من كلمات الأستاذ في مجلسه مساء الاثنين ـ ليلة الثلاثاء
كان مجلس الأستاذ حاشدا بالحضور ، وكان من جملة من حضر عدد من قيادات جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ، وهم : الدكتور عبد علي محمد حسن ، والسيد حيدر الستري ، والأستاذ الشيخ محمد علي السندي ، والشيخ محمد علي مزعل ، والمهندس جلال فيروز ، وحضر وفد من قرية مهزة ـ سترة ، وذلك للتضامن مع الأستاذ بشأن فصله التعسفي عن عمله كأخصائصي إرشاد إجتماعي بوزارة التربية والتعليم ، وقد أكدت قيادات الوفاق الحاضرة في المجلس تضامنها الصادق مع الأستاذ ووقوفها إلى صفه ، وأنها سوف تلتزم برغبة الأستاذ في طرح قضية فصله عن عمله في بعدها العام وليس في بعدها الشخصي . وكان وجود قيادات من الوفاق في مجلس الأستاذ فرصة ذهبية للحوار الشفاف بينهم وبين الحضور ، وقد دار الحوار في أغلبه حول أداء الكتلة ومنهجية الوفاق في العمل السياسي والتعاطي مع السلطة . ورغم سخونة الحوار وما صاحبه أحيانا من إنفعال ، إلا أنه كان مفيدا ، وكشف عن الأخوة الصادقة والمودة الحميمة بين المؤمنين ، وهذا ما أكده الأستاذ الشيخ محمد علي السندي ، وقال الأستاذ عبد الوهاب في تعليقه على الحوار : إن هذه الحوارات التي تتناول المسائل المختلف حولها بين المؤمنين في العمق بصدق وشفافية وبصورة مباشرة ، رغم السخونة وحالة الانفعال التي تصاحبها ، فإنها الطريق إلى الاطمئنان واليقين لمن يطلبهما ، ودعا إلى الاستمرار فيها مع مراعاة الاداب والحقوق المتعلقة بها . ومن كلمات الأستاذ في المجلس :
• قال تعليقا على التصريح الصحفي لنبيل العسومي المسؤول في العلاقات العامة في وزارة التربية والتعليم : إنه في أواخر ( عام : 2005م ) تقدم بكتاب إلى ديوان الخدمة المدنية يطلب فيه العودة إلى عمله في وزارة التربية والتعليم وفق الأمر الملكي الذي يمنحه هذا الحق ، وبعد اسبوعين تقريبا من تاريخ الكتاب اتصلت به موظفة من ديوان الخدمة المدنية وسألته : لماذا تأخرت في طلب العودة إلى العمل ؟ فأجابها : لم تكن لي رغبة في السابق والآن أرغب في العودة ، فلم تعترض ، ولم تشير إلى أية إجراءات مطلوبة من أجل العودة ، وبتاريخ : 23 / يناير / 2006م اتصلت به وزارة التربية والتعليم وسلمته خطاب إلى مدير مدرسة طارق بن زياد الاعدادية للبنين بتسليمه عمله فيها كإخصائصي إرشاد اجتماعي وفقا للمكرمة الملكية ، ولم يطلب منه في وزارة التربية والتعليم حين تسليمه الخطاب القيام بأية إجراءات ، وكان ذلك قبل إجازة الربيع بيومين ، وبعد الإجازة عاد إلى عمله بشكل طبيعي ، ثم بعد عشرة أيام تقريبا من العودة بعد الإجازة ، إتصلت به إدارة الموارد البشرية في وزارة التربية والتعليم ـ وهي الجهة التي سلمته سابقا الخطاب بالعودة إلى العمل ـ وطلبت منه صورة شهادة ميلاد ـ إن وجدت ـ وصورة لعقد الزواج ، والشهادة الجامعية ، وفحص طبي ، وشهادة حسن سيرة وسلوك من وزارة الداخلية ، فقال : أنا عدت إلى عملي وفقا للأمر الملكي الذي يمنحي حق العودة إلى عملي ، ولي حق احتساب : سنوات الخدمة ، وجميع الرتب المتصلة بها ، وأربع رتب اضافية ، وهذه الاجراءات التي تطلبونها غير مطلوبة للعودة وفق هذا الأمر ، ولم تطلب من غيري ، وهذا تراجع منكم عن تنفيذ الأمر الملكي ، ولن أعمل هذه الاجراءات لأنها غير مطلوبة وفيها تمييز ضدي ، وسوف استمر في ممارسة عملي ، وخذوا أنتم ما تشاؤون من إجراءات ، فقال الموظف : إن ملفك مفقود ونحن نريد عمل ملف جديد لك ، فقال له : لم يفقد إلا ملفي أنا !! إن ديوان الخدمة المدنية لم يعدني إلى عملي قبل أن ينظر في ملفي ، فقال الموظف : إن ديوان الخدمة المدنية هو الذي طلب منا ذلك ، فقال له : أنا لم أكتب إليكم وإنما كتبت إلى ديوان الخدمة المدنية ، وهو الذي كلفكم بإعادتي إلى عملي وفقا للأمر الملكي ، وهو لم يفعل ذلك قبل النظر في ملفي . وفعلا عدت إلى عملي وجرت بيني وبين الوزارة مراسلات حول هذا الموضوع ، وقد رفع مكتب المحامي حسن رضي ـ وهو وكيلي في الدفاع ـ قضية ضد وزارة التربية والتعليم ، وحصلنا بتاريخ : 28 / اكتوبر / 2008م على حكم بحقي في استلام رواتبي ثم جاء الفصل بعد ذلك . وما أشار إليه العسومي هو قانون يتعلق بالاجراءات المطلوبة للمرشحين لاستلام وظيفة عامة ، وأنا عائد إلى عملي وفق الأمر الملكي ولست موظفا جديدا ، وهم حينما فصلوني من العمل فقد اعترفوا بأني موظف في الوزارة ، والاجراءات المطلوبة هي إجراءات أساسية تسبق التوظيف وليست لا حقة بعد التوظيف ، وأكد بأن هذا التصرف من المسؤولين في ديوان الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم لا يعد إهانة له ، وإنما هو إهانة إلى الملك ، لأن المسؤولين الذين يقفون وراء هذا التصرف من ديوان الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم ، قد وضعوا أنفسهم فوق الأمر الملكي ، ولم يحترموه ، ولم يطبقوه كما هو ، ومارسوا التمييز ضد المواطنين بشكل واضح ، وأكد بأن قرار فصله ، هو قرار سياسي بامتياز ، ولا صلة له بالقانون من قريب أو بعيد .
• وقال بخصوص ممارسة النقد : النقد حق وأساس للإصلاح والتطوير ، فلا يمكن تحقيق الإصلاح والتطوير في أي حقل من حقول الحياة بدون النقد ، سواء كان الحقل نظريا ، مثل : الفكر والفن والأدب ، أو عمليا ، مثل : السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية . وقال : أنا أذهب إلى أكثر من ذلك ، أنا أرى بأن النقد من صميم عقيدة التوحيد ، وأن الإنسان لا يكون موحدا إلا إذا كان ناقد ، لأن الله سبحانه وتعالى لا يعبد إلا بالحق والعدل ، والإنسان الموحد يقوم دائما بعملية ملاحقة للحق في الاطروحات وللعدل في المواقف ، ولا يمكنه القيام بعملية الملاحقة هذه بدون ممارسة النقد . وقال : لما سألني أحد العلماء الآجلاء عن شعوري تجاه النقد الذي يمارس ضدي ، قلت له : إذا كنت تسأل عن الأذى والضرر ، فهذا النقد لا يؤذيني وإنما يسرني لأن من شأنه أن يظهر الحق لمن يطلبه ، وأعتقد جازما : بأن من يختلف معي لا يستطيع أن يضرني بشيء حتى لو أراد ذلك ، وإذا كنتُ جوهرا إنسانيا جيدا ، فهذا النقد يصقلني ويفيدني كثيرا .. أما ما هو أكثر أهمية لدي : فإن هذا النقد ـ بحسب عقيدتي ـ يصب في سعادتي ، لأن الأطروحات العامة التي أقدمها إذا كان فيها شيء من الباطل ، والمواقف العامة التي اتخذها أو أدعوا إليها إذا كان فيها شيء من الخطأ ، فإني سوف أكون أكثر من يشقى بها في يوم القيامة ، ومن سعادتي أن ينكشف ما في أطروحاتي العامة من الباطل ـ إن وجد ـ وما في مواقفي العامة من الخطأ ـ إن وجد ـ لكي لا أشقى بهما وأخزى أمام الله عز وجل في يوم القيامة ، فقال العالم : حتى لو كان النقد علنيا ، فقلت له : حتى لو كان النقد علنيا ، بل المطلوب أن يكون علنيا ، فماذا استفيد أن أعرف أنا الباطل في أطروحاتي العامة والخطأ في مواقفي العامة بين الجدران المغلقة ، وهي تسير بين الناس بشرها ، أنا أريد أن ينكشف الباطل في أطروحاتي العامة ـ إن وجد ـ والخطأ في مواقفي العامة ـ إن وجد ـ علنا بين الناس ، لكي لا أشقى وأخزى بهما أمام الله عز وجل في يوم القيامة ، ولهذا قلت بصراحة لبعض المؤمنين : أن من حقي عليكم أن تمارسوا النقد ضد أطروحاتي ومواقفي العامة علنا بين الناس . ومن الناحية النفسية والروحية والعملية : أنا غير مستعد لتحمل أية مسؤولية عامة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة والنقد من الناس ، لأن ذلك من شأنه أن يضعفني نفسيا وروحيا ويغريني بالخطأ والانحراف ، والقاعدة : لن أتحمل أية مسؤولية عامة إلا إذا تحمل الناس مسؤوليتهم في المراقبة والمحاسبة والنقد ، وإلا قبلت بالشقاء لنفسي ، وهذا بخلاف العقل والحكمة والدين . وأكد الأستاذ : بأن القضية الجوهرية بالنسبة إليه ، هي : رضى الله عز وجل وحسن العاقبة ، وأنه يمارس النقد تحت تأثير هذا القضية ، وأنه لن يجامل أحدا على حسابها ، وقال : حتى الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) هم في عقيدة التوحيد وسيلة إلى الله سبحانه وتعالى وليسوا غاية ، قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ( المائدة : 35 ) فكيف بغيرهم ؟! وأكد من جهة ثانية : بأن للنقد آداب يجب على المؤمنين الالتزام بها ، منها : العلمية والموضوعية ، وحفظ حرمة الناس والمؤمنين خاصة ، وعدم بخس الناس أشياءهم ، قال الله تعالى : { وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ( الأعراف : 85 ) ومن بخس الحق : أن تتجاهل كل حق في أطروحات الآخر وكل عدل في مواقفه .
• وقال بخصوص المشاركة البرلمانية : إن السلطة قد جعلت بتصرفاتها النواب في الحقيقة مجرد أو بصفة وجهاء منتخبين ، فهم يقومون بالسفر إلى الوزير الأول وسائر الوزراء ليؤدوا دور الوجهاء مع الوزراء والمسؤولين في الدولة لحل مشاكل الناس ومعالجة قضاياهم ، ولا يقوموا بدور النواب في التشريع والرقابة على أعمال الحكومة ، وهذا يكشف عن حقيقة المؤسسة البرلمانية ورؤية السلطة لها أكثر ما يكشف عن كفاءة النواب ، وقال : لا يغير في هذه الحقيقة شيئا ما يقوم به النواب من محاولات على صعيد التشريع والرقابة ، لأنها مقيدة بقيود المؤسسة ، ولا تنتج إلا ما تريده السلطة ، فالعيب أكثر في المؤسسة وليس في الأعضاء ، وقال : إن الرسالة التي تبعث بها السلطة إلى المواطنين من خلال هذه الممارسات : أن الحل والعقد بيدها وحدها ، وهي التي تعطي وتمنع لا غيرها ، وعلى المواطنين إذا أرادوا شيئا التوجه إليها ، وترك النواب يتكلمون في المجلس ، فهي سعيدة بوجودهم وكلامهم هناك ، حيث أنهم صورة تجميلة لوجه النظام لا غير .
صادر عن : إدارة موقع الأستاذ .