدونه في أنفسهم.

فأجاب موسى الكليم (عليه السلام) فرعون بقوله: <مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى>[5] أي: أن يكون موعد المبارزة هو يوم الزينة، وهو يوم عيد لهم يحتفلون فيه كل عام، وفيه: يعطل الناس أعمالهم ويقطعون شواغلهم، ويتزينون فيه، ويجتمعون، فيكونون بذلك أكثر تهيئة من الناحية: الذهنية والنفسية والعملية للحضور والتفاعل، وأن يكون الاجتماع والمبارزة في وقت الضحى، حين تطلع الشمس وتبسط ضوءها، وقبل أن يشتد حرها، وذلك: لضمان حضور أكبر عدد ممكن من الناس، وضمان عدم أذيتهم من حر الشمس، أي: ضمان سلامتهم، وضمان وضوح الرؤية لفصول ومشاهد المبارزة، فقد قابل موسى الكليم (عليه السلام) ثقة فرعون في نفسه وقوته بثقة أكبر منها، وأدخل حيثيات جديدة على الزمان تضمن أكبر عدد من الحضور وسلامتهم ووضوح الرؤية لمشاهد المبارزة، مما يكشف عن ثقته بربه رب العالمين، ويقينه بصدق ما جاء به من عنده، وأنه ناصره على عدوه لا محالة، وذلك: ليعلو الحق على الباطل على رؤوس الأشهاد، وينتشر في الأقطار، ويكون أكثر ظهوراً في تلك المبارزة التاريخية الفاصلة.


المصادر والمراجع

  • [1]. طه: 56-59
  • [2]. الذاريات: 52-53
  • [3]. طه: 58
  • [4]. نفس المصدر
  • [5]. طه: 59
المصدر
كتاب اللامنطق في الفكر والسلوك - الجزء الثاني | أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى