لقاء الثلاثاء (29) | 2-11-2009
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
مداخلة المحامي محمد التاجر
• إنّ الجلسة القادمة تحمل البشارات الأولى للبراءة ـ إن شاء الله تعالى.
• النيابة العامة وجّهت التّهم بناءً على قانون الإرهاب، وحينما يعتبر إنّ هدف المتّهمين من القيام بأيِّ فعلٍ هو الإرهاب ضد الدولة والناس، فهذا مما يضاعف من العقوبات المحتملة.
• كلُّ ندواتنا بل حتّى اتصالاتنا مراقبة، وبحسب ما رأيناه في قضية كرزكان فنحن لا نواجه مجرّد أدلة بل دولة بكل أجهزتها تُخطِّط في الاتّجاه المضاد.
• إنّ قضيّة كرزكان كانت واسعة ومهلهلة لدرجة إنّ النيابة لم تترك للقاضي ما يمكن أن يرتكز عليه في حكم الإدانة.
• الدولة تنتقي في كل شيء، وقد انتقت كافّة معتقلي كرزكان من بين أعضاء لجان حقوقية وناشطين.
• نحن نرى القبض على متّهمين في قضايا إرهاب حقيقيّة وحيازة أسلحة، ولكن لم نشهد تعذيبًا في حقِّهم كما رأينا في هذه القضايا التي تخصُّ أبناء طائفة معيّنة، وكأنّ الدولة تريد أن تقول إنّ هؤلاء لابدّ أن يبقوا متّهمين على الدوام.
• عندي قناعة بأنّ حكم البراءة لم يكن لمجرّد وجود رغبة سياسيّة لدى الدولة في الحكم بالبراءة، فهذا فيه عدم تقدير لكل جهود هيئة الدفاع.
مداخلة فضيلة الشيخ المحفوظ
• هذه الأمور التي قد تكون معقّدة وقد تختلط على البعض فيقف البعض موقف الحائر، وقد يقف البعض موقف المندد، فإنه مع هذا الإرباك، توجد أمور واضحة، وهي أن النظام هو من سبب الإرباك بالأزمات التي أدخل البلد فيها.
• الأنظمة تحاول أن تطوّر من نفسها، وتعد نفسها للزمن القادم. أما النظام في البحرين فهو يلاحق الناس تحت طائلة قضايا مفبركة وواهية.
• نجد البعض يتغاضى عن الحريق الذي يلتهم البلد بأكمله، ولكنّه يلتفت إلى حرق إطار، ثمَّ يأتي من يستفتي عن جواز إحراق هذا الإطار وعن تلويث الجو.
• ونجد من يتغاضى عن أزمة المرور الخانقة في جميع شوارع البلاد، وعن إغلاق الشوارع لمرور شخصية ما، ولا يسأل عن اختفاء السواحل وأراضي الإسكان التي امتصتها الثقوب السوداء في بلدنا، ولكنه يسأل عن إغلاق طريق في بعض الاحتجاجات والمسيرات.
• توجد مؤشّرات لخروج متهمي المعامير، ولكن ذلك لا يغيّر شيئًا بالنسبة لي في القضية، فلو تمّ الإفراج عنهم فهذا لا يعني بالنسبة لي إصلاحًا، بل هو قضيّة مزاج، فذات المزاج الذي زجّ بهم في السجن، هو ذاته المزاج الذي سيُفرج عنهم.
استضاف الأستاذ عبد الوهاب حسين في مجلسه في لقاء الثلاثاء لهذا الأسبوع، الأمين العام لجمعية العمل الإسلامي (أمل) ورئيس التنسيقية للدفاع عن المعتقلين في البحرين في الدورة الحالية فضيلة الشيخ محمد علي المحفوظ، ورئيس هيئة الدفاع عن معتقلي المعامير الأستاذ المحامي محمد التاجر، وذلك للحديث حول قضية معتقلي المعامير. وقبل البدء الرسمي للجلسة، تحدّث فضيلة الشيخ المحفوظ للحضور حديثًا روحيًّا وأخلاقيًّا قيّمًا عن التوكُّل، ثم بدأت الجلسة في الموعد المقرَّر لها، وفيها:
أكّد رئيس هيئة الدفاع عن معتقلي المعامير المحامي محمد التاجر: إنّ الجلسة القادمة تحمل البشارات الأولى للبراءة ـ إن شاء الله تعالى ـ وذلك حينما تبدأ هيئة الدفاع بتفنيد أهم أدلة الدعوى، مؤكّدًا إنّ دعوى المعامير بها تناقضات أكبر من تناقضات قضيّة كرزكان، ولكن الفرق إنّ دعوى كرزكان كانت الدولة طرفًا فيها.
وقال التاجر: الأوراق الحاليّة لا تؤدّي إلا إلى البراءة، وخلال المرافعة الأولى توجّهنا إلى النيابة بالسؤال عمّا إذا كانوا يرغبون في إضافة أدلة أخرى فأجابوا بالنفي.
ومن جانبه أكّد رئيس جمعية أمل سماحة الشيخ محمد علي المحفوظ إنّ المشكلة في البحرين هي مشكلة النظام السياسي، الذي سيبقى يصدر يومًا بعد يوم الأزمات إلى المجتمع، للهروب من الأزمات التي وضع نفسها فيها، مثل: الأزمة الدستورية، والتجنيس، وغيرهما، معتبرًا وجود هذه القضايا لإشغال الناس، ولتبقى الناس في موقع الاتّهام، عِوَضًا عن أن تتوجّه بالاتّهام إلى المتّهم الفعلي.
مضاعفة الأحكام
وبخصوص التُّهم الموجَّهَة لمعتقلي المعامير، ذكر التاجر أربع تهم، وهي:
• تجمع أكثر من خمسة أشخاص في مكان واحد، وهي تندرج تحت التجمُّعَات والمسيرات.
• حيازة الملتوف، وتندرج تحت قانون العقوبات الذي تمَّ تعديله لتجريم حيازة الملتوف وتصنيعها الذي أقرَّه المجلس الوطني.
• حرق سيارة، ويندرج تحت قانون العقوبات.
• القتل، ويندرج تحت قانون العقوبات.
وقال: ولكن النيابة العامّة وجّهت التُّهم بناءً على قانون الإرهاب، وحينما يُعتبر إنّ هدف المتّهمين من القيام بأيِّ فعل هو الإرهاب ضد الدولة والناس، فهذا مما يضاعف من العقوبات المحتملة.
وقال: قضية المعامير تتشابه مع قضية كرزكان في العديد من الجوانب، بدءً من العبارات المستخدمة، مثل: إنّ المصادر السريّة دلت على إنّ المجموعة ترصّدت، وغيرها، وقال: لقد تقدّم فريق الدفاع بـ (12: طلبًا) إلى القاضي، تتشابه إلى درجة كبيرة مع الطلبات التي تقدَّمَ بها في قضيّة معتقلي كرزكان، وقد استجاب إلى ثمانٍ منها.
وقد ذكر التاجر بما جاء على لسان وزير الديوان الملكي بخصوص معتقلي كرزكان حينما وجّه تكليف إلى بعض الأطراف السياسيّة للتفاوض بشأن الدية، وعندما وصل التفاوض إلى طريقٍ مسدود ـ وقد بيّنا أنّه لا يوجد في التشريع البحريني أيُّ تنظيمٍ للدية واعترضنا على هذا المسار لأنّ المتّهمين هم أبرياء ـ فخرج تصريحٌ من وزير الديوان الملكي قال فيه: إذا كان التفاوض على ديةٍ الآن غير قانوني، وإنّ المتهمين أبرياء، فليصدر حكم الإدانة أوّلاً، ثم بعد ذلك يمكن الحديث عن مثل هذه التسويات.
السرية مطلوبة
وقال: أعتذر عن سرد كافّة التفاصيل بالنسبة لدعوى المعامير لأنّ الدعوى لم يُعقد فيها سوى جلستان، ولا أودّ الولوج كثيًرا في تفاصيل الأدلّة، لأن كل ندواتنا بل حتى اتّصالاتنا مراقبة، وبحسب ما رأيناه في قضية كرزكان فنحن لا نواجه مجرّد أدلة بل دولة بكل أجهزتها تخطط في الاتّجاه المضاد.
وقال: في هيئة الدفاع نتجنّب أن نناقش أيًّا من تفاصيل القضية عبر الهاتف، ويتمُّ مناقشتها بصورة مباشرة في اجتماعاتنا وذلك لضمان السرية.
براءة معتقلي كرزكان
وقال التاجر: بعد النطق ببراءة معتقلي كرزكان سألت نفسي. هل إنّ القاضي استيقظ ضميره وهو الذي حكم في عدّة قضايا؟ ولكن ولست أذيع سرًا إذا قلت: إنّ قضية كرزكان كانت واسعة ومهلهلة لدرجة إنّ النيابة لم تترك للقاضي ما يمكن أن يرتكز عليه في حكم الإدانة.
وقال: الدولة تنتقي في كل شيء، وقد انتقت كافّة معتقي كرزكان من بين أعضاء لجان حقوقية وناشطين.
وقال: نحن نرى القبض على متهمين في قضايا إرهاب حقيقية وحيازة أسلحة، ولكن لم نشهد تعذيبًا في حقهم كما رأينا في هذه القضايا التي تخص أبناء طائفة معينة، وكأنّ الدولة تريد أن تقول إنّ هؤلاء لابدّ أن يبقوا متّهمين على الدوام.
الحكم ليس سياسيًا بحتًا
وقال: عندي قناعة بأنّ حكم البراءة لم يكن لمجرّد وجود رغبة سياسيّة لدى الدولة في الحكم بالبراءة، فهذا فيه عدم تقدير لكل جهود هيئة الدفاع، وقال: من حيث المبدأ فإنّ القاضي لا يستطيع الحكم في مثل هذه القضية دون أن تكون لديه أدلّة قطعيّة يستطيع الاستناد عليها في حكم الإدانة، وهيئة الدفاع عملت على تفنيد كافة الأدلة المقدمة في القضية.
هيئات متكاملة لجبر الضرر
وبخصوص رفع قضايا لجبر الضرر، قال التاجر: مثل هذه القضايا يحتاج إلى تضافر عدّة جهات تتولى تدوين القضية وتوثيقها، وليس في وسع هيئة دفاع لوحدها أن تقوم بذلك.
وقال: كنّا نجري بحوثنا الخاصّة، وكنا نستشير الأطباء المتخصِّصين في تفاصيل القضايا المطروحة أمامنا، وذلك قبل أن يعطينا الطبيب الشرعي تفسيره، واستشاريونا هم من أكّدوا إنّ الكسر في جمجمة الشرطي أصغر لا يكون إلا في حوادث السرعة والسقوط من أماكن مرتفعة.
مشكلة النظام السياسي
ومن جانبه قال الشيخ المحفوظ: في مثل هذه الأمور التي قد تكون معقّدة وقد تختلط على البعض فيقف البعض موقف الحائر، وقد يقف البعض موقف المندِّد، فإنّه مع هذا الإرباك، توجد أمور واضحة، وهي إنّ النظام هو من سبب الإرباك بالأزمات التي أدخل البلد فيها.
وقال: حينما حدثت الأزمة في فرنسا، فأُحرقت الإطارات، وسُكّرت الشوارع، وكُسّرت المحلات التجارية، خرج الرئيس الفرنسي آنذاك: (جاك شيراك) وانتقد حكومته واعتبر ذلك بتقصير منها، رغم إنّ من يرى الصور يرى أمرًا مهولاً. وهذا الرئيس نفسه نجده محاسبًا على أيام رئاسته وأيام توليه لمنصب عمدة باريس. فكل الأنظمة تحاول أن تطوّر من نفسها، وتعد نفسها للزمن القادم. أمّا النظام في البحرين فهو يلاحق الناس تحت طائلة قضايا مفركة وواهية، مثل: قضية كرزكان، وقبلها قضية الحجيرة، وقبلها قضية جمعية العمل بحجّة السلاح، وقبلها انتخابات في جمعية، وحتى توقيع عريضة أو استضافة شخص من الخارج.
معايير مقلوبة
وانتقد فضيلة الشيخ المحفوظ إشغال الناس بقضايا هامشية بعيدًا عن القضايا الأهم في المساحة، وقال:
• نجد البعض يتغاضى عن الحريق الذي يلتهم البلد بأكمله، ولكنّه يلتفت إلى حرق إطار، ثمَّ يأتي من يستفتي عن جواز إحراق هذا الإطار وعن تلويث الجو.
• ونجد من يتغاضى عن أزمة المرور الخانقة في جميع شوارع البلاد، وعن إغلاق الشوارع لمرور شخصيّة ما، ولا يسأل عن اختفاء السواحل وأراضي الإسكان التي امتصَّتها الثقوب السوداء في بلدنا، ولكنّه يسأل عن إغلاق طريق في بعض الاحتجاجات والمسيرات.
ليس إصلاحًا
وقال: الصورة في كل الأحوال لا تخدم الناس بل تزيد من إرباكهم وتشوشهم وتقسمهم، فلو حكمت المحكمة بأحكام في قضية كرزكان فسينقسم الناس، والبعض سيثبت التّهم عليهم، والبعض الآخر سيرى العمل على الإفراج عنهم بمكرمة، وحتى الآن بعد الحكم بالبراءة نرى إنّ الناس نست كل شيء فخرجت إشادات بالقضاء ونزاهته.
قال: المهم هو كيفيّة التعاطي مع هذه القضية، وأنا لا أريد أن أحجر الفرح على الناس، ولكن ينبغي أن نقرأ الأمور بصورة سليمة، فلا ننسى كل الادّعاءات والكذب والتزوير والتعذيب لمجرّد الإفراج عن أبنائنا.
وقال: توجد مؤشّرات لخروج مّتهمي المعامير، ولكن ذلك لا يغيّر شيئًا بالنسبة لي في القضية، فلو تمَّ الإفراج عنهم فهذا لا يعني بالنسبة لي إصلاحًا، بل هو قضيّة مزاج، فذات المزاج الذي زجَّ بهم في السجن، هو ذاته المزاج الذي سيفرج عنهم.