دروس من حياة الإمام الحسن عليه السلام

مقتطفات من مشاركة فضيلة الأستاذ عبد الوهاب حسين في مولد الإمام الحسن “ع”

مأتم البدع | 15 رمضان | 10 نوفمبر 2003م

يجب العلم بكفاءة وإخلاص القيادة ، وأنه لا يصح اتخاذ القيادة قبل ذلك ، وأن القيادة المعلوم عصمتها يتحقق العلم بكفاءتها وإخلاصها من العلم بعصمتها ، أما القيادة غير المعصومة ، فإن العلم بكفاءتها وإخلاصها إنما يتحصل من خلال التجربة والامتحان ، ويجب إخضاعها لذلك قبل تقليدها منصب القيادة ، وبدون ذلك يحصل التفريط في المصالح الحيوية للإسلام والمسلمين والوطن والموطنين ، وضياع الحقوق وتخلف الأوضاع ، وهذا ما يحدث فعلا في بلاد العرب والمسلمين على الصعيد الرسمي والشعبي ، بسبب المجاملة ، وبسبب سيطرة الأسماء والعناوين على الحقائق والكفاءات في اختيار القيادات الرسمية والشعبية ، وما لم يتغير هذا الحال السيئ ، فإنه لن تتطور أوضاع المسلمين ولن تتحسن ، ولن يحصلوا على حقوقهم المسلوبة منهم ظلماً وعدواناً.

ومن جهة ثانية : فإن القيادة لا يمكن النظر إليها بعيداً عن القضية ، فبين القيادة والقضية توحد ولا يمكن الفصل بينهما ، فلا يمكن تصور تقييم أداء القيادة بعيداً عن دورها وقدرتها الفعلية في خدمة القضية وتطويرها ، فإن في ذلك إجحاف بحق القضية وتضييع لها ، وفيه تقليل من قيمة القيادة ، وتحويلها إلى قيادة صورية فاقدة للقيمة الحقيقية ، أي فيه تفريط في أهم مركز وظيفي في المجتمع والدولة وخدمة القضايا الإسلامية والوطنية ، فإذا كان هذا هو حالنا مع القيادة ، فكيف سيكون حالنا مع الوظائف الأقل أهمية ، سوف يكون بالطبع تفريطنا فيها أكبر . وهل يوجد أيها الأحبة الأعزاء : طريق إلى التخلف وتضييع الحق والحقوق أفضل من هذا الطريق ؟ الجواب : طبعاً .. لا.

أن القيادة لا يمكن أن تتخذ مواقفها بعيداً عن القاعدة ، وذلك لأن القاعدة تمثل ساحة عمل القيادة وموضوع اهتمامها ، ومعتمدها وركيزة قوتها ، فإذا فقدت القيادة القاعدة أو ضيعتها ، فقد فقدت ساحة وموضوع عملها وقوتها ، وأصبحت فاقدة للقوة ولساحة وموضوع العمل ، وعليها أن تغلق دكاكينها وتغادر ساحة العمل ، لأنها عملها أصبح عبثياً وبدون موضوع ، فإذا فرضنا بأن القيادة مقتنعة بموقف معين ، والقاعدة غير مقتنعة بالموقف وغير مستوعبة له ، فإن الحكمة تقتضي بأن تؤجل القيادة اتخاذ الموقف ، حتى يتم إعداد القاعدة له.

وهذا لا يعني أن تقود القاعدة القيادة ، فتكون العربة أمام الحصان ، وإنما يعني أن تتواصل القيادة مع القاعدة ، وأن تسعى لخلق توجهاتها عن طريق التواصل والإقناع وتهيأتها للمواقف المطلوبة من القيادة ، ولا تتخذ الموقف قبل ذلك ، فهذا هو الطريق الوحيد للقيادة الناجحة ولتماسك الجماعة وقوتها ونجاحها في تحقيق أهدافها وحماية مصالحها ومكتسباتها ، وليس القيادة الناجحة هي التي تنعزل عن قواعدها وتترك أمر التوجيه وخلق التوجهات فيها لغيرها ، ثم تمارس القيادة الفوقية بإصدار الأوامر للقاعدة ، وتتوقع من القاعدة التنفيذ والانصياع لأوامرها ، فهذا هو طريق القيادة الفاشلة وتفكك الجماعة وضعفها وفشلها في تحقيق أهدافها وفي الدفاع عن حقوقها المشروعة ومكتسباتها وصيانتهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى