الولاية والمعارضة
رغم تأكيد الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” على أنه الإمام المفترض الطاعة في التشريع والحكم والقضاء بالنص الإلهي على إمامته ، إلا أنه لم يتخذ ذلك سبيلا لمنع الرأي الآخر ومنع مراقبة الحاكم والمسؤولين في الدولة ومحاسبتهم ، بهدف التصحيح والتطوير في المجتمع والدولة .
فقد سمح للمدارس الفكرية بالظهور ودعاها للحوار والمناقشة ، وناقش آرائها مناقشة علمية تقوم على الحجج الشرعية والبراهين العقلية ، ورفض سياسة الانغلاق والسباب والشتم والعنف والخداع ، لأن هدفه في الحياة ، هداية البشرية وإنقاذها من الجهالة والضلال .
ومارس المعارضة النزيهة الصادقة ، وسمح لظهورها وإبداء رأيها في كل الشؤون العامة : السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها في فترة حكمه ، ولم يتعرض للقائمين على المعارضة بسوء ، ما لم يخرجوا على قواعد المعارضة وشروطها الشرعية واستخدامها كوسيلة للإفساد في الأرض والاخلال بالنظام العام والإضرار بالمصالح العليا للمسلمين.
فلم يبطش بهم ، ولم يكرههم على الالتزام بسياسته ، ولم يحرمهم من حقوقهم الطبيعية ، ولم يقطع معهم سبل الحوار ، ولم يمنعهم العطاء من بيت المال ، ومن أخل بالقواعد والشروط قام بمواجهته سياسيا وعسكريا ـ بمقدار الحاجة بدون إفراط ولا تفريط ـ حفاظا على الدين والنظام والمصالح العليا للمسمين ، وليس من أجل الاستبداد بالرأي والدكتاتورية في الحكم.
وأدار الحكم على أساس الشورى ، وسمح للأمة بالمراقبة والمحاسبة والنقد ، ورتب على ذلك آثارا فيما يتعلق بالمواقف والولاة والمسؤولين في الدولة.