ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ
قوله تعالى: ( ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ …) هذه الآية نزلت بعد غزوة أحد، نحن نعلم بأن المسلمين خالفوا أوامر الرسول الأعظم (ص)، بسب الضعف النفسي والميل إلى الدنيا والحرص على الغنائم، وكانت النتيجة هزيمة كبيرة للمسلمين، قتل عدد كبير من المسلمين وجرحت أعداد أخرى، وأصيب الرسول (ص) وقد حوصر في هذه المعركة وجرح جرحا بليغا في جبهته، هذه النتيجة خلقت غما وحزنا لدى المسلمين، بسب مخالفتهم أوامر الرسول (ص)، وبسب ما أصابهم من القتل والجرح والهزيمة وخسارة الغنائم…الخ
بعد هذه الحالة الآية تشير إلى طائفتين من المقاتلين مع رسول الله (ص):
الطائفة الأولى: والتي قالت فيهم الآية الشريفة ( ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ…) ليس كل الجيش وليس كل المقاتلين ولكن طائفة منكم – بعضهم – هذه الطائفة هي التي ندمت على فعلت، فعاد أفرادها إلى الرسول (ص)، وأحاطوا به، ودافعوا عنه، هؤلاء تاب الله عنهم ونزلت رحمته عليهم، أما الأشخاص الذين هربوا فهم في حالة معصية لأن التولي عن الزحف معصية ولا يمكن أن تنزل الرحمة من الله عز وجل على قوم هم في حالة معصية، فالرحمة نزلت على أولئك القوم أو الطائفة التي عادت والتفت حول الرسول (ص) ودافعت عنه.
بعد أن توقفت المعركة هذه الطائفة كانت تعاني من ثلاثة أشياء، كانت تعاني من تعب المعركة، و تعاني من الخوف، وتعاني من الندم على ما فعلت، رحمة من الله تعالى أنزل عليهم النعاس والمقصود من النعاس – هو الذي يسبق النوم، أو النوم الخفيف، أو الحالة التي تسبق النوم، حتى كان السيف يسقط من يد أحدهم فيأخذه، وكان النعاس رحمة ونعمة كبيرة جدا على هؤلاء لأن نتيجة هذا النعاس: أعطاهم قوة ونشاط إلى أجسادهم بعد التعب، ونقلهم من حالة الخوف إلى حالة الطمأنينة، وأتاح لهم فرصة أو هيئهم للتفكير بتركيز أكثر، وتدبر الأمر مع الرسول (ص) حيث كانوا قبل هذا النعاس في حالة اضطراب ولم يكونوا مهيئين للتفكير وتدبر الأمور بصورة جيدة، ولكن بعد هذا النعاس وبعد هذه الراحة أصبحوا مهيئين بصورة أفضل لأن يتدبروا الأمر مع الرسول الأعظم (ص).
خطبة الجمعة
7 / ربيع الأول /1424هـ – الموافق 9 / 5 / 2003 م
مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات