لماذا لم يتصدى الإمام الصادق عليه السلام للحكم؟
الحكم الأموی ینهار، الأمة متشوقة لأن ترى أهل البیت علی منصة الحكم، فلماذا لم یتصدی الإمام الصادق(ع) للثورة وبعد ذلك یتسلم زمام الحكم في البلاد الإسلامیة؟
في سبیل أن یكون البحث أكثر وضوحاً فإني أجیب على لسؤال من خلال التعرض علی وظائف الإمام في الحیاة الاجتماعیة.
الإمام كالرسول، یمارس ثلاث وظائف فی الحیاة الاجتماعیة:
الوظیفة الأولی: التبلیغ عن الله عزوجل قوله تعالی: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)[1].
الوظیفة الثانیة: إعطاء الأسوة الحسنة والقدوة الحسنة من نفسه للناس فی الدین: (لَقَد كانَ لَكُم في رَسولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ).
الوظیفة الثالثة: الحكم والقضاء، قوله تعالی: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ).
الإمام الصادق (ع) استثمر هذه الفترة، فترة انهيار الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية، ونشر علوم أهل البيت (ع).
وأصبحت العلوم التي نشرها الإمام (ع) تمثل الركیزة الأساسیة لمدرسة أهل البیت لأنه لم یتح لأي إمام ما أتیح له (ع)، لهذا سمي الشیعة الاثنی العشریة بالجعفریة.
فالآن نحن ندرك أن الفائدة الحقیقیة للمسلمین هي القیام بعملیة التبلیغ من الامام (ع)، ونتوصل إلی ثلاث نتائج أساسیة:
الأولی: أهمیة الدعوة إلی الله ببصیرة، فالتخبط لا ینفع الدین فینبغي تشخیص الأهم والمهم.
الثانیة: إن الإمام الصادق كسائر الائمة علیهم السلام لیست لدیهم شهوة الحكم وإنما هم ائمة بررة.
الثالثة: إن الإمام الصادق والائمة جمیعاً (ع) لا یعملون فقط لزمانه، وإنما عمله مؤثر ومصلح للمسیرة الإسلامیة وتاریخها الطویل، فهو من ذلك الوقت إلی الآن یصلنا عمله ونستفید منه، وكل ذلك بفضل بصیرته الثاقبة، وهناك من یبصر بمستوی مكانه وزمانه المحدودین، وهناك من لا حدود في بصیرته للزمان والمكان، ویعطی العطاء حتی یرث الله الأرض ومن علیها.