أضواء على الطريق
المناسبة : مولد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ( ع ) .
التاريخ: 29 أغسطس 2004م
ملاحظة : كتبت الكلمة لإلقائها موزعة في أكثر من مكان ، ونظراً لإلغاء الاحتفالات بسبب الاعتصام المفتوح الذي دعا إليه أصحاب السماحة العلماء ، فقد تقرر نشرها .
أعوذ بالله السميع العليم ، من شر نفسي الأمارة بالسوء ، ومن شر الشيطان الرجيم .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين .
اللهم صل على النبي المصطفى محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ، اللهم ارحمنا بمحمد وآل محمد ، واهدي قلوبنا بمحمد وآل محمد ، وعرف بيننا وبين محمد وآل محمد ، واجمع بيننا وبين محمد وآل محمد ، ولا تفرق بيننا وبين محمد وآل محمد طرفة عين أبداً في الدنيا والآخرة يا كريم
اللهم معهم .. معهم لا مع أعدائهم .
السلام عليكم أيها الأحبة ..
أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله تعالى وبركاته .
في البداية : لا تمنع الأوضاع المأساوية التي يعيشها النجف الأشرف وعموم العراق ، من أن نرفع أسمى التهاني إلى مقام إمامنا ومولانا وسيدنا وشفيعنا يوم القيامة الحجة بن الحسن العسكري ( أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ) وإلى مقامات مراجع الأمة وفقهائها وعلمائها ، وإلى كافة المؤمنين والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وإليكم – أيها الأحبة الأعزاء – بمناسبة مولد إمام الموحدين ، وقائد الغر المحجلين ، الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
بل أيها الأحبة الأعزاء : نحن في مثل هذه الظروف والفتن الحالكة المضلة ، نكون أشد حاجة للاقتراب من أهل البيت عليهم السلام وإحياء ذكراهم والوقوف على سيرتهم الطاهرة ، فهم الأسوة الحسنة والسلوى لقلوب المؤمنين في محنهم الشديدة ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى من أجل الانعتاق والخلاص والفوز والظفر بالأعداء . وكان زمان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام مليء بالفتن العظيمة ، وكان فيها الفيصل بين الحق والباطل والهادي من الضلال { علي مع الحق .. والحق مع علي } وكان النور الذي يضيء طريق الموحدين في ظلمات تلك الفتن .. ولا يزال كذلك في كل فتنة مضلة ، وكان الأسوة الحسنة في إيمانه وبصيرته وصبره وجهاده .. ولا يزال كذلك لكل مؤمن ، وبالتالي فإن شعورنا بنعمة ولايته وأهل بيته عليهم السلام يكون أكبر في مثل هذه الظروف ، كما أن قيمة الحفاوة بذكرى مولدهم تكون أعظم .
أيها الأحبة الأعزاء : لم تحتفل الأمة الإسلامية بمولد أمير المؤمنين على ابن أبي طالب عليه السلام في ظروف كما هي اليوم ، فنحن نحتفل هذه الأيام بمولده الشريف ، وحرمه المعظم والعراق عموماً بل الأمة الإسلامية بأسرها يمرون بمحنة وبلاء شديدين ، يمثلان – حسب تقديري – مخاضاً لولادة عهد جديد ليس للعراق فحسب ، وإنما للأمة الإسلامية بأسرها ، كما سيوضح في آخر الحديث .
وسوف أجعل الحديث على ثلاثة محاور رئيسية ، مع التنبيه إلى أن الهدف من الحديث : هو رسم بعض المعالم الرئيسية في الموضوع ، وليس الدخول في التفاصيل ، مع الحرص الشديد على تجنب ما يسيء إلى من يجب عدم الإساءة إليهم …
المحور الأول – مأزق المشروع الأمريكي في العراق …
إن محنة العراق عامة والنجف الأشرف خاصة ، تسلط الأضواء الكاشفة على حقيقة المشروع الأمريكي الشرق أوسطي .. ومستقبله ، ولا تترك لأحد عذراً للتساؤل أو التشكيك حول حقيقته القذرة ، فهو مشروع استعماري استكباري قذر وخطير ، يستهدف حضارة المنطقة وتاريخا وثقافتها ودينها وإنسانها قبل أن يستهدف ثرواتها ، ويسعى لتسخير جغرافيتها وموقعها الاستراتيجي لتحقيق أهداف أمريكا الاستكبارية والاستعمارية كأكبر قوة عظمى في العالم ، ويسعى لتعطيل دور المنطقة التاريخي على الساحة الدولية في نشر الدين والثقافة والحضارة الإسلامية .. لا سيما في أمريكا وأوربا ، ويهدد حاضر المنطقة ومستقبلها أسوء تهديد ، ولم تعد كذبة التحرير والديمقراطية تنطلي على أي عاقل شريف في العالم .
إن محنة العراق والنجف الأشرف جعلت أمريكا ومشروعها في مأزق شديد ، وجعلت حكومات المنطقة في راحة ومأمن من تهديدات المشروع الأمريكي الذي هددها بنشر الحرية والديمقراطية في المنطقة ، وقد تداعت لرفضه رغم خنوعها وارتجافها من أمريكا ، لأنه وضعها بين خيارين ..
الخيار الأول : الخضوع للإرادة الأمريكية بالتنازل عن بعض الامتيازات والمكاسب المحرمة لأبناء الشعوب .. أي تنازلها عن السلطة المطلقة ، وهذا ما لا ترغب فيه .
الخيار الثاني : أن تفقد كراسيها للأبد كما فقده صدام حسين في العراق ، وهذا ما لا تريد حدوثه أبدا .. أبداً ، وإن كان الثمن أن تتوجه في صلاتها وتسبيحها إلى البيت البيض .
وهنا أرغب في الإشارة إلى بعض الملاحظات …
الملاحظة الأولى : التقاء الإرادة الأمريكية مع إرادات حكومات المنطقة في ضرب الإرادة الشعبية والحيلولة دون استقلالية شعب العراق ، وأن لا يكون للشيعة خاصة : أي دور سياسي فاعل يتناسب مع حجمهم الشعبي .. لا في الحاضر ولا في المستقبل ، وذلك لكي لا تكون الدولة في العراق – حسب الإرادة الأمريكية – متحالفة مع إيران وسوريا وغيرهما في مواجهة المشروع الأمريكي الشرق أوسطي – وهذا خلاف ما جاءت من أجله إلى العراق – ولكي لا يتشكل وجود سياسي مغاير للوجودات السياسية في المنطقة ويمثل تهديداً لها – حسب إرادات حكومات المنطقة ورؤيتها إلى الأمور السياسية : الداخلية والخارجية ورؤيتها إلى مصالحها .
الملاحظة الثانية : إن من أهم أهداف المشروع الأمريكي الشرق أوسطي سياسياً ، هو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ، خدمة لأهدافها الاستراتيجية الكبرى في المنطقة .. والعالم ، وأنها لا تجد أي عقبة حقيقية تقف في وجهها من قبل الحكومات ، وإنما المشكلة كلها مع الشعوب التي ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني لأسباب دينية ووطنية ، وتطالب بالقضاء عليه لعدم شرعية وجوده ، وهذا ما أثبتته التجربة في مصر والأردن والمغرب وموريتانيا وغيرها من الدول العربية والإسلامية التي لحكوماتها علاقات صداقة طويلة مع الكيان الصهيوني ولم تتغير بعد مواقف شعوبها ، ولهذا فأمريكا تسعى لمساومة الشعوب العربية المقهورة والغاضبة من حكوماتها المستبدة على النحو التالي : أن تضغط أمريكا على الحكومات في سبيل حصول الشعوب المقهورة على بعض حقوقها ومنها حق المساهمة ولو جزئياً في صناعة القرار ، على أن تقبل الشعوب بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني كرد لجميل أمريكا عليها ، مستفيدة في ذلك من غضب الشعوب على حكوماتها المستبدة وأنظمتها الدكتاتورية ، ذلك الأمر الذي هيأ شرائح من أبناء الشعوب للقبول بالتدخل الأجنبي في سبيل الخلاص من عذابات هذه الحكومات المستبدة الظالمة ، وهي وحدها تتحمل مسؤولية العواقب التي تحدث على أرض الواقع ، وعليها أن تتعظ من النموذج الحاصل في العراق الجريح .
أما الأداة فهي : عناصر من قليلي البصيرة والاتعاظ من المنتفعين على حساب الدين والوطنية والثقافة والتاريخ ، وعلى حساب جروح وآلام المستضعفين والمعذبين من أبناء الشعوب ، والركوب على ظهورهم وباسمهم تحت عنوان تقديم الحرية والديمقراطية المزيفة التي تعدهم بها أمريكا .
وبهذه المناسبة فإنني أأكد لكم ولكل الشعوب العربية والإسلامية : بأن الحرية والديمقراطية لا وجود لها أبداً في جعبة أمريكا ، ولا يمكن الحصول عليها من خلال الوعود من أي طرف كان في الداخل أو الخارج ، فالطريق الوحيد للحرية وتحصيل الحقوق ، هو النضال الشامل المبرمج والدؤوب والدخول في جولات عديدة في أكثر من حلبة صراع بأشكالها العديدة بالنفس الزمني الطويل الممتد الذي لا ينقطع .
الملاحظة الثالثة : إن المأزق الحالي لأمريكا في العراق يمثل فشلاً ذريعا للمشروع الأمريكي ، ويخدم أكثر ما يخدم مصالح الحكومات التي اطمأنت لفشل المشروع الأمريكي الواعد بالحرية والديمقراطية في المنطقة ، فلن يكون لأمريكا بعد اليوم أي مستقبل سياسي ، ولن تحظى كافة مشاريعها بأي فرصة للنجاح لدى الشعوب ، ولن يكون لها من المصالح إلا ما هو حرام وتحصل عليه بالقوة وفرض الأمر الواقع على الشعوب ، لأن الشعوب فقدت ثقتها بالكامل في أمريكا وكافة مشاريعها ، ومن يروج اليوم للمشاريع الأمريكية ، فسوف يكون مفضوحاً ومرفوضاً شعبياً ، ولن ينجح في التسويق لها ، وهذه هي المرة الأولى التي تستطيع الحكومات العربية أن تنتصر سياسياً على الإدارة الأمريكية ، وذلك ليس بفضل جهود ومساعي الحكومات العربية ، وإنما بفضل وعي الشعوب وجهاد الشعب العراقي المظلوم وحماقة الإدارة الأمريكية الحالية ، وأن المستقبل الأسود ينتظر أمريكا ، لأن جبار السماوات والأرض لن يدعها ، وسوف ينتقم منها قريباً – إن شاء الله تعالى – بسبب اعتدائها على حرم أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام الذي هو حرم الله تعالى وهو حاميه والمدافع عنه أمام كافة الأعداء إلى الأبد …
المحور الثاني – الوضع في النجف الأشرف والموقف منه …
إن الوضع في النجف الأشرف والاعتداء على المقدسات الإسلامية والقتل اليومي لأبناء الشعب العراقي المظلومين ، قد تجاوز الحد الذي يمكن السكوت عليه ، كما تجاوز الحالة المحلية العراقية ، فلم يعد شأناً محلياً يخص العراقيين وحدهم – خلافاً لما طرحه الزباري : وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة في ظل الاحتلال – وقد أصبح شأناً إسلامياً يعني كل المسلمين في العالم ، وهذا ما يجب أن يتجلى في سلوكهم بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية ، بل أصبح شأناً دينياً عاماً لكل أصحاب الأديان .. لا سيما الأديان السماوية ، لأنه يؤسس من حيث المبدأ للاعتداء على المقدسات الدينية بغض النظر عن أسمائها وما هي ، بل أصبح شأناً إنسانياً يعني كل إنسان شريف في العالم بغض النظر عن موقفه من الأديان ، لأنه اعتداء على حرية الإنسان وحقوقه وكرامته …
ومن الملاحظ في العراق : أن الخطوط السياسية الإسلامية هناك ، لم تستطع أن تتجاوز خلافاتها القديمة وتندك في استحقاقات الوضع الجديد للعراق ، وارتكبت أخطاءً كبيرة بسبب تموضعها في مراكزها القديمة الجديدة ، وعدم إرادتها مغادرتها لصالح الوضع الجديد واستحقاقاته ، وبلغ بعضها إلى حد التحالف مع الأعداء ضد الأخوة من أبناء الوطن والدين ، تحت أكثر من ستار وتبرير وعنوان ، والله تعالى وحده الشاهد والرقيب على الجميع ، وكانت الحصيلة هي النتائج المأساوية التالية ..
النتيجة الأول : الضعف والتهميش للقوى الإسلامية الرئيسية والشعبية ، واستيلاء عملاء أمريكا وأصدقائها من البعثيين القدماء أمثال علاوي والشعلان والنقيب على مقاليد الأمور في العراق ، ولم تحصل الأطراف الإسلامية الرئيسية المشاركة إلا على الشيء القليل من الفتات ، وطغت الصبغة العلمانية على نظام الحكم ، وضيعت القضية العراقية الجوهرية ، وهي قضية التحرير والمشاركة الشعبية في صناعة القرار ، وضيعت حقوق الغالبية العظمى المسحوقة من أبناء الشهداء والمظلومين ، وضيعت تضحياتهم الجسيمة ، وسقطت الأقنعة عن البعض ، وتهاوى البعض الآخر إلى الحضيض ، فكان شمر العصر وابن سعد .. وغيرهما ، ودكت المقدسات الإسلامية بشدة وبأبشع الصور وأقذرها من قبل أمريكا وقادة العهد الاستعماري الجديد ، وباسم الشعب تحت عنوان المحافظة على أمن الدولة وسلطتها ، والمحافظة على المصالح الوطنية العليا ، وهي أمور مهمة تعلو فوق المجاملات والعواطف والمقدسات – حسب رأيهم .
النتيجة الثانية : لقد أثرت خلافات الأطراف الإسلامية السياسية في العراق ، على دعم الشعوب الإسلامية وتضامنها مع الشعب العراقي المظلوم وقضيته العادلة ، بعد أن أعمت تلك الخلافات الرؤية الإسلامية وشوهت الرأي العام ، وأدخلت القضية العادلة إلى دائرة الفتن المظلمة التي لا يميز فيها الإنسان المؤمن العادي بين الحق الباطل .. وبين الخطأ والصواب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وهنا تجدر الإشارة إلى بعض الملاحظات المهمة حول التيار الصدري بغض النظر عن الأخطاء والمؤاخذات عليه…
الملاحظة الأولى : إن تيار الصدر هو تيار شعبي يمثل الغالبية العظمى من الفئة المحرومة من أبناء الشهداء وغيرهم ، الذين لا مصلحة لهم في الخلافات الدينية والسياسية ، والذين يعبرون عن مصالحهم وآرائهم وولائهم ويختارون قياداتهم وينحازون لمن ينحاز لهم بعفوية وتلقائية وصفاء ، وهم المعيار الموضوعي الحقيقي للحكم على الإصلاح والعهد الجديد ، ولا يصح الحكم عليهم من خلال أداء القائد الشاب مقتدى الصدر .. ولا غيره ، ولا يصح بناء الموقف منهم على أساس الموقف منه ، فالمطلوب من القيادات الدينية والوطنية احتواءهم وكسب ثقتهم – بغض النظر عن الموقف من مقتدى الصدر – ولا تصح محاربتهم أو مقاطعتهم أو إهمالهم ، فإن محاربتهم أو مقاطعتهم أو إهمالهم لا يعبر عن رؤية إسلامية أو وطنية صائبة ، ولا يصب في المصلحتين الدينية والوطنية قطعاً .
الملاحظة الثانية : لقد لوحظ بكل جلاء ووضوح ، حرص أمريكا وعملائها واجتهادهم للقضاء على التيار الصدري أو إقصائه رغم علمهم بشعبيته الواسعة وتمثيله للفقراء والشرائح المستضعفة من أبناء العراق المظلومين الذين كانوا ضحايا نظام صدام العفلقي ، وهم اليوم ضحايا العهد الاستعماري الجديد بقيادة عملاء أمريكا والمنتفعين من أصدقائها المخبولين .
وهذا في حد ذاته يكشف عن حقيقة المشروع الأمريكي والتوجه الحقيقي للعهد الجديد في العراق في ظل الاستعمار والإرادة الأمريكية ، وأنه لا صلة له بمصلحة العراق ولا بالتعبير عن إرادة الشعب العراقي المظلوم والمستضعف ، وإنما يخدم فقط الأجندة التي جاءت من أجلها أمريكا إلى العراق ، ومنها تعطيل القدرات المادية والبشرية والروحية والتاريخية التي يمتاز بها العراق ويتفوق بها على غيره في الصراع ضد الكيان الصهيوني والمشروع ألاستكباري لأمريكا وحلفائها الغربيين .
ولكن ما هو مهم : أن على الأطراف الدينية والوطنية في العراق أن تدرك ، بأن ضرب المقدسات في النجف الأشرف يعني ضرب الحلقة الأقوى والأكثر حساسية في المقاومة : دينياً ووطنياً ، وأنه يستهدف ضرب الحالة الوطنية عموماً والإسلامية خصوصاً ، وأن آثاره تتعدى الجوانب السياسية إلى مجمل الحالة الفكرية والروحية والأخلاقية والوجدانية للشعب العراقي ، لأنها اعتداءات على اللب والجوهر ، فإن سكت عليها الشعب العراقي فسوف يكون على غيرها أكثر سكوتاً ، وبالتالي فهي محاولة بلغت أقصى درجات الوقاحة والصلافة لتحدي التيار الإسلامي عموماً – وليس التيار الصدري فحسب – ولضربه والعمل على إخضاعه وإذلاله بالقوة تحت تأثير السلاح وكثافة النيران ، لإجباره على القبول بالأمر الواقع ، والقضاء على دوره الإسلامي المتميز والفاعل في المقاومة السياسية والفكرية والحضارية والمسلحة للمشروع الأمريكي ، خلافاً لثوابته وإرادته الدينية والوطنية ، وبالتالي فهي تدخل ضمن عملية غير أخلاقية لإفتضاض ضميره وإجباره على الدخول بالقوة في ما لا يرغب ، خلافاً لإيمانه وإرادته ومصالحه .
ومن جهة ثانية : فإن نجاح أمريكا وعملائها في القضاء على التيار الصدري الشعبي الواسع ، يعني التهديد الحقيقي للمستقبل السياسي العادل لكافة الأطراف الوطنية والإسلامية المعارضة ولدورها الفاعل والمؤثر في الساحة الوطنية العراقية – لا سيما الأطراف السياسية الشيعية – واستئثار أمريكا وعملائها بالساحة العراقية ، وهذا ما لا يخدم المصلحة العراقية والعالم الإسلامي ، وإنما يصب في خدمة المصالح الأمريكية وأهدافها في المنطقة والواقع الذي تسعى لفرضه في العراق ، ويخدم مصالح الأنظمة الحاكمة المستبدة في المنطقة ، ويحقق إرادتهم التي كشف النقاب عنها في هذه الورقة قبل قليل ، وهذا مما يجب أن يحذره كل مسلم تقي .. ووطني شريف ، ويفرض عليهم جميعاً التكاتف ، وأن يجعلوا مستقبلهم ومستقبل التيار الصدري مستقبلاً واحداً ، وأن يكونوا يداً واحدة على من سواهم .
وعلينا هنا أن نتوقف لنأخذ بعض الدروس من هذا المشهد القاتم في العراق الأبي …
الدرس الأول : على العاملين للإسلام المخلصين لدينهم وأوطانهم أن يتجاوزوا ذواتهم ، وأن ينظروا للواقع واستحقاقاته ببصيرة وتقوى ، في سبيل النهوض بواجباتهم الرسالية والوطنية على خير وجه ، وأن يحذروا من التبريرات الشيطانية لخدمة أغراض النفس الأمارة بالسوء ، تحت شعارات إسلامية وتقوائية أو وطنية كاذبة .
وقد أثبتت التجارب الكثيرة المتنوعة ، التاريخية والمعاصرة : أن التموضع حول الذوات والمواقع أو المراكز ، وعدم الاستماع للنقد وتجاهل الرأي الآخر ، كل ذلك قد تسبب في فشل الكثير من التجارب الإسلامية ، وأوقع خسائر فادحة بالمؤمنين ، وهذا ما يجب أن يحذره المؤمنون ويفروا منه لسوء عاقبته في الدنيا والآخرة .
الدرس الثاني : يجب أن يكون المؤمن على حذر شديد في حال الدخول كجزء في المشاريع الاستكبارية ومشاريع الحكومات الظالمة ، فهذا الدخول وإن كان واجباً في بعض الحالات في سبيل تحقيق بعض المصالح للمؤمنين ودفع الضرر عنهم ، إلا أن المؤمن يجب أن يبقى على حذر شديد في حال دخولها لشدة خطورتها على دينه وشرفه وأخلاقه ومصيره في الدنيا والآخرة ، وعليه أن يراقب نفسه أشد المراقبة ، ويكون دائم الخوف والتقوى من الله تعالى والذكر له .. وأن لا ينساه في كل المواقف ، لا سيما المواقف المفصلية ، وفي حالة الاختلاف مع المؤمنين ، فلربما تأخذه تلك المشاريع في سياقها المنحرف الظالم – كما هو حادث فعلاً للكثيرين – فيخسر بذلك دينه وآخرته – أعاذنا الله جميعاً من ذلك المصير المشؤوم – ولا ينجو في هذه المواقف غالباً إلا القليلون من أصحاب البصائر والإخلاص والإرادة الفولاذية التي لا تقهر .
إن ما هو مطلوب اليوم في العراق : أن يلتف المؤمنون والوطنيون الشرفاء حول بعضهم .. ويعاضد بعضهم بعضاً ، متجاوزين في ذلك ذواتهم وخلافاتهم والتموضع في المراكز القيادية والرمزية والتمثيلية الفارغة ، واضعين نصب أعينهم رضا الله تعالى وقضيتهم الجوهرية .. وليس المكاسب الجزئية المؤقتة ، وأن يحافظوا على البعد الشعبي الإسلامي المؤيد لهم ، وأن يقوموا بإعادة القراءة للوضع .. وإعادة الصياغة للمواقف والاصطفاف ، من أجل مستقبل زاهر لعراق إسلامي جديد .
المحور الثالث – ولادة عهد جديد …
إن الاعتداءات الأمريكية على المقدسات الإسلامية في النجف الأشرف وأبناء العراق المظلومين ، قد بلغت – كما قلت قبل قليل – حداً يستحيل السكوت عنه ، وأنها أخرجت المسألة عن الدائرة العراقية المحلية ، لتصبح شأناً إسلامياً عاماً ، بل شأناً دينياً وإنسانياً لكل أصحاب الأديان ولكل إنسان شريف في العالم .
وهذه الاعتداءات من شأنها أن تفرض على كافة الأطراف العراقية الإسلامية والوطنية ، أن تتسامى فوق جروحها وتتجاوز خلافاتها الدينية والسياسية ، وأن تندك في حماية المقدسات الإسلامية التي هي شرف الأمة ورمز أمجادها ، وأن تندك في استحقاقات الوضع الراهن في العراق من أجل إنقاذه وتطهيره من دنس الاستعمار .
وعلى الصعيد الإسلامي : فإن المطلوب من كافة الشعوب الإسلامية ورموزها وقياداتها الإسلامية والوطنية .. الرسمية والأهلية ، أن تبرز مواقفها الموحدة الرافضة بشدة للاعتداءات الأمريكية الأثيمة الغادرة ، وأن تتجاوز حدود الأقوال إلى الأفعال ، فإن هي لم تفعل ولم تحركها الاعتداءات على المقدسات ، فهي أمة ميتة قد فقدت غيرتها وحميتهم الدينية والوطنية والإنسانية ، ولن يحركها بعد ذلك أي شيء ، ولن تقوم لها بعد ذلك قائمة .
أيها الأحبة الأعزاء : إن التقاعس والصمت على الاعتداءات الأمريكية الغادرة على المقدسات .. لن يحصل أبداً ، لأنه خلاف الوعد الإلهي …
قول الله تعالى : { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } . ( محمد : 38 )
وخلاف السنن الكونية الحاكمة في التاريخ ، فلابد أن يتفجر الغضب الإلهي في نفوس المؤمنين ، وتتفجر الحمية الدينية والإنسانية ، وينتفض – لا محالة – الشعب العراقي بأجمعه ، وتنتفض الأمة الإسلامية بأسرها ، ويلقوا من فوق كواهلهم بكل تراكمات الغفلة والتخدير ، ويكسروا قيود المحنة والتجهيل ، ليثأروا لدينهم وكرامتهم ومقدساتهم ، ويلقنوا المعتدين الآثمين دروساً في الجهاد والتاريخ لن ينسوها .
أيها الأحبة الأعزاء : سوف تكون هذه الاعتداءات الغادرة الأثيمة مخاضاً لمشهدين : ولادة جديدة للشعب العراقي والأمة الإسلامية بأسرها ، وبداية النهاية للاستكبار العالمي .
وبهذه المناسبة العظيمة أرغب في تسليط الضوء على إشكالية موجودة في عالمنا الإسلامي ، قد نجحت الحالة العراقية – وبخاصة الاعتداء على المقدسات – في إبرازها بكل جلاء ووضوح ، وهي إشكالية ذات أبعاد منهجية وواقعية شاملة : فكرياً وروحياً وأخلاقياً وسياسياً وحركياً ، مع التأكيد هنا على أن تناول هذه الإشكالية لا يمس ذوات أي من المراجع والرموز الدينية في العراق وخارجه .. ولا يقلل من مكانتهم ، بل لهم كل الكرامة والاحترام والتقدير الممزوج بالحب والولاء .
وأرغب هنا في الإشارة إلى بعض الملاحظات التي أرى أهميتها …
الملاحظة الأولى : أن المناقشة العلمية الموضوعية للآراء والتوجهات والأداء ليس من شأنها المس بذوات أصحابها ، وأنها السبيل الوحيد لمعرفة الحق والتطوير .
الملاحظة الثانية : أعتقد بأن ولاية الفقيه هي طوق النجاة للأمة ، وأن المصلحة تقتضي بأن تمتد مظلة الفقهاء والمراجع لتشمل جميع التيارات والتوجهات الإسلامية ، وأن تحافظ على التوازن بين كافة الخيارات في الدعوة والجهاد ، ولا يصح حصر مظلتها على طرف أو خيار دون آخر.
الملاحظة الثالثة : الهدف من تناول هذه الإشكالية ، هو تسليط الضوء بموضوعية على حالة موجودة فعلاً على أرض الواقع في عالمنا الإسلامي ، وتحتاج إلى علاج من أجل تجنب آثارها السلبية الخطيرة على واقعنا الإسلامي المعاصر .
والإشكالية تتمثل في المفارقة الشديدة التي يجدها المؤمنون بين ما يتعلمونه عن الإسلام ، وبين ما يجدونه من توجهات وتطبيقات في الحياة العامة لدى بعض الرموز والقيادات الدينية المتقدمة …
فعلى الصعيد النظري : نجد التأكيد لدى كافة المفكرين الإسلاميين والعلماء ، على أن الإسلام منهج شامل للحياة ، وأنه مصدر قوة وعزة وكرامة للإنسان ، ومصدر نهضة وتقدم للمجتمع ، ونجد الإجماع لديهم – بغض النظر عن استخدام المصطلحات – على ثورية الإسلام وتحريضه أتباعه والمستضعفين على مقاومة الاستكبار والظلم والفساد والإذلال ، ومناهضة الظالمين والمفسدين والمستكبرين والطواغيت ، ورفضه السلبية واللامبالاة تجاه القضايا والأحداث ، والتأكيد على حركيته في قيادة الواقع وتطويره .
فقد تعلم المؤمنون من المصادر الإسلامية الموثوقة والمتفق عليها : بأن عزة المؤمن من عزة الله تبارك وتعالى ، وأنه لا يجوز للمؤمن أن يذل نفسه ، وتعلموا عدم جواز الظلم وعدم جواز القبول به والسكوت أو والمعاونة عليه ، وتعلموا بأن الإنسان خليفة الله تعالى في الأرض ، وأنه يجب عليه عمارتها بالتوحيد والصلاح ، وتعلموا بأن الجهاد باب فتحه الله تعالى لخاصة أوليائه ، وأن أفضل الجهاد عند الله تعالى كلمة حق أمام سلطان جائر ، وأن الله تعالى فضل المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً ، وأن أفضل الثواب وأعظم الأجر من نصيب الشهداء في سبيل الله ، وتعلموا بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبين وتركهما يؤدي إلى تسلط الأعداء وعدم استجابة الدعاء ، وتعلموا بأن قيام المؤمن في صلاته يعني : قيامه بالقسط ومقاومته للظلم والفساد وهوى النفس ، وأن مد عنقه في الركوع يعني : الإيمان بالوحدانية ولو ضربت عنقه .. ومثله في سائر العبادات ، وتعلموا بأن الواجب على المؤمنين أن يتبعوا الحق ويتمسكوا به مهما كثرت العقبات والصعوبات في الطريق .. وقل الناصر ، وأن يغيثوا المظلوم وينصروه على الظالم ، وأن عليهم أن يأخذوا بزمام المبادرة وأن لا يكونوا سلبيين في الأحداث والحركات ، وتعلموا .. وتعلموا .. الكثير .. الكثير عن الإسلام في الكتب وأماكن الدرس .
وإذا جئنا إلى صعيد التطبيق نجد الصورة التالية : الأمة الإسلامية تمر في حالة مأساوية بأعمق أشكال المأساة ، وأوسع أبعادها ، وأخطر آثارها ونتائجها . فالعالم الإسلامي تسيطر عليه قوى الاستكبار العالمي – وفي مقدمتها أمريكا المجرمة – وتسلب ثرواته وخيراته ، وتقوم بمحاربة الدين وإذلال المواطنين ونشر الفساد وانتهاك حرمة المقدسات وتدنيسها . وفي العالم الإسلامي يسيطر الظالمون والأشرار على مقاليد الأمور ، وينتهكون حقوق الإنسان على أوسع نطاق وبأكثر الأساليب وحشية ، ويحرمون المواطنين من حقوقهم الأساسية .. ومنها حقهم في الحياة الكريمة ، وحقهم في صناعة القرار وتقرير المصير ، وتسعى قوى الاستكبار العالمي والحكومات المستبدة والقوى الموالية للغرب لتوسيع دائرة الباطل والفساد .
والأصل مع هذه الحالة الشنيعة في البلاد الإسلامية : هو الجهاد والمقاومة للذود عن حمى الدين والوطن والحقوق والكرامة الإنسانية ، ولكن الأصل لا وجود له ، واستحكم الاستثناء وهو القبول بالأمر الواقع من دون إعطاء مبرر مقبول ، مما أدي إلى ترسيخ ذلك الواقع الفاسد المظلم الظالم المخالف لفطرة الإنسان وكرامته ، وذلك بسبب التوجه الغالب الذي تفرضه بعض القيادات والرموز الدينية المتقدمة على الساحة ، حيث ترى بأن المسؤولية تنحصر بالدرجة الأولى في الدعوة إلى الدين ، أي تعلم العقائد والأحكام والالتزام بالعبادات والأخلاق التي تتخذ عنوان التقوى ومقاومة الأهواء ورغبات النفس ، وتهمل مقاومة الاستعمار والحكومات المستبدة والظلم والفساد في الأرض والقضايا الحيوية للمجتمع وهموم الناس اليومية ، أو تعطيها أهمية ثانوية غير فاعلة ، وتعتبر ذلك هو التوجه الصحيح للدين النقي الصافي من الأغراض الدنيوية والاهتمامات السخيفة .
وبغض النظر عن المناقشة الفكرية لهذا الاتجاه ، فإنني سوف أشير إلى بعض أهم النتائج التي أفرزها هذا الاتجاه على أرض الواقع ، وما أوجده من إرباكات تحتاج إلى معالجات عاجلة ، وهي كالتالي …
أولاً – لقد فشل هذا الاتجاه في تحريك عوامل القوة والشعور بالمسؤولية لدى الإنسان المسلم ، وأدي إلى ترسيخ عوامل الضعف والانهزامية واللامبالاة تجاه القضايا المصيرية والأحداث المهمة في البلاد الإسلامية وخارجها ، وهذه الصورة غير مشرفة للإنسان المؤمن ، وهي خلاف الصورة المشرقة التي رسمها القرآن الكريم للمؤمنين وغايتهم ودورهم الإيجابي الفاعل في الحياة .
ثانياً – إن توهين المؤمنين وتخديرهم وحبسهم عن مقارعة الظلم والفساد والإذلال ، وتبرير قبولهم بالأمر الواقع تحت عنوان الزهد وعدم الدخول في الدنيا والتنافس على الحطام ، أو تحت عنوان التقية ووجوب الحذر ، أو تحت عنوان الحكمة والواقعية في التعامل والتورع عن سفك الدماء ، وغير ذلك من العناوين المثبطة التي تستخدم في غير مكانها ، أدى إلى أن يفرض الاستعمار سيطرته على البلاد الإسلامية ومقدراتها ونهب ثرواتها وإذلال أبنائها ، وقيام حكومات مستبدة ظالمة ، وحرمان الشعوب المسلمة من حقوقها الأساسية في الحياة ، ومحاربة الدين واتساع دائرة الباطل والفساد .. كل ذلك ترسخ كأمر واقع في الساحات الإسلامية !! وهذا خلاف غاية الدين ودوره في الحياة ، وهو وضع ترفضه الفطرة والعقل والدين – حسب ما تعلمناه وقرأناه وأحسسناه بالوجدان – ولم نجد له قبولاً ولا قناعة في داخل أنفسنا ، غير أننا ملزمين في النهاية بالنزول على ما تربينا عليه من وجوب السمع والطاعة للعلماء والقيادات الدينية ، وإن لم نفهم ولم نعقل ما يقومون به ويدعوننا إليه .
ثالثاً – لقد خلق ذلك الاتجاه شعوراً بالحرج والإرباك لدى الكثير من المؤمنين ، لما يجدونه من المفارقة بين ما تعلموه وما تدعوهم إليه الفطرة من جهة ، وبين ما يجدونه من توجهات فعلية لدى بعض الرموز والقيادات الدينية المتقدمة والمهيمنة على أرض الواقع من جهة ثانية ، مما شكل لديهم أزمة فكرية وروحية وأخلاقية وسياسية وحركية ، وأوقعهم في فتنة حقيقية لم يتبينوا فيها الحق من الباطل .. والخطأ من الصواب ، فهم لم يقتنعوا بالحالة الاستثنائية ، وليس في وسعهم تنفيذ قناعاتهم الأصلية ، وبالتالي فهم لا يعرفون ما يجب عليهم اتخاذه من المواقف في قضاياهم الحيوية والمصيرية ، وفرضت عليهم السلبية رغم إرادتهم .
رابعاً – لقد حمل ذلك الأمر بحيثياته المختلفة .. لا سيما مع غياب الإقناع والتواصل ، حمل بعض المؤمنين على التشكيك في مصداقية تلك الرموز والقيادات الدينية وصحة مواقفهم ، واتهامهم بأن توجهاتهم ودعواتهم تلك وما يطرحونه ، ليس وليد قناعات علمية موضوعية صادقة عن الدين والواقع ، وإنما هو وليد الوقوع تحت تأثير عوامل الضعف البشري ، وبالتالي : فهؤلاء المؤمنون بين فكي : التأزم الفكري والروحي والأخلاقي من جهة ، أو التجاوز الذي قد يصل إلى درجة تحدي الرموز والقيادات الدينية من جهة ثانية .
ولا شك فإن لذلك نتائجه الوخيمة التي لا تحمد عقباها في الساحات الإسلامية .
والخلاصة : أن هذه إشكالية خطيرة تتحرك على أرض الواقع في عالمنا الإسلامي ، وتحتاج إلى معالجة علمية وعملية عاجلة ، من أجل إنقاذ الواقع وسلامة المؤمنين ، قبل أن يتسرب الفساد إلى عقولهم وأرواحهم ويصبح الحل مستحيلاً ، فالإسلام قوي في نفسه ، ومسؤولية الإنقاذ تقع بالدرجة الأولى على عواتق العلماء الربانيين والقيادات الإسلامية قبل غيرهم ، ومن المأمول أن تشارك الاعتداءات على المقدسات الإسلامية في إيجاد الحل وسرعة التنفيذ .
أكتفي بهذا المقدار …
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم …
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته …