“برنامج النصر”

( استعينوا بالله واصبروا ) حينما يقول موسى لقومه: ( استعينوا بالله ) فهو يحاول أن يرفع من معنويات قومه، فلما نفذ فرعون وعيده بقتل الأبناء واستحياء النساء، يبدو أن الرعب دخل إلى قلوب بني إسرائيل، لاسيما وأنهم عاشوا تجربة سابقة، وأن عهدهم بالإيمان جديد، فلم يستوعبوا التجربة الجديدة والوضع الجديد، لذلك تأثرت معنوياتهم، ودخل الخوف إلى قلوبهم، وقد أراد موسى (ع) أن يرفع من معنويات بني إسرائيل، وأن يقول لهم بأن هدفكم عظيم، وطريقكم واضح، والتحديات والصعوبات أمر طبيعي، وأن عليكم أن يكون لكم برنامج عمل لتحقيق أهدافكم، وقد طرح موسى (ع) برنامج عمل تحقيق النصر من قسمين:

القسم الأول: (استعينوا بالله) والاستعانة بالله تعني ثلاثة أمور رئيسية:

الأمر الأول: الالتزام بالمبدأ الإلهي في الحياة.
الأمر الثاني: الواقعية في العمل، بمعنى توفير الأسباب الموضوعية، المادية والمعنوية، التي يتحقق النصر من خلالها، وهذا الفرق بين التوكل والتواكل.
الأمر الثالث: الإيمان بأن الله عز وجل، ينصر عباده المؤمنين، وأنه قادر على قلب الموازين، سواء كانت هذه الموازين سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو غيرها. كما في قوله تعالى: (لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) فالميزان العسكري كان لصالح قريش، ولكن الله قلب هذا الميزان، وهذا يعني ضرورة وجود مشروع ثقافي لتحقيق النصر.

القسم الثاني: (واصبروا) الصبر يعني أمرين أساسيين:

الأمر الأول: أن العقبات والتحديات أمر طبيعي، والمطلوب هو الثبات، فالصبر يعني الثبات في مواجهة التحديات والصعوبات.

الأمر الثاني: الصبر يعني النفس الطويل، وعدم استعجال النتائج، وعدم طي المراحل، فعلينا أن نصبر، ولا نستعجل النتائج، فالنصر قادم، وكما أكدنا في الفقرة الأولى على ضرورة وجود المشروع الثقافي، فإننا نؤكد هنا على ضرورة وجود المشروع السياسي.

الأستاذ عبدالوهاب حسين

خطبة الجمعة
11 اكتوبر 2002

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى